إننا بنات الحياة

والحياة هي السعي والتعب والضوء ومواجهة التحديات وعدم تقبل السيطرة والتمسك بالفرح والمتعة، والمتعة منها إمتاع الجسد، وجسدي بعض من حياتي، أعرفه وأحبه وأخاف عليه وأمتعه، ولا أقبل وصيا عليه لأنني إنسان والإنسان عرف بالعقل، ليعمل به.

أما من يأتي لينتزع مني عقلي فهو غريب عني، ولكن لا بأس إنني أتحاور مع الغرباء.

فيا أيها الغريب هل تريدني أن أعقل أو أصدق أن جسدي هو عقبة الحياة؟! كيف لي أن أؤمن أن الفحولة والرجولة هما السكوت عن الفقر والظلم وانعدام العدالة عليك وعلي، والفحولة خاصة هي السيطرة على جسدي؟!

ان كنت تحتشد كل هذه الجرأة والحساسية على القيم والأخلاق والدين وتحصرها في جسدي؟ أين جرأتك لتسأل أين قوتنا اليومي ومن يتحكم به؟ هل تجيبني من يملك ثلاثة أرباع الثروة؟ ويترك لثلاثة أرباع الناس ربعها؟!

لماذا تهرب من كل بؤس حياتك إلى جسدي؟ أيها الغريب إنني أستيقظ مع أطفالي وزوجي صباحا، يذهبون إلى مدارسهم، ونذهب إلى عملنا، نعود سوية نأكل معا ، ندرس معا، نلعب معا، أي أننا نختبر الحياة كما هي، أما أن يأتي من يسمي حياتي هذه مجون وعدم حشمة، فلينتبه أنه يريد أن يحكم سيطرته على النساء، لأنها لا يملك من أمر حياته شيئا، واذا كان لا يدرك معنى المساواة، أقول له انها50%، أو أنها العدالة، في كل شيء أي في التعب والراحة وفي العمل وناتج العمل، وإذا كنت ترفض المساواة فإنك تقبل بتعبي وتقبل أن تأكل وتستولي على نتائج عملي! ولا معنى آخر للمساواة، ولا خوف على النساء والأسر إن تحققت العدالة هذه داخل بيوتهن! ولكن الخطر، أن هذا السعي المحموم للبقاء على التسلط والظلم، يربطه أصحابه بلباس المرأة، وجسدها!

وهذه المبالغة بتجريم النساء، ألا تعكس نفاق وتناقض أصحابها؟! هل الرجل العاقل، تثير غرائزه يد امرأة، أو ساقها؟ ألا تمنعه رباطة جأشه ، ويشيح بوجهه ويستغفر ربه؟!!

وجريمة الشرف التي يستقتلون بالدفاع عنها، متى تحصل، عند الزواج من خارج الطائفة، فهل الشرف بالطائفية؟ أو تحصل لتصفية حسابات داخل العشيرة أو العائلة، وهل تصفية الحسابات شرف؟ أما أن أصدق أنها تحصل نتيجة معاشرة، ربما صعب، لأن الإمكانية كبيرة جدا لتكون بسرية كاملة، وهذه السرية يثبتها سفاح القربى المنتشر في الأماكن الأكثر تعصبا وانغلاقا!! فأين فورة دم الشرف؟!

فلماذا تخاف أيها الغريب من حريتي وإنسانيتي وعدالتي؟ إن الحرية تنمية ومسؤولية، بينما التهميش والتسلط ضعف وهشاشة وتهديم، وهل تنكر أن الرجال والنساء في مجتمعنا مهمشون لصالح فئة تستأثر بقوت الجميع؟

خلق الله جسدي فلن أصدق أنه عورة، ومنحني العقل ولن أقبل انه ناقص..
أنا ابنة الحياة.


لينا ديوب، (اننا بنات الحياة)

خاص: نساء سورية

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon