المنبر السوري يصدر بيانا من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة

صدر بيان مناهض للعنف والتمييز ضد المرأة عن "المنبر السوري للمنظمات غير الحكومية"، الذي ‏يضم في صفوفه جهتين مجهولتين كليا لم تفلح محاولاتنا في معرفة من هي؟ ولا من يقوم ‏عليها؟ ولا من يعمل فيها؟ ولا أهدافها ولا آلياتها؟ وهما "لجنة الدفاع عن الصحفيين في ‏سورية"، و"الهيئة السورية لشؤون المرأة والطفل"!

وفي ظل الصمت المطبق عن من هي ‏هذه المنظمات، وعدم وجود من يعرف من هي ومن يقوم عليها، يتجه الشك للقول أنها ليست ‏منظمات حقيقية، بل هي مجرد أسماء ربما وضعت لأسباب أخرى لا تتعلق لا بحرية ‏الصحفيين، ولا بشؤون المرأة والطفل في سورية!‏

مع ذلك، ودون أن يلغي حقنا البسيط والصريح بمعرفة من هي هذه الجهات المذكورة، والذي ‏سنبقي على مطالبتنا العلنية به وانتقادنا لسريته حتى تتضح حقيقته، شكل البيان خطوة ‏متقدمة في عمل منظمات حقوق الإنسان في سورية. إذ تكاد تكون المرة الأولى التي تقدم ‏فيها بيانا أو ورقة تتضمن رؤية شبه واضحة حول المرأة، ومناهضة العنف والتمييز ضدها. ومن ‏هذا الباب، فإننا نرحب بشدة بهذا البيان، وندعو جميع منظمات حقوق الإنسان، فرادى وضمن ‏تجمعات، للاقتداء بالمثل، وإعادة الاهتمام اللازم لقضايا المرأة بصفتها قضايا تقع في الصلب من ‏حقوق الإنسان، وعلى قدم المساواة من الأولوية مع غيرها من القضايا المتعلقة.‏

وكما نلاحظ في البيان أدناه، الذي ننشر نصه كاملا، عالج العديد من القضايا الهامة في هذا ‏الشأن. إلا أن لنا بعض الملاحظات عليه التي نقدمها للحوار والنقاش:‏
‏- في المطالبة الثالثة في البيان (حول جرائم الشرف)، لم يكن من الضروري العمل على إيجاد ‏صيغ جديدة فيما يخص هذه القضية. فالنص على أن "جرائم قتل النساء هي جرائم قتل ‏مواطنين أبرياء" هي مطالبة غير دقيقة. لأن المشكلة في القانون السوري أنه ينص على تبرئة ‏قتلة النساء بذريعة الشرف. وما هو مطلوب هو إلغاء هذا السماح فقط. وليس النص على ‏عكسه. ومجرد إلغاء المادة 548 (المرسوم 37/2009)، وتعديل الفقرة 3 من المادة 192، يشكل ‏عودة إلى النص الصحيح الذي يجعل من هذه الجريمة مثل غيرها من جرائم القتل.‏
وما يمكن إضافته في هذا المجال هو شمول المحرضين والحماة لـ"جرائم الشرف" بالعقاب أسوة ‏بالقاتل. واعتبار أي نوع من التحريض والحماية يقدم من الآخرين للقاتل، بمثابة شراكة في ‏الجريمة القتل العمد.‏

‏- نود أن نضع تحفظا على استخدام اسم "الخدام والخادمات" في المطالبة رقم 6 أدناه. فهذه ‏التسمية تتضمن تمييزا صريحا. والاسم الصحيح الذي ندعو إلى استخدامه هو العاملات/ين في ‏الخدمة المنزلية. ‏

‏- فيما يخص المطالبة رقم 7 أدناه: مع إشادتنا بالمطالبة التي لا تستثني أيا من التحفظات على ‏المواد المتعلقة بالمرأة في اتفاقية سيداو (اتفاقية مناهضة كافة أشكال العنف والتمييز ضد ‏المرأة)، فإننا نعتقد أن الإبقاء على التحفظ على المادة 29 من الاتفاقية هو خاطئ كليا. واعتبار ‏أن هذه المادة تمس "السيادة الوطنية" هو قبول لتفسير ملتبس القصد منه عزل قضايا المرأة ‏في سورية عن قضاياها في العالم، في الوقت الذي تشكل فيه قضية المرأة قضية عالمية ‏متشابكة بامتياز.‏
تنص المادة 29 من الاتفاقية على: ‏
‏"المادة 29 ‏
‏ 1- يعرض للتحكيم أي خلاف بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه ‏الإتفاقية لا يسوى عن طريق المفاوضات، وذلك بناء طلب واحدة من هذه الدول فإذا لم يتمكن ‏الأطراف، خلال ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم، من الوصول إلى اتفاق على تنظيم أمر ‏التحكيم، جاز لأى من أولئك الأطراف إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية بطلب يقدم وفقا ‏للنظام الأساسي للمحكمة. ‏
‏ 2- لأية دولة طرف أن تعلن، لدى توقيع هذه الإتفاقية أو تصديقها أو الإنضمام إليها،أنها لا تعتبر ‏نفسها ملزمة بالفقرة 1 من هذه المادة. ولا تكون الدول الأطراف الأخرى ملزمة بتلك الفقرة إزاء ‏أية دولة طرف أبدت تحفظا من هذا القبيل. ‏
‏ 3- لأية دولة طرف أبدت تحفظا وفقا للفقرة 2 من هذه المادة أن تسحب هذا التحفظ متى ‏شاءت بإشعار توجهه إلى الأمين العام للأمم المتحدة."‏
إن هذه المادة (الفقرة 1 لأنها هي المقصودة) لا تضع دولة في مستوى مختلف عن دولة أخرى. ‏ولا تمنح دولة حقا لا تمنحه لدولة أخرى. ‏
والتحكيم المقصود هنا، بما في ذلك الإحالة إلى محكمة العدل الدولية، لا يشكل مساسا بأي ‏تفصيل من تفاصيل "السيادة الوطنية" لأي من الدول الموقعة. وما تحفظ الدولة السورية عليه، ‏وتحفظ العديد من الدول الأخرى، إلا ضمانا لأن تتلاعب فيما يخص قضايا المرأة المتعلقة بهذه ‏الاتفاقية دون أن يكون هناك من هو قادر على مساءلتها على ذلك. ‏
وإذا كانت الحكومة السورية تنوي فعلا الالتزام بتعهداتها الناشئة على تصديقها على هذه ‏الاتفاقية، وإذا كانت جادة في تطبيقها عبر تعديل القوانين المختلفة التي تتضمن تمييزا وعنفا ‏ضد المرأة، وكذلك التفاصيل الأخرى المتعلقة بالثقافة العامة والممارسات المؤسساتية ‏وغيرها، فما الذي يخيفها من مثل هذا البند؟
لكن هناك تساؤل أخر: من الغريب كيف أن تجمعا قال في بيان تأسيسه أنه "وتم الاتفاق على ‏تأسيس المنبر السوري على أن يعمل كصوت مدني غير حكومي في إطار اتفاقية الشراكة ‏الأورومتوسطية, وفقاً لرؤية وأهداف تخدم المصالح المشتركة لشعوب المنطقة".! فكيف ‏انسجم أن هذا المنبر كله هو ضمن "إطار اتفاقية الشراكة" في مجال دولي، تتداخل فيه ‏‏"السيادات" مهما حاولنا ترقيع ذلك وإخفاؤه، ثم يقول أنه يرفض التحكيم الدولي فيما يخص ‏قضايا المرأة؟ وهل يا ترى يرفض هذا المنبر أيضا التحكيم الدولي فيما يخص باقي قضايا حقوق ‏الإنسان؟ وهل يرفضه أيضا فيما يخص كافة تفاصيل الاتفاقيات الدولية الأخرى مثل اتفاقية ‏جنيف الرابعة مثلا؟ أم أن الأمر متعلق فقط بمراعاة "حساسية الدولة السورية" التي ‏تستخدمها فقط حين يحلو لها، ودائما يحلو لها حين يتعلق الأمر بالعنف والتمييز ضد المرأة ‏السورية.‏

‏-‏ رغم أن البيان أشار في خاتمته إلى أهمية تعديل سلوك الحكومة تجاه منظمات المجتمع ‏المدني، إلا أننا نرى أنه كان يجب أن يشير في المطالبات إلى تعديل قانون الجمعيات ‏السوري (قانون تدمير الجمعيات). فأية مطالبة للحكومة بتعديل سلوكها لن يكون لها أي ‏معنى على الأرض طالما أن هذا القانون القروسطي الذي يجعل من وزارة الشؤون ‏الاجتماعية والعمل "الرب الأعلى" للعمل المدني، موجودا. ‏

باستثناء هذه الملاحظة، نود الإشادة مرة أخرى بهذا البيان، وتأكيد رجاءنا أن لا يكون بيانا يتيما ‏فيما يخص قضايا المرأة والطفولة والمعوقين، وأن تطبق هذه المنظمات المنضمة إلى المنبر ‏مطالباتها نفسها في عملها وسلوكها. ‏

النص الكامل للبيان:‏
معا من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز بحق المرأة
بيـــــان

تصادف اليوم الذكرى الثلاثين لاعتماد الجمعية العمومية للأمم المتحدة الاتفاقية المعروفة باتفاقية كوبنهاجن ‏أو السيداو "‏CEDAW‏"اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة , والتي تبنتها الجمعية العمومية ‏للأمم المتحدة في 18 كانون الأول ( ديسمبر) 1979.ودخلت حيز التنفيذ في 3/9/1989 بعد ان صادقت ‏الدولة العشرين عليها, فصارت جزءاً من القانون الدولي لحقوق الإنسان.حيث شكل تنبي هذه الاتفاقية خطوة ‏مميزة في تاريخ الحقوق الإنسانية للمرأة.فقد تم دوليا الاعتراف بالحقوق الإنسانية للمرأة وحمايتها والحفاظ ‏عليها , والسعي إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع نواحي الحياة من خلال توفير فرص عمل متكافئة ‏متساوية في مختلف نواحي الحياة ومجالاتها , واعتمدت الأمم المتحدة هذه الاتفاقية لمكافحة التمييز الذي ‏يمارس ضد النساء بشكل واسع والذي أصبح يشكل انتهاكا لمبادئ المساواة في الحقوق‎ ‎والواجبات واحترام ‏كرامة الإنسان، وأصبح عقبة أمام مشاركة المرأة على قدم المساواة‏‎ ‎مع الرجل في حياة بلدهما السياسية ‏والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ورأت الأمم المتحدة أنه لا يمكن تحقيق رفاهية‎ ‎أي بلد دون مشاركة المرأة ‏في تنمية المجتمع‎، ولإدراك الأمم المتحدة أن دور‏‎ ‎المرأة في الإنجاب لا يجوز أن يكون أساسا للتمييز بل إن ‏تنشئة الأطفال تتطلب تقاسم‏‎ ‎المسؤولية بين الرجل والمرأة والمجتمع ككل، ولإدراك الأمم المتحدة كذلك أهمية ‏إحداث‎ ‎تغيير في الدور التقليدي للرجل وكذلك في دور المرأة في المجتمع والأسرة. وقد ورد في مقدمة ‏الاتفاقية أن الدول التي تصادق عليها ملزمة ليس فقط بشجب جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإنما باتخاذ ‏الإجراءات المختلفة للقضاء على هذا التمييز، وأن عليها كذلك تجسيد مبدأ المساواة في دساتيرها الوطنيـــة ‏أو قوانينها الأخرى، وتبني التدابير التشريعية بما في ذلك الجزائية منها.‏
وقد صادقت حكومة الجمهورية العربية السورية على الانضمام إلى اتفاقية إلغاء جميع أنواع التمييز ضد ‏المرأة "سيداو"بمرسوم تشريعي يحمل الرقم 333 بتاريخ 26 / 9 / 2002.‏
إلا أن الحكومة السورية أرفقت مصادقتها على هذه الاتفاقية بمجموعة من التحفظات على المواد التالية:‏
‏ المادة 2: والتي تتضمن تجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدساتير الوطنية والتشريعات والقوانين، ‏وضمان الحماية القانونية لها من أي فعل تمييزي يصدر عن منظمة أو مؤسسة أو شخص، والعمل على ‏تبديل القوانين والأنظمة والأعراف بما يتناسب مع ذلك.‏
‏ والمادة 9، فقرة 2، المتعلقة بمنح المرأة حقا مساويا للرجل في منح جنسيتها لأطفالها.‏
‏ والمادة 15 فقرة 4: التي تمنح المرأة حقا مساويا للرجل فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص ‏وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم.‏
‏ ومادة 16، بند 1، فقرات ج، د، و، ز، والتي تمنح المرأة حقوقا مساوية للرجل في الزواج والطلاق ‏والولاية والقوامة والوصاية،كذلك الحق في اختيار اسم الأسرة، والمهنة، والوظيفة.وتحديد سن أدنى ‏للزواج، وتسجيله إلزاميا.‏
‏ كما تحفظت سورية على المادة 29: فقرة1المتعلقة بتحكيم أي خلاف ينشأ بين دولتين فيما يتعلق بهذه ‏الاتفاقية.‏

‏ إننا في المنبر السوري للمنظمات غير الحكومية , نرى في هذه التحفظات تمييزا بحق المرأة , وتعارضا ‏مع المادة 25 من دستور الجمهورية العربية السورية التي تساوي بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، والمادة 45 التي تكفل للمرأة مساهمتها الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية ‏والاقتصادية. وإننا نطالب الحكومة السورية/:‏
‏1.‏ العمل من اجل توفير حماية قانونية للنساء في حال تعرضهن للتمييز أو العنف الجسدي والجنسي في ‏آماكن العمل او في المنازل , والعمل على إدماج اتفاقية سيداو في قوانين الأحوال الشخصية ‏السورية.‏
‏2.‏ التشجيع على تحقيق المرأة لإمكاناتها من خلال التعليم وتنمية المهارات والعمالة مع إبلاء أهمية عليا ‏للقضاء على الفقر والأمية واعتلال الصحة في صفوف النساء, وزيادة الإنفاق الحكومي على التعليم ‏والتدريب والتأهيل وكل ما من شأنه زيادة الفرص أمام النساء في العمل وتبوء مراكز صنع القرار.‏
‏3.‏ النص قانونيا على أن جرائم قتل النساء، جرائم قتل مواطنين أبرياء، تطبق على قتلتهم العقوبات التي ‏تطال أي مجرم يقتل مواطنا. وتعديل صياغة بعض المواد القانونية الموجودة في قانون العقوبات , ‏وخصوصا المواد: 192-242-508.‏
‏4.‏ دعوة جميع مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية والمؤسسات المدنية إلى اعتبار قضايا المرأة في ‏سلم أولويات عملها ونشاطها.‏
‏5.‏ العمل على إيجاد مراكز متخصصة بإيواء وإعادة تأهيل ضحايا العنف من النساء والفتيات, في جميع ‏المحافظات السورية.‏
‏6.‏ والعمل من أجل‎ ‎إصدار قانون تنظيمي خاص بخدام وخادمات البيوت، يحمي حقوقهم.‏
‏7.‏ العمل على إلغاء تحفظات الحكومة السورية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ‏وتعديل القوانين والتشريعات السورية بما يتلاءم مع هذا الإلغاء. ونستثني: التحفظ على الفقرة ‏الأولى من المادة 29، المتعلقة بالسيادة الوطنية وعدم تدخل أي طرف خارجي في الشؤون الداخلية ‏للبلاد، فالحكومة السورية وحدها صاحبة القرار بذلك، وبما يخدم مصلحة البلاد
‏8.‏ تنقية المناهج التعليمية والبرامج الإعلامية من الصور النمطية للمرأة، وتشجيع وتقديم الدعم لإعطاء ‏صورة أكثر حضارية للمرأة كونها جزءاً فاعلاً ومشاركاً في جميع هموم الوطن بمختلف قطاعاته.‏
‏9.‏ تعميم ونشر ثقافة حقوق الإنسان بين كافة شرائح المجتمع, فحقوق المرأة جزء من حقوق الإنسان.‏
ويحتاج كل ذلك إلى تعديل سياسات الحكومة السورية وإشراك المجتمع المدني في بلورة هذه ‏السياسات الجديدة وإلزام كل أفراد المجتمع في العمل للقضاء على كل أشكال التمييز بحق المرأة من ‏خلال برنامج للمساندة والتوعية وتعبئة المواطنين وتمكين الأسر الفقيرة , وبما يكفل للجميع السكن ‏والعيش اللائق والحياة بحرية وأمان وكرامة. ‏

المنبر السوري للمنظمات غير الحكومية ‏
دمشق في 19\12\2009‏

نساء سورية، (المنبر السوري يصدر بيانا من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة)

خاص: نساء سورية

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon