مركز عمان يصدر تقريره الأول حول الأطفال اللقطاء "مجهولي النسب"

أصدر مركز عمان لدراسات حقوق الانسان تقريره حول الاطفال اللقطاء "مجهولي النسب" التي لم تعد قضية بل اصبحت مشكلة اجتماعية تثير حولها مئات الأسئلة عن أسباب حدوثها ونتائجها.
واوصى التقرير الذي يتناول الاطفال اللقطاء "مجهولي النسب" بالعمل على الحجز التحفظي على ممتلكات كل من الام والاب الطبيعيين ووالديهما ان كانا قاصرين كإجراء احتياطي لضمان حقوق الطفل المتخلى عنه، و دعا إلى ضرورة إجراء حوار مكثف بين كافة الأطراف في وزارات الداخلية والتنمية الجتماعية والاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية ودائرة الافتاء ومنظمات حقوق الانسان لدراسة هذا الملف في كافة أبعادة الأخلاقية والإنسانية والدينية والاجتماعية ووضع توصيات من شأنها وضع حد لهذا الفلتان اللاأخلاقي والمطالبة بإنشاء سجل وطني لهذه الحالات لعدم كفاية المعلومات، ولمساعدتهم في التعرف على حجمها ومعرفة أسبابها والدوافع التي أدت إلى زيادتها لمحاولة تخطي الأسباب من خلال التوعيه والسياسات المتبعة. لمحاربتها والعمل على الحد منها.
وطالب التقرير بضرورة الإستعانة بخبراء قانونيين لإعداد دراسة حول العقوبات القانونبة التي تتعلق بالاتصال غير الشرعي فيما إذا كانت رادعة ام لا، ووضع مشروع قانون الاحتضان الذي يفرض الرقابة على الاسر المحتضنة بعد ان زادت نسبة احتضان اللقطاء. وإصدار قرار لوزارة الصحة بإعطاء تعليماتها إلى إدارت المؤسسات الاستشفائية العمومية والخاصة وأطباء أمراض النساء والولادة والقابلات بمطالبة النساء اللاتي وضعن حملهن لديهن بتقديم نسخة مصادق عليها من عقد الزواج، ونسخة مصادق عليها من بطاقة التعريف الوطنية، وفي حالة الامتناع يتم إشعار وكيل الملك برسالة للقيام بالمتابعة عند الاقتضاء من أجل جريمة الفساد بناء على الحمل خارج إطار الزواج.
تقرير عمانوأشار التقرير إلى أن ظهور طرق جديدة للتخلص من اللقطاء بإلقائهم في الحاويات أو قتلهم أو الإجهاض يعكس الرغبة بعدم عيشهم وضرورة التخلص من العار بالإضافة إلى ظهور اضطرابات نفسية وشخصية وتعطي مؤشراً إلى أن المجتمع أصبح أكثر تعقيداً بسبب ازدياد عدد السكان والهجرات المختلفة والعولمة وعدم تجانس الثقافات بالإضافة إلى وجود أكثر من مليون وافد وهم يشكلون نحو 20% من السكان و لهولاء عالمهم وتقاليدهم وأن هناك الآلاف من عاملات المنازل يبحثن عن مصدر دخل يوفر لهن ولأسرهن لقمة العيش.
وعلل التقرير أن معظم هذه الأعداد ناتجة عن الفقر والحالة الاقتصادية المتردية وإرتفاع الأسعار وانخفاض الدخل بالإضافة إلى المشاكل الأسرية والتفكك الأسري وإرتفاع نسب الطلاق والعادات الاجتماعية السيئة وإعاقة تيسير الزواج الحلال في وجه الشباب وضعف الوازع الديني وتخلي الأسرة والمدرسة والجامعة عن أدوارهم في التربية.
وأوضح التقرير أن نتائج هذه الظاهرة هي نتائج خطيرة، ولها تأثير كبير على المجتمع ككل وخصوصاً هذه الشريحة التي يفترض أنها تمثل أجيال المستقبل حيث ستزيد نسبة الإنحراف والأمراض والإستغلال الجسدي والجنسي.
وقد تناول هذا التقرير الأطفال اللقطاء من الناحية الدينية حيث بينت بأن التبني غير جائز في الإسلام وإنما بمعنى الكفالة والرعاية هو أمر جيد ومرغوب وأوجب أن يدعى كل إنسان إلى أبيه الذي ولده لذلك لا يجوز نسبة اللقيط إلى غير والديه، وقد طلب الإسلام رعاية اللقطاء التي تعتبر فرض عين.
أما بالنسبة للإجهاض فقد اتفقت الشرائع السماوية على حفظ الأنفس فلم ترد في الشريعة المسحية أي نصوص تبيح الإجهاض، إلا أن أكثر الكنائس المسيحية تحرم الإجهاض مطلقاً، ويكمن منطلق الشريعة الإسلامية من حيث الجملة هو تحريم الإجهاض وأنه لا يجوز كون الشريعة جاءت لحفظ الضروريات الخمس وأنه يصادم مقصداً مهماً من مقاصد النكاح والواقع إن التشريعات التي ما زالت تعد الإجهاض _ أو بعض حالاته _ جريمة، تختلف فيما بينها في طبيعة الحق المعتدى عليه وفي العقوبة على هذه الجريمة.
وتناول التقرير الإسلام وحقوق الانسان بالنسبة لحقوق الطفل اللقيط، فتعاليم الاسلام تناولت حقوق الإنسان، وما عليه من التزامات، وما له أو عليه من واجبات تدخل ضمن تلك الحقوق في بيان مقاصده الشرعية الخمسة التي تحقق مصلحة الإنسان وهي: حفظ النفس وحفظ العقل وحفظ الدين وحفظ النسل وهي ضرورة لبقاء البشرية، وقد توسع العلماء المسلمون فجعلوا حقوق الإنسان تشمل التوسعة في الحياة، ورفع الضيق عن الناس، والتزام مكارم الآداب، وفضائل الأخلاق مما سموه بالحاجيات أي الأمور التي يحتاجها الإنسان لسلامة حياته لا لبقائها كالتمتع بالطيبات، كما توسعوا فيما يضمن لحياته أن تكون آمنة مطمئنة سعيدة غير شقية، نظيفة راقية مهذبة، كحق التعليم، وحرية المأوى وحق التصرف وحق الغدو والرواح (التنقل) وحق الأمن وحق التملك، وحق الاستئجار، وحق العدل، وحق الشورى، وحق المساواة.
فهذه الحقوق في الفقه الإسلامي تشمل كلّ ما للإنسان من مصالح وواجبات لنفسه أو للآخرين، ولكننا اقتصرنا في هذا التقرير على ما له من علاقة بحقوق الأطفال اللقطاء "مجهول النسب" التي دعت إليها المواثيق الدولية مع الأخذ بعين الاعتبار شمولية الحقوق الإنسانية في الإسلام وسعتها ومحاربتها للتمييز العنصري في دعوته للمساواة وكفالتها بتفصيل تلك الحقوق.
وبيّن التقرير موقف هؤلاء الأطفال من الناحية القانونية، حيث يمنح هؤلاء الأطفال الجنسية الأردنية بمجرد ولادتهم على أرض المملكة، وبناءً على قانون العقوبات الأردني فإن الجرائم التي يرتكبها الأباء بحق هولاء الأطفال الأبرياء تعتبر قانونياً (شروعاً في القتل) وقد تصل في بعض الأحيان إلى جريمة (القتل العمد) في حال إن توفي الطفل من شدة البرد أو الجوع، وهو ملقى على قارعة الطريق أو في إحدى الحاويات، وتميز هذه القوانين في العقوبة، بين رضا الحامل بالإجهاض من عدم رضاها به. ولقد قرر القانون الأردني منح الأم عذرين قانونيين متحدين أشخاصاً وأهدافاً وضحايا، العذر الأول ورد بالمادة 324 من قانون العقوبات بشأن قتل الأم لطفلها حديث الولادة التي تتضمن الإجهاض محافظة على الشرف "تستفيد من عذر مخفف، المرأة التي تجهض نفسها محافظة على شرفها ويستفيد كذلك من العذر نفسه من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادتين (322 و323) للمحافظة على شرف إحدى فروعه أو قريباته حتى الدرجة الثالثة، والعذر الآخر ورد بالمادة 332 من نفس القانون بشأن قتل الام لطفلها حديث الولادة" قتل الام وليدها من السفاح قصدا تعاقب بالاعتقال مدة لا تنقص عن خمس سنوات، الوالدة التي تسببت - اتقاء العار- بفعل أو ترك مقصود في موت وليدها من السفاح عقب ولادته"، والضحية واحدة هو ابن الزنا.
وما تجدر الإشارة إليه إلى أن النصوص في التشريعات الأردنية لا تتضمن نصوصاً خاصة بالحماية الجزائية للأطفال مجهولي النسب أو غير الشرعيين بصورة مباشرة أو أي من الإجراءات الخاصة بهم لكنه يستدل على الحماية الجزائية الخاصة بهم من خلال النصوص التفصيلية المتعلقة بالجرائم الواقعة على الأسرة.
وتطرق التقرير إلى الحقوق والحريات التي كفلها الدستور لهذه الفئة من الأطفال كون انتهاك الحقوق القانونية والحريات الشخصية والاجتماعية والآدمية للأشخاص "مجهولي النسب" اللقطاء وخاصة الأطفال منهم وحرمانهم من هذه الحقوق والحريات التي تكسبهم الحماية القانونية، وعليه لإنه لم يرد في التشريعات الاردنية ما يستدل منها على أن الأطفال المولودين خارج إطار الزواج لا يتمتعون بالحقوق التي يتمتع بها الاطفال من زواج شرعي فهم يتمتعون بالحق في التعليم والصحة، إلا أن بعض التشريعات الأردنية تعطي الطفل الشرعي حقوقاً تختلف عن الحقوق التي تعطيها للطفل غير الشرعي.


- (مركز عمان يصدر تقريره الأول حول الأطفال اللقطاء "مجهولي النسب")

عن مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان، (2008)

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon