عن أي "حوار ديمقراطي ورأي آخر" تتحدث يا سيادة رئيس الحكومة؟!

لم أجد أغرب من هذه الجملة فيما نقل عن السيد محمد ناجي عطري، رئيس الحكومة الذي دافع مرتين عن مشروع ينز طائفية وحقدا على الرجل والمرأة والطفل في سورية! بل على دستورها ومواطنة سكانها! فعن أي "حوار" ديمقراطي أو غير ديمقراطي تتحدث يا سيادة رئيس الحكومة؟ عن أي "رأي ورأي آخر"؟

هل تعتقدون أن تشريع حق لأي شخص بأن يرفع دعوى لتطليقي من زوجتي، أو حتى نيابة عامة مهما كان لقبها، هو حوار ديمقراطي؟ إذا، فإنني أعلنها صريحة: نجوم السماء أقرب لأي كان من أن يتدخل في مثل هذا الأمر! أو حتى يفكر بالتدخل! نجوم السماء أقرب لأي شخص من أن يسألني ما ديني، أو ما اعتقادي. لا رجل دين ولا وزير ولا نيابة عامة ولا ابن آدم..

هل تعتقدون أن الإساءة إلى المسلمين عبر تصويرهم على أنهم عنصريون، وما غيرهم درجة ثانية، فثالثة، فمنبوذين لا حق لهم حتى بالتزاوج.. يقترب عن بعد سنة ضوئية من الحوار والديمقراطية وحرية الرأي؟!

هل تعتقدون أن إجبار النساء على قبول الطلاق لفظا وكتابة من الرجال، أعجبهن ذلك أم لا، وليذهبن إلى الجحيم.. هو "رأي، أو رأي آخر"؟ أين هو الرأي؟ أين هو الرأي الآخر؟ إنني لا أرى هنا سوى حيوانات جنسية لا ضابط لها ولا رادع. ويمكنها أن تتزوج وتتزوج وتتزوج دون أن يحدها حد.. وإذا لم يعجب ذلك "القديمة" فإلى بيت أهلها (إذا استقبلوها أصلا)!! وإذا لم يعجب "الجديدة" فأيضاً إلى الشارع وبئس المصير!!

هل تعتقدون أن تلخيص حقوق النساء بـ"الطعام والشراب والسكن والتطبيب بالقدر المعروف"، و"العدل والتسوية بين الزوجات" هو حوار أو رأي أو ديمقراطية يا سيدي؟! كيف "ظبطت" هذه؟ وفق أي منطق أو تعريف للديمقراطية أو الرأي توافق هذا مع ذاك؟

هل تعتقدون أن اغتصاب الطفلات والأطفال معا، باسم "البلوغ" وبالتالي حرمانهم من حقهم بالنمو السليم والتعليم و... هو "رأي ورأي آخر"؟! فلماذا لا ترسل رسالة رسمية مختومة في مجلس الوزراء إلى الأمم المتحدة تعلن انسحاب حكومتكم من كافة الاتفاقيات والبروتوكولات التي وقعت عليها سورية؟ وربما ترفع "لجنتكم السرية" ايضا رسالة لتهدي هؤلاء الملاعين الكفار إلى صواب الحق بتشريع اغتصاب الطفلات والأطفال وحرمانهم من أبسط حقوقهم؟!

هل.. وهل.. وهل...

ولكن.. بناء على ذلك:
- لماذا تدبج سفاراتكم في واشنطن وغيرها من عواصم العالم البرقيات والرسائل الإعلامية نفاقا عن وضع المرأة "النموذجي" في سورية؟ لماذا تذهب وفودكم إلى المؤتمرات والنشاطات لتقول ما تخططون اليوم لفعل عكسه تماما؟!

- ما الذي تفعله حكومتكم العتيدة في لجنة اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وفي لجنة حقوق الطفل، وفي أية لجنة تنتمي إلى حقوق الإنسان بأي مستوى كان؟! لماذا لا تعلنونها صراحة وتنسحبوا من جميع الاتفاقيات الدولية، ومن الأمم المتحدة، ومن كافة الهيئات الدولية، و"تخلصونا"؟!

- لماذا صدر التهديد عن مكتبكم باتخاذ أقصى الإجراءات تجاه أي صحفي أو صحفية، إعلامي أو إعلامية في جميع وسائل الإعلام الرسمية، إذا سولت له نفسه إثارة الموضوع في وسيلته الإعلامية؟ اليس فتح باب الإعلام السوري على مصراعية هو "لب الحوار الديمقراطي والرأي والرأي الآخر"؟!!

- لماذا صدرت التهديدات الخفية للإعلام الخاص بالويل والثبور إذا تجرأ أحد على فتح فمه في مواجهة المشروع الظلامي؟!

- لماذا اتخذ القرار السري بمنع عقد أي ندوة أو نشاط يهدف إلى فضح المؤامرة الظلامية في هذا المشروع؟! فيما هي مفتوحة لجميع النشاطات التي لا هدف لها سوى نشر التطرف والدعوة إلى العنف ضد المرأة والطفل ونشر أرذل الرذائل التي هي الجهل والتجهيل؟!!

- لماذا هذا الإصرار المطلق على سرية من صاغ هذا المشروع؟

- لماذا ذيلت نسخ المشروع التي أرسلت إلى الجهات العامة، حرفيا بـ"لوضع الملاحظات (إن وجدت) خلال مدة أقصاها أسبوع"؟! بل إحدى الجهات "العامة" ذيلت بالعبارة نفسها مع "خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام"؟!

إن هذا المشروع، وهذا الفكر، وكل من صاغه وتبناه ودافع عنه، لا يعتقد أصلا لا بحرية رأي ولا بحوار، عداكم عن ديمقراطية كافرة أو ما شابهها. فهو لا يعرف إلى سلطته المطلقة التي لا ترى أبعد من أنفه سوى القطيع الذي عليه أن يخضع له ولتصوراته.

أتريدون حوار ديمقراطية، حوار احترام للرأي والرأي الآخر؟ لا بأس، نحن مستعدون لكل ذلك أتم الاستعداد. نحن: مواطنو ومواطنات سورية، رجال ونساء دين ولا دينيون/ات، مسلمون/ات ومسيحيو/ات ن ويهود/ات وبوذيون/ات..، مثقفون/ات وكتاب/ات وصحفيون/ات وإعلاميون/ات، محامون/ات وأطباء/ات ومهندسون/ات.. جميعنا على أتم الاستعداد لفضح هذه المؤامرة بكل تفاصيلها، وبالبرهان.

فإذا كنتم مستعدون، أصدروا أوامركم علنا (علنا، وكتابة)، بفتح وسائل الإعلام السورية، عامة وخاصة، تلفزيونا وإذاعة، مواقعا وجرائد ومجلات.. افتحوا أبواب جامعاتكم ومراكزكم الثقافية.. لنخوض هذا الحوار!!

ومن ثم، ليوضع نص المشروع كاملا على موقع حكومتكم مع صورة لوثيقة موقعة بخط يدكم أن النقاش مفتوح على مصراعيه لعام كامل لا ينقص حتى ربع يوم.. قبل أن تشكل لجنة علنية بجانب اسم كل من عضواتها وأعضائها صفته المهنية.. وتعيد قراءة كل الملاحظات، وتصوغ مسودة جديدة كليا لقانون جديد كليا.


لنرى عندها فعلا عن ماذا نتحدث.. لنرى عندنا فعلا "الرأي والرأي الآخر"! و"احترام الحوار الديمقراطي"!

لكن ذلك لن يحدث.. لسبب بسيط جدا: أنتم تعرفون جيدا ماذا يعني هذا المشروع. وتعرفون جيدا أنه لم يمر على تاريخ سورية منذ عام 1946 مشروع (لا سياسي ولا غير سياسي) أخطر منه وأشد فتكا بالدولة والمجتمع السوري! فأنتم تعرفون أنه لا مدخل أكثر رسوخا وثباتا لتدمير الدولة الحديثة أفضل من مدخل "الأحوال الشخصية" المجرب جيدا!
وأنتم تعلمون علم اليقين أن أحدا لم يسئ للأديان السماوية، خاصة الإسلام، مثلما يسيء هذا المشروع!!
وأنتم متيقنون يقينا كاملا أن لا كلمة في هذا المشروع ليست انتهاكا لأبسط مبادئ حقوق الإنسان، وفق أي تعريف أردتموها!!

لذلك كله، اسمح لنا يا سيادة رئيس الحكومة. إن الانتهاك السافر للحوار والديمقراطية والرأي هو بالضبط فيما فعلتموه، بدءا من سرية اللجنة المطلقة التي لم يعرف بها من الحكومة نفسها إلا قلة نادرة، وانتهاء بقراراتكم التهديدية بإغلاق أي حديث (حديث وليس حوار) حول هذا الموضوع في الإعلام السوري!!


بسام القاضي، (عن أي "حوار ديمقراطي ورأي آخر" تتحدث يا سيادة رئيس الحكومة؟!)

خاص: نساء سورية

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon