مسكينة السيدة هدى/ 42 / عاماً.. لم تعرف في حياتها التي قضت نصفها في بيت زوج الام الا الشقاء والتعب والضرب... ونصفها الاخر عند زوج أهوج« سكير » عاطل عن العمل الا استكمالاً لما بدأت فيه حياتها... وزاد عليه مهانة وجوعاً واغراقاً في الضرب والتكسير... تكسير كل شيء... حتى عظامها.. ولكن أين تذهب.. كانت تحدثني وترجوني ألا أنشر قصتها أو اكتبها في يوم من الايام لانها حتى لوماتت تخشى من الضرب وتخشى جبروت زوجها.. زوجها الذي لم تحمل معها من بيت والدتها إلا« مفردة» طاعته حتى لوطلب منها الفاحشة... فهو رب أسرتها.. وأية أسرة « ثمانية أولاد»... تراهم يقفزون حولها عندما تبدأ« المعركة» ويديرها بمفرده الزوج قالت لي مرة :اين اذهب... هل تعرفين ملجأ لي.. هل سأترك بناتي مع والد« سكير» لا والله حتى لوقطعني. ماذا سأستفيد لو اشتكيت عليه... هل سيحبس..سيخرج بعدها... وياويلنا... « شو وين عايشين بأوروبا».. مافي غير أدعي له.. الله يعجل فيه.
(((((((((((بانتظار أساليب أكثر عملية لحمايتهن.. الاذى الناجم عن العنف يفوق خطورة السرطان ويسبب اعتلال الصحة بما يفوق حوادث السير والملاريا معاً )))))))
أم أحمد.. هي واحدة من مئات السيدات اللاتي يتعرضن للعنف في اسرهن ويختلف الابطال، فتارة تكون الام وتارة الاب أو الزوج أو الاخ... يبحثن عن ملجأ آمن... فلا يجدن ويبحثن عن فرج قريب فلا يتحقق... وتستمر حياتهن هكذا الى ان يقضي الله اجلاً إما بهن أو بمعنفيهن.. ولكن ما الحلول؟... وهل العنف ظاهرة في المجتمع النامي فقط؟.
التكلفة البشرية تشير احصاءات صادرة عن صندوق الامم المتحدة الانمائي للمرأة الى ان مشكلة العنف مقلقة وينتشر عالمياً وتكلفته البشرية مذهلة. وهو ذات ابعاد ونائية وتكلفته الانسانية عادة ما تظل غير مرئية. حيث تعرضت واحدة من بين ثلاث نساء حول العالم للضرب أو ارغمن على ممارسة الجنس أو تعرضن للاساءة بأي شكل من الاشكال خلال حياتهن وعادة مايكون المعتدي شخصاً مقرباً. ففي عام 2002 اعلن مجلس أوروبا للعنف ضد المرأة حالة طوارئ صحية عامة وسبباً رئيسياً لوفاة أو عجز النساء مابين 16 الى 44 سنة وقدر تقرير صادر عن البنك الدولي ان العنف ضد المرأ ة سبب للموت والعجز بين النساء في سن الانجاب بما لايقل في خطورته عن السرطان... وسبب لاعتلال الصحة يفوق حوادث السير والملاريا متجمعين. وفي تقرير اصدرته مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها صدر عام 2003 تقدر تكاليف العنف الذي يمارسه الشريك الحميم في الولايات المتحدة وحدها بـ 8،5 بلايين دولار سنوياً،وفي أغلب الاحوال يكون الثمن الانساني للعنف القائم على أساس الجنس غير مرئي، اذ يستمر الخوف والخزي في الحيلولة دون تحدث النساء عمايجري لهن... وتكون البيانات التي يتم تجميعها في المعتاد غير كافية وغير متسقة حتى في البلدان التي تتمتع بالسلم والرفاهية النسبية يعيش الكثير من النساء في حالة دائمة من انعدام الأمن. ويظهر العنف ضد المرأة في جميع البلدان ويكون الكثيرمنه غير مرئي وتفيد الشرطة في بلدان العالم بعدم ابلاغ الكثير من الضحايا عن الجرم الذي تتعرض له ففي جورجيا مثلاً تفيد التقارير ان بعض اشكال العنف المنزلي تقع في 50 بالمئة من الاسر، وفي الهند تفيد الاحصاءات ان 14 زوجة تلقى حتفها« يومياً» على أيدي أسرة زوجها. أما في هولندا فزهاء 200 الف امرأة تتعرض للعنف كل عام على أيدي شركائهن.
تجربة يتيمة قبل أيام زرت جمعية راهبات الراعي الصالح ويبدو أن هذه الجمعية ورغم قلة امكاناتها المادية إلا أن لديها من الارادة مايكفي لتحمل« منفردة» مسؤولية حماية النساء المعنفات على مستوى البلد... ولكن هل يكفي ذلك... هل يكفي منزل واحد لاستقبال مئات النساء المعنفات؟ كل ماقيل ويقال عن خطط واستراتيجيات وقوانين وتشريعات لحماية المرأة يبقى حبراً على ورق مالم نعتمد على برامج ومشاريع تنفيذية لحمايتها... لاشك أن الثقافة المجتمعية اساساً عند المرأة اولا تجعلها تتألم بصمت لكن ذلك لاينفي مطلقاً مسؤوليتنا حيال ذلك... والى ان نجد مبادرات جدية لحمايتها دعونا اليوم نتعرف على نموذج الرقم الوطني او الرقم الاخضر في التجربة المغربية التي بدأت قبل عامين بقرار حكومي لانشاء مركز الاستماع لخدمة النساء والفتيات ضحايا العنف حيث تم افتتاحه من اجل الاستماع والمساعدة والتوجيه لهن، انطلاقاً من ان العنف الممارس ضدهن يشكل انتهاكاً للكرامة والحقوق الانسانية ولأنه واقع تعيش فيه دول المعمورة ولأن له اشكالاً متعددة.
نموذج عربي في عام 2005 قامت كتابة الدولة المكلفة بالاسرة والطفولة والاشخاص المعوقين باحداث« الرقم الاخضر» للنساء والفتيات ضحايا العنف بالشراكة مع صندوق الامم المتحدة للسكان وانطلق الرقم بحملة وطنية لمناهضة العنف ضد النساء وبهدف تقديم الخدمات المتخصصة كالاستماع والتوجيه والمساعدة القانونية والنفسية للنساء والفتيات ضحايا العنف. اضافة الى تتبع ظاهرة العنف من اجل ايجاد الحلول الكفيلة للحد منه واقيم« الرقم الاخضر أو مركز الاستماع» بشراكة بين وزارة الصحة والعدل والامن الوطني والدرك الملكي والجمعيات ومراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف ويعمل طيلة ايام الاسبوع منذ الصباح الباكر حتى الثانية عشرة ليلاً. ويضم فريقاً استشارياً لاستقبال المكالمات بمختلف اللغات ومايميز هذا الرقم أنه مجاني لضمان المساعدة وتقديم النصح والتوجيه حسب الحالة مع الحفاظ على السرية التامة. اما آلية العمل على الرقم الاخضر الوطني فيكون بالاتصال بمركز الاستماع ومن ثم التوجيه حسب نوع العنف إما جسدي وهذا يتفرع عنه مستشفى ومستوصف متخصصان تابعان للمركز بالاضافة الى قسم الأمن أو الدرك ومن ثم الجمعية او مركز الاستماع للمتابعة. وإما عنف نفسي وتتابع الحالة أما في الجمعية المعنية أو في مركز الاستماع وإما عنف جنسي ويتفرع عنه المستشفى والامن ثم مركز الاستماع او الجمعية وإما عنف قانوني واقتصادي ويتفرع عن هذا القسم استشارات في وزارات العدل والامن والدرك ومن ثم الجمعية او مركز الاستماع. ويتابع مركز الاستماع في توثيق الحالة وتتبعها ومن ثم جمعها وادخالها في بنك المعلومات من اجل البحث والدراسة والاحصاء. ويشارك هذا المركز حوالي 21 جمعية اهلية بشراكة فاعلة متبنين جميعهم شعار :لاللعنف ضد المرأة. واستطاعت المغرب من خلال هذه التجربة بالحد الادنى في المساهمة في تقليص العنف ضد المرأة من خلال العمل على الكشف على العنف وآثاره من خلال التوعية وتتبع الحالات المعنفة التي ترد إليهم. فريال زهرة- (الرقم الأخضر الوطني نموذج عربي للاستماع والتوجيه والنصح للنساء والفتيات..)
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon