ذكرت رئيسة المنتدى العالمي للمرأة المسلمة عائشة دحمان بلحجار أن الحضور النسوي على مستوى الحكومات العربية ومراكز صنع القرار ينبغي أن يتعزز لتحديث الحياة السياسية،
مؤكدة في الوقت ذاته أن تقدم المرأة يبقى المقياس المحدد لتطور أية دولة كانت في حدود الشريعة الإسلامية، وفي نفس المنحى ذكرت رئيسة المنتدى العالمي للمرأة المسلمة بالفضل الذي يعود لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي كرم المرأة وأعادها للمكانة التي تستحقها مكرسا هذه المسألة دستوريا من خلال المادة 31 مكرر التي تنص على ترقية الحقوق السياسية للمرأة الجزائرية ومشاركتها الواسعة في المجالس المنتخبة.
"فاطمة ربيع": السيدة بلحجار.. بداية حديثينا عن فكرة إنشاء المنتدى العالمي للمرأة المسلمة. "عائشة بلحجار": فكرة المنتدى كانت وليدة نضال نساء من مختلف أقطار العالم، حيث تبلورت بقوة عندما كنا نلتقي في لقاءات لجنة المرأة في الأمم المتحدة ورأينا أن الكثير من القضايا التي تثار في المواثيق الدولية هي من أجل أن تنال المرأة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولابد من أن تكون هناك حركة سياسية عالمية تمثل المرأة المسلمة في المؤسسات الدولية وتتميز بأطروحاتنا الإسلامية، إذ أن هيئة الأمم المتحدة تبني قراراتها على بعض المعطيات التي نراها قاصرة والتي لا تمثل كل المجتمعات وقد تتجاهل حتى الدين الإسلامي ولاحظنا كذلك بأن المواثيق الدولية عندما تريد أن تطرح قانون تخلط بين الدين الإسلامي بباقي الأديان وباقي الموروثات والعادات والتقاليد السيئة وبهذا أردنا من خلال فكرة إنشاء منتدى العالمي للمرأة المسلمة أن نبين المكانة السامية التي أعطاها الإسلام للمرأة سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة، ونصحح كذلك بعض المفاهيم الخاطئة، كالقوامة التي يراها الغرب إجحافا للمرأة ونحن نرى بأنها تكريما لها.
"فاطمة ربيع": متى أسس المنتدى وأين يوجد مقره الرئيسي وما هي أهدافه؟ "عائشة بلحجار": المنتدى العالمي للمرأة المسلمة أسس سنة 2005 ومقره الرئيسي موجود في بلجيكا ولنا عدة فروع في بلدان عالمية مثل مصر، الأردن، الكويت، البحريين، اندونيسيا، لبنان وفي بلدان أوروبية وأمريكية أخرى، فالمنتدى هو مولود جديد وقديم أعني بأنه جديد من حيث الإعلان، لكنه قديم بحكم أنه كل من تنتمي إليه من أعضاء لهن تاريخ نضالي سابق وعمل ميداني من قبل بحيث نجد أن هناك برلمانيات ورئيسات لمنضمات تنشط في ميدان الطفل والمرأة والأسرة بصفة عامة. كما نريد أن نبرز مكانة السامية للمرأة التي أعطاها لها الإسلام فهي متساوية مع الرجل كإنسان من حيث الأداء ومن حيث الدور الإنساني، لكننا نقول أن المرأة ليست الرجل والرجل ليس المرأة، وبالتالي فلكل واحد منهما خصوصيات متكاملة وليس هناك تفاضل أو نقص للمرأة دون الرجل، كذلك نريد أن نبرز مكانة ودور الأسرة في البناء الحضاري، الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي، فنحن نريد أن نشارك في تأسيس المنظومة الاجتماعية الحضارية بكل مكوناتها الطبيعية، ولا يخفى عليكم أننا الآن بصدد تبني "ميثاق الإسلامي للأسرة" الذي هو عبارة عن منظومة قانونية قد تصلح أن تكون مرجعية في القوانين الأحوال الشخصية في الكثير من الدول بما فيها الدول الغير المسلمة.
"فاطمة ربيع": تعديل الدستور الأخير في المادة 31 مكرر التي تطالب بتوسيع التمثيل النسوي في المجال السياسي في الجزائر يعتبر مكسبا كبيرا للمرأة الجزائرية، هل تطالبون بالمزيد لتحسين المساواة بين الرجل والمرأة وكذا لتفعيل دور المرأة سياسيا؟ "عائشة بلحجار": طبعا نعتبر المادة 31 مكرر مكسبا كبيرا للمرأة الجزائرية التي لها مشاركات قوية منذ القدم في المجال السياسي، الفكري، الثقافي والتربوي، ويجب علينا أن نفرق بين مشاركة المرأة وتمثيل المرأة، فالمرأة الجزائرية لها مشاركات واسعة في كافة الميادين لكن الذي ينقصنا ونعتبره نقصا في حقوق المرأة أنها ليست ممثلة بالقدر الكافي ولم تعطى لها الفرص من أجل أن تتواجد في مراكز القرار بطريقة مباشرة. نحن نشكر فخامة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على هذه الالتفاتة القوية التي سيكون لها دور في التحول التاريخي في قضية تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة سواء كانت محلية أو ولائية أو وطنية ونعتبره منعطف إيجابي في الحياة السياسية للمرأة لأن مشاركتها قد تبرز دورها على أحسن وجه، ونطمح أن يكون تمثيلها في المجال التنفيذي أكثر مما عليه الآن.
"فاطمة ربيع": نلاحظ يوميا انتهاكات كبيرة في حقوق المرأة في الوطن العربي سواء من طرف أنظمتها أو الاستعمار، أنتم كمجتمع مدني ممثل لهذه الفئة من المجتمع هل دعيتم بضرورة الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وإتخاد التدابير الفاعلة لحماية حقوق المرأة المسلمة؟ "عائشة بلحجار": نحن نعيش انهيار حضاري، ضحيته بالدرجة الأولى هو الرجل والمرأة والشاب وغيرهما، فالمرأة كأحد مكونات المجتمعات العربية فإنها تعاني ولا تستطيع أن تنال حقوقها إلا إذا حققنا الأهداف في بناء الحضاري المتكامل، فإذا قورنت حقوق المرأة بالرجل فكلاهما حقوقه مهضومة حيث أن هناك فلسفة اجتماعية تستطيع أن تحرم المرأة من كافة حقوقها وهذا طبيعي نتيجة هذا الانهيار الحضاري. فالمرأة العربية لا زالت تكافح وتناضل من أجل أن تعيش وعلى رأسها المرأة الفلسطينية والعراقية، فبرغم من كل ما تلاقيه من قتل وإبادة فإنهن واقفات يناضلن من أجل بلدهن، وطبعا لا يمكننا أن ننسى المرأة الجزائرية ودورها في العشرية السوداء الماضية وإبان الثورة التحريرية وبعدها في البناء، فهي وقفت بجنب الرجل في السراء والضراء وحررت وطنها.
"فاطمة ربيع": خصصت الشراكة الأورو متوسطية برنامجا جديدا بقيمة 4.5 مليون أورو بهدف تعزيز المساواة بين الجنسيين ومكافحة العنف والتمييز الذي يستهدف المرأة وقد غطى هذا البرنامج تسعة بلدان من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منها الجزائر، ما تعليقك على هذا وهل تشجعين مثل هذه المبادرات؟ "عائشة بلحجار": ينبغي أولا أن نقضي على العنف الممارس ضد الإنسان الإفريقي من طرف نظيره الأوروبي، فهناك العنف المادي، الحضري والفكري والعنف الثقافي، ولا يمكننا أن نحرر فئة في مجتمع ما إلا إذا حررنا المجتمع كاملا من العنف بصفة عامة، فنحن عنفنا بطمس شخصيتنا ولغتنا وبسلب ثرواتنا من طرف الاستعمار، وكما تعاني منه المرأة في الوطن العربي يعاني منه الرجل ويعاني منه الطفل، فنحن لا نريد أن نعالج العنف جزئيا بل علينا أن نعالجه بصفة عامة. بالإضافة إلى هذا فظاهرة العنف كذلك تنتشر في أوساط الأطفال وتكبر معهم بانتشار أفلام العنف التي تسوق إلينا من هذه البلدان الأوروبية والأمريكية. فأنا أقول إذا أردتم أن تمنعوا العنف عن المرأة لا تعطونا دولارات بل أتركونا أحرار، حرروا أوطاننا، لا تدعموا الإرهاب ولا تتركوا دولة تقتل أخرى وأنا متأكدة إذا ما تحررت الأوطان العربية والإسلامية من العنف الحقيقي الاستعماري فإنها ستقضي على العنف داخل مجتمعنا.
"فاطمة ربيع": كلمة أخيرة.. "عائشة بلحجار": المنتدى هو بوابة كبيرة مفتوحة لكل المنظمات والفعاليات النسائية وكل امرأة تريد أن تحقق ذاتها من خلال دينها وثوابتها فأهلا بها، فنحن نقول ربما أننا فقدنا الكثير لكن بقي لنا شيء وهو الترابط الأسري لهذا علينا أن نحافظ عليه وننميه وبهذا نستطيع أن نحافظ على مقوماتنا وحضارتنا
فاطمة ربيع، ("عائشة دحمان بلحجار" رئيسة المنتدى العالمي للمرأة المسلمة لـ "نساء سورية": المادة "31" من الدستور تعتبر مكسبا كبيرا للمرأة الجزائرية)
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon