جنسيتي حق لي.... ولأطفالي

 "حصول ابنتي على وظيفة رغم امتلاكها شهادة جامعية سيكون ضربا من المستحيل.!!!" هذا ما قالته لي ناديا.

 فزوج ناديا لم يكن سورياً. وتبعاً لقانون الجنسية، في سورية لا تملك المرأة الحق في منح جنسيتها لأبنائها إن تزوّجت رجلاً غير سوري. حيث تعتبر المادة الثالثة الفقرة /أ/ من قانون الجنسية أنه يُعتبر عربياً سورياً حكماً كل "من وُلد في القطر أو خارجه من والد عربي سوري." لذلك تُعتبر ابنة ناديا أجنبية!!

 لكن ناديا ليست السورية الوحيدة التي تزوجت من أجنبي. فوفقاً لتقديرات "رابطة النساء السوريات"، بلغ عدد النساء السوريات المتزوجات من أجانب وعرب حوالي (مئة ألف) امرأة. تجمع كل هؤلاء النسوة المعاناة من قانون الجنسية التي تظهر في عدة أوجه.

 مرة مع التعليم الجامعي حيث يُعامل أبنائهن معاملة الأجانب لذلك يترتب عليهن دفع أقساط مالية مقابل الدراسة الجامعية وبعد التخرج لا يستطيع أبنائهن الحصول على وظيفة حكومية الأمر الذي يحصر خيارات العمل أمامهم بالقطاع الخاص. ومرة أخرى مع أوراق الإقامة حيث يُطلب منهم تقديم أوراقا للإقامة وتجديدها بشكل دائم لتبرير وجودهم في سورية مع أنهم لم يعرفوا وطناً غير سورية ولا يرغبوا بمعرفة غيرها.
 
 تم استقاء هذه التقديرات من المسح الذي قامت به رابطة النساء السوريات عام 2003 عندما أطلقت حملة للمطالبة بتعديل قانون الجنسية السوري. وجمعت 20 ألف توقيع على عريضة توضح التعديل المطلوب, ورفعتها للسيد رئيس الجمهورية عام 2006، ليصبح بموجبها عربيا سوريا كل من ولد في القطر أو خارجه من أب سوري أو أم سورية. واستندت الرابطة بمطلبها هذا إلى عدة نقاط أهمها الدستور السوري في المادة /44/ والتي تنص على أن "الأسرة هي خلية المجتمع الأساسية وتحميها الدولة". والمادة /25/ في الفقرة الثالثة منها: "المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات."
 
 بالإضافة إلى رفع /35/ عضواً وعضوة في مجلس الشعب اقتراحاً بمشروع تعديل للقانون الحالي. ومن ثم جدد الدكتور محمد حبش ,عضو مجلس الشعب السوري مطالب هذه الحملة في أواخر عام 2008 بتبنيه مبادرة تقدم اقتراحا للمجلس بتعديل القانون.

 ومن الجدير ذكره أن الدكتور حبش من المساندين لحملة الجنسية منذ انطلاقتها، حيث قدم آراءه الفقهية مؤكدا أن منح الجنسية لا علاقة له بالشريعة, فالجنسية مسألة مدنية بين الدولة والمواطن. أتى ذلك ضمن ندوة عامة نظمتها رابطة النساء السوريات في منتدى الحوار الوطني عام 2003 حول التحفظات السورية على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التميز ضد المرأة المعروفة بـ"سيداو" والتي صادقت عليها سورية بالمرسوم رقم /330/ بتاريخ 25/9/2002 مع التحفظ على بعض موادها ومنها الفقرة الثانية من المادة التاسعة التي تنص "تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما".

 كما أن جهات حكومية متعددة كـ "الهيئة السورية لشؤون الأسرة" و"الاتحاد العام النسائي" ساهموا بتقديم دراسة تُطالب برفع التحفظ الوارد على المادة التاسعة من اتفاقية سيداو الآنفة الذكر. كما أن "مرصد نساء سورية" أطلق مؤخرا حملة الكترونية تُطالب بتعديل قانون الجنسية السوري.

 فهل نشهد قريبا إنهاء لمعاناة النساء السوريات المتزوجات من رجال غير سورين وأبنائهن؟؟ وهل نشهد إنصافاً للمرأة السورية بمنحها الحق في إعطاء جنسيتها لأطفالها، وهو ما فعلته عدة دول عربية منها مصر والجزائر وتونس والمغرب؟؟
 
 المرأة السورية قدمت الكثير لوطنها وتستحق أن تنصفها كل القوانين دون استثناء لتكون شريكة حقيقية يداً بيد مع الرجل في العمل على تقدم المجتمع.


ثناء السبعة، (جنسيتي حق لي.... ولأطفالي)، thsabaa@yahoo.com

عن جريدة العروبة، (2/2009)

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon