في البداية لا بد من الإشارة إلى أن مشروع القانون يتعارض بشكل واضح مع دستور الجمهورية العربية السورية. فهو يتعارض مع المواد التالية من الدستور:
المادة 25: (3- المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات. 4 - تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين). المادة 26: (لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك). المادة 33: (2- لكل مواطن الحق بالتنقل في أراضي الدولة إلا إذا منع من ذلك بحكم قضائي أو تنفيذا لقوانين الصحة والسلامة العامة). المادة 36 (العمل حق لكل مواطن وواجب عليه وتعمل الدولة على توفيره لجميع المواطنين) المادة 45 (تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي). ويتعارض مشروع القانون أيضا مع خطط التنمية التي وضعتها الدولة وخططها الإستراتيجية لتطوير المرأة وتمكينها على كافة المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية. فقد ورد في الفصل الثالث من الخطة الخمسية العاشرة في تحديد الإطار المرجعي للاتفاقية إنه (من أولويات المرامي والغايات بعيدة المدى إيلاء أهمية أكبر للمساواة والعدل الاجتماعي وتحقيق تنمية متوازنة. ومن المخطط له بهذا الشأن وضع إستراتيجية وطنية للنهوض بالمرأة ومراعاة جوانب النوع الاجتماعي في برامج التنمية). وعليه فإن آلية النهوض بالقطاعات الاجتماعية والخدمية تستتبع (وضع إستراتيجية وطنية للنهوض بأوضاع المرأة وتحقيق مستويات أفضل من المساواة بين المرأة والرجل).و (تطوير إستراتيجية للنهوض بالطفولة والطفولة المبكرة). كما بينت الخطة أنه من أجل نجاح إستراتيجية الحكومة المرتبطة بقضايا السكان والصحة الإنجابية والنوع الاجتماعي وبلوغ أهدافها لابد من) مشاركة أوسع من النساء والرجال داخل الأسرة وبين الشباب وضمن إطار المساواة بين ا لجنسين وتمكين المرأة كما صادقت عليه اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة). وعليه لا بد من وضع (برنامج لتطوير التشريعات والقوانين الداعمة لقضايا السكان والصحة الإنجابية والنوع الاجتماعي) وذلك من أجل (ردم فجوة النوع الاجتماعي في كافة المجالات)و (تمكين المرأة في مجال التشريعات والقوانين). وبينت الخطة أن الرؤية المستقبلية للتعاون الدولي (الانفتاح على العالم وبناء علاقات تعاون دولي على:أساس تشاركي تحترم المصالح المتبادلة وتضمن الاستفادة المثلى من فرص هذا التعاون الدولي بما يعزز دور سورية الإقليمي والدولي ويساهم في تحقيق أهداف التنمية الوطنية الاقتصادية والاجتماعية وأهداف التنمية للألفية التي التزمت بها الجمهورية العربية السورية). وفي فصل تمكين المرأة ورد بأنه (تضع الخطة الخمسية العاشرة نصب أولوياتها ضرورة تحقيق تطور نوعي في حياة المرأة السورية وإدخال قضايا النوع الاجتماعي كمتغيرات أساسية في البرامج والمشروعات التي سيتم تنفيذها خلال السنوات الخمس المتعاقبة)، وأن هذا الأمر يحتاج (إلى إعادة النظر بعدد من التشريعات والأطر المؤسسية التي قد تقف عائقًا أمام تطوير أوضاع المرأة السورية). وبينت الخطة أن أهم المشكلات والتحديات التي تواجهها في هذا المجال أنه (لم يتم إجراء الإصلاحات التشريعية اللازمة). و(بقيت العادات والتقاليد تلعب دورًا لتكريس الصورة النمطية للمرأة ولم يتم إعمال القوانين والتشريعات والأخذ بالإصلاحات للحد منها بالشكل المطلوب). وعليه ضمن الاستراتيجيات (لا بد إدخال التعديلات التشريعية من أجل تفعيل الاهتمام بقضايا النوع الاجتماعي وترجمة الالتزامات الدولية التي تعهدت بها سورية إلى واقع إجرائي) حيث (ستتم مراجعة القوانين المتعلقة بحقوق المرأة وتعديل ما هو قائم منها كي تتمتع بها بالكامل ومن دون انتقاص) وكذلك (سيتم تعديل القوانين والتشريعات وتطبيق الإجراءات المتكاملة لمنع الإهانة الشخصية وممارسة العنف ضد المرأة والحد منه، وكذلك تحديث وتطوير القوانين والتشريعات الوطنية بما ينسجم مع اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وإصدار قانون مدني للأسرة يضمن حقوق أفرادها ويكرس المساواة الفعلية بين المرأة والرجل ويوفر الحماية للنساء من العنف ويساهم بالحد من التقاليد والعادات البالية التي تعيق مساهمتها في بناء مجتمع متحرر وعصري وديمقراطي). ويتعارض مشروع القانون مع جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي التزمت بها سورية. فهو يتعارض مع المواد التالية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة: المادة 1: )يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء). المادة 2: (لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلا أو موضوعا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعا لأي قيد آخر علي سيادته). المادة 7: (الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز) المادة 13: (1- لكل فرد حق في حرية التنقل وفى اختيار محل إقامة داخل حدود الدولة 2 - لكل فرد حق في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده، وفى العودة إلى بلده). المادة 16: (1 - للرجل والمرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين وهما يتساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله) وفي هذا السياق نص قرار لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في دورتها السادسة والخمسين (2000/46) المتعلق بإدماج حقوق الإنسان للمرأة في منظومة الأمم المتحدة: (إن لجنة حقوق الإنسان، إذ تؤكد من جديد أن المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل مجسدة في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وغيرها من صكوك حقوق الإنسان الدولية). و إن إعلان وبرنامج عمل فيينا الصدر عن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان المعقود في فينا 1993 أكد على (إن حقوق الإنسان للمرأة وللطفلة هي جزء غير قابل للتصرف من حقوق الإنسان العالمية وجزء لا يتجزأ من هذه الحقوق ولا ينفصل عنها. وإن مشاركة المرأة مشاركة كاملة وعلي قدم المساواة في الحياة السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية علي الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، واستئصال جميع أشكال التمييز علي أساس الجنس، هما من أهداف المجتمع الدولي ذات الأولوية).و (22. ويطلب المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان إلى جميع الحكومات اتخاذ جميع التدابير المناسبة امتثالاً لالتزاماتها الدولية ومع المراعاة الواجبة للنظم القانونية السائدة في كل منها وذلك لمواجهة التعصب القائم على أساس الدين أو المعتقد وما يتصل به من عنف، بما في ذلك ممارسات التمييز ضد المرأة....). ونص قرار لجنة حقوق الإنسان 2000/33 بصدد تنفيذ إعـلان القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد (إن لجنة حقوق الإنسان،وإذ يساورها بالغ القلق إزاء ازدياد العنف والتمييز المرتكبين ضد الأقليات الدينية، بما في ذلك الأخذ بتشريعات تقييدية وتطبيق التدابير التشريعية والتدابير الأخرى تطبيقاً تعسفياً) وعليه يجب على الحكومات (أن تتخذ، طبقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، جميع التدابير اللازمة لمكافحة الكراهية والتعصب وأعمال العنف والترهيب والإكراه بدافع من التعصب القائم على الدين أو المعتقد، مع مراعاة الأقليات الدينية بوجه خاص، وأن تولي أيضاً اهتماماً خاصاً للممارسات التي تنتهك حقوق الإنسان للمرأة والتي تنطوي على تمييز ضد المرأة). ومع الإشارة إلى أن الحكومة السورية قد ألتزمت بأهداف التنمية للألفية التي تضمنت بأنه (يجب عدم حرمان أي فرد أو أمة من فرصة الاستفادة من التنمية. ويجب ضمان المساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص للرجل والمرأة) وعليه لا بد من (تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة باعتبارهما وسيلتين فعالتين لمكافحة الفقر والجوع والمرض، ولحفز التنمية المستدامة فعلا). وفي التقرير الوطني الثاني لأهداف التنمية للألفية في الجمهورية العربية السورية، بين التقرير أن من العوامل المساعدة لتحقيق هذه الأهداف (3 إصدار مجموعة من القوانين والمراسيم التشريعية الخاصة بتحسن أوضاع المرأة والأسرة) وأن من التدخلات الإستراتيجية (6 _ تطوير القوانين والتشريعات انسجاماً مع اتفاقية عدم التحيز ضد المرأة وإصدار قانون مدني للأسرة يضمن حقوق أفرادها ويكرس المساواة الفعلية بين المرأة والرجل ويوفر الحماية للنساء من العنف ويساهم بالقضاء على العادات والتقاليد التي تعيق مساهمتها في بناء مجتمع متحرر عصري وديمقراطي) و(مكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة وتنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة). و كان إعلان بيجين قد أكد التزام الدول بـ: (8- تساوي النساء والرجال في الحقوق والكرامة الإنسانية المتأصلة، وسائر المقاصد والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وغير ذلك من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، ولا سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، فضلاً عن إعلان القضاء على العنف ضد المرأة، وإعلان الحق في التنمية؛ 9- ضمان الإعمال الكامل لحقوق الإنسان للمرأة والطفلة باعتبارها جزءاً لا يقبل التصرف أو التجزئة أو الفصل عن جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية؛ 14- أن حقوق المرأة من حقوق الإنسان؛ 15- أن المساواة في الحقوق، والفرص، والوصول إلى الموارد، وتقاسم الرجل والمرأة المسئوليات عن الأسرة بالتساوي، والشراكة المنسجمة بينهما أمور حاسمة لرفاهيتهما ورفاهية أسرتهما وكذلك لتدعيم الديمقراطية؛). وفي نطاق منهاج العمل لإعلان بيجين فإن الإجراءات التي يتعين اتخاذها ضمن الهدف الاستراتيجي ج /2 من المنهاج المتعلق بتعزيز البرامج الوقائية التي تحسّن صحة المرأة هو (القضاء على المواقف والممارسات الضارة، بما في ذلك الختان، وتفضيل الأبناء الذكور (مما ينتج عنه وأد الإناث والانتقاء الجنسي قبل الولادة)، والزواج المبكر، بما في ذلك زواج الأطفال، والعنف الموجه ضد المرأة).و أنه (سوف تظل حقوق الإنسان للمرأة، على نحو ما حددتها الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، إسماً بغير مسمى ما لم تنل الاعتراف الكامل وما لم تتم حمايتها وتطبيقها وتنفيذها وإعمالها في القانون الوطني فضلاً عن الممارسة الوطنية، والمدونات المدنية والجنائية والتجارية والمدونات الخاصة بالأسرة، والعمل، وفي القواعد والأنظمة الإدارية)و (. إن ما يعوق تمتع المرأة تمتعاً كاملاً بالمساواة في الحقوق هو التناقضات بين بعض التشريعات الوطنية والقانون الدولي والصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان)، (ويديم انعدام المساواة الفعلية أيضاً عدم إنفاذ جملة أشياء من بينها القوانين أو المدونات المتعلقة بالأسرة والقوانين أو المدونات المدنية والجنائية والمتعلقة بالعمل والتجارة أو القواعد والأنظمة الإدارية التي يقصد بها ضمان تمتع المرأة تمتعاً كاملاً بحقوق الإنسان والحريات الأساسية). وعليه فإنه من أجل ضمان المساواة وعدم التمييز أمام القانون يجب على الحكومات اتخاذ الإجراءات التالية: ((ج) تجسيد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في تشريعاتها، وضمان التطبيق العملي لهذا المبدأ، من خلال القانون والوسائل الأخرى الملائمة؛ (د) استعراض القوانين الوطنية بما في ذلك قوانين العرف والممارسات القانونية في المجالات المدنية والجنائية وفي مجالي الأسرة والعمل، والقانون التجاري ضماناً لتنفيذ المبادئ والإجراءات الواردة في جميع الصكوك الدولية ذات الصلة المتعلقة بحقوق الإنسان، وذلك عن طريق التشريعات الوطنية، وإلغاء ما تبقى من قوانين تميّز على أساس الجنس وإزالة التحيز على أساس نوع الجنس في إقامة العدل) وفي مجال القضاء على جميع أشكال التمييز ضد الطفلة على الحكومات ((د) إزالة ما تواجهه الطفلة من غبن وعقبات فيما يتعلق بالإرث، حتى يتمتع كل الأولاد بحقوقهم دون تمييز، وذلك عن طريق جملة أمور، منها القيام، حسب الاقتضاء، بسن وإنفاذ التشريعات التي تضمن لهم المساواة في حق الخلافة، وتكفل لهم المساواة في أن يرثوا، بغض النظر عن جنس الطفل؛ (هـ) سن وإنفاذ القوانين الكفيلة بأن لا يتم الزواج بغير الرضا الحر والكامل للمقدمين على الزواج؛ ويضاف إلى ذلك سن القوانين المتعلقة بالحد القانوني الأدنى لسن الرشد والحد الأدنى لسن الزواج، وإنفاذ تلك القوانين بصرامة ورفع الحد الأدنى لسن الزواج عند الاقتضاء). و ضمن الإستراتيجية الوطنية للمرأة في الجمهورية العربية السورية وتطبيق إعلان بيجين، فقد تمت الإشارة إلى أن (القوانين والتشريعات والأنظمة التي ما زالت تضم نصوصاً تحد من حقوق المرأة، وهي على الرغم من ضآلة نسبتها بالمقارنة مع المجموعة الأولى من القوانين والتشريعات، إلا أنها تمس قضايا مركزية ومؤثرة بالنسبة لمواطنية المرأة وحقوقها المدنية والشخصية في الأسرة والمجتمع، وفي مقدمة هذه المجموعة من القوانين قانون الأحوال الشخصية الذي يتطلب دراسات معمقة، بهدف استصدار قانون متكامل ومتقدم للأسرة العربية السورية، وبما ينسجم مع مبادىء الدستور الوطني وخاصة المادتان /44/ و/45/ منه). ويتعارض مشروع القانون أيضا مع العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، اللذان وقعت عليهما سورية. فالمادة الثانية والثالثة من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية نصتا على أن (2. تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب) وأن (تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد). وفي تعليق اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على التقرير الدوري الثالث المقدم من الجمهورية العربية السورية فيما يتعلق بإعمالها لإلتزاماتها تجاه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، عبرت (عن قلقها إزاء استمرار التمييز ضد المرأة في مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع السوري، وهو ما ينعكس بصفة خاصة في المشاركة المحدودة للمرأة في عملية اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية، وفي تدني السن القانونية لزواج الفتيات..) وأكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة الثالثة منه على أن (تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة تساوى الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد).و في المادة 12 (لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته). وبين في المادة 23 على أن (2. يكون للرجل والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج، حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة. 3. لا ينعقد أي زواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه. 4. تتخذ الدول الأطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوى حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. وفى حالة الانحلال يتوجب اتخاذ تدابير لكفالة الحماية الضرورية للأولاد في حالة وجودهم). و أكدت المادة 26 من العهد على أن (الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب). وفي تعليق لللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية - الدورة الثامنة والستون (2000) - التعليق العام رقم 28 - المادة 3 (المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء)، بينت بأنه (23- ويتعين على الدول أن تعامل الرجل والمرأة على قدم المساواة فيما يتعلق. ومن حق الرجل والمرأة التعاقد على الزواج برضاهما رضاءً كاملاً لا إكراه فيه، ويقع على عاتق الدول التزام بحماية التمتع بهذا الحق على أساس من المساواة. وهناك عوامل عديدة قد تمنع المرأة من اتخاذ قرار بالزواج دون إكراه. ويتعلق أحد هذه العوامل بالسن الأدنى للزواج. وينبغي للدول أن تحدد هذا السن وفقا لمعايير متكافئة بين الرجل والمرأة). و يتعارض مشروع القانون مع اتفاقية حقوق الطفل لاسيما المواد التالية: المادة 2 (1 - تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الإثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر) المادة 18 (1 - تبذل الدول الأطراف قصارى جهدها لضمان الاعتراف بالمبدأ القائل إن كلا الوالدين يتحملان مسؤوليات مشتركة عن تربية الطفل ونموه. وتقع علي عاتق الوالدين أو الأوصياء القانونيين، حسب الحالة، المسؤولية الأولي عن تربية الطفل ونموه. وتكون مصالح الطفل الفضلى موضع اهتمامهم الأساسي). ونص إعلان حقوق الطفل لعام 1959 على أنه (يجب أن يتمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة في هذا الإعلان. ولكل طفل بلا استثناء أن يتمتع بهذه الحقوق دون أي تفريق أو تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو لأسرته). ويتعارض مشروع القانون مع اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة لاسيما المادة 16 منها ( 1. تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة: (أ) نفس الحق في عقد الزواج، (ب) نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفى عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل، (ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه، (ح) نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفى جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول، (هـ) نفس الحقوق في أن تقرر، بحرية وبإدراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه، وفى الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق، (د) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأعراف، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفى جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول، (ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحق في اختيار إسم الأسرة والمهنة ونوع العمل، (ح) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض. 2. لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي اثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرا إلزاميا). فرغم تحفظ الجمهورية العربية السورية على هذه المادة، فإن الاتجاه العام في الحكومة كما بينا أعلاه، هو لرفع التحفظ عن العديد من فقرات هذه المادة لتعارضها مع روح الاتفاقية. فقد ورد في التوصية العامة للجنة القضاء على التمييز ضد المرأة رقم 21 المتعلقة بالمساواة في الزواج والعلاقات الأسرية حيث تعد هذه التوصيات العامة ملزمة للدول الأعضاء على أنه: (14- تكشف أيضا تقارير الدول الأطراف عن أن تعدد الزوجات يمارس في عدد من البلدان. وتعدد الزوجات يخالف حق المرأة في المساواة بالرجل، وقد تكون له نتائج عاطفية ومالية خطيرة عليها وعلى من تعولهم إلى حد يستوجب عدم تشجيع هذه الزيجات وحظرها. وتلاحظ اللجنة بقلق أن بعض الدول الأطراف التي تضمن دساتيرها تساوي الحقوق، تسمح بتعدد الزوجات وفقا لقانون الأحوال الشخصية أو للقانون العرفي. وهذا ينتهك الحقوق الدستورية للمرأة ويخالف أحكام المادة 5(أ) من الاتفاقية. 17- تبين دراسة تقارير الدول الأطراف أن كثيرا من البلدان تنص في نظمها القانونية على حقوق ومسؤوليات الزوجين، اعتمادا على تطبيق مبادئ القانون العام أو القانون الديني أو العرفي، بدلا من التقيد بالمبادئ الواردة في الاتفاقية. ولهذه التفاوتات في القوانين والممارسات المتعلقة بالزواج عواقب واسعة المدى على المرأة، وتقيد دائما حقوقها في تساوي المركز والمسؤولية داخل الزواج. وهذه القيود كثيرا ما تؤدي إلى إعطاء الزوج مركز رب الأسرة وصاحب الكلمة الأولى في اتخاذ القرارات، وبالتالي تخالف أحكام الاتفاقية. 19- تعترف معظم الدول وفقا لنص المادة 5 (ب)، بمبدأ تقاسم الوالدين المسؤولية تجاه أطفالهما من حيث الرعاية والحماية والإعالة. وقد أدرج المبدأ القائل ب "إيلاء مصالح الطفل الفضلى الاعتبار الأول" في اتفاقية حقوق الطفل (قرار الجمعية العامة 44/52، المرفق)، ويبدو أنه أصبح مقبولا على الصعيد العالمي. بيد أن بعض البلدان لا تلتزم، في الممارسة العملية، لا تلتزم بمبدأ منح الوالدين مركزا متساويا، كما أن الكثير من الآباء لا يشاركون في مسؤولية رعاية أطفالهم وحمايتهم وإعالتهم إذا كانت الأمهات مطلقات أو يعشن منفصلات. 38- وتحدد بعض البلدان سنا لزواج الرجل تختلف عن سن زواج المرأة. وبما أن مثل تلك الأحكام تنطوي على افتراض خاطئ مؤداه أن معدل النمو الفكري لدى المرأة يختلف عنه لدى الرجل، أو أن طور النمو البدني والفكري عنـد الزواج لا أهمية له، فلا بد من الغائها. وفي بلدان أخرى يسمح بقيام أفراد الأسرة بإجراء خطوبة الفتيات أو بالمواعدة بالزواج نيابة عن الفتاة. ومثل تلك التدابير لا تخالف الاتفاقية فحسب بل وتتعارض أيضا مع حق المرأة في أن تختار شريكها بحرية). ومن الجوانب الإيجابية التي رأتها اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في معرض تعليقاتها على تقرير الجمهورية العربية السورية هو قرار الحكومة سحب تحفظاتها على المواد 2 و5 1 (4)و 16 (1) (زاي) و16 (2). وأوصت اللجنة بالدولة الطرف أن تولي أولوية عالية لعملية إصلاح قوانينها، وأن تقوم، دون تأخير ود اخل إطار زمني واضح، بتعديل أو إلغاء التشريعات التمييزية بما يشمل الأحكام التمييزية في قانونها للأحوال الشخصية وقانوني العقوبات والجنسية. ولا بد هنا من الإشارة إلى أجوبة الحكومة السورية على أسئلة اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة المتعلق بتعديل قانون الأحوال الشخصية. السؤال الثلاثون: -) يشير التقرير إلى أن أغلب مواد قانون الأحوال الشخصية هي مواد تمييزية إلى حد كبير ويجري العمل حاليًا على اقتراح قانون أسرة حديث يضمن حقوقًا متساوية" للمرأة والرجل " (الصفحة 22) يرجى تقديم معلومات عن نطاق هذه الاقتراحات وتقيدها المرتقب بالاتفاقية والإطار الزمني المتوقع للبت فيها - كما سبق وذكرنا بأن الخطة الخمسية العاشرة أكدت على ضرورة مراجعة التشريعات المتعلقة بالمرأة وصولا إلى قانون أسرة مدني وبهذا الصدد تم إعداد مشروع للقانون من قبل الهيئة السورية وسيتم مناقشته مع جميع الجهات المعنية /الحكومية والأهلية / ليتم صياغة المشروع وتقديمه إلى الجهات المختصة لدراسته ومن ثم رفعه إلى مجلس الشعب، والاقتراحات المتضمنة في المشروع تتوجه نحو المساواة بين الرجل والمرأة في الواجبات والمسؤوليات).
المحامي وسام جلاحج، (ملاحظات أولية على مشروع قانون الأحوال الشخصية وتعارضه مع الاتفاقيات الدولية)
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon