حكومة العطري في ميزان السوريين

أشار السيد رئيس الجمهورية بشار الأسد في خطاب القسم الثاني أمام مجلس الشعب إلى اختلاف الرؤى وتباين الاجتهادات وقال سيادته (... ذلك أمر طبيعي لأن كلاً منا يرى بأن مسؤوليته أن يقدم إسهامه في هذا الشأن أو ذاك من شؤوننا الوطنية... ويجد في نفسه القدرة على ذلك.. وهو ما حرصنا على تشجيعه وتغذيته بكل رحابة صدر.. لأننا وجدنا في ذلك إغناء لتجربتنا التطويرية وإطلاقاً لها إلى آفاق أرحب. وبغض النظر عن واقعية بعض الأفكار أو مثاليتها وعن منطقية بعضها الآخر أو عدم منطقيته.. وبغض النظر عن أن من يرى عن بعد ليس كمن يكون في قلب الحدث.. وأن من يطرح فكرة ليس كمن يتخذ قراراً أو يتحمل مسؤولية تطبيقه.. فإنني أرى في هذا النقاش الدائر عنواناً لحيوية شعبنا ودعماً مباشراً لعملية الإصلاح الجارية).
ونقدم ما وصلت إليه (أبيض وأسود) في إجابات المواطنين عن أسئلة استطلاعها حول أداء حكومة العطري، فقد تباينت الرؤى واختلفت وجهات النظر ولكنها في نهاية المطاف وكما أشار السيد الرئيس تنشيط للعملية التطويرية والإصلاحية الجارية في البلاد، وكان لدينا الاستطلاع التالي:

أيمن عبد النور - رئيس تحرير موقع (كلنا شركاء)
طرأ على حكومة العطري تعديلان وزاريان طالا عدداً كبيراً من الوزراء ابتداء من تشكيلها في نهاية عام 2003, الأول بعد عام والثاني بعد عامين وعدة أشهر إضافة لإحداث منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الذي لم يكن موجوداً عند تشكيل الحكومة أول مرة.
لذلك فإن معظم الوزارات قد شملها التغيير وبالتالي لا يمكن القول أن أداء حكومة العطري في القطاع أو الوزارة الفلانية غير جيد أو جيد لأن الوزارة تناوب عليها وزراء مختلفون كما حصل في اللجنة الاقتصادية التي ترأسها أولاً وزير المالية د. محمد الحسين ومن ثم د.عبد الله الدردري.
ومن هنا يبدو الحديث عن تقييم لأداء حكومة العطري وكأنها جسم واحد لا اختلاف فيه مع المراحل المختلفة الثلاث أمراً يجانبه الصواب، فقد كانت هناك مراحل مختلفة والأداء فيها كانت مستوياته مختلفة بشدة، وكان هناك وزارات اختلف مستوى أدائها لعملها عند تغيير الوزير وهناك وزارات اختلف أداء الوزير فيها بشكل كبير نتيجة الضغوط الكبيرة عليه.
بداية شخصية السيد رئيس مجلس الوزراء هي شخصية هادئة وكلاسيكية وبطيئة، وهذا ليس بجديد عليه فهو طوال عمله في المواقع التي شغلها كان هكذا، وبالتالي فلم يكن متوقعاً منه ومنذ بداية تعيينه أكثر مما قدم خلال السنوات السابقة، ولم يكن هناك مراهنة منذ اللحظة الأولى على أنه سيحدث قفزة أو تغييراً دراماتيكياً.
أما بالنسبة للنائب الاقتصادي فمعروف أنه ليس له صلاحيات محددة بالقانون وبالتالي ما يحددها على أرض الواقع هو مدى قربه من السيد رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية ومن هنا كان أداؤه مختلفاً بشدة حسب تلك العلاقة فقد بدء الدكتور الدردري بداية صاروخية من اجتماعات وخطط وقرارات ولجان وزيارات خارجية وتصريحات للصحف العربية والأجنبية وما لبث بعد فترة أن اختفى تماماً عن الشاشة ولم يعد أحد يسمع به, ليعود لاحقاً ليظهر بشكل متواضع في بعض الزيارات الخارجية وبعض المحاضرات!
أما بالنسبة للوزارات الرئيسية، فبالنسبة لأداء وزارة الخارجية فرغم وجود وزير جديد هو السيد وليد المعلم، ولكن الكثيرين يقولون إن الأداء والسياسة الخارجية ما زالت ترسم تفاصيلها وعلاقاتها الدبلوماسية من قبل مكتب نائب الرئيس السيد فاروق الشرع، وبالتالي ليس هناك أي تغيير يذكر, أما وزير الإعلام الدكتور محسن بلال، فقد كان متوقعاً أن يعيين وزيراً للمغتربين والدكتور رياض نعسان آغا وزيراً للإعلام، ولكن يبدو أن الظروف حينها حدت من هذا الأمر، وهذه التوقعات تبدو الآن قريبة من التحقق بسبب ثبوت تعيين الدكتورة بثينة شعبان وزيرة المغتربين الحالية كسفيرة إما في لندن أو واشنطن.
وبالإجمال يبقى أداء الحكومة مقبولاً إذا أخذنا بعين الاعتبار المتغيرات الدولية والإقليمية الضاغطة بشدة على سوريا في الفترة السابقة وكذلك انشغال القيادة السياسية بهذه الضغوط مما أخذ من الوقت المخصص لمتابعة أداء الحكومة، فكلنا نعلم أن حكومة العطري الأولى حين تشكيلها كان السيد الرئيس يلتقيها كل فترة إضافة لتشكيل سيادته لجنة اقتصادية تضم لأول مرة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي طلب منها أن تضطلع بدور اقتصادي تنموي كبير من خلال مكاتب العمل وهيئة مكافحة البطالة التي أصبحت هيئة للتنمية والتشغيل، ولكن هذه اللجنة لم تجتمع سوى مرة واحدة إضافة للاجتماعات النوعية التي خصصها سيادة الرئيس للنقاش مع الحكومة بتطوير أداء وزارة معينة وخططها أو موضوع محدد وجرت عدة اجتماعات تناولت خطط عدد من الوزارات ولكنها توقفت لاحقاً.
كل هذه الأمور إضافة لتدخل العديد من الجهات الوصائية في عمل الحكومة سواء على مستوى السياسات والاستراتيجيات أو على مستوى الطلبات أو القرارات الوزارية أو على مستوى الجهات الإدارية التنفيذية الوسطى التي يمكن أن تعطل أكبر قرار تجعلنا نتفهم أداء الحكومة الحالية وحتى المقبلة لأن الموضوع ليس بيد الحكومة فقط بل هو منظومة عمل تخضع لها الحكومة.
الثغرات التي ارتكبتها الحكومة أثناء تأديتها لعملها متعددة، ولكنها متعلقة بطبيعة عدم عملها كفريق واحد. فالانفتاح الاقتصادي والانتقال لاقتصاد السوق الاجتماعي جرى بشكل سريع أضر بمكتسبات العمال ونزع منهم كل حقوقهم وخاصة العاملين في المؤسسات الاقتصادية الجديدة لدى القطاع الخاص, إضافة لأنه شكل ضغطاً على نفقات الأسر المتوسطة الدخل نتيجة الغلاء وارتفاع الأسعار وعدم وجود وإقامة شبكات الأمان الاجتماعي التي كانت يجب أن تكون متلازمة مع الانتقال لاقتصاد السوق.
وبالنسبة لقطاع الكهرباء فلم تتم دراسة توقعات الطلب في المستقبل، وهو ما أوقع البلد في الأزمة الحالية الكبيرة التي تضر بالصناعة والسياحة, وبالنسبة للقطاع الإعلامي لم يتم التخطيط لانفتاح إعلامي حقيقي كان يستطيع أن يستوعب شرائح أكبر من المجتمع ويستطيع مخاطبة المغتربين بشكل أفضل ويكون درعاً في وجه الهجمات التي طالت سوريا, وبالنسبة لقطاع الإدارة المحلية وتنظيم المدن فكان هناك تقصير كبير من ناحية عدم إصدار مخططات تنظيمية جديدة في كل المحافظات وخاصة المدن الكبيرة لتستوعب الزيادات الكبيرة في السكان والوافدين.

بسام القاضي - رئيس تحرير موقع (نساء سوريا)
من زاوية اهتماماتنا الاجتماعية أرى أن هناك تقدماً على بعض الجوانب كإصدار مرسوم إنشاء الهيئة السورية لشؤون الأسرة كجزء من الحكومة بحسب القانون أي بمثابة وزارة تقريباً تتخذ قراراتها بشكل مستقل، وإحداثها أمر إيجابي بمعنى وضع جملة القضايا المتعلقة بالبنية الأساسية والخلية الأساسية التي هي الأسرة بحسب تعريف الدستور، تحت تصرف جهة مسؤولة عن تفاصيل عملها وتطويرها من كل الجوانب القانونية والاقتصادية والاجتماعية.
وبنفس الفترة أيضاً وقعت سوريا على اتفاقية حقوق الطفل وصادقت على اتفاقية سيداو حيث تعتبران اتفاقيتين أساسيتين، ما عدا التحفظ على بعض مواد الاتفاقيتين، وهذا التحفظ غير مشروع، بل يتعارض مع الدستور السوري والدين الإسلامي، ولا علاقة له بكل التبريرات التي وضعتها الحكومة.
حكومة العطري في العام الأخير فقط اتخذت قرارين بالغي الخطأ والخطورة في عمل المجتمع الأهلي.
الأول: هو حظر التعامل مع رابطة النساء السوريات وهي جمعية تعمل منذ الخمسينيات تحت كافة الأنظمة السياسية التي حكمت البلد من الخمسينيات إلى الآن، وتعمل على قضايا المرأة والطفولة والأسرة ولا تتدخل بالسياسة، وإحدى أهم المنظمات السورية وأشهرها بين المنظمات العربية والدولية يتخذ قرار بحلها بناء على المصلحة العامة والكل يعرف أن المصلحة العامة لا معنى لها بل حجة للحكومة.. من الممكن أن يكون أي فرد قد نسي صنبور الماء مفتوحاً كل الليل فيضر بالمصلحة العامة وممكن أن يكون خائناً وعميلاً وبذلك يضر بالمصلحة العامة، فما هي المصلحة العامة.. هنا؟ لا شيء، عندما توسع المفهوم لدرجة لا حدود لها يصبح لا معنى له.
والقرار الثاني: هو حل جمعية المبادرة الاجتماعية عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، واتخذ أيضاً من باب المصلحة العامة ولكنه أساء للمصلحة العامة، ولا ننسى أن هناك العشرات من الجمعيات في مختلف المجالات غير مرخصة، وخاصة في مجال حقوق الإنسان، وهو مجال غير سياسي بل مجال أهلي ومجتمعي بامتياز، بغض النظر إذا كان هناك جمعية توجهت نحو السياسة فهذا موضوعه القضاء، وليس موضوعه أن لا تعطي ترخيصاً لهذه الجمعيات، وعدم حصولهم على ترخيص هو متعارض مع القوانين السورية وقانون الجمعيات الذي هو من واجب الحكومة تنفيذه.
ولا ننسى أيضاً بقاء قانون الجمعيات ذاته في فترة حكومة العطري.
ومن الناحية الاقتصادية، خلال هذه الفترة تردى وضع الأسرة درجات إلى الوراء من كافة الجوانب، على سبيل المثال ارتفعت تكاليف التعليم الجامعي بالنسبة للطبقات الفقيرة خاصة مع أنظمة المفاضلات التي تجعل إمكانيتك الاقتصادية لتعليم ابنك تعليماً عالياً وبالتالي حصوله على مؤهلات عمل صارت بالغة الصعوبة، ومع الجامعات الخاصة التي تعتبر خارج كل القوانين الاقتصادية، من خلال رسومها غير المنطقية، واللامعقولة بالإطلاق وبلا ضوابط، هذا ما قد يؤدي إلى تدهور كبير وانخفاض كبير بنسبة المتعلمين الجامعيين.
أما السكن فلا أعتقد أن هناك بلداً في العالم أجرة بيت فيه في أي مدينة يساوي بدءاً من كامل متوسط الراتب فأعلى، في التسعينيات لم يكن هذا الوضع. دائماً العقارات مرتفعة الثمن في سوريا لكن ما يجري الآن أي من خمس سنوات إلى اليوم هو شيء مضحك، وحتى الجمعيات التي يطلقونها مثل جمعية (سكن الشباب) أسأل أين أصبحت ملكية هذه المساكن التي بنيت؟ ولمن؟ وكيف أنت كحكومة بعد عشر سنوات وعندما ينتهي بناء المنزل الذي كان من المفروض أن أستلمه من ثماني سنوات تطالبني بدفع فرق التكلفة بناء على تكاليف السوق؟ فما الفائدة من هذا المشروع هل هو أنك أعطيتني منزلاً بالتقسيط مع فوائد عالية، كل الجمعيات الخاصة تعطيك بيتاً بالتقسيط مع فوائد عالية.
أما الطعام وبجدول صغير لقياس أسعار الخضار وغيرها، إذا كان متوسط الراتب عشرة آلاف ليرة كم من الخبز إلى اللحومات تستطيع أن تحضر لأولادك؟
إذاً نحن في وضع اقتصادي متدهور والأرقام التي تتحدث عن متوسط الدخل أرقام ربما وهمية، والطبقات الأساسية، وهم النسبة الكبرى من سكان سوريا، ينحدرون بسرعة شديدة باتجاه الفقر، ويقعون بعجز متتال، والفئة الصغيرة التي تزيد ثرواتها هي التي تصنع هذا الرقم الوهمي أي ما يسمى متوسط الدخل، عندما يكون هناك شخص لديه مليارات الليرات السورية ويحسب متوسط دخله على متوسط دخل الرجل الذي دخله بحدود العشرة ألاف ليرة، سيجد أن دخلنا حوالي المائة ألف ليرة؟!!
هذا معيار عالمي ليست وظيفته أن يقول بأن لدي وضع جيد أو أن يخفي حقيقة التدهور الشديد لوضع الاقتصاد في البلد، والكاميرا تستطع أن تؤكد هذا الكلام بزيارة واحدة لأي من مناطق دمشق من ببيلا، لحجيرة، لقدسية، للسيدة زينب، لمساكن برزة، لحي تشرين.
ومع انعدام تقريباً التمايز بين الوزارات يصعب أن تقيم أي منها كانت الأفضل، أو غير ذلك، فمثلاً وزارة التعليم العالي شاركت في مشروعات بحثية في قضايا العنف العائلي، والعنف ضد الأطفال، وبحثت في إدراج هذه المواضيع في مناهج التعليم العالي، وأساتذة من الجامعات التابعة للوزارة شاركوا في بحوث اجتماعية شديدة الأهمية، من هنا أقول إن لهذه الوزارة نشاط جيد، ولكن في النهاية هذا مجالها.
والوضع في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، غير طبيعي فقد تأخر الوقت كثيراً لفصل هاتين القضيتين عن بعضهما فالشؤون الاجتماعية شيء، والعمل شيء آخر، ولا قدرة لوزارة واحدة في العالم أن تحمل هاتين البطيختين الكبار جداً في بلد تعداده مليون نسمة، فكيف إذا كان تعداده عشرين مليوناً؟، كيف يمكن أن يكون هناك وزارة تدير قوة عمل تعد بالملايين وتدير مجتمع هو عشرين مليون من خدمات الحمل إلى الموت؟!
قلب دمشق الذي ينظف اليوم ويجهز للعام القادم ولمناسبة دمشق عاصمة الثقافية العربية، كأننا بحاجة لعاصمة ثقافة عربية كي نحصل على شارع نظيف، هذا واقع الحكومة باختصار!!

د.قدري جميل - رئيس تحرير جريدة (قاسيون)
المقياس الموضوعي يتم على أساس ما قدمت الحكومة مقارنة مع متطلبات الواقع؟ وكيف كان أدائها؟
بالعام سوريا لديها خطاب سياسي وموقف سياسي متميز، وهذا الموقف السياسي يمثل في المنطقة وجه الممانعة للمخطط الأمريكي الصهيوني، لكن الأداء الاقتصادي الاجتماعي لم يرتفع إلى مستوى الموقف السياسي ومتطلباته، بل يمكن القول أن هذا الأداء أحياننا ليس بسبب سوء نية إنما بسبب مستوى الأداء، كان يسير عكس الخطاب السياسي ومتطلباته، ووحدة القياس هنا هي وضع إقليمي متوتر يتطلب تلاحماً داخلياً وتعزيز الوحدة الوطنية التي لا تبنى بالمشاعر على أهميتها، الوحدة الوطنية تبنى على أساس الموقف الجدي من قضايا الناس، والقضايا المتعلقة بمعيشتهم والمتعلقة بلقمتهم، إذا أخذنا منحى التطور الاقتصادي الذي الحكومة تحديداً مسؤولة عنه خلال فترتها نلاحظ:
أولاً: المستوى المعاشي للناس نتيجة عدم القدرة على ضبط ارتفاع الأسعار انخفض فعلياً، ونحن حسب مؤشر قاسيون للأسعار، الأسعار ارتفعت منذ أوائل العام 2006 حتى اليوم حوالي الـ60 % وإذا اعترض البعض على الرقم على أنه مبالغ فيه فليكن 40 % ولكن الأجور ثابتة، وهذا يعني أن مستوى المعيشة انخفض في ظل ثبات الأجور الاسمي، وانخفض الأجر الفعلي بمقدار ارتفاع الأسعار.
ثانياً: الفريق الاقتصادي يقول إن وسطي دخل الفرد ارتفع خلال فترة إدارتهم من 1100 دولار إلى 1700 دولار، معلوم أن مؤشر وسطي دخل الفرد هو مؤشر كمي وليس مؤشراً نوعياً، ولا يعكس المجرى الحقيقي لتطور مستوى المعيشة فهو جمع كل من معهم مال ومن هم لا يملكون المال وقسمتهم على اثنين، فكيف نفسر أن وسطي دخل الفرد ارتفع حسب الحكومة بينما مستوى المعيشة الفعلي والقدرة الفعلية للأجر انخفضت؟ وهذا يدل باللغة الاقتصادية على زيادة تمركز الثروة، وعلى اعتبار أرقام الحكومة صحيحة فعلى أساس ارتفاع وسطي دخل الفرد جرت زيادة كمية في الدخل الوطني، ولكنها لم تنعكس إيجاباً على حياة الناس، وهنا أقول إن التطور الاقتصادي ليس هدفاً بحد ذاته بل الهدف بالأخير هو الإنسان البسيط أساس اللحمة الوطنية، وهو من سيدافع عن الوطن.
ثالثاً: في النهاية أنا أريد أن أحاسب حكومة فأحاسبها على برنامجها وفعلياً لا يوجد برنامج، ولا وجود لهدف ملموس ضمن زمن محدد، وإذا لم يكن هناك زمن محدد معناه أنه لا يوجد برنامج، وإذا ما عدنا للبيان الحكومي نجد فيه الكثير من البنود هي كلام عام والقليل من الأرقام الملموسة وبالتالي حتى محاسبة الحكومة أمر صعب في ظل عدم وجود التزامات حقيقية، كأن تعلن بأنها تريد أن تلتزم برفع مستوى المعيشة أو تلتزم بعدم خفض مستوى المعيشة، وتعلن كم تلتزم في الحفاظ على مستوى الأسعار، وكم تلتزم بتحقيق نمو حقيقي في قطاعات الإنتاج المادي، كم تلتزم باستثمارات مصادرها من الداخل، هذا كله لم يكن موجوداً ولذا لا يوجد مقياس حقيقي نقيس من خلاله أداء الحكومة، وكنا نتكلم من خلال نتائج العمل العام.
في النهاية أنا لا أستطيع الخوض في كل وزارة على حدة ولكن أستطيع أن أقيم عمل الوزارات ذات الطابع السياسي مثل وزارة الخارجية والإعلام كما أقيم الموقف السياسي السوري وهو إيجابي، ولا أعتقد أن الحكومة مسؤولة عن هاتين الوزارتين، ولذا أحاكم الحكومة على أساس أدائها الاقتصادي والاجتماعي، وهو لغير صالحها وليس انطلاقاً مما أنجزته الحكومات السابقة، وربما تكون هي أفضل منهم ولكن هذا لا معنى له مقابل قياسها بالواقع.

أسماء كفتارو - منتدى سوريات
حكومة العطري كانت حكومة تيسير أعمال سابقة، ولم يكن هناك مبادرة جديدة ولا أي شيء جديد، مع أن الوطن بحاجة لهذه المبادرات التي كان من المفروض أن تقوم بها.
مثلاً قانون الحضانة الذي تم تعديله في مجلس الشعب لم تكن المبادرة من الحكومة بل من مجلس الشعب والجمعيات غير الحكومية، وأرى أيضاً أن المدارس كانت بحاجة للتحديث وكم طالبنا بتعديل المناهج من قبل وزارة التربية، وطالبنا وزارة الأوقاف بتعديل مناهج كلية الشريعة والمعاهد الشرعية وكل هذه المطالبات من المجتمع الأهلي، ولا أي منها من كان مبادرة حكومية، ولا تشجيع من قبلها بل كان هناك ضغط من الحكومة على المجتمع الأهلي كي لا يأخذ مجاله في العمل، ومن هذه الناحية كان هناك حل لجمعيتين وهذا فعل سلبي ومؤثر على المجتمع.
وبالمقابل يمكن القول إن الهيئة السورية لشؤون الأسرة وهي بمثابة وزارة كانت ناشطة في عملها، وخلال أربع سنوات أعطت عملاً جيداً جداً وللأسف إنه بالنهاية حجمت الحكومة عملها وحاولت أن تقلل من أهميته على الرغم من أنها تعمل تحت رئاسة الحكومة.
وبالنسبة للعلاقة من المنظمات الدولية والأمم المتحدة كانت العلاقة فقط مع الأمم المتحدة ومنظماتها وهم الوحيدون الذين تعاملت معهم الحكومة وسمحت للمجتمع الأهلي التعامل معهم، ولكن أي منظمة أخرى لم نتمكن من التعامل معها وذلك بقرار من الحكومة يمنعنا من التعامل إلا مع منظمات الأمم المتحدة فقط.

زينة أمين - دبلوم إرشاد
بصراحة شديدة أنا لا أعرف عن هذه الحكومة سوى أنها تتألف من وزارات مختلفة وأن لكل وزارة وزير قائم بأعمال هذه الوزارة فقط.
بحقيقة الأمر حتى أن أعمال هذه الوزارة لم تكن في المستوى المطلوب فلم أسمع عن الأعمال أو الإنجازات التي قامت بها هذه الوزارات فلم أشعر بوجود أي تغيرات أو تطورات. وهنا أستطيع ذكر موضوع الكهرباء، أليس هناك من هو مسؤول عن هذا الخلل؟ ينقطع التيار كل يوم ولمدة زمنية لا تقل عن الساعة فأين هي التطورات؟
وموضوع آخر في حياتنا نحن الجامعيين، أين هي التطورات والتغيرات التي من المفروض أن تكون إيجابية، فعلى سبيل المثال في جامعة دمشق يوجد ما يسمى بدبلوم الإرشاد الاجتماعي حيث ندرس مدة سنة دراسية كاملة، ولدينا مشروع للتخرج في ختامها، وعندما نتخرج نكون حسب المتاح مرشداً اجتماعياً في المدرسة من خلال مسابقة وزارة التربية لا يتم الاعتراف بهذا الدبلوم، فطلاب علم الاجتماع تم قبولهم على أساس الإجازة الجامعية وليس الدبلوم.
ولكي لا أكون سلبية إلى هذه الدرجة يمكن القول إن أكثر وزارة فعالة إلى حد مقبول هي وزارة السياحة فهي تعمل على تشجيع السياحة في سوريا من خلال وسائل الإعلام المختلفة فبرامج التلفزيون السوري الأرضية والفضائية لا تخلو من برامج تتعلق بالسياحة والمغتربين فهم يهتمون بشكل واضح بالعلاقات الخارجية وتوثيق هذه العلاقة وتجميلها ولكن أين هي العلاقات الداخلية وأين هو عمل الوزارات الأخرى؟!!

هاني زيدان - طالب جامعي
أولاً أنا لا أملك معطيات حتى أقيم أداء الحكومة ولكني كشاب في هذا الشارع السوري لم أر أي عمل ظاهر للحكومة، في حين نرى أن المشاريع النظرية كثيرة وإذا ما قرأنا الخطط إما على صعيد المشاريع أو على الصعيد العام نرى أنه من الواجب أن نكون في عداد الدول المتقدمة ولكن المشكلة الحقيقية تبقى في التنفيذ وآلياته. وأيضاً في عدم التواصل والتنسيق بين الوزارات وهذا ليس في زمن حكومة العطري بل من قبل. وآخذ مثالاً على الحكومة وزارتنا وزارة التعليم العالي التي أعتقد أن أداءها من سيئ إلى أسوأ.
وأداء الحكومة كان في الغالب بيروقراطياً مكتبياً وليس عملاً مؤسساتياً فلم يكون هناك أي بادرة لا على صعيد المجتمع ككل ولا حتى على صعيد الأفراد.

ختام رقمي:
يبدو أن الشارع السوري غير راض عن أداء حكومته، وهذه النتيجة ليست فقط استخلاصاً لما جاء في استطلاعنا هذا، بل توافق مع نتائج استطلاع أجراه موقع (سوريا هارت) الإلكتروني، والذي توجه لرواده بسؤال: هل أنت راض عن عمل حكومة العطري مقارنة بأداء حكومات سابقة؟ فكانت النتيجة نعم (38 %) ولا (61 %) ويبدو أن الأرقام خير دليل وبرهان.

جابر بكر، (حكومة العطري في ميزان السوريين)

مجلة أبيض وأسود (العدد 231- تاريخ 7/2007)

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon