أزالت الجزائر مؤخراً آخر عقبة أمام المرأة الجزائرية في منح جنسيتها لأولادها عندما وافقت على رفع التحفظ عن البند المتعلق بهذا الحق من اتفاقية السيداو مطلع هذا الشهر. وكذلك فعلت تونس ومصر والمغرب من قبل. وبالطبع لا تمنح هذه الدول مكتسبي جنيستها امتيازات خاصة أو رواتب أو تأمين صحي كتلك التي تؤمنها الدول الاسكندنافية لمواطنيها مثلاً، بمعنى آخر إن ميزانية هذه الدول لن يصيبها الإرهاق أوالوهن جراء قبولهم مواطنين جدد اكتسبوا جنسيتها، فضلا عن كونهم يقيمون فيها أصلاً، وما يتغير بالنسبة لهم هو فقط أنهم سيصبحون قادرين على العيش باحترام أكثر كمواطنين عاديين لا كأجانب.
والغريب في الأمر أو ليس بالغريب أننا في سورية لا نزال نبحث عن صيغة مقبولة ترجح كفة رابطة الأرض على رابطة الدم التي أرقت حال آلاف "السوريين" لآباء غير سوريين، وحرمتهم من خدمات أساسية هي حق من حقوقهم كونهم ولدوا فوق هذه الأرض. اليوم يتم تداول صيغة جديدة بغية تعديل قانون الجنسية، مفادها استثناء أولاد المواطنات السوريات المتزوجات من مواطنين فلسطينيين من هذا الحق، كحل يمكن الركون إليه لكسر الجمود الذي يواجه هذه المشكلة منذ سنوات، لكن هذا الحل بحد ذاته لا ينهي المشكلة بقدر ما يفتح الباب أمام المزيد من التمييز ضد نساء سوريات لا ذنب عليهن سوى أنهن تزوجن من أشقاء فلسطينيين، فالسوريات المتزوجات من فلسطينيين هم مواطنات سوريات لهن ما لشقيقاتهن وعليهن ما عليهن. فإلى متى نربط مصير عائلات وأسر بمصير قضية حق العودة التي لا يعلم أحد إلى متى ستستمر. ومن ثم لم نسمع أن أحد أتهم الجزائر أو تونس أو سواهما بالتفريط بحق العودة عندما منحت هذه الدول هذا الحق للمرأة. من المؤكد أن تمرير قرار منح الجنسية في دول عربية أخرى مر بأطوار مختلف كما حدث في مصر عندما خرج القرار بلا أثر رجعي، مما دفع بالمتضررين باللجوء إلى القضاء، وكذلك الجزائر والمغرب. لكن هذه الصيغة في سورية لا يمكن أن تكون مقبولة ولا تحقق العدالة، وربما هي محاولة لإيجاد نصف حل درجت العادة أن نلجأ إليه دائما في سورية، مع التذكير بأن هذه الصيغة بكل ما فيها لا تمتلك أية ضمانات حقيقية لترى النور بعد.
يحيى الأوس، (مللنا الحلول الوسط.. الجنسية السورية حق لكل السوريات)
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon