العباءة السوداء

شارع ٌ كبير.. مجموعة من الفنادق.. بشر من مختلف الأجناس والأديان.. ازدحام العربات ما بين الخصوصية والعمومية.. وكنت جزء من ذلك المشهد الذي يتكرر يومياً!

أوقفتني قدمي أمام إحدى الفنادق لأراقب طفلة صغيرة جميلة بجمال زهرة عباد الشمس، طفلة في السادسة من عمرها بين مجموعة من النسوة الملتحفات بالسواد, خرجت من بينهم لتلعب مع أخيها الذي كان يصغرها بسنة, أرادت الركض و اللحاق به, كانت العباءة السوداء لها بالمرصاد تحجز حريتها، تحجز طفولتها وكأنها في زنزانة منفردة
تباً لتلك العباءة تمنعها من اللعب والقفز
آه ٍ أيتها الصغيرة...........!
 قتلوا طفولتك باللون الأسود، الأسود قاتٌلك ِ فمن يدافع عنك ِ، من يسترجع لك ِ طفولتك ِ التي قتلها الأسود..!
فجأة انتبهت لمراقبتي لها فتوقفت عن اللعب, بعد أن لعنت تلك العباءة مئة، بل ألف مرة, وعادت إلى الجمع الأسود لتشاركهم سوادهم, وترضخ للأمر الواقع، فسجانها الأسود لا يحب الطفولة ولا يحب اللعب ولا يحب قوس قزح أيضاً.
لم تنقطع نظراتها عني, نظرات ما بين الخوف والاستغاثة، كمن يطلب منك أن تفك أسره، أن تخلصه من تلك القيود من تلك الزنزانة الغريبة، تألمت كثيراً، فقوتي لا تضاهي قوة سجانها ولا أنا أملك مفتاح الزنزانة السوداء، ما علي سوى أن ابحث عن صانع المفاتيح لعله يساعدني..!
وبعد ذلك المشهد، التقيت بصديقة لي فدعتني لشرب فنجان قهوة معها على عجل، ومع أول رشفة سألتها:
- هل تعرفين أين صانع المفاتيح؟
ضحكت من سؤالي وغمزت بعينها اليمنى وقالت:
- لقد مات...... لا !!!!! لقد قتلوه....
- والعباءة؟
- أي عباءة؟
- السوداء؟
- أي سواد؟
- لا، لا شيء عزيزتي، يجب أن أسافر لا بل سأرحل، صانع المفاتيح قد قُتِل والطفلة في الزنزانة تنتظرني
 الــــــــوداع

عبدا لسلام محمد / قامشلي / 23 / 8 / 2006، (العباءة السوداء)

خاص: نساء سورية

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon