ألم

مع آلام المخاض، وبين نوبات الألم، لحظات تمر.. يترقب بها الموت من خلف الستار
بأعلى صوتها تناديه.. وبلحظة أخرى يتقاطع فيها الموت مع الحياة ..
تلك الرغبة في الحياة ،وذلك الحب العارم.. يطغيان .

بعينين غائرتين  تنظر  إلى حيث تلقفتها أيديهم
بيدين ترتجفان.. تتلمس ذلك الملاك الهابط من السماء بعيدا عن فوضى النزيف ..
وبعد انتظار طويل يكتمل  ذلك المشهد الملائكي،  عندما يلتقي الموت مع الحياة،  والحب مع الألم.. والمعجزة مع الإنسان..
ضمتها إلى صدرها مطولا لتتحدان برائحة واحدة.. وبغريزة غامضة...
ملاك  اقتحم بلادة الحياة كالشمس التي اعتادت ولوج البيوت المكشوفة بالنوافذ  المتعشقة ألوانا تسطع حبا ودفئا .

أيام مضت قبل أن تفقد المعجزة بريقها.. ويبدأ ملاكهم بكسر رتم الغبار المستقر في زواياه المعهودة...
صورة كادت أن تكتمل أبعادها.. وعائلة كادت أن تتلمس شغاف المثالية..
وقلوب كدت اصدق أن الدفء يعتري جدرانها .
لم يكونوا الابقايا حطام لمشاعر تحجرت منذ زمن ..
كعرض مسرحي.. دام عشرين عاما قبل أن يسدل الستار على نهاية المهرجان،  ومن ثم يعود كل متقن لدوره إلى مكانه الأساسي في مسرح الحياة والمجتمع والعائلة .
ويبدأ الممثلون برسم الخطوط  الحمراء  في مسرحهم الدنيوي على الكثير مما تشدقت به أفواههم حيث كان عرضهم ..
ملاكهم لم تعبأ بخطوطهم.. تجاوزتها ودخلت في حقل الألغام..
فقد كانت على يقين أنها تعيش في مجتمع عايش في ماضيه

 وتزامن مع مناهجه المدرسية،  وكتبه الجامعية..
أمجاد عنترة وعبلة.. قيس وليلى.. جميل بثينة ..
ولم تكن تدري أن زمن الحب قد ولى منذ زمن.. وقرر أن يتنحى بعيدا عن همجيتهم ليفضل أن يبقى حبيس أوراق الكتب التي أكلها الغبار..
وولجنا إلى زمن جديد نعايش فيه سبل الانحطاط ونقتات على ثقافة الموت..
عرض حقيقي ويومي.. لكل مظاهر التمييز والاذعا ن الخنوع والاستسلام..

نلوح به بسكاكين تقطر دما!!
نوأد مشاعر الأمومة بعد دوام سنوات لنستبدلها بمشاعر القتل!!
ونهدي روح من أحببنا.. قربانا..  لغسل فرضية العار .
شرفهم الذي لا يساوي فيهاازهاق آلاف الأرواح.. وكأن الآلهة اندحرت في تلك الأزمنة بعيدا عن الأصنام الهشة.. لتعيش في قلوب باردة.. سوداء.. تتمسك بصلابتها وتعود من جديد تطالب بقرابينها التي اعتادت على سفك دمائها في الماضي!!
هاهو الماضي يعيد ترتيب أوراقه.. فالعقول لازالت  عند عصور الجاهلية.. تعيش زمن السيف والعار والثأر.. وتفتقد بين الحين والآخر رائحة الدم!!
وتلك الأمومة الكاذبة ليست إلا قصة خرافية لعواطف تموت عند همجية التفكير!!
أي أمومة تلك التي ترمي بأحد أبنائها لقتل احدها الآخر!!
وأي أسس متينة تلك التي تبنى عليها أسرة، عرضة للتفكك عند أول صراع بين الأجيال!!
ما نفع آدميتنا مازلنا نصر على العيش ضمن البقاء للأقوى..
ما نفع قوانيننا مادامت قد شرعت لتكون شريعة للغاب..


ربا الحمود, (الم)، rouse2000@gmail.com

خاص: نساء سورية

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon