أدان علماء الدين الإسلامي «جرائم الشرف»، وأكدوا أن الإسلام منها براء، وقال الشيخ أحمد حسون مفتي الجمهورية في تصريح خاص لـ«الوطن»: «إنه لا يحق لأي إنسان أن يقتل بحجة الشرف»، وأكد «نحن نحتاج إلى تعديل في القانون السوري لأن هذه الجرائم قد تكون ستاراً لجرائم أبعد مدى يحتج فيها بجرائم الشرف لغايات أخرى»، موضحاً «أن الشريعة الإسلامية لم تأذن لزوج أن يقتل زوجته إذا رآها في حالة تلبسٍ للحرام»، وأضاف: «إن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم لم يسمح لأنصاري جاء يشتكي من هذا الأمر إنما أحاله إلى جلسة محكمة يقسم فيها إنه رأى زوجته، وهي متلبسة بالحرام، فإذا أقسمت هي أيضاً إنه كاذب، فيؤخذ بقسمها، ويفرّق بينهما»، وشدد الشيخ حسون على أن «الشرع لم يسمح له بأن يقتلها»، وقال: «إن كثيراً من الناس ينصبون من أنفسهم قضاة ومنفذين لأحكام العدالة، وهذا شيء لم تسمح به الشريعة الإسلامية في أحكامها في قضايا الشرف». بدوره وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال الشيخ صلاح كفتارو المدير العام لمجمع الشيخ أحمد كفتارو وخطيب جامع أبي النور: «إن هناك عادات وتقاليد خبيثة توارثتها بعض المجتمعات العربية ولا سيما في أريافها، وقد اتهم الدين بها، وأشير إليه بأصابع الاتهام في الغرب بأنه هو الذي يدعو إلى ارتكاب هذه الجريمة»، وأكد كفتارو «أن الإسلام يتبرأ من هذه العادات والتقاليد التي نعتبرها جريمة ليس بحق المرأة المذنبة إنما بحق الإنسانية جمعاء»، وطالب كفتارو «أن يكون الفيصل في توجيه العقوبة والإدانة المحاكم الشرعية المختصة، وليس الزوج مع زوجته أو الولد مع أمه، وفي ذلك تسود الفوضى والإرهاب الأسري الذي تبرأ منه الإسلام». وحول جريمة مقتل الشابة زهرة العزو (16 عاماً) التي كانت أول من أثارتها «الوطن» الثلاثاء الماضي شدد كفتارو على «أن الشرع ينظر إلى مثل هذه الجرائم على أنها جرائم كبرى لا بد من إنزال العقوبة بمرتكبها درءاً وحفظاً لهذه المجتمعات من التطاول على تنفيذ أحكام على جرائم يرتكبها الأفراد وتنافي الأخلاق والقضاء والقوانين السائدة». وناشد كفتارو «القضاء السوري إنزال أشد العقوبة على هذا الشقيق الذي ارتكب الجريمة لأن التساهل في هذه الأمور يطلق العنان والضوء الأخضر لبعض ضعاف النفوس والمرضى النفسيين أن يرتكبوا مثل هذه الجرائم». من جانبه قال الدكتور جورج جبور عضو مجلس الشعب في تصريح خاص لـ«الوطن»: «إن هذه الجرائم لا يمكن أن تسمى جرائم شرف فليس هناك جريمة شريفة»، وشدد جبور «الجريمة جريمة، وهي حتماً ليست بالعمل السليم»، وأضاف «أعرف أن هناك جهوداً كثيرة تبذلها هيئات إنسانية، وتبذلها هيئات أهلية وحقوقية لتعديل مواد القانون التي تتحدث عن منح العذر المحل أو المخفف لهذا النوع من الجرائم، وساهمت في بعض هذه الجهود، وأرجو أن تكلل بالنجاح»، ورأى جبور «أن مجلس الشعب في دورته الحالية، ولم يبق له من العمل إلا أقل من عشرة أيام، لا يمكن أن يعالج هذا الأمر»، وقال: «كنا نأمل أن تتم معالجة الموضوع في العام الماضي لكن ذلك لم يحصل». وأكد جبور «أن تسليط الضوء على مثل هذه الجرائم مفيد، ومتابعة العمل تجاه تعديل القوانين المتعاملة مع مثل هذه الجرائم مفيد»، وأضاف «أن العمل واجب على جعل نظرة القضاة إلى مثل هذه الجرائم نظرة قانونية عادلة أيضاً مفيد»، ولاحظ جبور «أن ثمة تراخياً أحياناً من القضاة في فرض العقوبات الرادعة بشأن مرتكب مثل هذه الجرائم»، وقال: «لا أدري إن كان هناك ازدياد في عدد الجرائم أو تناقص»، وتابع «هنا مجال للقول: إن الحصول على إحصائيات دقيقة يساعد على التعرف على حجم المشكلة». وأوضح جبور بحسب ما يعلم من قواعد الفقه الإسلامي «وقد كنتُ من المتفوقين في هذه المادة أثناء دراستي في كلية الحقوق، فإن الشريعة الإسلامية السمحاء لم تميز بين الرجل والمرأة في موضوع الزنا، وفي موضوع العلاقات الجنسية بشكل عام، فقد عاملت الرجل كما عاملت المرأة». وقال جبور: «عموماً في أوروبا تقاليد قديمة تعرف باسم حزام العفة، إذ كان الرجل يضع حزاماً من الحديد حول مواضع من جسد زوجته لكي لا ترتكب الخيانة الزوجية أثناء غيابه»، وأضاف «وبالطبع فإن مثل هذا العمل يجسد استعداداً للانقضاض على الزوجة وعشيقها في حال شوهدت في حالة الزنا»، وتابع «إن قانون العقوبات في سورية إنما أخذ مواده في هذا الشأن ليس من الشريعة الإسلامية وإنما من القوانين الأوروبية التي تطورت في وقت لاحق، ولم تعد تعترف بالعذر المحل في موضوع الزنا». وطالب عبد الكريم الريحاوي رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية)، وهي منظمة غير مرخصة رسمياً «بتعديل المادة 548 من قانون العقوبات لكون هذه المادة تشكل عاملاً مساعداً على ارتكاب الجرائم، ولا تشكل رادعاً أمام الجناة»، وقال: «بوجود العذر المخفف، وفي ضوء العادات والتقاليد والموروث الاجتماعي الناتج عن نظرة دونية للمرأة في المجتمع تعتبر كل امرأة على اختلاف ثقافتها أو مكانتها العلمية محكوماً عليها سلفاً بالإعدام، ولكن مع وقف التنفيذ»، لافتاً إلى أن «القاتل في جرائم الشرف يحظى في كثير من الأحيان بتقدير وتبجيل من أفراد عائلته أو عشيرته، ومن بعض أطياف المجتمع، وهذا ما يدفع الكثير من أقرانه للسير على نفس الخطا، وارتكاب جريمة في كثير من الأحيان لمجرد الشبهة ولمحاكاة هؤلاء المجرمين الذين ينظر إليهم كأبطال». وأكد الريحاوي أن «هناك مسؤوليات كبيرة تقع على عاتق مؤسسات الدولة ومنظمات وهيئات المجتمع المدني، وخاصة المنظمات التي تعنى بشؤون المرأة، وذلك للقيام بحملات توعية اجتماعية وخاصة في الأرياف التي تحظى بنسبة عالية مما يسمى جرائم الشرف». وأشار إلى غياب الإحصائيات الرسمية في هذا الشأن، وقال: «إن المجتمع بحاجة إلى إعادة تأهيل في نظرته للمرأة حيث يعتبر أن مكانها الطبيعي هو بيتها وهي عندما تكون خارج المنزل دون حماية من أي ذكر فهي حكماً معرضة لارتكاب ما يشذ عن الطريق القويم، وهذا ما يدعو للأسف، باعتبار أن المرأة هي الزوجة والصديقة والأم والأخت وهي نصف المجتمع»، وأكد «أن لا علاقة لجرائم الشرف بالدين وخاصة أن الدين الإسلامي ساوى بين المرأة والرجل في الثواب والعقاب.
بهية مارديني- (الإسلام يتبرأ من (جرائم الشرف) ومجلس الشعب عجز عن مكافحتها)
جريدة الوطن السورية 25/1/2007- كلنا شركاء (9/2/2007)
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon