من جديد، أكد م. نبيل الدبس، معاون وزير الإعلام أنه لا مبرر إطلاقا للتخوف من هذا القانون، وأنه لن "يحد من الحريات" المتعلقة بالنشر الالكتروني، إنما فقط سينضمها ويساعدها على المزيد من الحضور على شبكة الانترنت، إذ وصف الإعلام السوري الالكتروني بـ"الهزيل جدا".
لكن السيد الدبس، صباح 25/4/2010 على الفضائية السورية، لم يغادر الأرض نفسها التي يقف عليها جميع المسؤولون في وزارتي الإعلام والاتصالات، حين يصدف أن يتحدثوا حول الموضوع: الضبابية التامة واللعب بالكلمات والالتفاف على الصيغ الصريحة! وبالتالي، لا يمكن الخروج بأي نتيجة مما قالوه منذ سنوات في مواضع مختلفة حول هذا المشروع!
فهو سيعمل على تأمين "الحرية المسؤولة"، ولن يحد من "الحريات"، وسيؤمن "أمن المعلومات والبيانات الشخصية"، ولن يتطلب "ترخيصا"، و... وكلها جمل معومة لا معنى لها في الواقع ما لم تقل بالضبط ما هي الصيغ التي يستخدمونها في نص مشروع القانون.
السؤال البسيط: لم لا تقومون بنشر مسودة المشروع، وقبل أن يصير مشروعا كاملا ويرحل إلى حيث لا يعود للناس دور (القنوات الحكومية في إقرار القانون)، إن كنتم صادقين بأن مشروع القانون لا يهدف فعلا إلى القضاء على فسحة الحرية المتاحة عبر الانترنت؟ وإن كنتم صادقين بأن القانون المزمع ليس "وسيلة قانونية" لإركاع وإخضاع المواقع الالكترونية لسلطة الحكومة التي برهنت خير برهان أي "إعلام" تريد حين أغلقت وسائل الإعلام جميعها بوجه نقاش قانون طالباني أسود أعد للانقلاب على الدولة والمجتمع في سورية وتأمين أرضية اساسية لدويلات الطوائف؟!
لسنا نحن من لدينا "فوبيا" من القانون. فهذا محض ادعاء. ومن الواضع أن جهة مثل "مرصد نساء سورية" سوف لا ترحب وحسب، بل سوف "تطنطن" أيضا لقانون سوري يحارب الجريمة عبر الانترنت، خاصة الجرائم المتعلقة بالإتجار بالبشر، الاستغلال الجنسي للنساء والأطفال والمعوقين، وغير ذلك مما لم يعد مثار نقاش في العالم كله. لكننا نعرف، وتعرفون، أن هذا ليس هدف ولا لب المشروع المذكور! بل إن لبه وغايته هو جعل المواقع السورية "تحت السيطرة"! أي محققة للتعبيرات القراقوشية التي سبق أن صدرت ونشرت حول "الإعلام الإيجابي"! والإعلام الإيجابي بنظر الحكومة السورية هو الإعلام الذي يصفق لها، ويطنطن بردم حفرة من أصل مئة كان يجب أن تردم قبل سنوات، ويعتبر هذا الفعل "إنجازا وطنيا"! ويمتنع كليا عن نقد الحكومة وكشف عيوبها وتقصيرها، بل أحيانا عملها المضاد كليا للمجتمع (مثلا: بعض مواد قانون العمل الجديد)!
القانون المزمع لن يكون مناهضا للعنف. وإلا لأغلقت أغلب المواقع الحكومية السورية التي تعمل فعليا على نشر وتكريس ثقافة العنف في كل مجال! ولن يكون داعما للمواطنة والتمييز، فالحكومة التي تصدر القانون هي نفسها التي تعمل على سن قانون احوال شخصية يقوم على الطائفية والتمييز، وتشرع جرائم الشرف، وتشرع انتهاكات لا تعد ولا تحصى لحقوق النساء بصفتهن مواطنات، وحقوق الأطفال.. ولن يدعم الشفافية، فالحكومة نفسها هي التي تهدد كل موظف بالويل، وتنفذ تهديداتها، إذا قال كلمة واحدة لإعلامي دون إذن وزيره، وربما رئيس مجلس وزارئه! ولن يدعم البحث العلمي، فالحكومة نفسها هي التي أصدرت قرارا عجيبا غريبا حول منع أي كان، جهة أو فرد، من إجراء أي نوع من البحوث والاستقصاءات إلا بموافقة "المكتب المركزي للإحصاء"! أي بموافقة الحكومة و"....."! ولن.. ولن.. بل هو، بالضبط، بالضد من كل ذلك. مثلما كان قانون المطبوعات، وما زال، بالضد من كل ذلك. فقانون المطبوعات هو فعلا كما قيل فيه، قانون لوضع النشر الورقي، بكافة أشكاله، تحت سلطة الحكومة. وقد نجح في ذلك أيما نجاح كما نرى يوميا!
نعود لنقول: الثقة لا تولد من الفراغ. ولا تستمر بناء على النوايا الحسنة. إذا كنتم صادقين فيما تقولونه حول هذا المشروع بأنه لدعم النشر الالكتروني وليس لإركاعه وتحطيم كل من يخرج على الطاعة، تفضلوا بنشره كاملا على الملأ، على أي من مواقعكم الالكترونية التي لا تعد ولا تحصى، مثلا: سانا، سورية التشاركية، موقع وزارة الإعلام، موقع وزارة الاتصالات، موقع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون..
من الواضح أن "فوبيا" الإعلام الالكتروني هي عندكم وليست عندنا. فأنتم من يخاف أن يضع مشروع القانون على مرأى من الناس قبل أن يصير سيفا لقطع الرؤوس. لأنكم، على الأرجح (من باب الديمقراطية الزائفة)، تعرفون جيدا ما الذي تخططون له. والقول أن في اللجنة "بعضا من اصحاب المواقع الالكترونية" هو ذر للرماد في العيون. فجميع المتابعين (على الأقل) يعرفون من الذين "اخترتوهم" ليكونوا "مشاركين"! فهم بلا شك أولئك الذين دافعوا عن هذا القانون بما أنهم ممن يحظون بتلك "الرعاية المجزية" المتمثلة بالإعلانات، والأخبار الممرة تحت الطاولة، و...
ولذلك، يؤسفنا أن نقول أن اللقاء مع السيد معاون وزير الإعلام، م. نبيل الدبس، لم يقدم أية إضافة على ما نسمعه منذ سنوات. وبالتالي لم يغير شيئا من موقفنا الواضح والصريح: نحن نرفض أي قانون للإعلام الالكتروني، ولن يكون له أي معنى بالنسبة لنا. بل وسنعمل ضده. فأي قانون يتضمن أي نوع من التضييق على النشر الالكتروني يتجاوز العمليات التجارية ونشر المواد الجنسية (الإباحية حصرا).
القانون مرفوض. ونكرر الدعوة إلى كل المواقع الالكترونية لرفضه اليوم وغدا. كما نعيد التذكير بالمثل الذي مازال واقعيا: أكلت يوم أكل الثور الأبيض!
*- ملاحظة على الهامش: في الحلقة المذكورة، كما في نقاش مع السيد نبيل الدبس في معرض المواقع الالكترونية، تمت الإشارة إلى "مواقع صفراء" أو "مسيئين". ونعيد ما قلناه في المعرض: تفضلوا فقولوا لنا أسماء تلك المواقع! وخاصة: تفضلوا فعرفوا لنا "الصحافة الصفراء" و"الإساءة". ولا بأس أن نعيد اختراع الدولاب هذه المرة، ما دام هذا الدولاب قد بات مسننا سيحطننا بلا رحمة!
نساء سورية، (قانون الإعلام الالكتروني: لماذا لا تنشروا المسودة إن كنتم صادقين؟)
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon