لماذا لم تقولي له يارهادة؟!

لماذا لم تقولي له إن قانون العقوبات في سوريا لا يستقي أحكامه ومواده من الشريعة الإسلامية؟.. مثله مثل القانون المدني والدولي وقانون السير وغيرها، إنها أحكام وضعية وليست إلهية، أي من صنع البشر، أفلا يحق للبشر أن يغيروا أو يطوروا ما فعله أمثالهم من البشر قبلهم؟.. ومن أين تأتيها القداسة التي يحاول إضفاءها عليها؟.. وأن القوانين الوضعية في بلادنا ليست للمسلمين فقط، وأنها تطبق على بقية الطوائف بالدرجة نفسها..

 ولماذا لم تقولي له يا سيدتي هل أنت مخوّل بتشكيل لجنة على هواك للنظر في المادة /548/ من قانون العقوبات التي تبيح قتل النساء؟.. وإذا كان لا بد من تشكيل لجنة وفق رأيك، أفلا يجب أن يكون فيها ممثل أو أكثر من بقية الطوائف، شركاؤنا في الوطن، على حد تعبير الأشقاء اللبنانيين، كالبطرك هزيم، أو ربما صفير، ولماذا لم تقولي له أن الكثير من أحكام قانون الأحوال الشخصية تم تعديلها وإضافة مواد مستحدثة لم ترد في الشريعة الإسلامية؟..

ولماذا لم تقولي له أن سورية على حد علمنا دولة علمانية.. أو في أبسط الأحوال عصرية.. وأننا لسنا في هلمند وخورا بورا؟.. ولماذا لم تقولي له أن مجلة الأحكام العدلية العصملية التي كان معمولاً بها في سورية تم إلغاؤها، ووجدت الأحكام الوضعية طريقها إلى قانون الأحوال الشخصية في سورية دون أخذ رأيك غير الإختصاصي؟..

ولماذا لم تقولي له من قال لك أن جميع مواد القوانين في سورية المدني والعقوبات والدولي يجب الرجوع فيها إلى الشريعة الإسلامية ومطابقتها معها؟..

ولماذا لم تقولي له أن السنهوري باشا لم يكن مفتي الديار المصرية عندما أرسى معظم مواد القوانين الوضعية في مصر ومنها انتقل معظمها إلى سورية؟..

ولماذا لم تقولي له أننا على حد علمنا أن هناك لجنة في مجلس الشعب اسمها لجنة القوانين، فما هو عملها؟.. وما هو رأيها بهذا الموضوع؟.. أم انك اختصرتها بشخصك الكريم؟..

ولماذا لم تقولي له إذا كان رأي الدكتور حبش ليس ملزماً فلماذا يكون رأيك هو الملزم؟.. ولماذا لم تقولي له إذا كان ولا بد من الرجوع إلى الشرع، فإن الأصل في الأشياء الإباحة، وأن كل مالم ينص عليه الشرع بالتحريم أو بالحظر فهو مباح في رأي جميع الفقهاء، وأن الأصل في الأشياء البراءة قبل التجريم كقاعدة معمول بها في القانون السوري؟..

فلماذا يطلب ابتداءً الرأي فيما إذا كانت المادة سيئة الذكر مخالفة للشريعة ليتكرم ويعيد النظر فيها؟.. أي أنه يقلب الموضوع رأساً على عقب، ولماذا لم تقولي له أن هناك قاعدة فقهية، أفترض أنه يعرفها جيداً، وهي أنه يجوز لولي الأمر الاجتهاد في الكثير من القاعد الشرعية إذا كان في ذلك مصلحة للأمة؟.. ويعرف.. ونعرف أن ذلك قد حدث أكثر من مرة في تاريخنا المجيد، ولماذا لم تقولي له في تلك المقابلة التلفزيونية، عندما تكرم بالقول (إن النساء شقائق الرجال)، وأن من تريد تكريمها تقول عنها أخت رجال، هل تقبل أن أناديك يا أخا حرمة؟.

كنت مهذبة جداً في تلك المقابلة التلفزيونية* يارهادة، ونعلم وتعلمين ويعلم حضرته، أن تعديل أو استحداث أي قانون إذا تم العزم عليه لن يطلب رأيه شخصياً، فلماذا كل هذا الهمر، طالما المسألة ليست لعب زمر؟.. ونعلم أن مهمة صياغة وتطوير وتعديل القوانين عندنا تحتاج إلى مشروع وطني حقيقي، للعمل على إعادة النظر بالكثير من الأحكام التي عفى عليها الزمن، وتجاوزتها الكثير من قوانين حتى في الدول العربية، وأن هناك توجه حقيقي في هذه الآونة لعمل جاد فيما يتعلق بالقوانين التمييزية ضد المرأة، وأن المسألة فيما يبدو مسألة وقت، فهل كان يريد فقط تسجيل مواقف ذكورية من أجل تأكيد الانتماء للذكور جداً؟

*- ملاحظة من "نساء سورية":
ندوة تلفزيونية أجراها تلفزيون المشرق حول "جرائم الشرف" وضمت كل من الزميلة رهادة عبدوش، الزميل إبراهيم باخوس، وعضو مجلس الشعب غالب عنيز. دافع فيها السيد غالب عنيز عن المواد العار (548-192) ناكرا تصريحات رجال دين أدانوا المواد وطالبوا بإلغائها فورا لتنناقضها التام مع الإسلام والمسيحية، مثل مفتي الجمهورية، رغم أنها مثبتة في أكثر من مكان، ورغم أن السيد عنيز يعرف أن تلك التصريحات حقيقية ومثبتة.



المحامي علم الدين عبد اللطيف، زاوية "قمر وبحر"، (لماذا لم تقولي له يارهادة؟!)، alamad@scs-net.org

خاص: نساء سورية

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon