صباح غير عادي

في ذلك الصباح العادي كباقي صباحاتي، والذي امتلأ بالتلوث ودخان الأمكنة وصياح الأولاد ونواء القطط. والذي أعيشه بترتيب مبرمج لا يتغير فيه موعد ولا صوت ولا صورة..


في ذلك الصباح العادي سمعتها كالعادة في الحافلة التي تقلني يوميا إلى عملي
سمعتها فيروز الصباحات الدائمة، كالعادي الجميل الذي لا نقوى على العيش دونه، كانت تغني وكنت أسمعها بشرود كالعادة أيضا، لكن لم ألبث أن انتقلت من السمع إلى الإنصات كأنما نبهت إلى شيء نسيته منذ زمن. كلمات نبشها الصوت ففطنت لها بعد أن تراكمت عليها الأيام والسنوات، كلمات تقوى على تحريك العتيق من ذاكرتي لينعش من جديد
"اشتقتلك
اشتقتلك واشتقتلي يمكن مش رح بتقلي لكن أنا عم قلك اشتقتلك
ويمكن انك ناسيني ومش قدران تواسيني"
ومرّ شريط الذاكرة بسرعة ليرسم كل الكلمات التي قلناها معا لأسمع صوتها لأرددها من جديد استيقظت روحي وسمعت صوتك ورأيت عيناك، كم تمنيت حينها لو أني أستطيع أن أرسل لك هذه الأغنية دون خجل أو ترفّع مني  مع تساؤلي هل نسيتني؟ هل تكون اشتياقاتي من طرفي فقط؟
ورجعت إلى شرودي إلى نهاري العادي  وليلي وأنا اهرب من ذكراك فهي قديمة وآن للأيام أن تمحوها وعليّ أن أنساها
إلى أن أتى صباح اليوم التالي والذي من المفترض أن يكون عاديا كباقي الصباحات لكن شيئا غيّره لوّنه جعله غير عادي، فقد أتاني صوتك على هاتفي ليملأ المكان ليلوّن النهارات القادمة كلها، أتاني وكأن الاشتياق الذي خجلت منه كان مشتركا بيننا وكأنك سمعت الأغنية نفسها التي سمعتها فتذكرتني مثلما تذكّرتك لكن كانت الجرأة لديك أكبر فحاكيتني  لتقول لي:
 صباح الخير "اشتقتلك"
وأصبح صباحي غير عادي.
رهادة عبدوش، عضوة فريق عمل نساء سورية- زاوية همسات صارخة (صباح غير عادي)

خاص: "نساء سورية"

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon