البكارة.. وجرائم الشرف

البكارة.. وجرائم الشرف

عندما عن أشد أنواع العنف التي تتعرض لها المرأه والتى تسمى عند البعض بجرائم الشرف (مع العلم بأنه لا توجد جريمه تمت إلى الشرف بصله) نجد ان أن الناس يبحثون عن متكئات دينية وأخلاقية لاسناد ممارستهم لتلك الجرائم المضاده للانسانية عليها.. ولكن أكثر هذه المبررات هى عباره عن حجج واهية مؤسسه على مبررات لا تدخل إلى عقل طفل فضلا عن رجل عاقل يضع الأمور في نصابها الصحيح

وقبل ان نتحدث عن هذا النوع من الجرائم التي تتعرض لها المرأه ينبغى ان ننوه إلى اذدواجية المعايير التي تعانى منها النساء نتيجه سيطره الافكار الذكورية المحافظه على عقول شبابنا حتى اصبحت هذه الازدواجية هى المعيار الذي نتعامل به في حياتنا الاجتماعية.. المضحك المبكى هو ان الكثير من الفتيات قد اصبحن يعتبرن هذه الازدواجية شيء طبيعى جدا لا غرابه فيه.. فلم تعد الفتاه تنظر باستغراب إلى تعدد علاقات الرجل مع النساء بغض النظر عن شرعية هذه العلاقات.. بل اصبحت تعترف بأن للرجل الحق كل الحق في ان تتعدد علاقاته النسائية دون ان يكون لها هى ادنى حق في ان تتعدد علاقاتها بالرجال وعندما نتحدث عن جرائم الشرف.. يجدر بنا أن نقسمه إلى نوعين على حسب الفتاه التي تتعرض له.. فاول هذين النوعين هى الجرائم التي ترتكب بحق الفتاه التي لم تتزوج بعد والتى يطلق عليها عامه الناس البكر نسبه إلى غشاء البكاره.. فنرى ان السبب الرئيسى لذالك ليس سببا أخلاقيا وانما هو سبب اجتماعى بحت لأن الفتاه التي تفقد بكارتها قبل الزواج تعد عند المجتمع فتاه فاجره تجلب الفضيحه والعار لأهلها.. بغض النظر عن الطريقه التي قد فقدت بها هذا الغشاء.. فالسبب في ذالك ليس ممارسه الفتاه للجنس مع شاب لا تربطه بها أية علاقه شرعية.. وانما السبب بسيط جدا وهو فقدانها لغشاء البكاره

وأبلغ دليل على ذالك هى تلك الجريمه البشعه التي هزت الشارع العربى والتى ملخصها أن فتاه من السعودية تعرضت للاغتصاب من قبل شاب لا تعرفه وهى مغمى عليها.. ثم وعدها هذا الشاب أن يطلب يدها من والديها.. وصدقته الفتاه وعاشت على ذالك الأمل إلى أن تبدد أملها عندما اكتشفت بعد شهرين أنها حامل منه.. حاولت الفتاه الانتحار.. نقلت إلى المستشفى.. قتلها شقيقها هناك ليسدل الفصل الأخير والمعنى من هذه المأساه التي لا ذنب ولا جريره تحسب على صاحبتها سوي انها قد ولدت في مجتمع يعتبر المرأه من سقط المتاع..

فاذا كان السبب وراء ارتكاب هذا الشقيق جريمته تلك بحق أخته بدافع علاج الانحراف الأخلاقى أو القضاء على الافات الأخلاقية _كما يحلو للبعض أن يتشدق_ فأى افه أخلاقية قد تمكنت من تلك الفتاه حتى يتسنى لأهلها التخلص منها بهذه الطريقه البشعه التي يستهجنها الحيوان الأعجم فضلا عنا نحن الادميينبل واين حمرتك ياخجل عندما قتل هذا الرجل شقيقته بينما يعيش المجرم الحقيقى حرا طليقا لا يجرؤ احد على مس شعره منه بأذى.. ماهذه المهازل الأخلاقية التي نسكت عنها كل هذا السكوت.. بل ونؤيدها ونساندهاهذه الفتاه لم تقتل لأنها قد ارتكبت جريمه الزنى مع شخص لاتربطها به علاقه شرعية.. لكنها قتلت لسبب واحد ذكرناه انفا وهو فقدانها لبكارتها الأمر الذي ينظر الية المجتمع على انها جريمه لا عقاب لها سوى القتل.

فالمجتمع الشرقى ينظر إلى قضية المرأه على أنها شيء شديد الحساسية.. يمنع الاقتراب منها أو التفاهم حولها.. فالأهل يتخوفون من شيء واحد فقط هو أن يكتشف الزوج المرتقب لابنتهم أنها غير بكر.. فالزوج ينظر إلى الفتاه التي يتزوجها من منظور واحد فقط على أنها بضاعه ينبغى أن يتسلمها مغلفه ومختومه بغشاء البكاره.. فمتى وجد أن بضاعته قد تم استعمالها من قبل يتهم أهل الفتاه بغشه والتغرير به.. . فتنتشر الفضيحه التي يخشاها أهلها.. . وتفاديا لحدوث كل هذه المفارقات يتخلص الأهل من

ابنتهم بكل هذه البساطه حماية لسمعتهم من التدهور.. الغريب والمثير في الوقت ذاته في هذا الموضوع. أن الناس ينظرون إلى هذا الرجل الذي يتخلص من أبنته أو أخته على هذا النحو على أنه بطل ينبغى الاقتداء به لأنه تخلص من الشر المتمثل في تلك الفتاه التي يحلو للبعض أن ينعتها بالفاجره !!! ذات الأخلاق المنحله !!!ويعتبرون هؤلاء مثلهم العليا التي ينبغى الاقتداء بها في مثل هذه المواقف..

لكن الشيء الأغرب والأعجب في هذا الأمر هى أن العقوبه التي توقع على مرتكبى هذه الجرائم الشنعاء تكون عاده مخففه إلى درجه لا تتناسب مع فظاعة الجريمة وانسانية الضحية.. وأبلغ دليل على ذالك هى تلك الحكاية الشعبية المنتشره في صعيد مصر على شكل موال شعبى عن الشاب الذي يدعى متولى الجرجاوى الذي قتل أخته شفيقه لشكه في سلوكها.. وتعاطف القاضى معه !!!بل وأشاد بفعله !!!

.. المضحك المبكى في هذه الحكاية هو الحكم الذي اصدره القاضى بحق هذا المجرم القاتل بسجنه لمده شهر فقط !!! ولا عزاء لشفيقه ثانى هذين النوعين هى تلك الجرائم التي ترتكب بحق الزوجه من قبل زوجها.. وهى احدى حالتين: فاما ان يكتشف الزوج ليله الزفاف أن زوجته فاقده لبكارتها عنها تثور ثائرته

ويجن جنونه ويسارع بالابلاغ (عفوا)عن جريمه الغش التجارى التي ارتكبها والد زوجته بحقه عندما أوهمه أن ابنته عذراء.. اى غير مستعمله (من وجهه نظرهم التجارية البحته).. فدافع الزوج هذا ليس دافع أخلاقى بقدر ماهو دافع تجارى بحت (ليس هذا من باب المزاح.. فالكلام القادم سيوضح الأمور بصوره أكبر) فعندما يتقدم شخص ما لخطبه فتاه ما.. عندها يقوم والدها بامتصاص دمه واجباره على دفع مبلغ كبير فيما يعرف

باسم المهر أو الصداق أو لنكن واقعيين بعض الشىء فنقول الثمن المستحق مقابل تلك السلعه المشتراه وهى الزوجه.. بالطبع..

وفى ظل هذا الطغيان المادي الذي نعيشه نجد الشاب يتسلم بضاعته ليله الزفاف ويقوم بالتأكد من كونها غير مستعمله.. فالعملية تجارية بحته ليس فيعا أدنى احترام لانسانية تلك الفتاه.. ولكن وفى حاله اكتشاف

ذالك الشاب أن تلك البضاعة قد سبق استعمالها يشعر بأنه قد غبن في تجارته.. وأنه قد اشترى بضاعة معطوبه بثمن كبير (أرجو أن لا تغضب منى الفتيات وأنا أعرض وجهه نظر خاطئة لا أؤيدها. بل أحاربها بشده).. عندها قد ينتقم من والدها بقتلها فتكون ضحية لعملية تجارية بحته لا ناقة لها فيها ولا جمل واما أن يقوم بالإبلاغ عن هذا الغش التجاري الذي تعرض له.. ويحرر محضر بذالك في مخفر الشرطة ثم يطلق زوجته..

وهنا لا مجال لذكر مصطلح الشرف فقد أصبحت كلمه مطاطه تحتمل الف وجه ووجه واما أن يكتشف الزوج أن زوجته على علاقه برجل اخر.. وهذا يحدث في أغلب الحالات عندما تجبر الفتاه من قبل أهلها على الزواج بمن تكره.. فمن الطبيعى جدا أن نجدها في اليوم التالى لزواجها تقيم علاقة عاطفية أو جنسية أو من أى نوع مع رجل اخر هروبا من الواقع المر الذي فرض عليها.. فليس في الأمر شيء يعاب بالنسبة لها.. فهذا أمر طبيعى ولا غرابه فيه.. من الأحرى بنا قبل استكمال كلامنا عن هذه الحاله أن نقول أنه

بالأجدر بالزوج الذي يكتشف أن زوجته تكرهه وتحب شخصا اخر.. من الأجدر به أن يطلقها دون توجية أدنى لوم اليها.. لأنه ليس لها ذنب ولا جريره ارتكبتها في هذا المضمار فالذنب الأول لوالدها الذي أجبرها على الزواج منه دون وضع أدنى اعتبار للمخاطر التي من الممكن أن تنجم عن ذالك.. فالزواج الذي يبنى على أساس اخر غير الحب ينبغى أن ينتهى بالطلاق.. وهذا الحل يطبقه بعض الأزواج من ذوى العقول المسنيره..

أما النوع الاخر من الأزواج الذين بنى عنكبوت الجهل والتخلف عشه داخل عقولهم الخربه سرعان مايرتكبون أفظع الجرائم على الاطلاق بقتل زوجاتهم بحجه الدفاع عن الشرف

هذه هى خلاصه مااتعرض له المرأه من أعمال عنف تنتهى بالقتل بحجه الدفاع عن الشرف وهى تهمه أبعد ماتكون عن الواقع.. فالحقيقه أن هذه الجرائم تتم لأسباب اجتماعية خشية الفضيحه.. أو لأسباب مادية نتيجه للغبن الذي يشعر به الزوج عندما يكتشف أن زوجته التي قد دفع فيها مبلغا كبيرا من المال قد كانت على علاقه جنسية مع غيره (أى مستعمله وفقا للمصطلحات التجارية ).. وهنا.. من الأحرى بنا ان نبين هذه المعايير المزدوجة التي بات مجتمعنا يتبعها في التعمل مع أفراده.. فبصرف النظر عن النظره

التجارية للمرأه التي اسهبت في الكلام عنها مع أنها جديره بالاهتمام.. يحق لنا التساؤل.. لماذا نعامل مواطنينا بهذا النمط من الاذدواجية مع أن مفاهيم العدل التي نطالب حكامنا ليل نهار بتطبيقها ازائنا تقتضى أنه لا أفضلية لأحد على أحد.. فلماذا نعاقب الضحية وهى الفتاه التي هتك عرضها بينما نترك الجاني حرا طليقا لا سلطان لأحد عليه؟.. والأ جابه عن هذا التساؤل واضحه وضوح الشمس.. ولكنها من السخافة بمكان لدرج أنه لا يحق لانسان عاقل أن يعتقد بها فضلا عن أن يدعو اليها. ولكنه الواقع الذي نعيشه. فالسبب هو أن المرأه يوجد لديها غشاء بكاره يزول عند الممارسه الجنسية الأولى بينما الرجل لا يوجد عنده شيء يدلنا على أنه قد مارس الجنس قبل ذالك أم لا.. أرئيتم كيف نبرر تصرفاتنا الهمجية الرعناء باراء وأفكار سخيفه لا تدخل عقل طفل صغير

اننا يجب علينا أن نبحث عن الحل الجدى والفعال الذي ينهى هذه الافات الاجتماعية المستشرية.. لكى نحافظ على كيان مجتمعنا بعيدا عن الأفكار الرجعية المتخلفه التي لا تتناسب والعصر الذي نعيشه.. فلا يليق بنا ونحن نتنسم عبير القرن الحادى والعشرين أن نظل نعتقد بمثل هذه الأفكار المنحطه والاراء المتخلفه.. ولكن.. ومهما اكتشفنا من حلول ومهما توصلنا إلى علاجات لتلك الأمراض.. ليس بوسعنا أن نتغير الا اذا اقتنعنا بخطأ هذا الوضع ووجوب تغييره إلى الأفضل.. ومن ثم. فان قناعاتنا تلك تجعلنا نغير انفسنا إلى ما هو أفضل.. ولكن ومع الاقتناع بمثل هذه الاراء.. ينبغى اتخاذ عده اجراءات وقائية تمنعنا من التقهقر إلى الوراء مره ثانية..

ومن هذه الاجراءات أن لا نضع في الاعتبار عند النظر إلى احدى قضايا الجرائم التي ترتكب بحق الأنثى بحجه الدفاع عن الشرف أن هذه الجريمه قد تمت لهذا الغرض وأن لا تأخذنا الرأفه والشفقه بالمجرم القاتل الذي فقد مقوماته الانسانية ليتحول إلى حيوان همجى مفترس.. فحجه قد ضحدت وثبت عدم صحتها

هناك بعض الاجراءات التي يطالب بها البعض من باب الوقاية.. وبالطبع فأنا أؤيدها بشده لأنها تساوى بين الجميع وتفقد المبررات التي تؤدى إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم جدواها.. وهى أن نزيل بكاره الفتاه وهى طفله كعملية وقائية هدفها اعطاء المزيد من الحرية لها فيتساوى الجميع في هذا المضمار فلا يصبح هناك تمييز بين الفتاه التي تزوجت أو التي لم تتزوج وعندها تتساوى بالرجل ويصبح الدافع الدينى والأخلاقى لحماية النفس من الانحراف دافع حقيقى بعيدا كل البعد عن سيف المجتمع المسلط على رقاب

نسائه.. وعندها يتساوى الرجل بالمرأه ولا يصبح هناك أفضلية لأحد على أحد.. وعلى الرغم من أن هذا الرأى قد قوبل باعتراض شديد من قبل بعض المتشددين دينيا.. الا أنه يعتبر الحل الناجح والفعال للقضاء على جرائم التمييز ضد المرأه.. ويتحقق بذالك الحلم الذي طالما تمنيناه وهو أن نجد المرأه بجانب الرجل لا أفضلية بينهما.. فالنساء شقائق الرجال.. والمرأه هى نصف المجتمع

  18/6/2004
الحوار المتمدن

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon