متقطفات من الشعر والقصة في أمسية أسبوع صدد الثقافي الثاني

هذه المقتطفات هي بعض مما ألقي في الأمسيتين الشعرية والقصصية المقامتين في أسبوع صدد الثقافي الثاني (8/2006)

  

أميمة ابراهيم

**- وطن

سأل العصفور أمَّهُ عن الوطن
قالت له : الوطنُ فضاءٌ بلا أقفاص... وشجرٌ لا يقبل الانحناء... وبيوتٌ لا أعداءَ فيها.
رفرف العصفور بجناحيه الفتيّين، وحطَّ على غصن شجرةٍ شَمخَت نحو الأعلى...شَمَّ رائحة أوراقها وتحسّـس خضرتها ثمّ حلّق في فضاءٍ حرٍّ.
عند المغيب عاد إلى بيته آمناَ سعيداً... زقزق بفرحٍ : هذا هو وطني.
------------

**- رسالة سجين

في سجنه بعد أن عُذّبَ حدَّ الموت أو أكثر وبعد سنوات عِجاف صادرت أحلامَه وأنجمَ آماله امتشق قلمَه وكتب لابنته التي تركها طفلةً تحبو، فصارت نخلةً سامقةً...
((إذا كان الموتُ يأتي دائماً فهو يأتي تالياً... الحريّةُ تأتي أولاً)).
------------

**- خلود

بكتِ الزّهرةُ عندما قطفَها الصّبيُّ، وأيقنت الهلاك..لكنّه عندما وضعها بين صفحتي كتابهِ، أشرقَتْ نضارةً وحَلَمَتْ بالبقاء.
------------

**- ممنوع

أرغى، أزبد، ثم زمجر وأوسع التّلميذ ضرباً وركلاً ولكماً... وأردف بشتائم مفزعة...
في غرفةِ الإدارة... تلا البلاغات الإدارية، وطلب من المعلّمات أن يوقّعن على أمر إداري جاء فيه :
" ممنوع ٌ الضرب... ممنوعٌ استخدام الكلمات النابية "
------------

**- عاشقان مثقفان

كتبت له: حرف من الأبجدية يهزّ كياني، معرّياً انفعالاتي، مشعلاً التناقضات في داخلي... إنّه حرفُ الثّأء الذي أحببتُه لأجلِ ثورة القوافي في عينيكَ وكرهتُهُ لأجلِ ثغاءِ الخراف في شفتي
ردّ برسالة عاجلة: سأحاول جاهداً أن أعريكِ من أبجديتكِ، وتأكدي أنّ الحروفَ عندئذٍ ستزغردُ على شفتيَّ.
------------

**- تساؤل

التقت وابنها الصّغير بصديقتها الحامل...قبلتها، ربتت على بطنها... وتساءلت عن صحة الطفل.
فوجئ الصغير..
- سألها: ماما هل للخالة طفل؟!!
- نعم
- وأين هو؟
- في بطنها.
- ولم ابتلعته إذاً؟!!
------------

**- ثرثرة شاعر وشاعرة

الشّاعرة: يا سيّد الأفراحِ عرّج على كرمي واقطف من عنقوده ولو مرّة، يا سيّدَ الأفراحِ باعني الوقتُ فحرّرني من دقائق مرة تتلبس فرحَ أزمنتي.
الشاعر: سأقطفُ كلَّ عناقيدكِ ولن أدّخرَ وسعاً أن أحوِّل الباقي إلى خمرةٍ صافيةٍ.


نور الدين الهاشمي

غيمة

حينَ أطلّت من رحمِ الآفاقِ غيمةٌ شاردةٌ تدغدغُ صدرَ السّماء
قال العاشقُ .. هنيئاً لك سترينَ محبوبتي أجملَ النساء
قال الطفلُ ... كم تشبهين وجهَ أمي التي رحلَتْ
قال الفلاح .. آنَ لكِ أن تستريحي في ترابي المشتاقِ إلى رعشةِ الاخضرار
قال المسافرُ.. احجبي عني قرصَ النّارِ فقد أضناني الحرُّ في هذا التيه
قال الفنّان .... أيقظتِ في روحي رعشةَ الخلقِ ..ومهما أبدعْتُ فأنتِ المثال
قال العابدُ ... هذا الجمالُ يا إلهي هداني إليك
قال الملك .. أينما أمطرتِ فسوف يأتيني خَراجُكِ

 عبد الكريم الناعم 

عبد لله ونوبة الهم

ابنُ أخي في الصّفِ الـْ
ما قبْلِ الأوّل
سمّاه أبوه (عبد الله)
وسافِرْ

عبد الله تدرَّج
منذ اللّثغِ وأوّل خطوٍ
حتى حينَ أدلَّ
وصارَ يشدُّ الشارعَ
من أذنيهِ ليُدْخِلَهُ للبيت

عبدُ الله تدرّج
كُنتُ أرافقُهُ
يغضبُ منّي
فأصالِحُُهُ

ويُحبُّ الرَّسم فيَرْسِمُني
(قضّوضَةَ) زعْترْ
فَارَت بالزّيت
أو لُعبة سُكَّرْ

يأتيني من عُمْقِ جلالته
يأمرني: ((لا عبني))
أدخُلُ معركةً
يتجدّدُ فيها أنّي الخاسِرْ

أنا في عالم (عبد الله):
الـْ عمّو
واللّعبُ الدّافئُ
والحلوى
أقلامٌ تُبْرى
ودفاترْ

منذُ ابتُدِئَ القَصفُ
على لبنانَ
و.. عبد الله يجيءُ
يراني أجلس قربَ التلفزيون
فيجلسُ
لا يتكلّم
لا يطلب مني أنْ نلعبْ
يعلم أنّي منصرفٌ عنهُ


أمسِ تقرّب منّي
وبراحته الطفليّة لامسَ
صدري
وبعينين اكتستا إحراجاً طفلياً
قال:
((عمو ماذا تفعل؟))
قلتُ:
((وكيفَ ستفهمُ
إنّي ريشةُ دمدمةِ الزلزالْ
وأخافُ إذا ما نِمتُ
ضياعَ حروفٍ
لا تقرأُ إلا في لحظتِها))
أدخَلَ راحته في عبّي
ساءَلَني بحنانٍ أبويٍ: ((نَعْسانْ؟))

أومأتُ برأسي: جدّاً
وكمن يحملُ عن (عمّو)
كلَّ هموم الدنيا قال:
((عمّو
إذهبْ لسريركْ
فأنا سَهرانْ))

علاء الدين عبد المولى

يُخيّل إليَّ أنّ سجن الرّمالِ يفحُّ
لكثرةِ ما ألصقوا فوق جدرانِهِ
لحم سكّانه الطيبينْ
يُخيّل أنّ التراب يئنُّ
وأنّ الهواءَ يئنُّ
وأنّ نوافذه الضّيقاتِ
ثقوبٌ لناي الأنينْ
فلم يغلقوه ولم يهدموه
لأنّ له نكهةَ الحاكمينْ!

يُخيّل لي أنّني غيرُ نفسي
معلّقتي سقطت عن جدارِ الذّهبْ
ونام الرعاةُ
وعمّ الغزاةُ
ومازلتُ أحرسُ بيتاً عتيقاً
تشقّق تحت الرّعودِ
ومازلت أثقبُ ما تحتَ جلدي
لينتشرَ النايُ فوق نشيدي
صحيحٌ تخلّيتُ عن أبويّ
ولكنّني لا أبالي بروما ولا أندلسْ
ولا بالقوافلِ من مدخلِ الشّامِ
حتى النقبْ
أنا بعت كلّ حمولةِ قلبي
ولم أحتفظْ بسوى حطبةٍ
سوف أوقدها ليصدّقني القادمونَ
بأنّي سليلُ العرَبْ

يُخيّل لي أنّني بحّةٌ في القصبْ
أفتّش عن شفتينِ لإطلاق صوتي
لماذا تأخّرَ راعي الغمامِ؟
أما شاهدَ الأرضَ تنشقّ تحتي؟

يُخيّل لي أنّ منتصفَ العمرِ في جسدي
صرخةُ اليائسينْ
فلا ليَ حظّ بوردِ الشّآمِ
ولا ليَ روحٌ أؤجّرها للشهيدِ
ولا شيءَ لي غير هذا الشّبحْ
يمارسُ في داخلي كلّ طقسٍ يشاءُ
ويجبنُ عندَ هبوبِ الفرحْ.......

يوسف حنون

نم يا صغيري نم يا صغيري واسترح
فالليل ما زال على أجفاننا يرخي سدوله
والفجر غادر لونه ومضى يكفف دمعه
ويجر بالحزن ذيوله
كلما استيقظ فجر ياصغير استفاقت بندقية
وطغى موج السعير واستقرت داخل البيت شظية
وسحابات دخان تخنق الفجر وتغتال الفضيلة
نم يا صغير بحضن أمك واسترح
نم نومة ستفيق منها أو نموت واترك جراحك راية فوق البيوت
واترك جراحك قصة على مر السنين
 واهجر زماننا لم يكن فيه مكان لبراءة الطفولة
نم يا غلام كي تعبر الأجيال من جرح بصدرك
نحو أحزان الجليل نحو آهات الخليل
كي يرحل الليل ويغني القاتل الموتور في جرح القتيل
نم يا غلام ولا تسل عن بيتك الغارق في موج الظلام
عن وحوش مارسوا قتل البراءة والطهارة
منذ كان الطفل في مهد المغارة
هؤلاء القوم من دون الأنام قتلوا
رمز السلام أدمنوا قتل الطفولة
نم يا صغيري بين عينيك وبين البيت
كانت خطوتان بين عينيك
وبين البيت قنبلة ولعلة الرصاصة
وصغار يطلبون العيش لكن لا مناص
بين عينيك وبين البيت مرت طلقتان
وجنود وبيارق فاتوى حدق
البنادق والخنادق من أمانيك الجميلة
لاتسلني أين أرباب السلام
أين غادروا يا غلام
لا تسل أين السلام


مصطفى الخضر

مقطع أغنية لعاشقة صغيرة
شربت من عيني سكنت في قلبي
ولم يكن لدي سواك يا حبي
لمن نسجت الصوف لمن جمعت الزهر
لعمري الملهوف للعرس أم للشعر
زرنا ولو مرة وانقر لنا الشباك
نحبها رؤياك في الغربة المرة
اكتب لنا بيتاً أحبني فيه
اسمع دمي صوته  واسمع لياليه
يامن عرفناه ما حل أن تنس
الحب عفناه تذكر الأمس
--------------------------


خاص: "نساء سورية

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon