جهات حكومية وأهلية تساهم في مناهضة العنف ضد النساء (2)

جهات حكومية وأهلية تساهم في مناهضة العنف ضد النساء

تضامناً مع اليوم العالمي لمناهضة العنف، وفي مبادرة جديدة، أقامت الهيئة السورية لشؤون الأسرة في 25/11/2004، بالتعاون مع وزارة الإعلام وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ندوة في فندق أمية، شارك فيها كلٌّ من جهات حكومية وأهلية لمناقشة ظاهرة العنف ضد المرأة في سورية، مع عرض برامج هذه المنظمات والهيئات في مكافحتها للعنف.

وأقرّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة، تأكيداً منها على ضرورة محاربة انتشار ظاهرة العنف ضد النساء في العالم، القرار رقم 1990/15، 24 أيار 1990، في الفقرة 23، بتحديد يوم 25/11 يوماً عالمياً لمناهضة العنف ضد النساء. وقد أصدر على شكل إعلان عالمي من الأمم المتحدة في عام 1993، يرافقه إقامة حملات إعلانية ونشاطات تسلط الضوء على هذه الظاهرة.

وتزامناً مع هذه التظاهرة، ساهمت الهيئة السورية لشؤون الأسرة بفتح حوار مع منظمات حكومية وأهلية لمكافحة ظاهرة العنف، افتتحتها كلمة السيدة ثريا عبيد، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، ألقتها بالنيابة عنها السيدة وفاء طريفي من صندوق الأمم المتحدة، تحدثت فيها عن ظاهرة العنف في العالم، ومدى انتشارها، كما تحدثت عن أهمية عقد هذه النشاطات في سورية.

تلتها كلمة رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة الدكتورة منى غانم، تحدثت فيها عن ضرورة التوسع في دراسة ظاهرة العنف من كل الجوانب بقولها: (إن اجتماعنا هذا في اليوم العالمي لإزالة كل أشكال العنف ضد المرأة دليل على اهتمام جميع قطاعات المجتمع السوري بهذه الظاهرة التي ما زالت تحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث، كما تحتاج إلى مزيد من الوعي المجتمعي لنقل قضية العنف وخاصة الأُسَري منه من الشأن الخاص إلى الشأن العام. كما تحتاج هذه الظاهرة إلى دعم وتعزيز النصوص القانونية الصارمة لمعاقبة مرتكبي العنف بأشكاله والعمل على مساعدة النساء اللواتي يتعرضن لأي شكل من أشكال العنف).

تأسست الهيئة السورية لشؤون الأسرة عام 2003 من قبل السيد الرئيس بشار الأسد. وتهدف بحسب نص القانون: (إلى تسريع عملية النهوض بواقع الأسرة السورية وتمكينها على نحو أفضل من الإسهام في جهود التنمية البشرية). وهذا النشاط هو باكورة عمل الهيئة، التي تسعى جاهدة منذ بدايتها إلى التعاون المثمر بين الحكومة والجهات الأهلية والأفراد في تسريع عملية النهوض بواقع الأسرة السورية.

كما شاركت المحامية دعد موسى الناشطة بقضايا المرأة، والمساهمة في إقامة وتحرير (الثرى) أول موقع إلكتروني في سورية يهتم بقضايا المرأة السورية بالتعاون مع دار إيتانا. تحدثت الأستاذة دعد في كلمتها عن الطيفية التي تم فيها إقرار هذا اليوم، وعن أسباب إعلانه:

(قد أعلن لأول مرة من قبل مدافعات عن حقوق المرأة في أمريكا اللاتينية والكاريبي. وقد أردن من هذه الخطوة التذكير بحادثة خطف ثلاث راهبات في جمهورية الدومنيكان واغتصابهن وقتلهن، وأصبحن فيما بعد رمزاً للمقاومة. في عام 1999 قررت الجمعية العامة في الأمم المتحدة اعتبار يوم 25 تشرين الثاني اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة بالقرار رقم 54/153 ، وتم تعيين مقررة خاصة بمسألة العنف في الأمم المتحدة). ومن ثم تعرضت في مداخلتها إلى تعريف العنف ضد المرأة، وتحديد أشكاله، ففصلته إلى العنف السري، ويحدث ضم إطار الأسرة أي من المقربين، ويضم العنف المعنوي النفسي، والجسدي والجنسي، والقانوني. وثانياً العنف العام الذي يحدث في إطار المجتمع العام ويقوم به أشخاص غرباء. وختمت مداخلتها بتأكيد أن حل المشكلة لا ينبع فقط من البحث عن حلول لمشكلة المرأة المعنفة، بل يجب التفكير بالحلول الوقائية التي تمنع حدوث العنف.

تلتها عرض تجربة الاتحاد العام النسائي من قبل السيدة سمية غانم، مؤكدة فيها دور الاتحاد النساء خلال تجربته الطويلة في العمل بين صفوف النساء، والخدمات التي قدمت عن طريقه. وتم التركيز على فحوى الندوة بأن عرضت السيدة سمية نتائج دراسة لـ 240 حالة من النساء اللواتي عانين العنف والتمييز، منها: 40% من النساء عانين العنف والأذى وتراوحت أعمارهن بين 16 و30 سنة، وأن 20% من الحالات كان يتم فيها الضرب والاعتداء، وأن 37.4 من الحالات كانت في إطار الأسر التي تعاني ضغوطاً اقتصادية. وأن 65 % من الحالات المدروسة تشير إلى وجود عنف ترافق أحياناً مع سوء معاملة وطلاق وتعدد زوجات، وأن 59.1% من العينة كانت الأم فيها هي التي ترعى الأطفال مقابل 5.6% من الحالات لم يكن فيها أية رعاية أسرية. بعد عرض النتائج، قدمت السيدة سمية توصيات أكدت فيها ضرورة مكافحة هذه الظاهرة من أساسها لما فيها من انتهاك لحقوق المرأة السورية.

كما كان لرابطة النساء السوريات التي تأسست عام 1948، ورخص لها بالعمل عام 1957، مساهمة قدمتها السيدة سوسن زكزك بعرضها لبعض النشاطات التي قامت بها الرابطة خلال عملها، منها: المساهمة في تأسيس محكمة النساء العربية، إقامة العديد من الندوات للتعريف باتفاقية إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة، وبحق الموازنة بين بعض قوانيننا وأحكام هذه الاتفاقية، حملة لتعديل قانون الجنسية، تشكيل لجنة لاقتراح قانون أسرة عوضاًَ عن قانون الأحوال الشخصية المعمول به حالياً. وختمت السيدة زكزك مداخلتها بعرض بعض المعوقات التي تعترض عمل الجمعيات الأهلية في سورية، منها: قصور قانون الجمعيات الحالي، الافتقار إلى موارد الدعم المالي، السياسات الإعلامية المؤطرة.

وكان لجمعية تنظيم الأسرة مساهمة بعرض سلايدات من قبل الأستاذ أنس حبيب بمدى مساهمة الجمعية في نشر الوعي، إذ أقيمت 960 جلسة توعية، بالإضافة إلى استشارات فردية. وورشات عمل ميدانية مؤلفة من خبراء علم اجتماع، ونفس، وصحي، وقانوني، داخل قرى المحافظات التالية: (ريف دمشق، السويداء، دير الزور، إدلب، الرقة)، كما تم تأهيل 10 باحثات. وأكد الأستاذ أنس بأن أهداف الجمعية إقامة علاقات تشبيك مع المنظمات الشبابية في سورية، تأهيل أسر الفتيات، تدريب الفتيات الأحداث، دمج الفتيات في المجتمع..

ختمت الندوة بعرض لتجربة راهبات الراعي الصالح، قدمتها الأخت ماري كلود نداف، فعرضت تاريخ هذه الجمعية، التي تأسست عام 1829 في فرنسة، تشمل حتى الآن 67 دولة في العالم، وتعمل بها 7000 راهبة، بدأ عمل هذه الجمعية ضمن سورية عام 1982، من أهم ما قامت به المساعدات النفسية للنساء، وتمكينهن، العمل مع النساء في السجون، عن طريق جمعية رعاية السجناء ومع الأمهات العازبات، والاهتمام بالأطفال الموجودين داخل السجون مع أمهاتهم، مع المساعدة في دمجهم بالمجتمع، العمل في دار الأحداث.

ختمت الندوة بتوصيات أقرتها الهيئة بالاتفاق مع ما تم نقاشه مع الحضور الذي امتاز بالنوعية والاهتمام:

1- تشكيل لجنة مختلطة، أهلية وحكومية لتقديم استراتيجية عمل مشتركة لمكافحة ظاهرة العنف ضد المرأة.

2- خطة وطنية تعمل على قضية العنف ضد المرأة.

3- العمل على رفع الوعي لمكافحة العنف الأسري ضد المرأة.

وبرغم أهمية هذه المبادرة من الهيئة، فإننا نرى أن متابعة هذه التوصيات من قبل الجهات الأهلية التي شاركت وتابعت الندوة، من الأمور الأكثر أهمية. من هنا نتمنى أن تتجلى هذه المبادرة بنشاط فعلي وحقيقي على صعيد الواقع السوري يضم جهات حكومية وأهلية لمناهضة ظاهرة العنف ضد النساء في سورية.

العدد 179
1/12/2004
جريدة النور

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon