اجتمع عدد من الشخصيات الممسيحية واليهودية والمسلمة من جميع أنحاء الولايات المتحدة في لوس أنجلوس وتحدثوا باحترام وعمق كبيرين لبعضهم البعض محاولين معالجة اللقضايا التي وصفها أحد الحاخامات بأنها تمثل الجانب المظلم من كل دين من تلك الديانات الثلاث.
وقد اقتبس الخبراء بعض النصوص "الإشكالية" من اليهودية والعهد الجديد والقرآن والتي يؤكد كل واحد منها تفوقه على الأديانا الأخرى. كمثال على ذلك، قال أليكس سميث Alexei Smith الباحث في العلاقة ما بين الأديان والتآخي فيما بينها من أبرشية الكنيسة الكاثوليكية في لوس أنجلوس، مستشهدا من إنجيل مرقس قوله: "اسع في هذا العالم وبشر جميع المخلوقات بالإنجيل. من يؤمن ويتم تعميده سوف ينجو، ولكن من لا يؤمن سوف يهلك". الحاخام روفين فايرستون Reuven Firestone مدير معهد الدراسات اليودية الإسلامية في الجامعة العبرية المتحدة في لوس أنجلس، ذكر سلسلة من النصوص بما فيها نصا من التوراة يقول: "لأنكم شعب مبارك من الله، فقد اصطفاكم الله من بين كل شعوب الأرض لتكونوا شعبه المختار". المزمل الصديقي Muzammil H. Siddiqi رئيس مجلس الفقه في شمال أمريكا اختار من القرآن الكريم الآية التالي من سورة التوبة: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أوليا بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين. وفي شرحه لنص أنجيل مرقس، قال سميث Smith بأن القسم الإشكالي قد تمت إضافته بعد قرن من وضع الأناجيل الأربعة الأصلية. النهايات المطولة التي أضافت أثني عشر نصا، كانت قد كتبت في زمن كانت فيه المسيحية إما أنها تختبر إيمانها في قيامة السيد المسيح أو أنها تدافع عن نفسها في وجه المشككين وغير المؤمنين. صديقي Siddiqi الذي استشهد بالآية رقم 51 من سورة التوبة شرح بأن المشكلة ليست في النص بل هي في تفسيره. يقول السيد صديقي Siddiqi الذي هو أيضا رئيس مجلس الشورى في كاليفورنيا الجنوبية: "بعض المتطرفين من المسلمين قد استغلوا هذا النص للقول بأن المسلمين لا ثقون بغير المسلمين." وأضاف "بأن بعض منتقدي الإسلام يستخدمون هذا النص لتوجيه نقد عنيف ويقولون بأن الإسلام هو دين غير ودي". و يقول متابعا: "لقد نزلت تلك الآية على النبي محمد "ص" بعد معركة كان فيها عدد المسلمين في المدينة أقلية بكثير مقارنة مع العدد الهائل من الكفار القادمين من مكة" لذلك كان المسلمون خائفين جدا" ويضيف قائلا: "بعض منهم ممن كان إيمانه ضعيفا فكر بالتحالف مع اليهود ليجد حماية له هناك. البعض الآخر فكر بالتحالف مع المسيحيين ليجد الحماية له هناك. ليس الغاية وراء هذه الآية هو الدعوة لأن يقاطع المسلمون المسحيين واليهود، بل الهدف منها أن يكون المسلمون مع بعضهم ويدعمون بعضهم البعض ويقفون عل أقدامهم بأنفسهم. فايرستون Firestone أشار إلى أن اختيار بني إسرائيل كشعب مختار في الكتب اليهودية. ثم وجه سؤالا، لماذا اختار الله بني إسرائيل؟ لماذا تعهد بذلك لأجداد بني إسرائيل؟ الجواب هو بأن هذه القضايا لا تمتلك إجابات واضحة علينا في النص. لكنه يعتقد بأن أصل هذه "الانتقائية" ينبع من بنية الدين القبلي في الشرق الأوسط القديم. إذ تعتقد "كل جماعة دينية مجاورة لبني إسرائيل بأن لها إلهها القومي والعرقي" كما قال. وأضاف فايرستون بأن "جميع الديانات التوحيدية تتصادم مع مشكلة الانتقائية وأننا جميعا نعمل من خلال فكرة الأساس المطلق في كل نظام ديني من أنظمتنا". الخطاب الهام الذي قدمته ماري سي بويزMary C. Boys أستاذة اللاهوت في معهد يونيون اللاهوتي في نيويورك قالت فيه بأن مع أن كتبة الأناجيل يختلفون في وصفهم لآلام السيد المسيح وصلبه، لكنهم جميعا يجمعون على المسألة الأساسية لموته. وهي تجد نصين إشكاليين قليلا، في أحدهما يقول الحاكم الروماني بونتيوس Pontius Pilate بأن بريء من دم هذا الإنسان، فيرد عليه الجموع بالقول: دمه علينا وعلى أولادنا من بعدنا. هذا شيء مقلق لأن روما الإمبراطورية كان بإمكانها أن تفعل أكثر بخصوص موت المسيح مما ورد في الأناجيل" كما قالت. " وما هو مقلق أكثر هو الطريقة التي قام بها المعلمون المسيحيون الأوائل بالبناء على هذه التهمة بينما اتسعت المنافسة مع اليهودية وتعمقت. الحاخام مارك س. دياموند، نائب المدير التنفيذي لمجلس الحاخامات بكاليفورنيا الجنوبية، والذي شارك برعاية تلك المناسبة مع جامعة القلب المقدس في فيرفيلد Fairfield قال: على جميع الناس المؤمنين أن يتشاركوا بالنقاش حول أكثر النصوص صعوبة وأن يتعاملوا معها، لا أن يهربوا منها، بل عليهم مواجهتها حينما يكون ذلك ممكنا من خلال وضعها ضمن سياقها التاريخي. "بعد معالجة هذه النصوص، آمل أن يتفهم الناس هذه النصوص من خلال سياقها الصحيح، ويدركو أن معظم هذه النصوص مقيد بظروف البيئة الاجتماعية والسياق التاريخي والثقافي ويكمل قائلا، بأنه في حالات معينة، على أصحاب الديانات أن يقولوا لأنفسهم، " هذا من تقاليدي المقدسة، لكني أرفضه لأنني أجد أنه نص عدواني ويذهب عكس أخلاقياتي وعكس ما أعتقد أن الله ينتظره مني في عالم اليوم. وهذا يتطلب قدرا كبيرا من القدرة على التفكير بالأمور العقائدية والتحلي بالشجاعة والثقافة. تحت عنوان "التعاليم المثيرة للجدل: معالجة النصوص الإشكالية" هو الثاني من ضمن هذه السلسلة من أربعة مؤتمرات دولية تم إطلاقها من قبل مركز التفاهم المسيحي ـ اليهودي في جامعة القلب المقدس. "غايتنا هي تعزيز التفكير الالأخلاقي والعقائدي حول تعاليمنا وإيضاح أن عدم التسامح ووعدم الاعتراف بالآخر هو ما استغله المتطرفون لتغذية العنف والكراهية" قال الحاخام يوجين كورن المدير التنفيذي لمركو التفاهم المسيحي اليهودي، وأضاف: "إنها ضرورة ملحة الآن بسبب تزايد العنف الديني والعدوانية المتطرفة. عقد المؤتمر الأول في العام الماضي في كونتيكوت. وسيكون هناك مؤتمر في ألمانيا عام 2008 وفي القدس عام 2009 وسيتم إصدار كتاب بالوثائق التي قدمت للمؤتمر في كما سيتم نشرها على الأنترنت أما عن تصريحات آن كولتر Christian Ann Coulter المسيحية المحافظة الأخيرة عن الحاجة إلى تصحيح وضع اليهود ووضعهم على الطريق القويم من خلال اعتناقهم للدين المسيحي، فقد مر المحاضرون عليها مرورا عابرا. لقد اختار المحاضرون والمتحدثون عدم منح تصريحاتها شرف الرد عليها كما قال قال دياموند Diamond. جيري د. كامبيل Jerry D. Campbell ، رئيس مدرسة كليرمونت للاهوت لخص المناسبة بما يلي: " يمتحننا الله كي نأخذ فكرة النصوص المثيرة للجدل إلى مرحلة لاحقة، لنبدأ حوارا جديدا عبر معتقداتنا وعبر العالم بهدف تحقيق أمل الله بأن تتعلم كل مخلوقاته العيش مع بعضها بانسجام.
كوني كانغ: لوس أنجلس تايمز 20/10/2007 ، ترجمة المحامي ناصر الماغوط، (مثقفون يحاولون أيجاد ارضية مشتركة للنصوص الدينية المثيرة للجدل)
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon