"أيها الآباء والأمهات.. ربوا أولادكم وبناتكم منذ الطفولة.. علّموهم أن لا فرق بينهم ذكوراً وإناثاً.... فكلهم بشر لهم حقوق إنسان وعليهم واجبات مقابلها..
فلماذا لا تخطّون على صفحة بيضاء أجمل ما عندكم...؟؟ لماذا لا ترسمون أمامهم مستقبلاً أفضل وطريقاً أجمل مما أنتم عليه ؟ فما أنتم إلاّ جسور عبور لأجيال لابدّ لها من التغيير يوماً فلماذا لا تكونون الجسر المتين الذي عليه يعبرون...؟؟ ولماذا أحياناً بحقهم تخطئون عندما تحاولون إخفاء حقائق الحياة وراء كلمات العيب والتقاليد والعادات.. ولماذا تحملونهم عبء أفكاركم ومفاهيمكم المجتمعية الموروثة التي تدركون تماماً عدم صحتها.
إن عملية الولادة هي الخطوة الأولى في استقلال أطفالكم وحريتهم وهي الأهم.. وعملية التربية والتنشئة في البيت هي الخطوة الثانية التي تقودهم لبداية طريق الحياة واختلاطهم بالمجتمع، وقد تعظّم من قدراتهم على العمل والحب والإبداع والتفاعل الاجتماعي والتفكير الحر المستقل.... لكن مع الأسف يخضع الأولاد في الغالب لأساليب تربوية استبدادية... نتيجة مشاكل وعقد نفسية من صناعة المجتمع وصياغته يتبناها الصغار عندما يكبرون دون البحث في مدى صحتها... أو خطئها وفي حقيقة الأمر ما أحوجنا إلى إعادة صياغة بعض هذه المفاهيم التي نتلقاها ممن هم أكبر منا سناً.. وقد نتلقاها بشكل خاطئ. و هذا يقودني لطرح بعض المفاهيم التي نتلقاها في تربيتنا... فمثلاً يعلموننا إن تربية وتنشئة الأطفال من عمل النساء فقط ويعلمون تماماً أن التربية الحديثة تؤكد على ضرورة إشراك الآباء والأمهات في هذه المهمة لكي ينشأ الأطفال أسوياء متوازين... وبعضهم من دعاة بقاء المرأة في المنزل إن لم تكن بحاجة للمال ويرددون أمامهم /المرأة خلقت للمنزل / متجاهلين أن الإنسان لا يعمل فقط من أجل الحصول على المال إنما لتطوير شخصيته وتعميق شعوره بالأهمية والانتماء والاستقلال والحرية والكرامة.. وعندما تكتفي أمهاتنا بأعمال متناهية البساطة مثل الكنس والطهي والغسيل والإرضاع ويقنعن بناتهن أن هذه المهام خلقت لهن دون غيرها من أعمال خارج البيت فكيف يمكن أن تتطور قدراتهن العقلية لاستيعاب أطفالهن الذين يتعرفون على كل شيء جديد من حولهم وكيف يمكن لام جاهلة في أمور الحياة وتطوراتها أن تحاور وتناقش أولادها الذين يتلقون علومهم في مختلف مجالات الحياة... مادام وقوف المرأة عند هذه الأعمال فقط يوقف من قدراتها العقلية عند حدود متواضعة ثم تأتي هي وتربي بناتها على أن العمل خارج المنزل هو من اختصاص الرجال وتعلم ابنتها على أن تشتغل بجسمها وزينتها وملابسها طوال الوقت حتى لا تجد وقتاً لتقرأ وتنمي قدراتها العقلية والنفسية ومواهبها وهنا تصيب قدراتها في مقتل فتعجز عن أي عمل مبدع منتج بعيد عن الابتكار والإبداع والحب والتفاعل الاجتماعي.
وقد ينشأ الأطفال في مجتمع يفرض ويسلم من البداية بان الأكبر أحكم من الأصغر.. وأن الفتى ابرع وأكفأ غالبا من الفتاة وأن عليهم دائماً تبجيل الكبار والرجال.. ليس لصحة ما يقولون إنما احتراما لمكانتهم ومن العيب أن نناقشهم أو نختلف معهم بالرأي والبنات يتعرضن أكثر لهذا الأسلوب.فمثلاً كثيراً ما تطلب الأم من ابنتها أن تقوم بتقديم الطاعة والولاء لأخيها الذكر الأكبر أم الأصغر لا فرق المهم أن من واجبها خدمته في كل ما يطلب أما المعاملة بالمثل رغم عدالته فهو تمرد وتفكير مرفوض وهذا الأسلوب التربوي غالبا ما ينتج عقولا مطيعة وبالتالي شخصيات تتسم بالخضوع والسلبية والانسحاب والكذب والنفاق.. والتردد.. والتواكل..لا تثق في نفسها ولا في قدراتها.. شخصيات تميل إلى التعصب وأحيانا تتسم بالعنف.حتى إن معظم وسائل التثقيف والتعليم والإعلام والمسلسلات تسهم في ابتداع صورة معينة للمرأة أو الترويج لها، تمتدح ما هو سلبي وتؤكد على سلبيتها وتبعيتها وانصياعها، فالمرأة المطيعة أفضل من تلك التي تفكر و تختلف و تناقش و المرأة التي تكرس حياتها لإجادة الطهي و التزيين و تتفنن في إغواء الرجال أفضل من تلك الجادة المفكرة المشتغلة بأمور المجتمع و السياسة و غالبا ما توصف هذه الأخيرة بأنها مستر جلة.خصوصاً إذا حاولت أن تحاور وتناقش وتطالب بحقوقها والمشكلة أن أمها تعلمها أن تلزم الصمت أدباً وحياءً وفي نظرها أنه من الأفضل أن تكون ابنتها فتاة مسلية بارعة في عمل المنزل والطبخ فقط, و تظل أعظم و انجح خطوة في حياتها الإيقاع برجل و يتفاخرون بسلبيتها هذه.. أما أن تجلس على مكتب للتصميم لتبتدع منزلا أو جسرا لعبور السيارات أو تصدر حكماً أو قراراً حكيماً فيه مصلحة البلد عندما تكون في موقع اتخاذ القرار فهذا لايرفع من شأنها.أبداً لأنها تبقى في نظرهم الطرف الضعيف الذي يحتاج لمن يحميه..
بربكم ألا تدركون أنكم غالبا ما تخطئون لكن دون أن تدرون.....
أما آن الأوان لتغيير هذه المفاهيم الموروثة التي تحط من شأن بناتكم وتضعهم في مرتبة دونية عن الرجل... انطلاقاً من التربية في المنزل التي تقع على عاتقكم أولاً...؟
وأنت أيتها الأم: عذراً منكِ! فعليك يقع العبء الأكبر فيما نحن عليه لأنك مدرستنا الأولى في الحب فلماذا لا تكونين مدرستنا الأولى في المساواة أيضاً..؟؟
المحامية صفاء رحروح (أيها الآباء والأمهات: عفواً فأنتم تخطئون!)
narass8899@yahoo.com
خاص: "نساء سورية"
خاص: "نساء سورية"
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon