كيف أضاع شبابنا "المثل الأعلى"؟

منذ بدء عرض مسلسل "باب الحارة" والأسئلة تراودني حول ما فعله بمتابعيه وبشكل خاص بفئة الشباب ما بين (15-25)عاما، حيث ظهر بوضوح مدى التأثر بشخصياته، فنرى شابا يقلد صوت (معتز)

 وطريقة مشيته فيراه مثالا للشاب المفعم قوة وحياة، ونرى آخر يتخيل أنه (أبو شهاب) فيغير أسلوبه في التعامل مع من حوله ليحاول مساعدتهم أو حل مشاكلهم، وهنا وهناك شبابا يرون في سلوكيات (الحكيم) نموذجا للرجل المتسامح الكريم القادر على ابتلاع المصاعب وحل الأزمات ما يجعله مثالا يحتذى به.
 من هنا بدى الخلل واضحا في مجتمعنا الذي لم ير على أرض الواقع شخصية يحتذى بها فكان المسلسل الحكاية هو المستنبط الوحيد الذي عثر من خلاله على شخصية قيادية تمنى أن يصل اليها.
 فهل فعلا مجتمعنا خلا من الشخصيات؟ وهل أضاع شبابنا فعلا (المثل الأعلى)؟
بداية في الأسرة كان الأب هو المثل الأعلى فهو بعين أبنائه القدوة الحسنه وهو الشخصية القوية التي يحسب لها ألف حساب، ومن ثم جاء المعلّم الذي كانت كلمته مقدسة وأفعاله نموذجا يحتذى بها لتتربى عليها الأجيال فيكبروا معها وتكبر معهم، وبعد المعلم كان القادة السياسيون والثوار الذين استطاعوا قلب الهزائم وجعلها نصرا والذين عملوا على مساندة الفقراء والمهمشين فباتوا بنظر الأجيال قدوة ترتسم في الأذهان وفي الكتب.
 ومع مرور السنوات وتكرار الهزائم وزيادة الانفتاح وظهور القنوات والفضائيات تبدت الكثير من الحقائق فلا الأب هو الأكثر صلابة ولا المعلم هو الحقيقة والمثل الأعلى في السلوك ولا القادة والثوار بقوا بصورتهم الجميلة التي إما أنها شوهت عن قصد أو أنها بالفعل لم تكن كما عهدوها وكما تربوا على أنها هي.
 كل هذا صنع شبابا دون ((مثل أعلى)) دون شخصية يتمنوا ان يصبحوا مثلها يوما  ما جعلهم يبتكرون شخصيات خيالية أو يبحثوا عنها بالحكايات والقصص والمسلسلات ما جعلهم أيضا مهزومين من الداخل يتخبطون دون الوصول إلى قدوة حقيقية.
 فهل أصبحت الشخصية القيادية نادرة في مجتمعاتنا أم أن صورة الشخصية القيادية تغيرت فأصبح العثور عليها محتاجا لتغيير الصورة النمطية للقائد؟

رهادة عبدوش، عضوة فريق عمل نساء سورية، (كيف أضاع شبابنا "المثل الأعلى"؟)

خاص: نساء سورية

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon