حفيد الثائر منير صبحا يتساءل: هل أنا سوري؟

ما يزال حق المرأة السورية بمنح جنسيتها لأطفالها منتهكا في القانون السوري الذي يحرمها من هذا الحق لمجرد أنها امرأة! فالرجل السوري يحق له أن يمنح جنسيته لأطفالها مهما كانت جنسية الزوجة، وبغض النظر عن أي اعتبار، بينما تحرم المرأة السورية من هذا الحق إذا اختارت أن تتزوج من "خارج ذكور القبيلة"!

فهذا الانتهاك لا معنى له ولا مبرر إذا ألغينا هذا الاساس القبلي. ولذلك يعد حق المرأة بمنح جنسيتها لأطفالها حقا أساسيا من حقوق المواطنة. فهي، بحد ذاتها، يجب أن تتمتع بمواطنيتها التي تقتضي أن يكون من حقها منح جنسيتها لأطفالها بغض النظر عن جنسية الزوج.

وفي قصة "مثيرة" أخرى وردت "نساء سورية" من أحد أحفاد مناضل سوري قاتل وضحى من أجل دحر الاحتلال العثماني الذي أناخ على سورية لقرون من الزمان، يقف اليوم محروما من حقه الأساسي بالحصول على الجنسية السورية من أمه، لأنها اختارت أن تتزوج رجلا "اردنيا" جده ابن الميدان، وأجبر على مغادرة سورية بسبب نضاله من أجل استقالها وحريتها؟!

يقول الأستاذ رائد صبحا، حفيد الثائر السوري المرحوم منير محمد صبحا:

أنا من سكان منطقه الميدان في مدينه دمشق، ومن مواليد الجمهوريه العربيه السورية عام 1973، وأحمل الجنسيه الاردنيه رغماً عني؟ ومقيم في سوريا، دمشق تحديدا، منذ ولادتي حتى هذه الحظه؟ اما لماذا اكتب لكم هذه الرسالة، فهذه قصتي التي أرجو أن تحرك عقل وشعور كل من يعارض إعادة الأمور إلى نصابها العادل بإزالة هذا الإحجاف بحق المرأة السورية وأولادها.

أما معاناتي فهي نني حرمت من أن أكون سوري الجنسية. وقد يسأل البعض أنني إذا لم أكن سوريا فكيف أحرم من الجنسيه السوريه، وأنا أردني (بجواز السفر فقط)!

بكل فخر أقول أنني حفيد ثائر مناضل من الثوار السورييين الذين حملوا ارواحهم ودمائهم في معركتهم لتحرير سورية ودحر الاحتلال العثماني في ذلك الوقت.. جدي وأجداد جدي من دمشق، وجدي تحديدا المرحوم منير محمد صبحا من مواليد دمشق حي الميدان عام 1886 زقاق الموصلي، الذي لا زال حتى الان يحمل نفس الاسم. وفي عنفوان الشباب كان جدي من الذين قاوموا الاحتلال، ومن رجال الثورة العربيه ضد العثمانيين حتى أجبر على الخروج من مدينته دمشق لأنه كان مطلوبا حيا او ميتا من قبل العثمانيين، وقد خرج مصابا وعلى شفير الموت، واتجه الى منطقه اسمها الكرك، وهي الآن تابعه للاردن، واستقر هناك رغما عنه؟ وارتضى أن يعيش الغربه في ذلك الوقت بعيدا عن أهله ووطنه، وأيضا رغما عنه؟ وقد تزوج جدي هناك وأنجب أولاده فيما عرف بعد ذلك بالأردن. ولأن جدي قضى وقتا لا باس به فقد استقر هناك.. وكان يأتي لزيارة سوريا - دمشق، ولعدة مرات، حيث كان لا فرق بين من يعيش في الكرك أو دمشق أو أي مكان آخر في سورية؟و لم تكن الحدود المصطنعة قد كرست نفسها بعد. الى أن قسم الوطن وجاء ما يسمى الاحصاء في ذلك الوقت ليقسم الناس حسب أهواء المستعمر.. كل حسب المكان الذي هو موجود فيه وقت الاحصاء. وأصبح جدي أردني الجنسيه فقط بسبب وجوده في منطقه تابعه لما سمي بالاردن عند إجراء الإحصاء.

ووالدي الذي ولد في الاردن؟رفض إلا أن يعود إلى سوريا، وطن أبيه وأجداده، وتزوج امرأة سورية هي التي صارت والدتي، واستقر فيها وحتي كانت وصيته أن يدفن فيها أيضا حين كان يلفظ أنفاسه الاخيرة عام 1988.

وأنا الآن أحمل الجنسيه الأردنية.. وكما أسلفت أنا من أصول سورية موثقة في دائرة النفوس، وقمت باستخراج قيد نفوس جدي من الدفاتر العثمانيه.
أما والدتي فهي سورية، من دمشق - ميدان، (وخانة أمي هي التالية مباشرة في الرقم لخانة جدي المرحوم؟). وأنا درست جميع المراحل الدراسية من الإبتدائي حتى الجامعة في سوريا. ولا أعرف لي أي وطن آخر غير سوريا. وأعتبر نفسي سوريا بامتياز.

ولكن، للاسف، كيف لي أن يعتبرني الآخرون سوريا؟ وأنا محروم من حقي الطبيعي مرتين بالجنسية السورية؟! مرة من جدي الذي أجبر على مغادرة مدينته، ومرة بسبب أمي السورية الجنسية؟!

ومن باب المفارقة أن عائلتنا تدعى في الأردن: "السوريين"! وهو ما يشعرنا بالفخر. لكنني هنا، في وطني، أنا "أردني" لأن قانون الجنسية السوري يرفض أن يمنحني الجنسية التي يحق لي اكتسابها من أمي ومن جدي! وأنا الذي ليس لدي وطن آخر غير سوريا التي ولدت وتربيت وتعلمت وأعيش فيها؟! وطني الذي أتنفس ماءه وهواءه؟!

ارجوكم انصفوني وأعيدوا لي جنسيتي التي أريد أن أفخر بها؟! جنسية جدي وأجدادي الاخرين.. جنسية أمي التي ولدتني.. فهل يعقل أن نعاقب، انا واخوتي أحفاد الثوار، بحرماننا من حقنا بالجنسية السورية؟! هل يعقل ذلك؟ هل يقبل أحد أن يشعر ما أشعر به من "نقص" لأنني محروم ببساطة من جنسيتي الأصلية؟ أرجوكم: كيف أكون غير سوري وأنا من ولد في سورية، لأم سورية، ولجد سوري، ولم أغادر هذا البلد ولن أغادره إن شاء الله إلا إلى غير دار الدنيا؟!

كيف لا استطيع الحصول على جنسيتي الأصلية العربية السورية من جدي الذي أسمه مدون في الدفاتر العثمانية كمواطن في دمشق؟! وكيف لا أحصل على الجنسية السورية من والدتي العربية السورية الدمشقية؟!

كيف يحصل اللقيط، مجهول النسب، ومجهول الأب والأم على الجنسية السورية، بمجرد ولادته على أراضيها، ولا أحصل أنا المولود في دمشق لأم سورية وأصول سورية على هذه الجنسية؟

ارجو فقط ان تقرؤا قصتي وتفكروا بما يفعل بنا قانون الجنسية السوري! أن تفكروا بإنصافي وغيري من الظلم والقهر والحرقة التي يشعرني بها حرماني من جنسية وطني! تلك الجنسية التي ضحى جدي، وكل الثوار الآخري، بحياتهم من أجل استقلاله وحريته! فهل كانوا سيفعلون ذلك لو عرفوا أن أبناءهم وأحفادهم سوف يحرمون من جنسية آبائهم وأجدادهم؟!
 
ابن سوريا وابن دمشق: رائد صبحا


- (حفيد الثائر منير صبحا يتساءل: هل أنا سوري؟)

خاص: نساء سورية

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon