وكالة للنساء تحاول الحصول على أولوية لدى الأمم المتحدة

تحظى توصية لجنة الأمم المتحدة لدعم تعزيز حقوق المرأة في العالم بدفع جديد من المناصرين الذين احتشدوا في نيويورك لحضور الاجتماع السنوي للجنة الأمم المتحدة حول وضع المرأة الذي ينتهي في 7 آذار / مارس عشية اليوم العالمي للمرأة.
ومن خلال المصطلح الذي يطلقون عليه تسمية " الإصلاح الهيكلي للمساواة بين الجنسين" – الذي كُشف النقاب عنه في 26 شباط / فبراير وحاز على دعم 180 منظمة في 81 بلداً – يطالب المناصرون بوكالة للنساء تابعة للأمم المتحدة قوية ومركّزة توفّر منارة عالمية للحقوق الإنسانية للنساء. ويقولون إنّ وكالة مركّزة وموسّعة ستساعد ضمن منافعها الأخرى على وقف التباطؤ في جهود الأمم المتحدة لمصلحة النساء.
وأشارت شارلوت بانش على سبيل المثال، وهي المديرة التنفيذية لمركز القيادة العالمية للنساء في راتجرز في جامعة ولاية نيو جرسي، إلى حملة مناهضة العنف الجنسي التي أطلقها في 25 شباط / فبراير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وهي تحثّ تدفّق بيانات التعهدات من وكالات الأمم المتحدة والمسؤولين هذا الأسبوع.
وقالت بانش إنّ هذا التدفق يأتي بعد مرور 16 شهراً على دراسة للأمم المتحدة دعت إلى التحرك الطارئ لمناهضة العنف ضدّ الجندر في كافة أنحاء العالم.
وأضافت بانش:" لو توفّرت مجموعة للجندر أكثر قوة كانت الأمم المتحدة تمكّنت من اتخاذ إجراء حاسم وتنسيق إستجابة عبر المؤسسات بسرعة أكبر".
وفي توصياتها للعام 2006 ، قالت لجنة الأمم المتحدة حول التماسك في النظام الواسع إنّ وجود وكالة معزّزة وقوية سيساهم في تحسين الجهود لمصلحة النساء في المنظمة وستكون أكثر قدرة على توفير المساعدة التقنية لدول الأعضاء.

اندماج وتوسّع
ويدعو منظّمو الحملة المجموعات القائمة في مختلف وظائفها – صندوق الأمم المتحدة لتنمية النساء وقسم تطوير النساء ومكتب المستشار الخاص بمسائل الجندر – إلى دمجها وتوسيعها ووضعها تحت رئاسة وكيل أمين عام يمكن أن يقدّم قضايا المرأة صوتاً وصورة.
وتقدّم الوكالات على غرار صندوق الأمم المتحدة للسكان وبرنامج الغذاء العالمي وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة فيروس نقص المناعة المكتسب / الإيدز التي يرأسها كلّها وكلاء عن الأمين العام، تقدّم تقارير مباشرة إلى الأمين العام. وبدوره يقدّم الأمين العام التقارير إلى الجمعية العامة.
وقالت جون زيتلين، المديرة التنفيذية لمنظمة البيئة والتنمية للمرأة في نيويورك، وهي أحد المجموعات التي ترأس المبادرة:" نعزّز هذه الحملة لتعرف الحكومات أنّ النساء بحاجة إلى ذلك ولن تكون المسألة بمثابة كرة قدم سياسية. لا يوجد تقنية مؤسساتية شاملة في الأمم المتحدة يمكن أن تطوّر حقوق المرأة".
وتعتبر بولي تروسكوت، وهي مستشار في مكتب الأمم المتحدة في منظمة العفو الدولية في نيويورك، أنّ وجود وكالة للنساء تتمتّع بحضور مكثّف على الأرض سيضمن مشاركة النساء في عمليات صنع القرار لاسيما في البلدان الخارجة من النزاع.
وقالت:" غالباً ما تُعتبر مشاركة النساء في مفاوضات السلام خارج الأولويات، غير أنّ صوتاً أكثر قوة للنساء ضمن الأمم المتحدة سيؤكّد أنّ الحكومات تستمع إلى مخاوف النساء وتعالجها. وبشكل عام، ستتمكّن النساء المحليات من الوصول بشكل أكبر إلى الحكومات ونظام الأمم المتحدة".
وتجتمع لجنة الأمم المتحدة حول وضع المرأة المسؤولين في الحكومات والخبراء في كلّ عام لتقييم التقدم الذي أُحرز في مجال المساواة بين الجنسين.
أمّا موضوع هذا العام فكان التمويل. ويرغب أنصار إنشاء وكالة موسّعة للنساء الوصول إلى ميزانية سنوية تبلغ 500 مليون دولار أميركي. وقالت زيلتين:" هذا هو المبلغ الذي تحتاج إليه المجموعة لتوفير النتائج على المستويات كافة ولتتمتّع بوجود قوي على الأرض".

جزء صغير من التمويل
وفي العام 2006 ، بلغ مجموع الأموال المخصّصة للمجموعات النسائية التابعة للأمم المتحدة 65 مليون دولار أميركي. ورغم أنّ صندوق الأمم المتحدة لتنمية المرأة (اليونيفام) ضاعف ميزانيته من 57 مليون دولار أميركي إلى 115 مليون دولار أميركي في العام 2006 إلا أنّ هذا المبلغ لا يزال يشكّل جزءاً من ميزانية صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) الذي تخطّت ميزانيته في العام 206 مبلغ 2 مليار دولار أميركي.
وتضمّ المجموعات الأخرى وراء الحملة منظمة العفو الدولية ومقرّها لندن وشبكة النساء الإفريقيات للتنمية والتواصل في نايروبي، كينيا ومركز القيادة العالمية للنساء.
ودعم بان كي مون الذي تولّى منصبه في العام 2007 إنشاء وكالة جديدة للنساء. غير أنّ الأمر يعود إلى الأعضاء الـ 192 في الجمعية العامة التي تشرف على ميزانية الأمم المتحدة وتجتمع على نحو نظامي بين أيلول / سبتمبر وكانون الأوّل / ديسمبر لإعطاء الضوء الأخضر للإصلاحات والموافقة على مستويات التمويل.
ولم يُحدّد أي جدول زمني لهذا الإجراء.
وتضع مبادرة الإصلاح الهيكلي المنظّمين في صدام مباشر مع كتلة من الدول الأقلّ نمواً التي عارضت في حزيران / يونيو تسريع هذه الإصلاحات في خلال مناقشات غير رسمية في الجمعية العامة. غير أنّ النقاش حول الإصلاحات المؤسساتية الأخرى أُجري في أوائل شباط / فبراير.
وفي خلال التشاور غير الرسمي في الجمعية العامة في حزيران / يونيو الفائت، فشلت الدول النامية والأقلّ نمواً في الوصول إلى إجماع يمكن أن يؤدي إلى قرار رسمي حول وكالة للنساء أكبر حجماً وأكثر تماسكاً.
وأيّد الاتحاد الأوروبي والدول السكاندينافية ودول أخرى من بينها كندا وشيلي وليبيريا التحرك السريع لإصلاح هيكلة المساواة بين الجنسين.
وفي المقابل قالت الهند إنّ النظام الحالي المجزّأ ضروري للتحرك على مختلف الجبهات ويجب الاحتفاظ به. وأيّدت الولايات المتحدة الأميركية هذا الموقف.

معارضة مجموعة الـ77
وعارضت مجموعة الـ 77 ، وهو تحالف من الدول النامية، وضع الإصلاحات المتعلّقة بالجندر على الخطّ السريع وتفضّل إعطاء الأولوية لجهود التنمية والحاكمية التي بدأت حالياً تخضع للاختبار في مشاريع تجريبية للأمم المتحدة في ثماني دول من بينها تانزانيا وباكستان وفيتنام. وتعزّز هذه المبادرات البرامج والميزانيات وإدارة مختلف وكالات الأمم المتحدة العاملة في البلد ذاته.
ويشجّع منظّمو إصلاح هيكلية المساواة بين الجنسين المجموعات النسائية في الدول التي تجري الاختبار للجوء إلى جلسات استماع عامة وإظهار كيف أنّ الافتقار إلى وكالة للأمم المتحدة تركّز على حقوق المرأة يؤذي عملهم. وقالت جوناس فرايشلبن وهي محلّلة الأبحاث في مركز تعليم الإصلاح التابع للأمم المتحدة في نيويورك:" قرّرت الدول النامية عدم الدفع بمسألة الجندر من أجل التقدم بمشاريع الأمم المتحدة. وقاومت الدول النامية على نطاق واسع معالجة مسألة المساواة بين الجنسين في عملية الإصلاح قبل أن تُحلّ مسائل التنمية. ويعتبرونها مسألة رفاهية وتشكّل في الدرجة الأولى أحد المخاوف الغربية".
وقالت زيلتين إنّ الجهود الرامية إلى إعادة هيكلة حقوق النساء في الأمم المتحدة وتوسيعها أُعيقت من قبل مفاوضات الأمم المتحدة الموسّعة حول المسائل غير المتعلّقة بالجندر على غرار تمويل التنمية وأي دول تملك مراكز في مجلس الأمن الذي يُعيّن أعضاؤه عبر العضوية العامة لمعالجة التهديدات الدولية بالسلم والأمن.
وقالت بانش من مركز راتجرز إنّه أمر نموذجي أن تتراجع حقوق المرأة عندما تضع الأمم المتحدة أولوياتها. وأضافت:" ثمة قبول كلامي لحقوق المرأة غير أنّه يوجد دائماً أمر أكثر أهمية من المرأة رغم أنّ حياة النساء في المحكّ. وتحتاج الحكومات إلى الشعور بالضغط الذي تمارسه النساء قبل أن تتحرّك".


بوجانا ستوباريك كاتبة مستقلّة مقرّها في نيويورك، (وكالة للنساء تحاول الحصول على أولوية لدى الأمم المتحدة)

تنشر باتفاق خاص مع وُمينز إي نيوز، (3/2008)

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon