لطالما كانت الأخبار التلفزيونية شبيهة بالسلسلة الأميركية "وايلد وايلد ويست" بالنسبة إلى الصحافيين: معظم الأشخاص الذين يقدّمون الأخبار والتقارير هم من الرجال الذين يتميزون بابتسامة وتبجح وغمزة.
وبالنسبة إلى الصحافيين المحافظين في شبكات الأخبار، هم يشكّلون عصابة تكون بالمرصاد لترفع بنادقها الست وتتحين الفرصة لرشق الآخرين بالكلام المؤذي وتلبس سلوكها المتمردّ وسام شرف. وهي أشبه بغرفة عفنة أبوابها مفتوحة. في خلال السنة الفائتة، فُصل ثلاثة معلّقين من قناة "آم آس آن بي سي" مؤقتاً – وهم كريس ماثيوز من برنامج "هاردبال" ونجم الشبكة دايفيد شاستر الذي يظهر في العديد من البرامج ودون إيميس مقدّم البرنامج السابق "إيميس على "آم آس آن بي سي" – وتعرّضوا للتأنيب الرسمي أو الطرد أو أجبروا على الاعتذار بسبب تعليقاتهم المتحيزة جنسياً و-أو عرقياً. وبدل أن تتحرّك المحطة لمنع سلسلة الأحداث هذه، استخدمت هذه الخلافات كجزء من حملة إعلانية لتعزيز تغطيتها السياسية، بحسب مجموعة المراقبة "ميديا ماتيرز فور أميركا" التي تتّخذ من واشنطن مقراً لها. أمّا الاعتداء الأخير فجاء مع شاستر في برنامج "تاكر" الأسبوع الفائت بعد أن أصدر تعليقاً على حملة هيلاري كلينتون الرئاسية قائلاً "ألا تبدو تشيلسي وكأنّها من بنات الهوى بالطريقة الغريبة التي تظهر بها؟"
تشبيه شيلسي بقوّادة؟ أشارت معلّقتان في ومينز إي نيوز -- كاريل ريفرز وأنا - إلى شيلسي. ونصحنا هيلاري كلينتون بإدخال ابنتها إلى حملتها الانتخابية لمساعدتها مع الناخبين الشباب ولتوفّر لها الدعم كفرد من العائلة عوضاً عن بيل.
ولكن ما علاقة القوّادة في هذه المسألة؟ سأخبركم أمراً: هذه طريقة لإثارة رابط لاشعوري بين المرشحة الأنثى الأولى للرئاسة التي تتمتّع بفرصة كبيرة بالفوز والمرأة الماشية والمتجولة في الشارع ولتذكير العالم أنّ "المهنة الأقدم" للنساء هي الدعارة وتهديدهن بشكل متواصل بهذه المسألة. ويُمارس هذا التهديد إن في المناصب غير المنظورة حيث تنال النساء أجوراً متدنية وغالباً ما نسمع هذا النوع من الإهانة من دون أي عقاب أو على غرار وضع هيلاري في محاولة اقتحام مجال المناصب العليا التي يحتكرها الذكور. ويعني عدم ذكر الموضوع أنّنا نصف شيلسي بالمومس.
"الإصرار المظلم على كره النساء" يرغب عدد قليل من الأشخاص بمعالجة المعاملة السلبية التي تظهرها وسائل الإعلام لهيلاري، غير أنّ بوب هيربير من نيويورك تايمز يشكّل استثناءاً. وكتب في خلال الشهر الفائت في أحد عواميد الصحيفة مقالة بعنوان "السياسة وكره النساء" جاء فيها: "إن كان هناك من قصة استحقّت تغطية إضافية من قبل أخبار وسائل الإعلام وهي قصّة الإصرار المظلم على كره النساء في أميركا. ويتخلّل هذا التحيز الجنسي بأشكاله المدمّرة وبأعداده الضخمة إلى مظاهر الحياة الأميركية كافة. وبالنسبة إلى العديد من الرجال، تشكّل التسلية الحقيقية في الوطن أكثر من البايسبول أو كرة القدم الأميركية". وفُصل شاستر مؤقتاً من قبل القناة على غرار إيميس من قبله. أمّا زميله كيث أولبرمان فوجد تعليقاته غير ملائمة ولا يمكن الدفاع عنها وقدّم اعتذاره الصادق. شكراً كيث، لكنّ النساء اللواتي يتلقّين الضربات من أخبار وسائل الإعلام لسن جاهزات للمسامحة والنسيان. وتقول لنا دروس مكافحة العنف الأسري إنّ ذلك يدعو إلى المزيد من إساءة المعاملة مع هذا التيار. ومن الصعب أن يقدّم نجوم الرأي الآخرون حلفاء حقيقيين للنساء. واستمعوا إلى ما قال تاكر كارلسون، مقدّم برنامج "تاكر" وهو أيضاً من قناة " آم آس آن بي سي" عن كلينتون في تموز / يوليو الفائت: "ثمة شيء لدى هذا المرأة يشعركم بأنّها متعجرفة ومخيفة". واقتبسوا عن كارلسون قوله المتعلّق بكلينتون "غالباً ما كنت أقول أنّها حين تظهر على شاشات التلفزة أتوقف عن العمل بشكل لا إرادي". ولننتقل إلى مايك بارنيكل الذي قال خلال بث برنامج "مورنينغ جو" في 24 كانون الثاني / يناير "تبدو هيلاري كالزوجة الأولى التي تقف خارج محكمة إثبات صحة الوصية". وليست قناة "آم آس آن بي سي" الوحيدة التي تطلق كلّ هذه الحماقات التي تثير الحزن والشفقة، إلا أنّها الأسوأ حتى الآن.
هراء متحيّز ومستأسد بالطبع كانت "فوكس نيوز" هي التي كتبت عن نهج التلفزيون المتحيز جنسياً والمستأسد ودافعت عن صحافيي المنبر الشرس على غرار بيل أوريلي أو الناطق الرسمي على غرار روبيرت زيمرمان الذي أعلن في العام 2005 أنّ اكتشاف بولا زان نفسها من جديد كصحافية مشابه "لوضع طبقة طلاء جديدة على مرحاض خارجي". وقالت بربارا والترز من قناة "آي بي سي" إنّه يتوجب على هيلاري ألا تغضب كثيراً على الطريقة التي تعاملت بها قناة "آم آس آن بي سي" معها. وقالت والترز في حلقة يوم الإثنين من برنامج "ذي فيو" إنّ شاستر "ارتكب خطأً وعلى كلينتون أن تعتبر ذلك من الماضي". والترز مخطئة. وهي مخطئة بالكامل وبالنسبة إليّ هذه مسألة هامة لانسحابها وتقاعدها. ونشكر الّله على وجود مجموعة "ميديا ماترز"، وهو الموقع الإلكتروني للجنة مراقبة وسائل الإعلام التي تحمّلت المسؤولية لمحاربة هذه الإهانات. وطالبت الجمهور يوم الإثنين بأن يقول "كفى لقناة آم آس آن بي سي". واعتمدوا عليّ في هذا الأمر وهذا بالضبط ما أحاول القيام به من خلال هذا العمود. ويقدّم الموقع الإلكتروني "ميديا ماترز" رسالة احتجاج لزائري الموقع لملئها وإرسالها. فلنقم بذلك جميعاً. ويستحقّ ماثيوز, وهو مقدّم برنامج "هاردبال", انتباهاً خاصاً في "ميديا ماترز". وهو الرجل الذي يتوجب عليه تقديم الاعتذار لما قاله في 17 كانون الثاني / يناير عن هيلاري: "دعونا لا ننسى، وسأكون في هذا الإطار قاسيا، سبب كونها سناتور في مجلس الشيوخ الأميركي ومرشحة لرئاسة الجمهورية وربما المتسابقة الأولى، كلّ ذلك لأنّ زوجها كان عابثا". وتحتفظ "ميديا ماترز" بـ"ذي ماثيوز مونيتور" لضمان أنّ تغطية ماثيوز ترتكز على الوقائع وليس على " التخمين أو العداء الشخصي". في غضون ذلك، دعونا لا ننسى أنّ دون إيميس عاد إلى البث تماماً كما أتوقع أن يحصل مع شاستر بعد أن يمضي بعض الوقت في هاواي أو في أي مهرب باهظ الثمن يختاره.
نمط سلوك قناة "آم آس آن بي سي" تشعر هيلاري بغضب إزاء الإهانة التي تعرّضت لها مع ابنتها شيلسي. وكتبت إلى رئيس قناة "آن بي سي" ستيف كابوس الذي يشرف على قناة "آم آس آن بي سي" إنّه يجب أن ينظر إلى "نمط السلوك على شبكته التي كما يبدو تقود بشكل متكرر هذا النوع من الكلام المنحطّ". وهي تفكّر في العدول عن الحديث في مناظرات قناة "آن بي سي" في أواخر هذا الشهر احتجاجاً على ما قيل وهذا دافع مفهوم لكنّه قد يسيء إليها أكثر ممّا قد يسيء لمنتقديها. وتراقب المواقع الإلكترونية الأخرى ومنظمات الأخبار إلى جانب "ميديا ماترز" سلوك شبكات الأخبار إزاء النساء والأقليات. وانضمّت إلى هذا الاحتجاج مجموعة النزعة اليمينية "أكيوراسي إن ميديا" (الدقة في وسائل الإعلام). وفي خلال الأسبوع الفائت وضمن عمود الضيوف، انتقد جيري زيفمان المقدّم ماثيوز لمضايقته باستمرار كايت ميشلمان الرئيسة السابقة لمجموعة "نارال أميركا المناصرة لحق الاختيار" والمستشارة السياسية. وتلقّت ميشلمان ضربة عنيفة لأنّها لم تحوّل دعمها من حملة جون ادواردز إلى هيلاري كلينتون. وأشار زيفمان إلى أنّ الحلقة "جعلته يخجل من نفسه لأنّه لم يتحدّث في وقت قريب عن تجاربه الشخصية (السلبية) مع كريس ماثيوز". وحتى بيل برس، وهو المعلّق الخاص بقناة "آم آس آن بي سي" الذي غالباً ما يظهر في برنامج "تراكر" مع شاستر, يشعر بالاشمئزاز. وكتب في صحيفة "هافنغتون بوست" في 9 شباط / فبراير: "المسألة الأكثر إزعاجاً حول ملاحظة شاستر هي أنّها تعزّز انطباع تحيّز وسائل الإعلام في هذه الحملة. وبدأ الأمر مع تقرير الشبكة عن المرشحين الجديين والآخرين غير الجديين وبالتالي تجاهل المتنافسين المؤهلين على غرار جو بيدن ورون بول. واستمرّ ذلك مع إعجاب وسائل الإعلام المسلّم به بجون ماكاين وباراك أوباما. وبلغت المسألة ذروتها مع إعلان وسائل الإعلام الموسم المفتوح على عائلة كلينتون. وعلى عكس التقارير الودية حول المجموعات الكبيرة لأوباما، تتعرّض كلّ قصة تتناول حملة كلينتون للتعليقات الدنيئة والانتقادية وحتى غير المهذبة بحقّ هيلاري وبيل. ولم توفّر هذه التعليقات شيلسي". أعتقد أنّ المشكلة الجوهرية مع هؤلاء الصحافيين هي مشكلة جميع المستأسدين. وهم يخشون من القوة الحقيقية. ويخشون من السلطة الحقيقية. وبسبب عدم طمأنينتهم، يخشون حتى الموت من هيلاري ويخافون من أنّها في الواقع قادرة على إدارة البلاد وربّما إرسالهم من المدينة عبر سكّة قد تكون هي عليها.
وفي النهاية لا يسعنا سوى التمسك بالأمل.
ساندرا كوبرين كاتبة في لوس أنجلس، (تعرية العنصر: الذهنية المغلقة في شبكات الأخبار أدّت إلى تعفّنها)
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon