يعتبر التلفزيون في عالمنا المعاصر الأداة الإعلامية الأكثر تأثيراً والأوسع انتشاراً واستقطاباً للجماهير في المجتمعات العصرية باختلاف مذاهبها ومشاربها بسـبب الثورة التكنولوجية الهائلة وتطور المعرفة والعلوم، فهذا الصندوق السحري العجيب كما كان يسميه أجدادنا قادر على إيصال المعلومات التي تهم جميع الأجناس والأعمار كل حسب اهتماماته وميوله سواءً أكانت سياسية أو ثقافية أو رياضية أو علمية أو فنية، وذلك من خلال متابعة المتلقي للبرنامج الذي يريد وقد ساهم في سرعة إيصال المعلومات انتشار الإعلاميين والمراسلين الصحفيين في جميع أنحاء العالم والتنافس بين المحطات الفضائية ومحاولة كل منها استقطاب العدد الأكبر من المشاهدين كي تكون محطتها في مركز الصدارة، وقد تابعنا جميعاً المتغيرات التي شهدها العالم أولاً بأول من خلال الرصد اليومي للأخبار وتطورات الأحداث الساخنة التي تتلقاها المحطات الفضائية عبر مراسليها، فالتلفزيون في العقدين الأخيرين أصبح المنافس الأكبر لوسائل الإعلام الأخرى وخاصة المكتوبة منها، وهناك ظاهرة خطيرة بدأت مجتمعاتنا العربية تعاني منها وبدأنا نعاني من آثارها السلبية وهي تدني مستوى القراء للصحف والمجلات والكتب بأنواعها وهذا مؤشر ذو دلالات خطيرة وخاصة في الوطن العربي الذي يعتبر مستوى القراء فيه بشكل عام أقل بكثير مقارنة مع غيره في المجتمعات الغربية.
وساهم في تراجع مستوى قارئي الصحف والمجلات ظهور الانترنيت الذي ينقل بدوره الأحداث أولاً بأول لحظة وقوعها ويوفر على مستخدميه عناء شراء الصحيفة أو المجلة، ولكننا بالطبع نعلم أن الكثيرين في وطننا العربي لا يملكون في منازلهم أو مكاتبهم هذه الوسيلة الحضارية التي أصبحت عصب الحياة ومنافساً خطيراً لجميع وسائل الاتصال، فجهاز التلفزيون ثابت في موقعه مهما صغر حجمه أو كبر بينما الكومبيوتر المحمول نستطيع حمله معنا أينما توجهنا، وأنا لا أريد الحديث عن الانترنيت ومزاياه ومخاطره وسأتطرق إلى موضوعنا الرئيس وهو التلفزيون وبشكل خاص ما يهم الأطفال على وجه التحديد.
لقد هل علينا شهر رمضان المبارك حاملاً معه عشرات المسلسلات في شهر استثنائي بالنسبة لشركات الانتاج والعاملين في المجال الفني وبالنسبة للمشاهدين، وتتنافس الدول العربية فيما بينها من خلال فضائياتها وشركات الانتاج الضخمة لاستحواذ أكبر قدر من المشاهدين عبر القنوات الخاصة بها في وقت أصبح فيه المشاهد العربي في حيرة من أمره من هذا الكم الهائل من الأعمال، وبات الموضوع الذي يشغل باله ويأخذ جل تفكيره أي مسلسل يتابع وأي نجم يشاهد ؟ هل يرضي زوجته أو أولاده في مشاهدة الأعمال التـي يرغبون ؟ هل يكون ديكتاتورياً في حكمه فيأخذ القرار وعلى أفراد العائلة الخضوع والانصياع لخياراته، أم يقوم بشراء تلفزيون ثان أو ثالث ليكون الجميع راضين خلال الشهر الكريم، المنافسة تحتدم بشكل غير رسمي بين الدول العربية ذاتها، فكل منها تريد أن تكون مسلسلاتها في موقع الريادة، وهذه المعركة غير المعلنة فعلياً حامية الوطيس في السنوات القليلة الأخيرة بين الدراما السورية التي فرضت وجودها وبقوة والدراما المصرية التي كانت في السابق تحتل مركز الصدارة بدون أي منافسة ويكفينا الإشارة أن المحطة الأرضية والفضائية السورية خصصت 24 مسلسلاً محلياً جديداً لعرضها خلال هذا الشهر الفضيل عبر قنواتها فقط بغض النظر عن المسلسلات الأخرى التي تم تصويرها لحساب شركات انتاج عربية، علماً أن عدد من الدول العربية ومن خلال قنواتها الفضائية دخلت المنافسة ومن خلال مقارنة صغيرة نجد أن دول الخليج العربي قدمت العام المنصرم عشرين مسلسلاً أما هذا العام فقد بلغت ثلاثين مسلسلاً وهذا الرقم سيتزايد في العام المقبل، وبالتأكيد فإن هناك منافسات أخرى من المسلسلات اللبنانية والمغاربية وسواها، إضافة إلى وجود القنوات الفضائية المتخصصة في المسلسلات والأفلام والأغاني والتي سارعت بدورها بشراء الأعمال الجديدة لعرضها على مدار الساعة، لقد أصبح واضحاً للجميع أن المشاهد العربي بشكل عام يستعد نفسياً لاستقبال شهر رمضان من أجل الجلوس ولساعات كثيرة أمام جهاز التلفزيون والانتقال بسرعة من محطة إلى أخرى من أجل مشاهدة الكوميديا والتراجيديا والرومانسية والفانتازيا التاريخية والاستعراضات وسواها.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه ما هو نصيب الأطفال خلال شهر رمضان المبارك من هذا القدر الهائل من الأعمال ؟ هل هناك اهتمام من قبل القائمين على المحطات الفضائية ببرامج الأطفال ؟ هل هناك أعمال خاصة تم انتاجها خصيصاً لهم خلال الشهر الفضيل ؟ هل يجبر الأطفال على مشاهدة المسلسلات الخاصة بالكبار، الإجابة حسب اعتقادي على هذه الأسئلة وسواها بالنفي لأن الاهتمام بثقافة الطفل من خلال القنوات جميعها بشكل عام لا يتعدى في حدوده القصوى نسبة 10% من مجمل الأعمال سواء الخاصة بشهر رمضان أو بسواها.
وتشير آخر الاستطلاعات أن اتحاد الإذاعات والتليفزيونات العربية يضم 82% من القنوات الخاصة البالغ عددها 522 قناة فضائية و181 قناة عامة، ومنها حسب معرفتي عدد لا يتجاوز أصابع اليدين مخصصة بشكل كامل للأطفال وهي : سبيس تون وسبيس باور وهي تابعة لسبيس تون والجزيرة للأطفال و MBC 3 وبسمة وسنا وطيور الجنة. والسؤال الذي يمكن طرحه هل هذه القنوات وسواها إن وجدت تقدم الفائدة والمعرفة المطلوبة للأطفال ؟ هل تقوم هذه القنوات بانتقاء البرامج والأفلام والرسوم المتحركة التي تؤسس ثقافة الأطفال أم أن غايتها الأولى والأخيرة هي شراء الأعمال وعرضها على مدار الساعة ؟ هل هناك موجهون تربيون واختصاصيون بشؤون الأطفال يراقبون مسبقاً ما سوف تقدمه المحطة لعرضه على ملايين الأطفال ؟ اعتقد أن معظم هذه القنوات لا تأخذ بشكل كامل بجميع هذه النقاط فإذا كان حال القنوات المخصصة للأطفال على هذا النحو فلا عتب على المحطات الفضائية الأخرى التي يخصص بعضها ساعة أو أكثر لتقديم برامج الأطفال وأفلام الكارتون.
نحن لا نطالب بقناة فضائية مثالية 100% خاصة بالأطفال لأن هذا الطلب بعيد المنال لظروف موضوعية، فالمحطات التلفزيونية المخصصة للأطفال ليست هي المذنبة دوماً في عرض ما يتوفر لديها من أعمال لأنها قد تكون قد اختارت ما تراه الأفضل ضمن الأعمال العربية المقدمة إليها أو من أفلام الكرتون والقصص العالمية التي تقوم شركات الانتاج بدبلجتها أو ترجمتها لبيعها للمحطات الفضائية دون الاهتمام بالموضوع على حساب الربح المادي، فالمسؤولية مشتركة ونتحمل جميعاً تبعاتها كل حسب موقعه وتفكيره وثقافته، ولا شك أن أدب الأطفال في وطننا العربي ما زال مقصراً في سد الفراغ الحاصل، فتتوجه الأنظار إلى أوروبا لاستيراد الأعمال الأجنبية التي تكون بعيدة في عرضها عن مفاهيمنا وتراثنا وتاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا.
لقد كانت لبعض الدول العربية تجربة هامة وناجحة للغاية من خلال انتاج برنامج افتح يا سمسم أبوابك حيث تابعه الصغار والكبار بحب واعجاب شديدين ولهذا يجب أن تتضافر الجهود لتقديم عشرات البرامج كهذا البرنامج الرائد لنحقق الأهداف التي نصبو إليها ولتعم الفائدة على الجميع.
إن أفلام الكارتون التي يتابعها أطفالنا بشغف كبير قد تقدم في بعض الأحيان مشاهد تكون أسوأ بكثير مما تقدمه أفلام الكبار، فأحياناً تقدم مشاهد عنف ورعب وسفك للدماء وجميعها ترسخ في عقل الأطفال، أو تقدم أفلام الفانتازيا مثل سبايدر مان أو سوبرمان أو غريندايزر أو الوطواط، فيقوم بعض الأطفال بتقليد أبطال هذه الرسوم المتحركة فيكونون عرضة للخطر الشديد أو للموت في بعض الحالات الأخرى، وقد قرأنا في الصحف عن بعض هذه الحوادث عندما ألقى عدد من الأطفال بأنفسهم من شرفات منازلهم إلى الأرض تقليداً لأبطالهم المحببين.
الاهتمام بثقافة الأطفال تعتبر الهم الأكبر بالنسبة إلى جميع دول العالم وهي تخصص لهذه الغاية الميزانيات وتضع الخطط وتجند الآلاف من الخبراء والمختصين والمدرسين، والتلفزيون في عالم اليوم كما أشرنا في المقدمة يعتبر الوسيلة الأسرع لنقل المعرفة، ولهذا يتوجب علينا الاهتمام بثقافة الأطفال وإيلائهم القسم الأكبر من اهتمامنا، فالمسؤولية تبدأ من المنزل فالمدرسة والمجتمع، وواجب العائلة توجيهي وتثقيفي وتربوي وهو مكمل لدور المدرسة، ويجب على الوالدين الجلوس مع أطفالهم ومناقشتهم وتوعيتهم، ونظراً لأن موضوعنا مخصص للتلفزيون فسأتطرق للحديث عن هذا الجانب، فاختيار البرامج التلفزيونية هو مسؤولية الوالدين أولاً وأخيراً، لأن الأطفال في البداية لا يملكون المقدرة على التمييز فيما يشاهدون وهنا دور الأهل في توجيههم على البرامج التربوية المخصصة لهم لتحمل معها الفائدة والمتعة في آن واحد، وعلى الأهل الاهتمام بالبرامج التي تشد أطفالهم وتهذب أخلاقهم وتطور معارفهم مثل أسرار البحار وعالم الحيوان وعالم المعرفة وأسرار الكون أو الرياضية كأفلام الكارتون "الكابتن ماجد" والتي تدفع الكثيرين إلى التوجه نحو الرياضة، فلكل طفل مرحلته الزمنية واهتماماته الخاصة التي تستهويه، ولكن وظيفة الأهل ليس النصيحة فقط بل مشاركة أطفالهم في المشاهدة، وسؤالهم عما شاهدوه لمعرفة مدى الفائدة التي تم اكتسابها وهل وصلته هذه المعلومة بشكل صحيح أم خاطئ فالمادة الإعلامية المعروضة قد تجعل منه بطلاً رياضياً أو موسيقياً أو رساماً....
دور الأهل كما أشرنا مكمل لدور المدرسة ولهذا يجب أن يكون هناك تعاون ومصارحة بين الطرفين لحل جميع المشاكل التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال لأن مصلحة الأطفال هي الغاية والأساس، وإن وجود الأقنية التلفزيونية المتنوعة ظاهرة تستوجب التوقف عندها كثيراً، فأي منا قادر على التنقل بين المحطات الفضائية بكل سهولة وهنا تكون المعضلة الكبرى في حال تركنا لأطفالنا حرية الاختيار، وخاصة أن بعض الفضائيات تقدم أعمالاً تخدش الذوق العام، ولنأخذ على سبيل المثال بعض الكليبات الغنائية وهذا بالتأكيد ليس حكراً على القنوات الغربية، بل هناك الكثير من الفضائيات العربية التي تتنافس على تقديم هذا النمط من الأعمال، حيث تمتزج بعض الكليبات بالمظاهر المثيرة التي لاداع لوجودها ولكن الغاية تبرر الوسيلة فمقدمي هذه النوعية من الفن الهابط يهمهم الترويج والكسب المادي ضاربين عرض الحائط بالمشاهد التي يمكن أن تؤثر على الذوق العام، وهي وسيلة بدأ اعتمادها في السنوات الأخيرة للتغطية على ضعف إمكانيات صوت المغني أو المغنية التي لا تمتلك من المواهب سوى الوجه الجميل وإظهار مفاتن الجسد.
إن وسائل الاتصال في نهاية العقدين الأخيرين ومطلع القرن الحالي جاءت لتتحدى المدرسة والأسرة والمجتمع ولتشكل منافساً قوياً للمبادىء والأسس والمناهج التي تسير عليها وزارات التربية والتعليم في دول العالم كافة، فقد نسفت حاجز الحدود والرقابة التي كانت سائدة قبل ظهور الفضائيات لتخترق الزمن وتختصر المسافات وتنقل للإنسان في شتى أرجاء المعمورة المعلومة التي تريد بسهولة ويسر، فيتقبلها الكثيرون ويرفضها آخرون كل حسب استيعابه وثقافته وتصوراته، ولهذا فقد أضحى التلفزيون هماً على القيمين عليه.
يتمتع التلفزيون بصفة الجذب والتشويق والإثارة من خلال الصوت والصورة والحركة والألوان وهي التي تجذب الأطفال من الأشهر الأولى سواء أكانت الفقرات مخصصة للكبار أو الصغار، والكثيرون من الأطفال يتابعون البرامج المخصصة للكبار لأنها تكون مفروضة عليهم لرغبة الوالدين أو أحدهما في مشاهدة برنامج أو فيلم ما، وهنا يقع الأهل في خطأ كبير فقد يعرض في هذا الفيلم مشاهد عنيفة كالقتل أو السرقة أو الاغتصاب أو تعاطي المخدرات وهي في الأصل قد تكون ضرورية في سياق العمل والأطفال في هذه الحالة يتابعون ما يجري أمامهم بفضول كبير، إلا في بعض الحالات الاستثنائية التي يقوم فيها الأهل بالانتقال إلى محطة أخرى حتى انتهاء المشهد والعودة مجدداً إلى نفس القناة بعد وقت قصير.
إن سهولة استقبال المحطات التلفزيونية عبر الفضائيات العربية والأجنبية سلاح ذو حدين وعلينا أن نعرف كيف نتعامل معه، البعض قد يقول إن المحطات الغربية موجهة في الأساس للتأثير في عقلية المشاهد العربي والطفل على وجه الخصوص وهذا الكلام غير دقيق، فهذه الفضائيات تنقل ما تريد لمشاهدها الذي ثقافته وعاداته تختلف عنا بشكل كبير، فالمشاهد الجنسية التي قد تقدم في الكثير من أعمالهم، يكون مرورها طبيعياً ويعتبرونها ظاهرة صحية لأن ثقافتهم تختلف عن ثقافتنا والثقافة الجنسية تدرس في مدارسهم بشكل منهجي وواقعي بعيد عن إثارة الغرائز بينما في مدارسنا هناك خطوط حمراء حول هذا الموضوع، فالمدارس الغربية مختلطة كما هو واقع الحال في المدارس الخاصة في بعض الدول العربية فينشأ الأطفال في بيئة اجتماعية متفتحة وواعية وهذا لا يعني بالتأكيد بيئة غير أخلاقية.
لقد أضحى التلفزيون منافساً للمدرسة في تقديم المعارف والعلوم، نظراً لأن طريقة العرض ووسائل الإيضاح التي يستخدمها تجعل المعلومات المطروحة أكثر رسوخاً في عقل الطفل من المعلومة التي يحصل عليها من خلال المدرس والكتاب، فوسائل الاتصال المختلفة مرتبطة بالأساس بنوعية الرسالة المقدمة والعوامل النفسية التي تواكب المتلقي لتقبل هذه الرسالة أو تلك أو رفضها. والمدرسة تعتبر في دول العالم الثالث أهم مرتكز لثقافة الأطفال، فهي تشكل الركيزة الأساسية في تعليم الطفل وتوجيهه وتربيته بالتعاون مع الأسرة، ولهذا فقد كان التعليم ولسنوات طويلة مناطاً بالمدرسة، أما في عصرنا الراهن فقد تلاشت هذه الصورة وحتى لدى الكثيرين من الموجهين التربويين الذين أصبحوا على قناعة بأن تعاليمهم لا تتلائم مع الواقع المعاش، ليس لأن تعاليمهم غير سليمة بل لأنها لم تعد تواكب متطلبات العصر وما يشاهده أبناؤنا على أرض الواقع، فهذا العصر يختلف عن العصر الذي سبقه وإدراك طفل اليوم يختلف عن الأمس والمقارنة ليست عادلة بأي حال من الأحوال، فأطفال الأمس كانوا محرومين من وسائل الإعلام الحديثة حتى أن أجهزة التلفزيون لم تكن متوفرة لدى الكثيرين ولهذا فقد كان مصدر معلوماتهم الوحيد هو المدرس والعائلة، وكنا في الماضي نجهل أمور كثيرة ولم تكن لدينا الجرأة على طرح الأسئلة التي كنا نريد إجابة عنها، أما طفل اليوم فهو على النقيض تماماً يطرح الأسئلة بجرأة ولديه من المعلومات ما يسبق عمره بمراحل وهذا يعود إلى تفتح الوعي لديه من خلال مشاهدة التلفزيون، ولكي نحافظ على أطفالنا ونمنع وقوعهم في الخطأ يتوجب علينا الاهتمام بتربيتهم وتوجيههم ثقافياً وتنمية مواهبهم ومداركهم العقلية بالاعتماد على التلفزيون الذي أصبح وجوده ضرورياً وملحاً، بل لنقل أنه أصبح يشكل ركناً أساسياً في المنزل وأحد أفراد الأسرة فعندما يتحدث يسكت الجميع، ولهذا فإنه من الضروري استثمار التلفزيون في العملية التربوية والثقافية في المدرسة وهذا ما تطبقه المدارس الغربية حيث تخصص وقتاً زمنياً محدداً وبشكل يومي لمشاهدة التلفزيون، أذكر عندما كنت في مرحلة الشهادة الإعدادية كان هناك كتاب بعنوان الموسيقي الأعمى وهي قصة مترجمة عن الروسية وكنا ندرس هذه القصة طوال العام، وقبل الامتحان بنحة أسبوعين تم تقديم القصة ذاتها من خلال فيلم عرض في الفترة المخصصة لبرامج الأطفال فرسخت القصة في عقلي كما في عقل الكثيرين ولهذا فإنه من الضروري استخدام وسائل التعليم الحديثة من خلال تخصيص فترة زمنية في المدارس لتقديم البرامج العلمية والثقافية وبعدها يقوم المعلم بطرح الأسئلة على التلاميذ وفي هذه الحالة تكون الفائدة مضاعفة، فالتربية والإعلام أصبحا في يومنا هذا يشكلان الركيزة الأساسية لنقل الثقافة والمعرفة في عصر اتسم بالسرعة في كل شيء بحيث أصبحا عاملين رئيسين في عملية التنشئة الاجتماعية والفكرية للطفل، فالتلفزيون بما يملك من مؤهلات أصبح قادراً على التغلغل والانخراط في الذاكرة والتأثير في المتلقي وبشكل خاص في الأطفال الذين هم أكثر عرضة لحدوث الاختراق.
بعض السلبيات التي يتركها التلفزيون في الأطفال : - الأطفال ينسون العالم الخارجي المحيط بهم عندما يجلسون أمام جهاز التلفزيون فهم ينسون عائلتهم وأصدقائهم وطعامهم واجباتهم المدرسية ويصبحون أكثر عصبية وعدوانية أثناء المشاهدة. - أصبحت مشاهدة التلفزيون ممارسة يومية تأخذ حيزاً كبيراً من الوقت وتشغل فراغ الصغار والكبار. - من الآثار السلبية الأمراض التي قد تصيب عيون الأطفال نظراً لأن الكثيرين يجلسون على مقربة من جهاز التلفزيون فيتلقون الإشعاعات الصادرة. - قد يصبح الأطفال أكثر حباً لتناول الطعام لأن الكثيرين يحبون تناول الأطعمة المختلفة وهم يشاهدون برامجهم المفضلة، وفي أحيان أخرى تلجأ بعض الأمهات إلى استثمار هذه النقطة لإطعام أطفالهم الذين لا شهية لهم لأن الطفل يفتح فمه ويتناول طعامه بغير انتباه. - مشاهدة أفلام العنف أو أفلام الكارتون التي تتطرق لهذه المظاهر تترك أثاراً سلبية تساهم في تشويه شخصية الأطفال. - التلفزيون يقتل الوقت وينسي الأطفال أن عليهم واجبات يجب أن يقوموا بها وأن عليهم أن يمارسوا طفولتهم من خلال أن اللعب مع زملائهم. هدف التلفزيون بالنسبة للأطفال يجب أن يركز على : - يقوم التلفزيون في حال استثماره بالشكل الصحيح بدور المعلم والموجه. - زيادة الرصيد العلمي والثقافي للطفل باختيار البرامج الهادفة الكفيلة بنقل المتعة والفائدة بآن واحد. - إيجاد الوسيلة واللغة المناسبة التي يجب توجيهها إلى الأطفال. - المساهمة في تنمية الخيال العلمي لدى الأطفال وإكسابهم المعارف الجديدة. - اطلاع الأطفال على تجارب الكبار وتعريفهم بشكل واقعي بمجتمعهم. - تنمية الذوق الفني لديهم وتشجيعهم على الاختلاط بالآخرين وإبداء الرأي فيما يشاهدون من برامج. - مساعدتهم في تكوين جوانب شخصيتهم وذلك من خلال معرفة طبيعة البرامج التي يحبون متابعتها. - إشباع الحاجات النفسية لدى الأطفال وتقديم المفيد والجديد من البرامج الجادة. - التركيز على النواحي الإنسانية واختيار المسلسلات التي تسلط الضوء على الصدق والمحبة والتعاون والإخلاص وحب الوطن والتفاني في الدفاع عنه. - دعم المنهاج التعليمي وتنشئة الأطفال تربوياً واجتماعياً وثقافياً.
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon