المرأة والعمل في سورية محاضرة للدكتورة مية الرحبي

ألقت د. مية الرحبي من لجنة دعم قضايا المرأة محاضرة بعنوان المرأة والعمل في المركز الثقـافي العربـي في المزه تناولت فيها الجوانب المختلفة المتعلقة بالقوانين والبيئة الاجتماعية التي تحيط بالمرأة سـواء كانت امرأة عاملة خارج المنزل

 أو كانت ربة مـنزل. ومن وجهة نظـرها فالمرأة تعتبر عاملة سواء داخل المنزل أو خارجـه، حيث تقوم النساء داخـل المنزل بعدة مهن.
وإن كان البعض يطلق كلمة عاملة فقط على المرأة التي تعمل خارج المنزل، إلا أنها تعتبر ذلك تجاوزاً لصفة المرأة. فالنساء الغير متعلمات في المناطق الريفية يقُمن إلى جانب أعمال المنزل بأعمال الزراعة سواء في حقول الأسرة أو العمل بأجر في الحقول المجاورة. ولخصت الدكتورة العوامل التي تدفع النساء للعمل بأنها اقتصادية بحتة فالحاجة للمال من أهم الدوافع التي تحث المرأة للخروج للعمل وليس رغبتها بالعمل. ولذلك يجب تفعيل دور النساء في العمل  كطاقات كامنة ويجب دفعها لإثبات الذات  وتمكينها من العمل  حيث أنها في تحدٍ حضاري حقيقي لإثبات حقها  بالعمل، فالمسألة كما قالت، هي مسألة وجود أوعدم وجود وعلى المرأة إثبات وجودها من خلال عملها. وقدمت الدكتورة إحصاءات لتبين الفرق في عدد ساعات العمل بين المرأة والرجل. فالمرأة غالبا ما تقضي ساعات عمل أكثر من الرجل حيث أنها تعمل في الخارج ثم  تعود إلى البيت لتقوم بالأعمال المنزلية التي توكل إليها حصراً والتي يصر عليها الرجال في مجتمعنا الشرقي أنها أعمال من اختصاص المرأة وحدها وليست من اختصاص الرجل، وبذلك تقوم بعمل أكثر وتأخذ مردودا أقل.
وإذ ما قمنا  بدراسة وضع المرأة العاملة  في السوق السورية سنجد أنه لا وجود لإحصاءات دقيقة حول عدد النساء العاملات، بالإضافة إلى أن أغلب العاملات في القطاع الخاص لا يحصلن على تأمينات اجتماعية ولا يعتبرن من القوى العاملة ولذلك لا تشملهن أية دراسة. وحسب الإحصائيات الموجودة فإن  نسبة المساهمة بين النساء في سورية 15%، وإن 63%من الأيدي العاملة تصرف في التدبير المنزلي، كما أن معدل النشاط الاقتصادي للإناث أعلى في الريف من المدن ويعزى ذلك لعمل المرأة في الزراعة، وفتوة القوى العاملة. كما أن ارتفاع مستوى التعليم لدى المرأة يزيد من فرص دخولها في العمل، ملمحة أيضاً إلى ارتفاع نسبة النساء المعيلات (المطلقات والأرامل) والتي تصل إلى أكثر من 50%.

النوع الاجتماعي (الجندر)
أشارت الدكتورة إلى تأنيث بعض القطاعات، وإلى توزع القوى العاملة المؤنثة بين الزراعة ومهن أخرى كالتمريض والتعليم. وقلة فرص العمل لدى المرأة وتدني أجورها في القطاع الخاص المنظم وغير المنظم، وقالت أن نسبة البطالة بين النساء أكبر منها بين الرجال، وهي تتجاوز 58% بين الجامعيات و35% بين الأميات. وهذا يشير إلى ضعف مخرجات التعليم، فليس بالضرورة أن تحصل المرأة الجامعية على عمل. وتؤكد الدكتورة إلى ارتفاع نسبة البطالة الحقيقية بين النساء.

وعلى الرغم من الميزات التي تحصل عليها  النساء العاملات في القطاع العام من إجازات الأمومة ودور الحضانة والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي إلا أن هناك الكثير من العقبات التي تحول دون تطبيق القوانين لصالح المرأة، وأهم هذه العقبات تزايد الحركات الدينية التي تدعو لبقاء المرأة في المنزل ومعارضة خروجها إلى العمل، وهذا الاتجاه مخالف لما كان يدعو إليه الإسلام زمن رسول الله (ص) حيث أن زوجات الرسول والصحابيات كن يعملن. وتستشهد الدكتورة بمثال على سماح الرسول للمرأة بالخروج للعمل عندما قال لامرأة في عدتها بأن عليها الخروج للعمل ورعاية بستانها. إلا أن القانون وخاصة في المجتمعات الإسلامية  يسهم في دعم قوامة الرجل من خلال تكريس النساء لمفهوم البقاء في المنزل، حيث تصل نسبة الرجال الذين لا يؤمنون بعمل المرأة إلى 70%. فهم يطالبونها بتلبية جميع متطلبات الأسرة، ولا يعتبرون أن من مهامهم مساعدة المرأة في الأعمال المنزلية، كما يطالبون المرأة العاملة برعاية المسنين، والأهم من ذلك هو سيطرة الثقافة الذكورية على المرأة نفسها حيث تعتبر أغلب النساء أن عملها مؤقت وأنها ما أن تتزوج حتى تترك عملها وتجلس في المنزل. وحسب الإحصائية التي شملت العديد من النساء على نطاق واسع من القطر فإن 84% من النساء يعتبرن البيت موقع المرأة الرئيسي و92% من الرجال يقولون الكلام نفسه.

وتؤكد د. الرحبي على أن معدل الإعالة في الوطن العربي كبير جدا بحيث يتوجب على شخص واحد إعالة عدد من الأفراد كما هو الحال  مع المطلقات والأرامل اللاتي يمنع أغلبهن من الخروج للعمل بسبب سيطرة الفكر الديني على المجتمع وبأن على المرأة العاملة تحمل مسؤولية خروجها أمام المجتمع  الذي ينظر إلى بعض الأعمال التي تقوم بها النساء بعدم الاحترام كالتمريض مثلا.

وقامت الدكتورة بتسليط الضوء على العمالة الأجنبية المستقدمة من الدول الآسيوية بشكل خاص والتي يعد وضعها في بلادنا أفضل بكثير من وضع العاملات العربيات. وبالرغم من هذا الوضع الجيد تشير الدكتورة إلى تقرير التنمية الإنسانية الذي نتج عن دراسة أجريت حول العاملات الأجنبيات اللواتي يعملن في ظروف وشروط غير إنسانية منها:
1- الأجر القليل الذي يتقاضينه مقابل عملهن
2- لا يشملهن أي قانون عمل
3- ساعات العمل غير محدودة
4- ليس لديهن حرية في الحركة أو التنقل
5- التعرض للايذاء الجسدي والنفسي
6- التعرض للاعتداءات الجنسية.

ومن جهة أخرى ذكرت الدكتورة معوقات عمل المرأة التي صدرت في تقرير التنمية العربية، كالثقافة الذكورية، وقلة فرص العمل، والتمييز بين الجنسين في الأجور، وضعف الخدمات المساندة (البنية التحتية والحضانات)، وعدم وجود ضمانات اجتماعية للأطفال أو كبار السن، و غلاء الأدوات المنزلية والخدمات المنزلية. بالإضافة إلى ذلك تأثير برامج التعديل الهيكلي التي تعزز دور القطاع الخاص، وعدم وجود ضمانات قانونية الأمر الذي يؤثر سلبا على المرأة.

أما بالنسبة للتحديات المستقبلية التي تواجه المرأة  تقول الدكتورة بأن عمل المرأة ضرورة اجتماعية ووطنية وعلينا نشر وعي ثقافي اتجاه عمل المرأة  من خلال
1ـ  توعية الرجل بحق المرأة بالعمل
2- نشر الفكر الديني ،بالإضافة لنشر ثقافة الصحة الإنجابي                                      
3- دعم القطاع العام
4- تعزيز قانون التعليم الأساسي، ومكافحة أي تمييز قائم على النوع الاجتماعي 
5- توفير الضمانات الاجتماعية والصحة الإنجابية

وفي نهاية المحاضرة استمعت د. الرحبي إلى مداخلات الحاضرين الذين طرحوا مسائل مختلفة تتعلق بموضوع المحاضرة أو بعض المسائل المتعلقة بقضايا المرأة والأسرة عموماً.

قمر سلوم، (المرأة والعمل في سورية محاضرة للدكتورة مية الرحبي)

موقع "معا"،عن الثرى  (5/11/2007)

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon