في أول رد فعل "مطبوع" (في الصحافة الورقية) على مشروع القانون الظلامي الذي يهدف إلى المزيد من العنف ضد المرأة والطفل، وإلى تفتيت سورية حسب انتماءات أبنائها وبناتها الطائفية، نشرت جريدة "النور" (الصادرة عن الحزب الشيوعي السوري)، انتقادا للمشروع المذكور..
ورغم أن الانتقاد بدا حذرا للغاية، وهو ما لا يتناسب مع خطورة مشروع القانون هذا، ولا مع الآثار التدميرية التي سيتركها على المجتمع السوري لعقود قادمة فيما إذا تم إقراره، إضافة إلى أن إقراره بحد ذاته باطل دستوريا، وباطل قانونيا بحكم التزام سورية بمجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التي وقعت عليها، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل.. رغم ذلك، يعد اتخاذ الموقف بحد ذاته خطوة متقدمة سبقت "النور" فيها الإعلام المطبوع في سورية بكافة عناوينه، والذي اتخذ موقفا غير مفهوم في صمته المطبق تجاه هذا المشروع الخطير! كما أن أيا من الأحزاب الأخرى في سورية لم تبد أي رأي حتى اليوم! وقد حذت حذوها منظمات حقوق الإنسان في سورية، على اختلاف مسمياتها، في صمت يدفعنا قسرا للتساؤل إن كانت حقوق المرأة والطفل هي "خارج" حقوق الإنسان؟! وإذا كانت هذه القوى والأحزاب والمنظمات قد التزمت الصمت "خوفا"! أم "موافقة"! وكلاهما أمر من الآخر! إلا أن أي مبرر لا يعفي هذه القوى جميعها من أن صمتها اليوم هو تواطئ صريح مع الرؤى الظلامية التي وضعت المشروع، وتحاول أن تقود سورية، من خلال هذا المشروع، إلى تدمير المجتمع المدني فيها، و"بناء" مجتمع الطوائف والعشائر القائم كليا على العنف والتمييز ضد كافة أفراده، وخاصة المرأة والطفل!
من هنا، فإننا نوجه رسالة علنية إلى هذه القوى جميعا أن تبادر إلى تحمل مسؤولياتها تجاه هذا المشروع الذي قد يسير بالحياة في سورية (فيما إذا أقر)، قرونا إلى الوراء، ويشرع سيطرة مطلقة لأشد رجال الدين تشددا وظلامية في رغباتهم التي وضعت في المشروع للسيطرة على كافة مناحي الحياة الأسرية في سورية.
الصمت اليوم، هو اشتراك في الجريمة التي ستلحق أبناءنا وبناتنا من بعدنا.. الجريمة التي ستلحق وطننا بكل من فيه، إذا لم نقف جميعا لنقول لهذا المشروع: لا!
نص المادة المنشورة في "النور".
التشريع الجديد.. هل يتماشى مع العصر؟! منذ أيام قليلة وزعت الحكومة مشروع (قانون الأحوال الشخصية) الجديد، على الوزارات وعلى العديد من الهيئات والمؤسسات في البلاد، لدراسته ووضع الملاحظات عليه قبل مناقشته في مجلس الوزراء وإحالته إلى مجلس الشعب. وبعد الدراسات الأولية التي جرت له تبين وجود العديد من المواد والنصوص فيه، التي لا تلبي احتياجات تطور المجتمع، بل وتتعارض نصوص أخرى منه مع هذا الهدف. بعد عقود من العمل بقانون الأحوال الشخصية الساري المفعول الآن، وبعد عقود من المتغيرات الاجتماعية وتطور الحياة، كان الناس يعولون كثيراً على تعديل هذا القانون وجميع القوانين التي تمس حياتهم اليومية والإنسانية، باتجاه صاعد إلى الأمام، بل وهناك إجماع على ضرورة إحداث نقلة تشريعية حضارية ومتطورة تشمل جميع التشريعات. إن الانطباع الذي يخلقه الاطلاع الأولي على نصوص المشروع الجديد هو أنه مشروع يسير في عكس الاتجاه المطلوب. وبانتظار استكمال توزيعه ودراسته من قبل قوى المجتمع ومنظماته السياسية والاجتماعية والثقافية، نأمل من السلطات المسؤولة الأخذ بالحسبان أن أي عودة إلى الوراء في الشأن الاجتماعي وفي القوانين التي تحكم علاقات الناس اليومية بعضها ببعض، هو أمر لا يخدم التطور الاقتصادي والحضاري للشعب بل والسياسي أيضاً، كما لا يخدم المسألة المركزية التي هي بناء الدولة الوطنية المعاصرة.
النور، العدد 391، (3/6/2009)
- (جريدة "النور" تنتقد مشروع قانون "الأحوال": يسير في عكس الاتجاه المطلوب)
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon