تعدد المكاييل في وزارة التعليم العالي!

مبدأ تكافؤ الفرص من أوليات الشعور بالعدالة الاجتماعية، وبالتالي هو بداية الشعور بالانتماء والطمأنينة داخل المجتمع، وهو يؤدي بالوصول إلى حقيقة الرجل المناسب في مكانه الذي هو من مسلمات بناء المجتمع والدولة القوية الجانب.. والسبب أن من يحصل على هذه الأوليات يشعر بالحق والعدالة وهما أساس لبناء القوة الاجتماعية المؤدية للدولة السليمة، كما يقول علماء الاجتماع.
جاء نحو عشرين طالباً جامعياً من "كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية والمدنية" يحملون تواقيع 122طالباً وطالبة من جامعة حلب، ووثائق تظهر مدى الظلم الذي أصابهم بسبب تضارب القرارات والتعليمات والوعود، وكلها أدخلتهم في متاهات أدت إلى خسارتهم زمناً وطموحاً وعلماً! (الوثيقة 1).

معلومات
نتيجة لإجراءات التغيير والتطوير لبعض المناهج والمواد في كليات الهندسة الكهربائية والمدنية والميكانيك في وزارة التعليم العالي، أصبح الطلاب في هذه الكليات مجموعتين، الأولى على النظام الجديد المطور، والثانية "صاحبة الشكوى" على النظام القديم. ونتيجة لذلك كان العام الدراسي الماضي التقاء المجموعتين في الصف المشترك، وهو السنة الرابعة لدى الهندسة المدنية والسنة الثالثة للهندسة الكهربائية.. المستجدون لهم موادهم والراسبون لهم موادهم.. إلى هنا والأمر طبيعي.

ماذا حدث؟
في جامعة تشرين- اللاذقية، الطلاب المماثلون في حالاتهم كزملاءهم في جامعة حلب كانوا قد تقدموا بطلب يشرحون فيه وضعهم نتيجة تبديل المناهج، وهم ما سُمّوا بطلاب الخطة الدرسية القديمة "الراسبون حصراً". ومن مبدأ أن الطالب هو أمانة ورأسمال للوطن، اتخذ المكتب الإداري للطلبة في جامعة تشرين موقفاً إلى جانب هؤلاء الطلاب، وتقدم بطلب لرئاسة الكلية المختصة "هندسة" يطلب مساعدتهم بالانتقال للسنة الأعلى وهم يحملون المواد التي رسبوا بها، ويعدّون ناجحين لكي يستفيدوا من الزمن "سنة واحدة" ويخوضون الامتحانات بما يحملون من مواد سنة ثالثة+ سنة رابعة. الأولى مواد رسوب والثانية المواد المطلوبة. وفعلاً وافق مجلس الكلية، ومنها إلى مجلس الجامعة، فكان قرار مجلس الكلية رقم 25 بالجلسة رقم 4 تاريخ 10/10/2005 يوافق على التالي:
مادة 1- ينقل الراسبون في السنة الثالثة "ميكانيك- كهرباء" في بداية العام الدراسي 2005-2006 إدارياً إلى السنة الرابعة حسب التخصصات، ويتابعون في العام الدراسي المذكور دراسة مقررات السنة الرابعة "خطة قديمة"، ويطالبون بتقديم امتحانات هذه المقررات وجميع المقررات التي يحملونها من السنة الثالثة ومن السنوات السابقة وفق الخطة الدرسية القديمة.
مادة 2- ينقل الطلاب الراسبون، سنة رابعة، ومن جميع الاختصاصات.. إلخ كما جاء في أعلاه لزملائهم في السنة الثالثة.
وهذا القرار جاء بالإجماع، وأقرّه عميد كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في جامعة تشرين د. معين يونس (الوثيقة 2). وأرسلت هذه الموافقة إلى مجلس الشؤون الإدارية والطلاب للنظر فيه. وبعد الدراسة والمداولة قرر مجلس جامعة تشرين بجلسته رقم 3 تاريخ 25/10/2005 قراراً برقم 344 بالموافقة على ما جاء في قرار مجلس الكلية أعلاه وموافقة مجلس الشؤون الإدارية والطلاب، ونقل الطلاب إلى السنوات الأعلى.
- على ماذا اعتمدت جامعة تشرين في موافقاتها تلك؟
على قانون تنظيم الجامعات رقم 1 لعام 1975 وتعديلاته، وعلى اللائحة التنفيذية الصادرة بالمرسوم 2059 لعام ،1982 وعلى اللوائح الداخلية لكليات الهندسة التابعة لهذه القضية.. وهذا ما جاء في (الوثيقة 3).
وبعد ذلك اطلع الدكتور أمير إبراهيم، رئيس جامعة تشرين، على كل هذه الوثائق أعلاه والموافقات، فأرسلها إلى لجنة الخطط والمناهج في مجلس التعليم العالي، وكان ذلك برقم 3647/م.م تاريخ 13/11/2005 لإبداء الرأي، إما بالموافقة أو الرفض، فهي صاحبة القرار لأنها المرجع القانوني لوزارة التعليم العالي. وسجلت في ديوان التعليم العالي برقم 2095 تاريخ 15/11/2005. (الوثيقة 4).
ويتابع الطلاب: وعرضت هذه الوثائق أعلاه مع طلبات جامعة تشرين على لجنة الخطط في الوزارة، فكان القرار رقم 6 تاريخ 2/3/2006 بالموافقة (الوثيقة 5)، ووافق عليه رئيس لجنة الخطط الدراسية والمناهج في الوزارة د. محمد نزار عقيل، وهو رئس جامعة حلب في الوقت نفسه. وعرضت الطلبات والموافقة على السيد وزير التعليم العالي د. غياث بركات، فوافق بالقرار رقم 252/م.ت.غ تاريخ 1 نيسان ،2006 وعمّم قرار الوزير على كل جامعات القطر (الوثيقة 6)، وانتقل طلاب جامعة تشرين إلى الصفوف الأعلى.
في جامعة حلب:
أما نحن فكانت نتيجة طلبنا كباقي زملائنا في جامعة تشرين على غير ذلك. القصد أننا سلكنا نفس الطريق "المكتب الإداري لاتحاد الطلبة- لجنة شؤون الطلاب" وعُرضت على مجلس الكلية الذي اتخذ القرار التالي رقم 184 تاريخ 24/5/2006 بالجلسة رقم 29: "الاقتراح بالموافقة على نقل طلاب السنة الرابعة الراسبين وفق الخطة الدرسية القديمة إدارياً للسنة الخامسة مع بداية عام 2006-2007.
وسجل مجلس الكلية في متن موافقته هذه الفقرة "وأسوة بقرار مجلس التعليم العالي رقم 252/م.ت.ع تاريخ 1/4/،2006 المتضمن تسوية وضع الطلاب الراسبين في قسمي الميكانيك والكهرباء بجامعة تشرين والمطبقة عليهم خطة درسية جديدة". ووافق مجلس الكلية بجامعة حلب بشخص العميد د. عزام كتخدا (الوثيقة 7)، ورفعت إلى الجهات الوزارية نفسها للموافقة، كما حدث مع جامعة تشرين.

ماذا جرى
يقول الطلاب: بعد موافقة عميد الكلية انتقلنا فوراً للدوام في الصفوف الأعلى، وكان مدرسونا، حين عرفوا بأننا سننتقل إلى الصفوف الأعلى أسوة بجامعة تشرين، قد أخضعونا لامتحان شديد المعلومات من حيث النوعية والعلامات، من مبدأ أن الراسبين فيه سينتقلون إلى السنة الأعلى.. وداومنا هذا العام 2006-2007. وأثناء ذلك زار جامعة حلب السيد وزير التعليم العالي، وعرضنا عليه قضيتنا، فأجاب أمام الجميع: "خذوا موافقة مجلس الكلية والجامعة كما فعل طلاب جامعة تشرين، وأنتم منتقلون".. وهكذا كان: حصلنا على كل الموافقات، وداومنا ننتظر موافقة سيادته.. وفوجئنا بعد دوام أكثر من شهرين من هذا العام بأنه رفض طلبنا وأعادنا إلى الوراء.. وراح الشهران علينا واعتبرنا راسبين، وضاعت سنة من عمرنا. ولم نترك باباً في جامعة حلب إلا قرعناه، والجميع يقول: السيد الوزير رافض.
ماقصة قرار السيد الوزير الذي يحمل الرقم 1020/ص تاريخ 16/10/2006؟ (الوثيقة 8). يقول قرار سيادته:
السيد رئيس جامعة حلب! بالإشارة إلى كتابكم رقم 14636/7 وكتابكم رقم 14638/7 تاريخ 19/9/2006 المتضمنين نقل طلاب في كلية الهندسة الكهربائية والإلكترونية إدارياً إلى سنة أعلى بسبب تطبيق لائحة جديدة في الكلية، نفيدكم الآتي:
1- يقضي المبدأ القانوني أن الطالب لا يعد منقولاً إلى سنة أعلى وفق اللائحة التنفيذية إلا إذا كان يحمل على الأكثر أربع مقررات من مختلف سني الدراسة.. إلخ.. وينتهي جواب السيد الوزير بأن طلب جامعة حلب لا يتفق وحكم القانون.
ويتابع الطلاب: نحن ضائعون وراسبون، لماذا تراجع وزير التعليم العالي عن وعده لنا أعلاه "احصلوا على موافقات جامعتكم، وأنا موافق. كما حدث مع جامعة تشرين"؟ هكذا قال.. وهكذا جاء جوابه! أي قانون يسمح لجامعة تشرين ولا يسمح لجامعة حلب؟ هل الوزارة تتعامل بعدة قوانين؟ أم أن لكل جامعة قانونها؟

"النور" أمام هذه الحقائق والوثائق تتساءل:
1- طلاب جامعة تشرين سيتخرجون قبل زملائهم في جامعة حلب بعام كامل.. لأنهم استفادوا من عام دراسي.
2- لماذا وافق السيد د. نزار عقيل، رئيس جامعة حلب ورئيس لجنة الخطط والمناهج في الوزارة على طلبات جامعة تشرين، ووقف صامتاً أمام طلبات جامعة حلب؟
3- لماذا وعد وزير التعليم العالي طلاب حلب أمام الملأ، طلاباً وإداريين ومدرسين، بتحقيق التماثل في المعاملة ولم ينفذ ذلك، وجاء قراره الأخير خير دليل؟
4- من سيعوض الصدمة من حيث الزمن والدراسة لمدة شهرين والخيبة لطلاب جامعة حلب أصحاب المعاناة؟ وأين سيكون ودوامهم مع من؟أ
أين مبدأ تكافؤ الفرص؟ أم أن لكل جامعة نظامها الداخلي الخاص؟ كل طلابنا أولاد الوطن وتحت راية قوانينه وتعليماته! ما يطبق على جامعة تشرين ودمشق يفترض أن يطبق هو نفسه على جامعة حلب ودير الزور والبعث.
أحد الطلاب تدخل قائلاً: ابن خالتي طالب ميكانيك في جامعة تشرين،، استفاد من قرار الانتقال.. أنا لم أستفد بسبب تناقض القرارات وتباينها.. ليتني سجلت معه في تشرين منذ أربعة أعوام.. كنت تخرجت قبل سنة مما سيحدث معنا.
حصلت "النور" على كتاب أُرسل إلى السيد رئيس مجلس الوزراء حول هذه الحالة وما يعانيه الطلاب من خيبة أمل (الوثيقة 9) يشرحون فيه ما تعرضوا له من غبن وظلم.

حكاية عن مبدأ تكافؤ الفرص
في عام 1980 كان هناك قرار من الاتحاد الوطني لطلبة سورية، وبناء على قرار مكتب التعليم العالي في القيادة القطرية آنذاك يمنح كل من له مهمة قيادية طلابية "عضو هيئة إدارية- عضو مكتب إداري- عضو مكتب تنفيذي" 2-5 درجات فوق معدل تخرجه الجامعي، ليتسنى له الحصول على منحة دراسية خارجية. هذا القرار صدر في نفس العام أعلاه ليستفيد منه بضعة أسماء كانت قريبة ومحسوبة على صاحب القرار آنذاك في هذا المنصب. وفور الاستفادة، ألغي القرار وعاد كل شيء إلى حاله ولم يعد أحد يستفيد منه. وعين من استفاد في مناصب تدريسية وإدارية في جامعات الوطن ومازالوا.. وفرع جامعة حلب والاتحاد الوطني آنذاك يعرفهم، ومازال يتندَّر بالواقعة على مبدأ "تكافؤ الفرص".

أخيراً
إننا نضع هذه القضية أمام من تهمه مصلحة طلبة الوطن ويهمه إنصافهم وتطبيق العدالة عليهم. وهي أبسط أنواع العدالة وأكثرها قيمة ورفعة. ونحن بالانتظار.

وضاح محيي الدين- (تعدد المكاييل في وزارة التعليم العالي!)

جريدة النور (29/11/2006)

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon