لم يكن غريبا أن يخرج هذا العدد الضخم من السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي ليسخروا من إدانة اقتحام محافظ حماة وجماعته لقاعة امتحانية يقدم فيها طلاب (أطفال بحكم القانون) امتحاناتهم المفترض أن تجري في مكان له حرمته وحصانته، وشروطه الخاصة المناسبة لتقديم امتحان.
وبجردة متمعنة في تلك السخرية، يظهر بكل وضوح أن الأغلبية الساحقة بنت موقفها المؤيد لما فعلته السلطة التنفيذية، على تقديرات شخصية لم يتمعن صاحبها بها، ولم يفكر إن كانت صحيحة ومنسجمة مع حقوق الطفل أم لا، ولم يبحث عن أي حيثية تتعلق بما يسمى "العملية التربوية والتعليمية" لا في سورية ولا في أي مكان من العالم.
فالإتهامات للطلاب بأنهم مجرمون شكلت أساسا معلنا أو غير معلن لتلك السخرية وتلك المعاداة الشرسة لحقوق الطفل. اتهامات بأنهم بلطجية، غشاشون، مجرمون عتاة لا يمكن ضبطهم بغير هذه الطريقة التي لم تكتف بتدنيس حرمة القاعة، وإرهاب الأطفال، بل أيضا عملت على التشهير بهم، بما يضيف تهمة أخرى يمكن لذوي الطلاب المعنيين، إن أرادوا، محاكمة المحافظ ومن معه على أساسها وفق القوانين السورية التي تمنع التشهير بكل أشكاله، فكيف تجاه أطفال في قاعة امتحان؟
يعكس هذا التفكير بعضا من واقعنا المتردي. فحتى لو كان هؤلاء الأطفال كما يصفونهم، مجرمون يحملون مسدسات ويغشون ويتنمرون..
هل فكر أحد هؤلاء بأن قوانين العالم كله ضمنا اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها سورية، تحرم معاملتهم معاملة الكبار حين يقعون في نزاع مع القانون؟
هل فكر أحد بأن هؤلاء المتنمرين يستندون إلى واقع حقيقي فرضته السلطة التنفيذية نفسها من فساد واستزلام بحيث صار بإمكانهم الاعتماد على ذويهم وأقاربهم من المتنفذين الذين لا يأبهون لقضاء ولا لحرمة؟
هل فكر هؤلاء بأن هؤلاء الأطفال ليسوا سوى ضحايانا، ضحايا ذويهم الفاسدين، والسلطة الفاسدة، والمؤسسة التعليمية الفاسدة؟ وأن إصلاح هذا الأمر لا يكون بارتكاب جريمة التشهير وتدنيس الحرمة، بل بمعالجة المؤسسة أولا، ومن ثم كل ما يحيط بها، حتى لا يكون بإمكان الأطفال هؤلاء الظن بأنهم في شارع، بل في مؤسسة لها حرمتها وقوانينها التي لا يستطيع ابن وزير أو شبيح أو أزعر أو.. أن يعطلها أو يخترقها؟
من الواضح أن هؤلاء لم يفكروا في كل هذه الأمور. فكروا فقط بأمر واحد: هذا المحافظ المسكين الذي حاول أن يضبط كبار المجرمين هؤلاء الذين يتخفون بزي طلاب مدرسة!
إنهم مخطئون جملة وتفصيلا.
فالقضية ليست حسن أخلاق المحافظ أو غيره. وليست سوء أخلاق الأطفال-الطلاب وسلوكهم. بل هي قضية مؤسسة فاشلة تم تدنيسها من قبل سلطة تنفيذية لاعلاقة لها أصلا بهذه المؤسسة، ومن ثم تم تحميل الضحايا (الأطفال-الطلاب) مسؤولية الفساد والاستزلام والتخبط والتداخل و.. الذي يقوم به الكبار، مسؤولون وأهالي وحتى إعلام..
هي قضية أن يعاد الحق إلى نصابه: المسؤول الأول والأخير عن كل حالة غش هي الوزارة المعنية أولا، وكل من يعتدي على المؤسسة التعليمية بأي شكل كان ثانيا.
تلك هي المسألة: مسألة تفكير بأن الجريمة ارتكبت ضد أطفال في مؤسسة تعليمية رسمية. وليست قضية أخلاق هذا المسؤول أو ذاك، أو أخلاق هذا الطفل أو ذاك.
*- لو كان العنف الذي مارسته السلطة التنفيذية ضد هؤلاء الأطفال-الطلاب في هذه الحالة، وفي حالات غيرها، مفيدا لضبط العملية التعليمية، لكان يجب تحويل كل مدرسة إلى "إصلاحية" تحت سلطة الأمن الجنائي!
**- لو كان الأطفال (وهم أطفال مهما حاول البعض السخرية من هذه الحقيقة) يمتلكون المعرفة والوعي والأخلاق اللازمة لعدم القيام بأي فعل من أفعالهم المعروفة، في الغش أو غيره، لما كنا بحاجة إلى هذه الوزارة وتلك المدرسة من أساسهما. فتمكين الأطفال من هذه الأمور هي بعض من وظائف هذه المؤسسة.
***- التصدي للاستزلام السائد في المجتمع السوري برعاية النظام وأجهزته التنفيذية، يكون بالتصدي لأساسه النابع من هذه الفوضى الأمنية والتشبيح والسلبطة، وليس بإرهاب أطفال في حرمة قاعة امتحانية. فهل يجرؤون على ذلك؟
افتتاحية مرصد نساء سورية
2017/5/20
وبجردة متمعنة في تلك السخرية، يظهر بكل وضوح أن الأغلبية الساحقة بنت موقفها المؤيد لما فعلته السلطة التنفيذية، على تقديرات شخصية لم يتمعن صاحبها بها، ولم يفكر إن كانت صحيحة ومنسجمة مع حقوق الطفل أم لا، ولم يبحث عن أي حيثية تتعلق بما يسمى "العملية التربوية والتعليمية" لا في سورية ولا في أي مكان من العالم.
فالإتهامات للطلاب بأنهم مجرمون شكلت أساسا معلنا أو غير معلن لتلك السخرية وتلك المعاداة الشرسة لحقوق الطفل. اتهامات بأنهم بلطجية، غشاشون، مجرمون عتاة لا يمكن ضبطهم بغير هذه الطريقة التي لم تكتف بتدنيس حرمة القاعة، وإرهاب الأطفال، بل أيضا عملت على التشهير بهم، بما يضيف تهمة أخرى يمكن لذوي الطلاب المعنيين، إن أرادوا، محاكمة المحافظ ومن معه على أساسها وفق القوانين السورية التي تمنع التشهير بكل أشكاله، فكيف تجاه أطفال في قاعة امتحان؟
يعكس هذا التفكير بعضا من واقعنا المتردي. فحتى لو كان هؤلاء الأطفال كما يصفونهم، مجرمون يحملون مسدسات ويغشون ويتنمرون..
هل فكر أحد هؤلاء بأن قوانين العالم كله ضمنا اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها سورية، تحرم معاملتهم معاملة الكبار حين يقعون في نزاع مع القانون؟
هل فكر أحد بأن هؤلاء المتنمرين يستندون إلى واقع حقيقي فرضته السلطة التنفيذية نفسها من فساد واستزلام بحيث صار بإمكانهم الاعتماد على ذويهم وأقاربهم من المتنفذين الذين لا يأبهون لقضاء ولا لحرمة؟
هل فكر هؤلاء بأن هؤلاء الأطفال ليسوا سوى ضحايانا، ضحايا ذويهم الفاسدين، والسلطة الفاسدة، والمؤسسة التعليمية الفاسدة؟ وأن إصلاح هذا الأمر لا يكون بارتكاب جريمة التشهير وتدنيس الحرمة، بل بمعالجة المؤسسة أولا، ومن ثم كل ما يحيط بها، حتى لا يكون بإمكان الأطفال هؤلاء الظن بأنهم في شارع، بل في مؤسسة لها حرمتها وقوانينها التي لا يستطيع ابن وزير أو شبيح أو أزعر أو.. أن يعطلها أو يخترقها؟
من الواضح أن هؤلاء لم يفكروا في كل هذه الأمور. فكروا فقط بأمر واحد: هذا المحافظ المسكين الذي حاول أن يضبط كبار المجرمين هؤلاء الذين يتخفون بزي طلاب مدرسة!
إنهم مخطئون جملة وتفصيلا.
فالقضية ليست حسن أخلاق المحافظ أو غيره. وليست سوء أخلاق الأطفال-الطلاب وسلوكهم. بل هي قضية مؤسسة فاشلة تم تدنيسها من قبل سلطة تنفيذية لاعلاقة لها أصلا بهذه المؤسسة، ومن ثم تم تحميل الضحايا (الأطفال-الطلاب) مسؤولية الفساد والاستزلام والتخبط والتداخل و.. الذي يقوم به الكبار، مسؤولون وأهالي وحتى إعلام..
هي قضية أن يعاد الحق إلى نصابه: المسؤول الأول والأخير عن كل حالة غش هي الوزارة المعنية أولا، وكل من يعتدي على المؤسسة التعليمية بأي شكل كان ثانيا.
تلك هي المسألة: مسألة تفكير بأن الجريمة ارتكبت ضد أطفال في مؤسسة تعليمية رسمية. وليست قضية أخلاق هذا المسؤول أو ذاك، أو أخلاق هذا الطفل أو ذاك.
*- لو كان العنف الذي مارسته السلطة التنفيذية ضد هؤلاء الأطفال-الطلاب في هذه الحالة، وفي حالات غيرها، مفيدا لضبط العملية التعليمية، لكان يجب تحويل كل مدرسة إلى "إصلاحية" تحت سلطة الأمن الجنائي!
**- لو كان الأطفال (وهم أطفال مهما حاول البعض السخرية من هذه الحقيقة) يمتلكون المعرفة والوعي والأخلاق اللازمة لعدم القيام بأي فعل من أفعالهم المعروفة، في الغش أو غيره، لما كنا بحاجة إلى هذه الوزارة وتلك المدرسة من أساسهما. فتمكين الأطفال من هذه الأمور هي بعض من وظائف هذه المؤسسة.
***- التصدي للاستزلام السائد في المجتمع السوري برعاية النظام وأجهزته التنفيذية، يكون بالتصدي لأساسه النابع من هذه الفوضى الأمنية والتشبيح والسلبطة، وليس بإرهاب أطفال في حرمة قاعة امتحانية. فهل يجرؤون على ذلك؟
افتتاحية مرصد نساء سورية
2017/5/20
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon