آلاف النساء في السويد يعانين من جرائم الشرف

تقول المحكمة الإدارية السويدية في دراسة لها، أن نحو 1500 شابة يتأثرن سنويا بالجرائم المرتكبة باسم الشرف في السويد، وأن10% من هؤلاء النسوة يهددن بالقتل، لكن العديد من الخبراء في هذا النوع من الجرائم انتقدوا هذه الدراسة واعترفوا أن الرقم الذي ورد في الدراسة هو قليل مقارنة من الواقع.
أحدى منتقدي التقرير كانت كيكيز آوريا الغامو، وتعمل محققة جنائية وخبيرة في قسم التحقيقات الوطني الجنائي بجرائم الشرف في السويد لمدة أربعة سنوات. تقول السيدة كيكيز: خلال عملي في هذا المكتب كانت نسبة جرائم الشرف المرتكبة سنويا  في السويد ثلاثة جرائم في كل سنة، لكني اعتقد أن هناك نحو 15000 امرأة هم ضحايا مفترضين لجرائم الشرف والعدد في ازدياد مضطرد.
وتضيف: "في كل حالة من حالات القتل التي تقع بدافع الشرف، لا تكون الفتاة وحدها الضحية، بل تتأثر العمات وأولاد العم والأخوة، لذلك فإن رقم 15000 ليس رقما مبالغ فيه، وهناك خبراء قدروا الرقم بين 50 و70 ألفاً".
حتى السنة الماضية فإن السلطات السويدية عينتها كخبيرة في الجرائم المتعلقة بالشرف، ولكن وبسب نقص الاعتماد المالي قرروا لاحقا إلغاء الوظيفة. ولكن مع كل هذا العدد من للنساء اللواتي يعانين من مثل هذا النوع من الجرائم فإن كيكي آهري الغامو تنتقد هذا القرار.
تتابع كيكيز: الشرطة السويدية تقوم بأشياء بسيطة مقارنة بالسلطات الأخرى. فهناك سلطات من نوع آخر تعمل للحصول على دعم مالي في جهودها لمحاربة جرائم القتل باسم الشرف، وهناك نحو 25 مليون دولار وظفت في السنوات الأربع الماضية فقط من أجل مكافحة هذه الجرائم. هذه السنة قررت المحكمة الوطنية الإدارية السويدية البدء بتوعية خاصة بهذا النوع من الجرائم. و أجرى مكتب المدعي العام برنامجا خاصا كما أصدر كتيبات حول كيفية التعامل مع مثل هذه الجرائم.
النشاط الوحيد الذي قامت به الشرطة كانت مراقبة مسرحية مدتها ساعة تناولت فيها قصة امرأة ترتدي حجابا اعتادت على سرقة الأشياء من المحلات التجارية وبعد ذلك وجدت المرأة مشنوقة. ولكن هذا الشيء لا يرتبط من قريب أو بعيد بجرائم الشرف كما تقول كيكي آهري الغامو. لأن معظم الحالات في جرائم الشرف تقترفها عائلات أو أقارب يقومون بتجميد حركة الفتاة لأن سلوكها يتعارض مع القاعدة أو العرف، وفي جرائم أخرى تترافق الجريمة عادة بتهديدات أو ضرب مبرح أو تحذيرات وقد يتم دفع الفتاة للانتحار أو ترتيب حادث مفتعل للقتل.
المحكمة الوطنية الإدارية أيضا حصلت على حوالي 5 ملايين دولار لتوفر للفتيات نوعا آخرا من المساعدة، جزءا من المال يذهب لتامين ملاجئ آمنة وسرية للفتيات حيث تستطيع النساء أن تنشدن الآمان والحماية.
سمية وهي عضوة في جمعية لمساعدة النساء في ستوكهولم، تقوم بتأمين الحماية للفتيات بين سن الثامنة عشرة وسن الخامسة والعشرين ممن هن معرضات للتهديد بالقتل.
"الفتيات اللواتي يطلبن مساعدة سمية  لديهن مشاكل من نوع مختلف" تقول سمية. فمنهن من فرت من والديها اللذان يحاولان تزويجها لشخص ما لا تحبه، أخريات يرغبن بالعيش مع أصدقاءهن وهذا ما لا تقبل به أسرهم. هناك فتيات يمنعن من تناول المشروبات الكحولية أو هن محكومات بسلطة الذكر  فيلجأن إلى الهروب. أخريات حاولن الانتحار بفعل الضغوط التي يتعرضن لها.
الفتيات اللواتي يطلبن العون معظمهن من الشرق الأوسط ولكن سوزانا تؤكد أن جرائم الشرف لا تقتصر على منطقة بعينها فالدين والثقافة في مختلف الحالات تلعب دورا حاسما في هذه الجرائم.
معظم الفتيات الموجودات لدينا من الشرق الأوسط لأنها الجالية الأكبر في الدول الاسكندنافية، وجرائم الشرف تنتشر في معظم أنحاء العالم، وهي ترتبط بالمجتمعات البطريركية أكثر مما ترتبط بالدين والثقافة.
كيكي آهري الغامو تقول: انه واعتمادا على خبرتها فإن معظم الناس الذين يقترفون جرائم الشرف في السويد ينحدرون من مجموعات أثنية وليسوا من أصول سويدية، وأولها الشرق الوسط والشرق الأدنى.
كثير من ناشطات حقوق المرأة في سورية يندهشن بسبب رقم جرائم الشرف المرتفع  في السويد. فكيف لبلد مثل السويد لديه إحدى أفضل نسب المساواة  بين المرأة والرجل في العالم، ولديه هذا الرقم الكبير من جرائم الشرف.
كيكي آهري الغامو تضيف : إن المهاجرين إلى السويد يصبحون أكثر حذرا فيها، فيسعون إلى التمسك بعاداتهم  أمام  المهاجرين من أبناء بلدانهم وهذا ما يمكن اعتباره نقص في التكامل في السويد. ولدينا دراسات تؤكد أن الناس في تركيا أكثر تطورا من الأتراك في السويد الذين يعيشون بعيدا أو في عزلة عن المجتمع السويدي. سوزانا تعتقد أيضا أن التقاليد تصبح أكثر أهمية بالنسبة للذين يهاجرون إلى السويد مما هي عليه في بلدانهم الأصلية. لان من يهاجرون إلى السويد هم مجموعات كاملة و قبائل وليسوا مجرد أفراد أو أسر، وهم لا يزالون يحافظون على نفس الأعراف والتقاليد التي كانوا يطبقونها في بلدانهم الأصلية.  
العنف ضد النساء كان على أجندة السويد منذ السبعينيات واستمر هذا حتى 1999 عندما تنبهت السلطات السويدية إلى جرائم الشرف تقول " كاترينا  بارياهيد" الخبيرة في  منظمة العفو السويدية ومختصة بالشؤون السورية.
 في إحدى السنوا ت "بيلا اتروشي" قتلت بيد أبيها وأثنين من أعمامها عندما قامت أسرتها بزيارة مدينتها الكردية دهوك في العراق.. السبب كان ظاهريا رغبة الأسرة في استرداد "شرفها المهدود". بعد ذلك الكثير تغير في السويد تتابع " بارياهيد " السلطات بدأت تنفيذ توعية وتثقيف لأنه بغياب الثقافة لن تتمكن السلطات من مواجهة محاولات قتل هؤلاء الفتيات اللواتي يتعرضن للتهديد بالقتل.
تحسن آخر طرأ على طبيعة الأشخاص الذين يعملون في النظام القضائي الذين بدأوا يدركون حقيقة أن من يرتكب جرائم الشرف هم مجموعة وليس شخصا بعينه، وفي السابق كانوا يفترضون انه شخص واحد فقط.
النظام القضائي بين السويد وسورية مختلف جدا فيما يتعلق بالموقف من الجرائم المتعلقة بالشرف وخاصة الحكم الذي يعطيه كلا البلدين للقاتل. في سورية هناك مواد مختلفة تحكم هذا الجرم وهذه المواد تمكن الفاعل من الإفلات من العقاب أو تخفيف الحكم الصادر بحقه. أما في السويد فلا يوجد شيء مماثل لهذا فالقوانين السويدية تتعامل مع جرائم الشرف مثلها مثل أي نوع آخر من الجرائم فـ"القتل هو القتل"  تقول كاترينا باريا هيد.
"باريا هيد" تعتقد أن السلطات السويدية تقوم بعمل جيد لحماية الفتيات الشابات من تهديدات القتل ولكن لا يزال هناك الكثير لفعله. فالدولة السويدية وظفت الكثير من المال لتدعم الفتيات وتؤمن لهن بيوت الحماية، ولكن هذه الملاجئ ما هي إلا حلول مؤقتة، لا تنتفي بعدها حاجة النساء إلى الدعم والمساعدة كالطب النفسي والسرية وتغيير عنوان السكن. أعتقد أن النساء يحصلن على دعم جيد في البداية ولكن الدعم على المدى الطويل ليس كافيا.

بعض الأمثلة من جرائم القتل في السويد:
2005: عباس رضائي 20 عاما إيراني: قتل في مدينة "هوغسبي" : والدافع كان أن عائلة صديقته الآتية من أفغانستان لم توافق على علاقته بابنتهم. المحكمة وجدت شقيق الفتاة مذنبا وأودعته معهدا للتنشئة الاجتماعية حتى يبلغ السن القانونية ثم حكمت عليه بالطرد من السويد، بينما ظل والدي الفتاة طلقاء. المحامي قال أن والدي الفتاة خططا للجريمة وكان يجب محاكمتهما كمذنبين أيضا.
2003: شاب كردي يبلغ الثامنة والعشرين طعن زوجته التي تصغره بعام واحد فقط 37 طعنة في مدينة "سترانغناس" لأنه رفض تقبل فكرة أن زوجته تريد الطلاق منه. المحكمة وجدته مذنبا وحكمت عليه بالسجن عشر سنوات في السويد يطرد بعدها إلى الأبد.
2002: فاديم ساهيندال فتاة كردية في السادسة والعشرين قتلت في مدينة أبسالا في مساء ال12 من كانون الثاني. والدها رفض تقبل أن يكون لها صديق سويدي، وان تعيش على الطريقة السويدية.  المحكمة وجدت أبيها مذنبا وحكمت عليه بالسجن المؤبد. قبل أشهر من مقتلها ألقت "ساهيندال" خطبة في البرلمان السويدي حول حياتها وكيف كانت تعامل في أسرتها وأقاربها والسلطات السويدية.
 1999: بيلا أتروشي أطلق عليها الرصاص حتى ماتت في دهوك في العراق، شقيقتها استدعت الشرطة السويدية وبلغت عن القاتل. اثنان من أعمامها حكما بالسجن المؤبد، والأب لا يزال مطلوبا لينفذ به الحكم.
 1996: فتاة عراقية قي عمر الـ15 قتلت في مدينة "أوميو" من قبل أخيها وابن عمها بعد حفلة كانت فيها ، والسبب كان أنها اختارت أسلوب العيش على الطريقة السويدية.
1994: رجل فلسطيني في مدينة "فاستمان لاند" قتل ابنته ذات الـ18 عاما لرفضها الزواج من رجل اختاره لها.

هانا ريدن - (آلاف النساء في السويد يعانين من جرائم الشرف)

مجلة الثرى (2/2007)

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon