قتل الحلم.. حول التمييز والعنف الممارس بحق الفتيات المهاجرات (2)

قتل الحلم.. حول التمييز والعنف الممارس بحق الفتيات المهاجرات


يتواجد عدد كبير من المهاجرين واللاجئين في البلدان الغربية وهم جميعا وافدين من دول العالم الثالث ودول شرق اوربا بسبب سوء الاوضاع السياسية والاقتصادية وعدم توافر اليات الحماية من الاضطهاد والتمييز. وتشكل الجالية العربية والمسلمة المنتشرة في جميع بلدان العالم جزءاَ كبيراَ من مجموع لاجئي العالم.

واود هنا تسليط الضوء على الاوضاع التي تعيشها الفتيات المراهقات داخل الاسرة العربية والمسلمة وما تعاني من عنف وأضطهاد بسبب العادات والتقاليد البالية ودور الدين الاسلامي في ترسيخ اسس وقواعد التسلط الذكوري المبني على دونية وتبعية المراة, وتعزيز سلطة الرجل في اتخاذ القرارات على المراة والاطفال, وبالرغم من وجود اصلاحات كبيرة في تلك الدول الغربية في مجال حقوق المراة ودعم الدولة للمراة ولكن الكثير من نساء الجاليات العربية والمسلمة يحرمن من تلك الاصلاحات وتمارس بحقهن جميع انواع العنف والاضطهاد.

اهم مظاهر العنف والتمييز ضد الفتيات

اهم سمات اسرة الجاليات المذكورة هي سوء العلاقة بين الاباء والاولاد بشكل عام وضعف الحوار مع الاهل وصعوبة التفاهم معهم وتفاوت الوعي الاجتماعي والثقافي ورقابة الاباء على الابناء وضعف ثقتهم,و طغيان مشكلة الجهل بالقوانين والتقاليد والعلاقات الاجتماعية السائدة في البلدان الغربية والقائمة على أساس الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل والدراسة ووسائط النقل.

الجهل وانعدام الحوار الجنسي المبني على أسس علمية داخل الأسرة المسلمة والشرقية بشكل عام بين الأهل والأولاد(سواء الولد أو البنت), حيث في فترة المراهقة يصل الاضطراب والارتباك النفسي والجنسي لدى الفتيات المراهقات وكذلك الاولاد الى ذروته ومعهم يصل أضطراب وأرتباك الاباء والامهات الى ذروته أيضا حيث ينهمكون في محاولات يائسة لاشغال الاولاد بامور اخرى تبعدهم عن الافكار (العاطفية والجنسية التافهة) بنظرهم.

ولعدم قدرة العائلة المسلمة على أستيعاب وتفهم التغيرات النفسية والجسدية التي تطرأ على الفتى والفتاة كون هذه الامور تعد من المحرمات او الاشياء التي لايجب الاقتراب منها والتحدث عنها ،فأن العائلة وفي احسن الاحوال تقوم بتلقين الاولاد مجموعة من الوصايا التي تزيد من حيرة وأضطراب المراهقين أناثا وذكورا.. لاتفعل/تفعلي,لا تحب/تحبي, احذر/احذري,خطر,ممنوع..

و تلك الوصايا لها تاثير سلبي على الشبيبة المنشغلة بالتغيرات النفسية والجسدية التي يمرون بها وبدون شك فأن نصيب الفتاة يشكل السهم الاكبر من تلك المعاناة داخل تلك الأسر.

إذ يتعرض كثير من الفتيات لمشكلة التمييز بينهم وبين اخوتهن وفرض رقابة اكثر عليهن والتدخل في ابسط الحقوق والحريات البدائية كحرية الملبس وحرية الخروج وممارسة النشاطات الاجتماعية العامة او ممارسة الهوايات الشخصية كالرياضة والفن والتمثيل والانخراط في نشاطات وتجمعات شبابية.

ومن مظاهر العنف الاكثر شيوعا داخل الجاليات الاجنبية هو الزواج القسري أي اختيار شريك الحياة من قبل الاسرة ودون رغبة الفتاة,و كثير من العوائل تقوم باختيار العريس من البلد الام وذلك اما بطلب الاقامة للعريس الموجود في بلد عربي واسلامي وبعيد عن الثقافة الغربية, وعند الوصول لذلك البلد الغربي حيث محل اقامة الفتاة والتعايش والاندماج داخل تلك الثقافة الغربية يحصل التناقض والتصادم بين شخصين مختلفين من حيث العقلية واختلاف التفكير وعدم قدرة الزوج الوافد على تقبل تلك العادات والثقافة حيث تتحول حياة الفتاة الى جحيم ويتم حرمانها من أجمل لحظات حياتها وأرغامها على تحمل جحيم العائلة المبنية على اساس التملك وعدم احترام رغبة وحرية الطرف الاخر والاهانات والنظرة الدونية. او يحصل الزواج القسري بارسال الفتاة الى البلد الام حيث تمارس الكثير من العوائل كل أشكال التلاعب والاحتيال القانوني وأشهار الهوية الدينية بغرض ابعاد الفتاة من الحرية المفرطة حسب رأي تلك العوائل ولاجل صيانة شرف العائلة من مخاطر اجواء تلك البلدان الغربية, وتتعرض بعض الفتيات للابعاد القسري والتهديد بالقتل في حالة الرفض وعدم الانصياع لأوامر العائلة.

ونتيجة لتصاعد نشاط الحركات الاسلامية الاصولية المتطرفة في الاونة الاخيرة في الدول الغربية فأن ذلك ساهم في تدهور حياة الفتيات من فرض الحجاب والملابس ذات الرموز الدينية واخفاء جمالية وبراءة الفتيات وأخضاعهن لعزلة خانقة عن باقي زميلاتهن وزملائهن .

وتتعرض الفتيات لظاهرة الختان النفسي والجسدي,حيث تقوم كثير من العوائل بختان الفتاة أي ممارسة التعذيب الجنسي بحقها ،كما تصفه الجمعية الفرنسية ( نساء من اجل القضاء على التعذيب الجنسي للنساء) وبحسب هذه الجمعية يتعرض مليون امراة او طفلة للختان كل سنة عبر العالم .

و تشير الاحصائيات ان عملية ختان البنات في الدول الغربية تجرى في سرية تامة اما داخل البلد الذي يعشن به او إرسالهن إلى البلد الأم.

وبحكم انتماء الفتاة لأسر ترفض الاندماج بالمجتمع الذي تعيش فيه بذريعة اختلاف العادات والتقاليد وسلطة الدين واولوية الرجل على المرأة ،فأنها تتعرض لشتى انواع التعذيب الجسدي والنفسي من الضرب والتحقير والتهديد في حين ان هناك عدد من الفتيات اللواتي

تعرضن للقتل من قبل ابائهن بدافع الشرف او غسل العار في تلك الدول الغربية ..................

تصاعد الحركات العنصرية

ومن ناحية اخرى تصاعد الحركات العنصرية وازدياد نشاط الاحزاب اليمينية كجزء من السياسة الراسمالية العالمية واحتقار السكان الاصليين للجاليات العربية والمسلمة وخاصة بعد اطلاق امريكا سياسة الحرب ضد الارهاب وابراز الصورة السيئة والرديئة في وسائل الاعلام والصحف والمجلات,مما أوجد حالة تضاد وعدوانية بين الشباب ونمو الحقد والكراهية بينهم وعدم اختلاط الشباب الغربي مع الشباب الاجنبي .

و كذلك وجود التمييز في الحصول على فرص العمل للجالية الاجنبية بسبب الاسم واللون والخلفية الثقافية.

وهذا يخلق نوع من التكتلات والتجمعات داخل الجاليات الاجنبية وتصاعد روح العداء واللجوء الى شتى انواع الجرائم والأعمال الإرهابية.

وفي ظل تصاعد المد اليميني في المجتمعات الغربية فأن الكثير من الفتيات يعانين من مشكلة الحجاب والكثير منهن يفرض عليهن الحجاب بدون رغبتهن او قناعتهن الشخصية ومن ناحية اخرى رفض المجتمع لهن حتى أصبح الحجاب قضية سياسية وأداة لممارسة شتى أشكال التمييز اللاانساني بحق الفتيات من اماكن العمل وفقدان الكثير منهن لفرص العمل بسسب ارتداء الحجاب .

النتائج الناجمة

ومن النتائج الناجمة عن سوء معاملة الفتيات المهاجرات,اصابة كثير منهن بحالات نفسية صعبة كالاكتئاب المزمن وعقدة الاحساس بالنقص وعدم الثقة بالنفس وعدم التركيز, والابتعاد عن الأجواء الاجتماعية وعدم القدرة في الإبداع وممارسة الهوايات الشخصية أو التمرد على العائلة والمجتمع واللجوء الى الطرق البائسة كالشرب والادمان والابتعاد عن المدرسة والعمل الاجتماعي او اللجوء الى البغاء

وتشير كثير من الاحصائيات الى تصاعد حالات الهروب بين الفتيات الاجنبيات من الاهل واللجوء الى الدولة لحمايتهن من العنف داخل الاسرة او الهروب الى المراكز المخصصة لحماية النساء اللواتي يتعرضن للعنف . وهناك حالات مؤسفة من الانتحار بين تلك الفتيات وعدم قدرتهن على الاستمرار في الحياة .

2004 / 11 / 24 
المركز التقدمي لدراسات وابحاث مساواة المرأة

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon