فتيات يتحدثن.. عن الشباب والحياة والهموم المعاصرة

إنه ليس شباباً من كتب التاريخ, ولا شباباً مستورداً من أحد الكواكب, إنه بمنتهى البساطة, الشباب السوري!!
تخيلوا معي هذا المشهد: شخصان يتحدثان, فجأة يدخل ثالث على الخط, غالباً ما يكون هذا (الثالث) أباً أو أماً أو أخاً أكبر أو حتى صديقاً لأحدهما أو لكليهما, يتوقف الحديث!! يتغير, أو قد يسود صمت مريب للحظات, تعالوا الآن نتساءل - وبعيداً عن شعارات الخصوصية و(الأسرار) ومع الأخذ بالاعتبار خصوصية المجتمع السوري - ما الذي يجعل هذا الموقف شبه يومي, ولماذا قد يفقد أحدنا جرأة الدفاع عن فكرة أو موقف يتبناه في أي مكان وأمام أي كان?!‏
تدخين الفتيات وتحفظ الأهل والمجتمع‏
تقول ميسون: هناك أشياء كثيرة أفقد فيها التوافق بين أفكاري وسلوكي, ليس آخرها التدخين, أنا مدخنة لكن ليس أمام أهلي أو في الأماكن العامة, رفض أهلي فكرة التدخين لكوني فتاة فهم يتقبلون أن يدخن أخي, لا أستطيع مواجهتهم بتدخيني لأنني أعتقد أن العلاقة ستسوء معهم, أعيش حالة المقارنة مع الفتاة الغربية وأعتقد أنها تمارس قناعاتها وأتمنى أن أكون مثلها, الفتاة في مجتمعنا مقموعة في رغباتها وقناعاتها لذا تضطر أن تنافق وتدعي ما لا تؤمن به.‏
أما شيرين فتبدو أقل جرأة إذ هي لا ترفض فكرة التدخين لكنها لا تتجرأ على حمل السيجارة كما تقول, وتتابع: تربيت على أفكار التحرر والتفهم واحترام إنسانية الفتاة لكن عندما كبرت انقلبت موازين الأهل رأساً على عقب وأصبحوا لا يتقبلون أصغر الأشياء لمجرد رفض المحيط لها, ليست لدي الجرأة على التدخين لأنني لا أريد أن أقوم بأشياء خارجة عن العرف ولا أريد أن أواجه أهلي لأن التجارب علمتني أن الناس يدعون التحرر لكنهم متخلفون بالعمق فكيف سأعيش تحرري?!‏
الشاب السوري أوفر حظاً من الفتاة‏
يقول فادي: عندما يتعلق الأمر بي لن أتردد في فعل أي شيء أقتنع به وأدافع عنه أمام أي كان, لكن بوجود طرف آخر, فتاة مثلاً, سيتغير الوضع, فلن أعانق حبيبتي في الشارع لأنني أعرف حجم الضريبة التي ستضطر لدفعها, رغم أننا قد نفعل هذا وأكثر في مكان مغلق, لكن مجتمعنا يفرض علينا أن نعيش قناعاتنا في الخفاء, ما يضطرنا للتحايل عليه, هناك منظومة من الأنا الأعلى لا تقبلك إلا إذا كنت كما تريد هي, وما عدا ذلك ستتعرض للنبذ والرفض وبالتالي تعطيل الحياة, أنا مقتنع بحل التحايل لأنني لا أستطيع الذهاب إلى مجتمع آخر أكثر مثالية ولا أريد أن أدخل بمعركة خاسرة سلفاً مع مجتمعنا لأن التكلفة باهظة ولست مستعداً لدفعها.‏
عبير ناعسة- (فتيات يتحدثن.. عن الشباب والحياة والهموم المعاصرة)

جريدة الثورة (20/12/2006)

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon