اتصل بي صديقي يقول: الساعة الواحدة على قناة الدنيا شاهد "حول جرائم الشرف" وهو يعرف أنني أتابع قناة الدنيا في أغلب الأحيان وأعتقد أنها تعزز سمعة طيبة بين الناس من خلال أدائها الإعلامي المتوازن والجاد والجريء والنوعي في معظم البرامج التي تقدمها.
وتقريبا الساعة الواحدة بدأ البرنامج واستمر حوالي الساعة ولأنني أرى أنه من المناسب المشاركة في هذا الموضوع القانوني الاجتماعي الهام بادرت بالكتابة كمشاركة في هذا الموضوع. قبل التحدث عن البرنامج من المناسب اعطاء رأي عن موضوع (جرائم الشرف) والقتل بشكل عام حيث لابد من التذكير بأن بعض الدول وهي في ازدياد تمنع عقوبة الاعدام في قوانينها وهناك آراء فقهية في القانون تصل إلى درجة تحميل المجتمع بكل مكوناته من عادات وقيم وعلاقات وتوزيع ثروة و... مسؤولية الفعل الجرمي للفرد بكل مفرداته من مخالفات وجنح وجنايات , ولهذا يغدو الاقتراح بتعديل القانون وخاصة قانون العقوبات أمراً مطلوباً والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا لا يتم ذلك؟ لماذا لا نبادر إلى الدخول في العصر؟ لماذا؟ هل نخاف؟ ألا نريد؟ ولماذا لا نناقش؟ انسجاماً مع محاور التطوير والتحديث الثلاث ((1ـ طرح أفكار جديدة في المجالات كافة. 2ـ تجديد أفكار قديمة لاتناسب واقعنا مع امكانية الاستغناء عن أفكار قديمة لايمكن أن نجددها ولم يعد ممكناً الاستفادة منها بل أصبحت معيقة لأدائنا. 3ـ تطوير أفكار قديمة تم تجديدها.)) التي كانت أساس استراتيجية التطوير والتحديث في خطاب القسم عام 2000 والمسألة التشريعية جزء أساس منها , أم أننا سنعوض ما فات. كانت مقدمة البرنامج توجه الأسئلة وتدير الحوار بكفاءة وبثقافة خاصة بالموضوع. شارك في البرنامج الدكتور عبد السلام راجح (عضو مجلس الشعب عميد كلية الشريعة والقانون بمجمع كفتارو) والأستاذ بسام القاضي (رئيس تحرير موقع نساء سوريا) أوضح الأستاذ بسام أن موقع نساء سوريا بدأ منذ حوالي ثلاث سنوات ونصف وأن الناس كانوا يعتقدون أن الدين يسمح بهذه الجريمة وأن طريقاً طويلاً قد بدأ مع موقع نساء سوريا لإيقاف هذه الجريمة (جريمة الشرف !). أكد الدكتور عبد السلام أن ايقاف الجريمة طموح كما قال الأستاذ بسام نأمله وهناك دور للدين والمباديء والأخلاق والتربية. وعن دور الدين أعطى الدكتور عبد السلام دوراً لخطباء الجمعة ضرورة إعطاء بعد عصري للتعامل مع الدين وحمَّل أيضاً العلماء الأفاضل مسؤولية التوعية وركز على دور الإعلام بكل أدواته (المسموعة والمرئية والمكتوبة) في المساهمة بالتوعية. بالطبع استمر الحوار حتى نهاية البرنامج وأسجل لكل من المشاركين ومقدمة البرنامج بعض ما ورد لأنتقل الى النصوص القانونية والاجتهاد القضائي. 1ـ مقدمة البرنامج تسآءلت عن الرأي حول النموذجين: الأم المفردة ((single mom والمرأة في أفغانستان التي يطلق النار عليها إذا نظرت من النافذة بدون إذن. ــ هل من خطوات عملية في معالجة الموضوع؟ ــ برغم وجود الاكراه والإغتصاب فإن المرأة تتحمل وحدها التبعات.. وذكَّرت بــقول السيد المسيح: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر". 2ـ الدكتور عبد السلام راجح: المرأة صنو الرجل والمشكلة أن أجيال قد مضت أسست مفهومها. لابد من تأسيس البناء الخلقي وأن يترافق مع الحرص على الفضيلة ولايمكن للبشر أن يحلّو محل الإله. أنا مع التعديل أنا مع صياغة القانون بشكل شرعي. إذا كان القتل مباشرا مع الرؤية يمكن أن ننظر بأسباب التخفيف. 3 الأستاذ بسام القاضي: المشكلة أننا نعطي القاتل مكافأة... نعطيه صك براءة ونقول له يعطيك العافة. عمل موقع سورية جديد لم يكن هناك أي دراسة أو تحقيق باستثناء الأردن. بعض رجال الدين يدافعون عن المادة 548 انهم يدافعون عن القتل سوريا الرابعة عربياً في جرائم الشرف وأنا خجل من هذا الأمر. الأمر لا يحتاج إلى جهد, فقط الغاء المادة. الحكومة السورية موقفها سلبي جداً من هذا الموضوع. أيهما أجدر بالقتل (جرائم الشرف) أم الفاسدين والمتسببين بكل هذه المشاكل الاقتصادية. على الحكومة السورية أن تجد موقف ملائم لاغلاق هذه الصفحة السوداء من القانون السوري. بعد هذا العرض ماذا عن النصوص القانونية: تنص المادة 548 من قانون العقوبات السوري على: (1ـ" يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو ايذائهما أو على قتل أو ايذاء أحدهما بغير عمد". 2ـ يستفيد مرتكب القتل أو الأذى من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة مع آخر.) هذه المادة عدلت لتصبح هكذا مرة واحدة بالمرسوم رقم 85 لعام 1953حيث استبدلت عبارة كانت واردة بالنص القديم وهي (أو في حالة الجماع غير المشروع) بالعبارة (أو بصلات جنسية فحشاء) وهذا تشديد بررته الأسباب الموجبة للمرسوم 85حيث أصبح المقصود: (الحالات التي يمكن وصفها بالجماع أو الزنا كخلوة الإمرأة من ثيابها مع رجل أجنبي وما شابه ذلك من الأوضاع الفاحشة). وفي هذه العجالة أكتفي بتسليط الضوء على العذر المحل والعذر المخفف: العذر المحل: نصت المادة 239 من قانون العقوبات على: " لا عذر على جريمة إلا في الحالات التي عينها القانون" ونصت المادة 240 على: " 1ـ إن العذر المحل يعفي المجرم من كل عقاب. 2ـ على أنه يمكن أن تنزل به عند الاقتضاء تدابير الاصلاح وتدابير الاحتراز ما خلا العزلة "وفي هذا كل الوضوح بالنسبة للفقرة الأولى من المادة 548 المتعلقة بجرائم الشرف. العذر المخفف: نصت المادة 241من قانون العقوبات على: " 1ـ عندما ينص القانون على عذر مخفف: إذا كان الفعل جناية توجب الاعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد حولت العقوبة إلى الحبس سنة على الأقل. واذا كان الفعل يؤلف إحدى الجنايات الأخرى كان الحبس من ستة أشهر الى سنتين......." هذا فيما يتعلق بالموضوع الجنائي (جرائم الشرف) وتتابع المادة ما يتعلق بالجنح والمخالفات. والمادة 192 ذات صلة بالموضوع وتتعلق بالدافع الشريف إلا أنها لاتعفي من العقاب ولاتمنح عذراً مخففاً وتنص على: "إذا تبين للقاضي أن الدافع كان شريفاً قضى بالعقوبات التالية: الاعتقال المؤبد بدلاً من الإعدام. الاعتقال المؤبد أو لخمس عشرة سنة بدلاً من الأشغال الشاقة المؤبدة. الاعتقال المؤقت بدلاً من الأشغال الشاقة المؤقتة. الحبس البسيط بدلاً من الحبس مع التشغيل. وللقاضي فضلاً عن ذلك أن يعفي المحكوم عليه من لصق الحكم ونشره المفروضين كعقوبة." لقد بين الاجتهاد القضائي اطار المواد القانونية وحدد أن: " العوامل التي لها مساس بالعرض تشمل الأقارب ولاينحصر أثرها على المحارم , وتجعل الفاعل يستفيد من الدافع الشريف نقض سوري جناية 28 قرار 619 لعام 1967 ــ" كذلك حدد: " لايجوز اعتبار سورة الغضب الشديد الناشئة عن سلوك المغدورة وحملها سفاحاً عذراً مخففاً قانونيا , لدخوله في شمول الدافع الشريف " جناية أساس 657 قرار 1157 لعام 1984 وورد في اجتهادات محكمة النقض: "الوالد الذي يقتل ابنته في بيت عشيقها يستفيد من العذر المخفف" جناية 274 قرار 454لعام1967 أيضا " الشقيق الذي يقتل شقيقته التي تقيم في منزل أعدته لارتكاب الفجور بها يستفيد من العذر المخفف " جناية 543 قرار 533 لعام 1965 من كل ما سبق , والذي يعطي صورة عن الموضوع الهام (جرائم الشرف) والذي يتعلق بدراسة عامة منها ما يتعلق بالدافع الشريف من نصوص واجتهادات بحيث تتم دراسة لتعديل قانون العقوبات وأعتقد أنها موجودة إذ أن السيد وزير العدل الأسبق (السيد حسين حسون) كان قد صرح في مجلس الشعب أن لديه مشاريع تعديل لكل القوانين النافذة ومنها قانون العقوبات وهناك الكثير من الدراسات التي عممت على السادة القضاة لأخذ رأيهم في القوانين وقوانين أصول المحاكمات التي لابد أن تتم المبادرة إلى اتخاذ الاجراءات الفورية بتنفيذ التعديلات المطلوبة خاصة أن آخرتعديل على قانون العقوبات تم بالمرسوم التشريعي رقم 52لعام 1979كما ورد في شرح قانون العقوبات لــ (أديب استانبولي) ولذا يغدو الغاء المادة 548 والمواد المتعلقة بجرائم الشرف مطلباً يقتضي الاسراع بالاجراءات التشريعية اللازمة باعتبار أن المواد العقابية الأخرى تؤدي الغرض وبذلك نمنع الإشكالات التفسيرية والتأويلات الخارجة عن إرادة المشرع. يبقى أن نبين أن الزنا جرم أخلاقي واجتماعي ولابد أن يأخذ مفعوله العقابي وفق نص قانوني إذ لاجريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني وإذا كان الاغتصاب هو أشد الجرائم قسوة واعتداء على الحرية ونطالب بتشديد العقوبات على مرتكبيه فإن الزنا حالة من التعدي التي لابد من عقابها ولكن ذلك يجب أن يكون في اطاره التاريخي والانساني.فكما حدد المشرع بالمادة 549 أنه يعتبر دفاعا عن النفس (أي يعفى من العقوبة) فعل يدافع عن نفسه أو عن أمواله أو عن نفس الغير أو عن أمواله تجاه من يقدم باستعمال العنف على السرقة أو النهب أو الفعل المقترف عند دفع شخص دخل أو حاول الدخول ليلا إلى منزل آهل........... وإذا وقع الفعل نهارا فلا يستفيد الفاعل إلا من العذر المخفف عملا بالمادة 241 ,وهناك أيضا مواد عامة تصب في ذات الموضوع وهي المواد 182 و183 والفقرة الثانية من المادة 227. إذا في رأيي وضمن المفهوم الإنساني لابد من تعديل المادة 548 التي يساء استخدامها والتي تتعارض مع المفهوم الديني والانساني (تبرير القتل) وكل المواد ذات الصلة تعالج على ضوء مناقشات قانونية فقهية تأخذ بالاعتبار الجوهر الانساني والمرحلة التاريخية التي نمر بها والتي وصل اليها باقي الناس على وجه البسيطة.
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon