أرقام ومؤشرات ودلالات كثيرة تتردد في المؤتمرات وأوراق الأعمال والندوات والإعلام، عن تزايد دخول المرأة في معترك الحياة، وتزايد أعداد المتعلمات والعاملات والنائبات.
فمنذ تأسيس الاتحاد النسائي الذي يهتم بقضايا الأسرة والمرأة والطفل، والأرقام تتزايد والمؤسسات المّشكلة لدعم الأسرة في تزايد أيضاً، فقد تم إحداث الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالقانون /42/لعام 2003. والعديد من الجمعيات المرخصة وغير المرخصة والمنحلة، والتي جميعها تُعنى بقضايا الأسرة والمرأة في سورية. ودائماً نحن في الطليعة: أعلى تمثيل نيابي 12% على مستوى الوطن العربي، وأول قاضية في محكمة النقد في الوطن العربي، ونائبة لرئيس الجمهورية للشؤون الثقافية الدكتورة نجاح العطار وزيرة الثقافة السورية السابقة، أول امرأة تشغل منصباً سياسياً على هذا المستوى في الوطن العربي. وخصصت هيئة تخطيط الدولة مديرية خاصة سمتها (مديرية تمكين المرأة) ووضعت في خطتها فصل خاص بتمكين المرأة.
كل تلك الإنجازات والدلالات الرائعة تصدم بمشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد وكأنها تنجز في فضاء خارجي بعيدة عن الواقع، الذي يفاجىء الجميع بمشاريع جديدة لا علاقة لها بما يُطرح أو يُطالب به الناس والمجتمع وبعض الأحزاب وخاصة المشروع الأسود الطائفي الذي خرج عن طريق لجنة لا أحد يعرفها ومن هي ومن تمثل. ولولا الضغط المدني والمجتمعي وبعض الأحزاب والأفراد الناشطين لما أُلغي هذا المشروع التفكيكي الرجعي.
وسعدنا بالنتيجة لنعود الآن من جديد بمشروع جديد لقانون الأحوال الشخصية الصادر فقط عن طرق وزارة العدل، والذي حافظ ويحافظ على دور المرأة الدوني في المجتمع وكأنك يا زيد لم تزد.
أين تلك الأحزاب والجمعيات والهيئات المشّكلة للدفاع عن أسرة متماسكة؟!! فهل تنظيم الأسرة وسن القوانين الخاصة بها منوط فقط بوزارة العدل؟!!
وهل شعار أسرة متماسكة يتحقق إذا استطاع الرجل أن يطلق زوجته بإرادة منفردة لفظةً وكتابةً، ولعله يلعب النرد مع صديق له وحلفه بالطلاق، وزوجته المسكينة لعلها تحضر مرافعة للغد في المحكمة، أو تّدرس أطفال المستقبل، أو لعلها تجهز لعملية جراحية لأحد المرضى.
وكيف تستطيع أن تحمي أسرتها ونفسها. رغم أن المرأة أصبحت قاضية ووصلت إلى محكمة النقد وهي حسب هذا المنصب القضائي "ولي لمن لا ولي له" وهي ليست ولية نفسها في زواجها ولا ولية أولادها ولا وصية عليهم، حسب هذا القانون الجديد والذي هو امتداد للقانون القديم.
هذا الامتداد ما هو إلا تفريغ لجميع المضامين التي تحملها الأحزاب والهيئات والجمعيات والقرارات والمؤتمرات والتي تنادي بالمساواة وعدم التمييز للتحول إلى براويز اجتماعية تصفق وتثني على المحاضرات المصاغة جيداً والمدعمة بكم من الأرقام و النسب والإحصاءات والمؤشرات التي لا دلالة لها هكذا لوحدها. ومن ثم الكل يذهب إلى بيته لُيمارس عليه أو يمارس على أسرته ما تنص عليه هذه القوانين والتشريعات القديمة الجديدة!
إنها دعوة للجميع للخروج من صورهم المعلقة إلى الواقع والمشاركة في صياغة وسن قانون عصري مدني متطور يحمي الجميع ويكون الحامل الحقيقي للتنمية والتطور. وإلا فلتذهب كل الخطط التنموية والتحديثية في مهب ريح المشروع الجديد لقانون الأحوال الشخصية.
نبيلة علي، (مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد والتشاركية)
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon