الحب هو أن يشعر الإنسان بصدق ويرغب بصدق ويفعل بصدق ,الحب هو فعل المشاعر والرغبات الصادقة وكما يقول (كير كجارد) أن الحقيقة لا توجد في حياة الإنسان إلا من خلال الفعل وحيث أن الصحة النفسية تضيع بضياع الحقيقة من حياة الإنسان لهذا فإن الفعل ضروري لصحة الإنسان النفسية والفعل معناه أن يطبق الإنسان أفكاره النظرية في الحياة الواقعية. (السعداوي,1974,ص 230)
الحب كما يعرفه علماء النفس هو مظهر من مظاهر الحياة الانفعالية للفرد وهو إحساس يجعل الفرد يميل إلى من يحب ويهوى وهو يرتبط بشحنة انفعالية متناسقة العناصر<اليونسكو1987> (زحلوق ووطفة,1995,ص 71)
الحب حالة انفعالية تتركز فيها مشاعر الشخص نحو شخص آخر أو نحو شيء يفرغ فيه عاطفته, إن الحب ليس فقط علاقة شخص بشخص معين بل إن الحب موقف, اتجاه للشخصية يحدد علاقة الشخص بالعالم ككل لا نحو موضوع واحد للحب
وتعرف (دورتي تينوفD.tennov' )حالة الولع والعشق الجامحة بأنها حالة عاطفية غير ثابتة تتراوح ما بين الإحساس بالاعتراف والمساعدة المتبادلة هذا الإحساس الذي يثير البهجة السامية وبين عدم الثقة والغيرة المضنيين وينجم عن ذلك مصالحات ومشاجرات بصورة دورية (كون,1993,ص99)
وقد وضع ( لاو (lawsنموذجا ًمعاصرا ًلفهم الحب ويميز بين نماذج أو ألوان الحب في:
1.الايروس:Eros أو غريزة الحب الجامحة والحب كرغبة خالصة تهدف لامتلاك الشخص المحبوب جسديا وبشكل كامل
2.اللود س ludus: غريزة الحب المتعوي اللعبي الذي لا يتميز بالمشاعر العميقة ويسمح بإمكانية تبديل الشريك بسهولة
3.الستورجي storge:الوفاق صداقة هادئة وحميمة
4.البراغما pragma:الناشئة عن مزج غريزة اللعب والوفاق الصداقي
5.المانيا mania:أو الهوس الناجم عن جمع غريزة الحب واللعب
6.الأغابيagape:الحب النزيه الذي يتميز بالتضحية كمحصلة لاجتماع الرغبة الجنسية والوفاق (كون,1993,ص 102)
و يقول( بر نار أوليفييه) أن تحب شخصاً يعني أن تريد له الخير
أحبك باللغة الإيطالية تقول <تي فوليو بيني ti voglio bene> أي أريد لك الخير وهناك عبارة طريفة يستعملها أحد علماء الاقتصاد لوصف التخلف ويمكن تطبيقها على الحب أيضاً وهي تقول: إ نه مثل الزرافة يصعب عليك تحديدها ووصفها ولكنك عندما ترى واحدة منها تعرفها على الفور فهناك شيء لا يعرف ولا يوصف يحمل شخصين على أن يتعرف الواحد إلى الآخر كما بالغريزة أو الهوس أو الوحي (أوليفييه,1994.ص 47)
وهناك محاولة لشرح الحب بطريقة أسطورية كما في أسطورة الجنس الثالث الواردة في كتاب الوليمة لأفلاطون ففي هذه الأسطورة يظهر أفلاطون شخصيات متنوعة تعرض الواحدة بعد الأخرى مفهومها للحب وإحدى هذه الشخصيات يقول <إن الرجال البدائيين شكلوا تهديدا للآلهة فقطعوا إلى اثنين بناء على أمر زفس الإله فلم يعد الواحد منهم سوى نصف ويبحث عن نصفه الآخر وعندما يلتقيه يعرفه فوراً ولا يعود لديه إلا الرغبة في الاتحاد به.و كل الذين هم جزء من الكائن المختلط الذي كان يسمى اندروجين يحبون النساء إذا كانوا رجالا أو الرجال إذا كانوا نساء أما النساء اللواتي هن جزء من الإناث السابقات فلا رغبة لهن بالرجال والرجال الذين هم جزء من الذكور السابقين فتراهم يحبون الذكور (أوليفييه,1994,ص 48)
وهناك تعريفات سيكولوجية للحب فيعرف هارلو الحب بأنه حالة مثيرة للدهشة ويتسم بالعمق والرقة والإثابة.
يعرف واطسون الحب: عبارة عن انفعال موروث يظهر بواسطة إثارات جلدية للمناطق الشبقية
يعرفه ليفتون بأنه عبارة عن فيض من المشاعر والخيالات تجاه الآخر
يعرفه در يفر بأنه عبارة عن عاطفة نمطية متضمنة الغرام أو التعلق بموضوع ما
يعرفه ايدلبيرج: عبارة عن حالة وجدانية للشخصية كلها تجاه موضوع ما يتسم في أغلب صوره الناضجة بالرغبة في امتلاك الموضوع والتوحد معه بمشاعر الحنو تجاه الموضوع (عبد اللطيف، 1990،ص37)
إن الحب إعلام يرد إلينا وليس نحن من نبحث عنه حتى لو تملكنا الانطباع بأننا نلهث وراءه،فنحن نستقبل وكلما كانت الشخصية رحبة مهذبة وصافية كلما استطاعت أمواج الحب ولوجها فالملايين من الناس تعيق جهازهم الداخلي طفيليات ومشوشات فيخرج الحب بترجمات مغلوطة ومعكوسة والطفيليات تتمثل بالخوف والقلق والعقد والممنوعات والمكبوتات ومن الطبيعي أن الإنسان لن يبلغ حالة من الحب إلا بعد أن يطهر نفسه مرات عديدة (داكو،1990،ص178-181)
يقول تولستوي إن المحبة الحقيقية لا تتفق في كثير أو قليل مع ذاك الحب العاطفي الذي نجد له نظيرا لدى الحيوان وتقول مدام لافايت إن في الحب شيئا من كل شيء ففيه شيء من الروح وشيء من العقل وفيه شيء من القلب وفيه شيء من الجسد ولكن الحب ليس مزيجا من كل هذه الأشياء بل هو مركب إبداعي يحمل طابع ذلك الموجود الفريد الذي لن يكون إنسانا بحق إلا إذا كان أكثر من مجرد إنسان (ابراهيم،1962،ص7)
هل الحب مشكلة أم حل
إن الحب في أصله حل لا مشكلة ولكن البشر جعلوا منه مشكلة عندما عجزوا عن تنظيم حياتهم وفقا لشريعة الحب فقد اعتادوا على حياة مليئة بالكراهية والحقد.
إن الحب الحقيقي لا يمكن أن يكون نزوة أو عاطفة أو انفعال بل هو فعل أو نشاط أو إبداع إن المكانة التي طالما احتلها الحب في حياة الناس ما كانت لتجعل منه حلا لشتى مشكلاتهم بل على العكس قد جعلت منه إشكالا عنيفا تلبس بصميم وجودهم فصارت مشكلة الحب هي أول مشكلات ذلك المخلوق والإنسان يحن إلى الحب الخالص وينزع نحو السلام العميق الذي لا تشوبه شائبة من صراع أو حرب ومن هنا كان تصوره لله باعتباره المحبة المطلقة والسلام الحقيقي الذي يفوق (ابراهيم،1962،ص17-23)
إن معظم الناس يرون أن مشكلة الحب أساسا على أنها مشكلة أن تكون محبوبا أكثر منها مشكلة أن تحب
والمشكلة عندهم هي كيف تكون محبوبا ويتبعون لذلك طرق عديدة وما يعنيه إن يكون الإنسان محبوبا في معظم الحضارات هو خليط من أن يكون مقبولا وله جاذبية جنسية إن مشكلة الحب هي مشكلة متعلقة بموضوع وليس مشكلة متعلقة بملكة،يظن الإنسان (أن يحب) مسألة بسيطة ولكن أن تجد الإنسان الصحيح الذي تحبه أو يحبك مسألة صعبة
فالبحث عن الشخص الجذاب سواء كان ذكر أو امرأة يتوقف اليوم على الموضة السائدة، وتهتدي علاقات الحب الإنسانية بأنموذج المقايضة نفسه الذي يحكم السلعة وسوق العمل، إن النظرة التي ترى أنه لاشيء أسهل من الحب والدليل على أن الأمر بالعكس أنه لا يوجد أي نشاط أو أي مشروع كالحب يبدأ بآمال وتوقعات هائلة ومع هذا يفشل بشكل منتظم (فروم،2000،ص11)
الحاجة إلى الحب:
إن أعمق حاجة للإنسان هي الحاجة إلى قهر انفصاليته، هي ترك سجن عزلته، والفشل المطلق في تحقيق هذا الهدف يعني الجنون ويواجه الإنسان المشكلة عينها في كل العصور والثقافات وهي مشكلة قهر انفصاليته، كيفية تجاوز الإنسان لحياته الفردية، والجنس البشري في طفولته ما يزال يشعر باتحاده مع الطبيعة ولكن كلما تخلص الجنس البشري من هذه القيود الأولية انفصل عن العالم الطبيعي واشتدت الحاجة للهرب من الانفصال وإحدى الطرق التي كانت تمارسها القبائل القديمة هي حالات السكر والعربدة وأشد الحلول تكرارا هي الاتحاد القائم على التطابق مع الجماعة وعاداتها ومعتقداتها أما الحاجة إلى الفردانية فيتم إشباعها بالنسبة للاختلافات الثانوية ولكن الوحدة عن طريق التطابق أو الامتثال هادئة وبذلك فهي غير كافية لتسكين قلق الانفصال والعامل الآخر لتخفيف قلق الانفصال هو روتين العمل والعامل الثالث هو النشاط الإبداعي ولكنها ليست وحدة بين أشخاص وكل هذه الحلول هي حلول جزئية لمشكلة الوجود الإنساني إن الحل الكامل هو تحقيق الوحدة بين الأشخاص وهذه الرغبة في الاندماج مع شخص آخر هي توقان لدى الإنسان، وبدون حب والفشل في تحقيق هذا الاندماج يعني الجنون أو الدمار وبدون حب ماكان يمكن للإنسانية أن توجد يوما واحدا (فروم،2000،ص19)
ويقول محمد عبد الرحمن: بسبب مشاعرنا الإنسانية المؤلمة بالعزلة ولأننا ضعفاء ومكتئبين وتعساء في مقابل قوى الطبيعة الجبارة لذا يجب أن نتعاون معا لكي نحمي أنفسنا ونحيا
إن ضرورة الاتحاد مع الكائنات الحية الأخرى والاتصال بهم حاجة ماسة تتوقف عليها صحة الإنسان العقلية وحسب ترتيب الحاجات عند ماسلو تأتي الحاجات الفيزيولوجية أولا ثم حاجات الأمان ثم حاجات الحب والانتماء ثم حاجات التقدير ثم الحاجة لتحقيق الذات وبمجرد أن تشبع الحاجات الفيزيولوجية وحاجات الأمان سواء بشكل كبير أو بسيط تأتي حاجات الانتماء والحب كدوافع للسلوك ويتفق ماسلو مع روجرز على أن العجز الشائع لعدم إشباع الحاجة للانتماء والحب يعد مسؤولا عما يحدث من تصادم بين الجماعات في المجتمع (عبد الرحمن،1998،ص437)
إن الحب حاجة دفينة أصيلة في نفس الإنسان والحب عند أفلاطون على حد تعبير نتشه ليس عامل خلق وإبداع بل عامل تربية وتهذيب والتربية ليست شيئا آخر غير الحضور المستمر للحب
إن الحاجة للحب هي الحاجة إلى الانضمام والاتحاد والاندماج وكما تشدنا الجاذبية نحو الأرض سيكون الحب جاذبية تدفعنا حتما نحو النوع البشري (داكو، 1990،ص181)
أشباه الحب:
1-حب الذات: إن حب الذات لا يتجه نحو شخص على حين أن الحب الحقيقي يقوم على العلاقة غير أن حب الذات هو رابطة وهمية أو علاقة مع لا أحد ومهما تفنن الإنسان في التطلع إلى نفسه فإن هذا الحب الذاتي لن يوصله يوما إلى الآخر وإذا كنا لا نستطيع أن نجد في الطبيعة ذلك الآخر الذي ننشده فذلك لأننا نبحث أولا وبالذات عن تلك الأنت التي تستطيع أن تحطم وحدتنا وكثيرا ما تجيء هذه الأنت وتكون بمثابة همزة وصل بيننا وبين الطبيعة أي أن عالم الأشياء لا يشبع الذات ولا يحقق لها ما تنشده لأن الذات لا تنشد شيئا يقبل المعرفة بل تنشد ذاتا أخرى تتلاقى معها وترتبط بها والإنسان لا يصبح أنا بمعنى الكلمة إلا حينما ينطق لأول مرة بكلمة أنت
وربما يكون الحب أيسر الأمور وأعسرها فهو يتطلب ثمنا فادحا ندفعه بتنازلنا عن أنانيتنا ولكن يتطلب بساطة ذهنية عظيمة (ابراهيم،1963،ص43)
وهذا لا يعني أن لا يحب الإنسان ذاته فإذا استطاع الإنسان ألا يحب سوى الآخرين فقط فإنه لا يستطيع أن يحب على الإطلاق وحب الإنسان لنفسه لايعني الأنانية فالشخص الأناني لا يحب نفسه كثيرا بل يحبها قليلا جدا انه في الواقع يكره نفسه (فروم،2000،ص55)
2- الشفقة: لا يمكن أن نرجع المحبة إلى الشفقة لأن الشفقة كثيرا ما تكون مجرد استجابة تلقائية مباشرة لآلام الآخرين دون أن تكون منطوية بالفعل على ضرب من الإحساس بالحب أو العطف أو الرحمة فعندما نشارك الآخرين آلامهم ولسان حالنا يقول لكم نحن سعداء بألا تكون هذه الآلام قد نزلت بنا نحن، والواقع أن انعدام المساواة بين المحب والمحبوب هو الذي يدفعنا في كثير من الأحيان إلى إيثار استعمال كلمة شفقة أو عطف للإشارة إلى هذا النوع من التعاطف (ابراهيم،1963،ص55)
3- التعاطف:إن من شأن التعاطف أن يشعرني بأن الآخر من حيث هو موجود بشري يملك حتمية مماثلة لتلك التي أملكها.هناك روابط ووثيقة بين الحب والتعاطف ولكنها بنظر شيلر تنحصر في حقيقة واحدة هي أن الحب هو الدعامة القوية التي ترسي قواعد التعاطف أي إذا انعدم الحب انعدم التعاطف فمن الممكن أن نستشعر ضربا من التعاطف نحو شخص لا نكن له أي حب إلا أنه ليس من الممكن على الإطلاق ألا نستشعر ضربا من التعاطف نحو الشخص الذي نحبه والتعاطف عاجز عن أن يحول العلاقة السطحية الظاهرية إلى علاقة عميقة باطنية على نحو ما يفعل الحب (ابراهيم،1963،ص73)
4-الوحدة التكافلية:إن الأنموذج البيولوجي للوحدة التكافلية يتمثل في العلاقة بين الأم الحامل والجنين فهما اثنان ولكنهما واحد فهما يعيشان معا متكافلين فهما يحتاجان لبعضهما فالأم هي عالمه تطعمه وتحميه ولكن حياتها أيضا تتجمل به أما في الوحدة التكافلية النفسية يكون الجسدان مستقلين ولكن النوع نفسه من التعلق يوجد سيكولوجيا والشكل السلبي لها هو شكل الخضوع فالشخص المازوخي الذي يهرب من العزلة فيجعل نفسه جزءا لا ينفصل عن شخص آخر يوجهه ويرشده ويحميه ويفكر<<أنا كجزء منه أكون جزءا من العظمة ومن القوة ومن اليقين>>
و الشكل الإيجابي للوحدة التكافلية هو الهيمنة فالشخص السادي يهرب من عزلته بأن يجعل شخصا آخر جزءا لا ينفصل عنه.الحب هو العطاء وليس التلقي والعطاء ليس الحرمان وإنما التعبير عن الاتقاد بالحياة.و الحب هو ليس الحرية وليس إطلاقا وليد الهيمنة والحب نشاط وليس شعورا سلبيا.إنه الوقوف وليس الوقوع (فروم،2000،ص27)
أشكال الحب:
1-الحب الأخوي:وهو أشد أنواع الحب أساسية وهو الذي يتضمن جميع أنواع الحب ويقصد به الشعور بالمسؤولية والرعاية والاحترام والمعرفة إزاء أي كائن إنساني آخر والرغبة في تطوير حياته وفيه توجد تجربة الاتحاد بكل الناس وهي علاقة من المركز إلى المركز بدلا من العلاقة من المحيط إلى المحيط فإذا لم أدرك من الشخص الآخر سوى السطح الخارجي فإنني لا أدرك أساسا سوى الفروق أما إذا نفذت إلى الجوهر فإنني أدرك هويتنا أدرك حقيقة أخوتنا.الحب الأخوي هو حب بين اثنين متساويين وحتى لو كنا متساويين فإننالسنا كذلك دائما وذلك بقدر ما نحن بشر فإننا جميعا محتاجون إلى المساعدة (فروم،2000،ص47)
و الحب الأخوي بنظر شوبنهاور هو الذي يجعل الأنا تحسب على حين فجأة بأنها اندمجت في الأنت وهو ما يولد في نفس الفرد الشعور بأنه قد اتحد مع الإنسانية بأسرها (ابراهيم،1963،120)
2-الحب الأمومي:وهو تأكيد مطلق للحفاظ على حياة الطفل ونموه وله جانبان الأول هو الرعاية والمسؤولية والثاني هو الموقف الذي يغرس في الطفل حبا للحياة فأرض الميعاد وهي رمز للأم توصف بأنها تتدفق لبنا وعسلا فاللبن هو رمز الجانب الأول للحب والعسل يرمز إلى حلاوة الحياة ومحبتها ومعظم الأمهات قادرات على إعطاء اللبن لكن قلة منهن قادرات على إعطاء العسل.و يمكنك التمييز بين أولئك الذين ليس لديهم سوى اللبن وبين من حصلوا على اللبن والعسل والإنجاز الحقيقي للحب الأمومي لا يكمن في حب الأم للطفل الصغير بل في حبها للطفل الآخذ في النمو وهو الحب الذي لا يريد شيئا لنفسه ربما يكون أصعب شكل للحب يمكن أن يتحقق ويكون مدعاة أكثر خداع (فروم،2000،ص49)
3-الحب الشبقي:إن الحب الأخوي والحب الأمومي غير قاصرين على شخص واحد على العكس يكون الحب الجنسي فهو أساسي للاندماج الكامل للاتحاد مع شخص آخر وربما هذا الحب هو أشد أنواع الحب خداعا
يختلط مع تجربة الوقوع في الحب الانهيار الفجائي للحدود التي بين غريبين وهذه التجربة عن الصميمية المفاجئة هي بطبيعتها مقيدة العمر والصميمية تقوم عند معظم الناس أساسا من خلال العلاقة الجنسية ولما كانوا يعيشون انفصال الشخص الآخر كانفصال جسماني فالاتحاد الجسماني يعني قهر الانفصال ومن ناحية أخرى فالحديث عن الحياة الشخصية للإنسان هو قهر لانفصاليته فالحديث عن آماله وقلقه وحتى إظهار غضبه وكراهيته وإحباطه الكامل يؤخذ على أنه صميمية ولكنها تميل إلى النقصان مع مرور الزمن والنتيجة أن الواحد يبحث عن حب جديد مع شخص جديد مع غريب جديد يتحول إلى شخص حميم
تهدف الرغبة الجنسية إلى الاندماج وهي ليست شهوة جسمانية فالرغبة يمكن أن تستثار من قلق الوحدة أو من الحب وإذا كانت الرغبة لدى معظم الناس مرتبطة بالحب فهم يخطئون عندما يتوصلون إلى أنهم يحبون بعضهم عندما يشتهون بعضهم جسمانيا إن الجاذبية الجنسية تخلق في اللحظة ذاتها الوهم بالوحدة (التوحد)و مع هذا فإن الوحدة بدون حب تترك الغرباء متباعدين كما كانوا من قبل وأحيانا تجعلهم خجولين من بعضهم (فروم، 2000،ص53)
4-حب الله: إن أسا س حاجتنا إلى الحب هو الحاجة إلى قهر الانفصال بتجربة الوحدة أو الاتحاد والشكل الديني للحب هو حب الله والله هو أعلى قيمة وهو يعد الخير الأقصى المرغوب وحب الله لا يمكن أن ينفصل عن حب الإنسان لوالديه فإذا لم يخرج الإنسان من التعلق الشديد بالأم وإذا تمسك بالاعتماد الطفو لي على الأب المعاقب والمثيب فإنه لا يستطيع أن ينمي حبا أكثر نضجا لله (فروم،2000،ص59)
و إذا كان فرويد كما يشير معاليقي يفسر السلوك الإنساني من خلال مبدأ الجنسية فإن الايثولوجيا (علم العادات )أظهرت وجود الحب من أول نظرة عند نوع من الغربان والخطوبة عند الحيوانات التي للحب والزواج دور في حياتها تسبق بمدة طويلة الاتحاد الفيزيائي فتتم الخطوبة في الربيع الذي يلي ولادتها ولكنها لا تتناسل إلا في الربيع الذي يلي ربيع الخطوبة والزوج هنا بقدر ما يبدي من عطف وود تجاه الأنثى بقدر ما يظهر من عدوانية تجاه الذكر الآخر ويقوم الذكر بتقديم كل شيء لإرضائها وأكثر مظاهر التبادل العاطفي حين تقوم الأنثى بعملية تنظيف ريش الذكر (معاليقي، 1981)
أطوار الحب:
1-مولد الحب:يقول (لابيرو) إن الحب لا يبدأ إلا بالحب فالصداقة تتوطد مع مرور الزمن وتقوى أما الحب ينشأ على حين فجأة تحت تأثير إلهام مباغت ومهما احتدت الصداقة على طول خط مستقيم فإنها لن تستحيل إلى حب خالص والحب ليس مجرد عاطفة نسبية تترتب على عملية تفضيل أو مقارنة إنه على حد تعبير( جانكلفتش) حد أقصى وغاية عليا
و يذهب( بيير جانيه) إلى أن الحب يتولد في لحظة هبوط نفسي تكون مواتية بصفة خاصة للتقبل المرضي وفي هذه اللحظة يستطيع أي موضوع كائنا ما كان أن يجيء ويحدث تأثيره على الدماغ المريض أو يترك انطباعه في تلك العقلية المختلة أي أن الحب وهم من الأوهام
و الحب برأي( ما ريل بر وست) عاطفة سابقة على عملية اختيارنا لموضوع حبنا فعندما يجيء المؤثر العاطفي ويوقعنا في الحب لا في حب موجود بعينه بل في حب ذلك الكائن الذي يتصادف وجوده في طريقنا في اللحظة التي نستشعر فيها تلك الحاجة الغامضة إلى التلاقي ويجيء الحب فيختار شخصية محبوبة بأكملها وليس فقط أن يحب كل محبوبه وإنما أن لا يحب إلا محبوبه وحده دون أي إضافة أي شيء أو موجود آخر
إن أي حب يتصور احتمال تحوله إلى كراهية إنما هو في الحقيقة شعور كاذب وعاطفة زائفة (ابراهيم،1963،ص237)
2-حياة الحب:لو رجعنا للأساطير اليونانية لوجدنا أن الحب دائما يمثل على صورة طفل وربما يرجع ذلك إلى أن الكثيرين قد وجدوا في الحب عودا إلى حياة البراءة الطاهرة وكأن المحبين يولدون من جديد ويعيشون بساطة الأطفال، والحب ليس سحرا أو سرا بل هو حياة مشتركة ومسؤولية متبادلة وهو مشاركة فعالة تتم بين حريتين ولا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان الطرفين واعيا وحرا ومسؤولا ولذلك تقرر( سيمون دي بوفوار) أننا حين نحب الآخر حبا حقيقيا فإننا نحبه في آخريته <غيريته>
فالحب عدول عن كل امتلاك
إن الحب قيمة كبرى في حياة المرأة فهي تعد الحب سببا كافيا لتبرير وجودها أما حب الرجل فهو شيء منفصل عن حياته وحب المرأة هو صميم وجودها فالمرأة ترى في الحب بذل تام للجسم والنفس معا أما الرجل فما يهمه هو الحب الذي يجيئه من قبلها ويبين لنا (ميشليهmichele) أن لعامل الزمن أهمية كبرى في حياة الحب لأن حياتنا العاطفية تمر بمراحل متعاقبة قبل أن ينضج الحب نضجا تاما فالحب مقدرة نفسية أو تكيف شخصي متبادل يستطيع عن طريقه المحبان أن يعيدا الشباب إلى حبهما في كل مرحلة من مراحل تطورهما إن الزمن وحده هو الكفيل بتطهير عاطفة الحب وتنقيتها.و لكن شخصيات المحبين في تطور مستمر فلا بد للحب نفسه من أن يخضع لضرب من التحول فلا يمكن للحب أن يكون الشيء الوحيد الذي لا يتغير في عالم لا يكف فيه كل شيء عن التغير ولكن الفيلسوف (جبريل مار سيل) يرفض فكرة تحول الحب مع الزمن فعندما أحب شخص فإنني أتوجه بحبي نحو ما هو أبدي في ذات هذا الشخص لكن تجربة المحب شاهدة على أن حياة المحبين لا تخلو من مواجهة وصراع وتحول فليس الحب اندماجا في عالم الأبدية تعاليا على حياة الصيرورة بل هو تعبير عن ذلك الصراع الودي بين الأنا والأنت ويبقى صدق الحب في دوامه واستمراره (ابراهيم،1963،ص265)
3- موت الحب:يقول أرسطو: إن حبا أمكن يوما أن ينتهي لم يكن في يوم من الأيام حبا حقيقيا. ويرى( جبريل مارس) في الحب أعمق صورة للانتصار على الموت ولكن في التجربة الإنسانية العلاقة بين الأنا والأنت كثيرا ما تستحيل بعد حين من الزمان إلى مجرد علاقة بين ذات وشيء.
إن من سمات الحب أن يغض الطرف عن السمات الشخصية ولكن في البداية لا يظهر سوى المحاسن وبعد فترة تبدأ العيوب وتطغى على باقي محاسن الشخصية.
و يلخص سارتر أسباب فشل الحب إلى عوامل ثلاثة:
العامل الأول: إن الحب في صميمه ضرب من الخداع الذاتي لأنه يتضمن حركة أو تسلسل إلى مالا نهاية: حين أحب أريد أن يحبني الآخر وبالتالي أريد أن يريد الآخر أن أحبه وهلم جرا وربما يكون سبب فشل الحب هو هذه الخديعة المستمرة فليس السبب هو نقص الكائن المحبوب أو ضعفه بل هو إدراكنا الضمني لاستحالة تحقق المثل الأعلى الذي يهدف إليه الحب وكلما زاد حب الآخر لي زاد فقداني لوجودي وبالتالي زاد ارتدادي إلى مسؤولياتي الخاصة وقدراتي الخاصة أما العامل الثاني: فهو استيقاظ الآخر ممكن في كل لحظة وممكن أن يحلني إلى موضوع مما يجعل الحب يحيا في حالة عدم اطمئنان.
ويلاحظ سار تر أن الحب دائما يكون مطلقا ولكن تدخل الآخرين يجيء دائما ويخلع عليه طابعا نسبيا ويرى أن الحب صراع مستمر بين حريتين وليس مشاركة فعالة بين ارادتين على الرغم من أن الحرية قلما تريد ذاتها إرادة حقه دون أن تريد حريات غيرها
والموت ليس الخطر الأوحد الذي يتهدد الحب فهناك خطر أ كبر هو الإحساس بالوحدة حتى في صميم الحب وكما يقول الشاعر رلكه إن الحب يحيا دائما على حافة الموت ولكن دراما الحياة البشرية تضطرنا للحب لكي يعيش وإننا نعرف أنه قد يكون أيسر على الرجل أن يموت في سبيل المرأة التي يحبها من أن يحيا في سبيلها، فالحب عند المرأة يعني السعادة والاستقرار وكون الحب يعني عند المرأة أكثر مما يعنيه عند الرجل لذلك نرى خيبة النساء في الحب أكثر من خيبة الرجال فالمرأة يصيبها إحساس أليم عندما تكتشف تفاهة الرجل الذي أحبته.
والحب عند الرجل يعني اللذة الخاطفة والتنقل والشهوة والاستمتاع العابر فالرجل يعشق بسرعة ويهجر بسرعة في حين أن المرأة لا تحب إلا بصعوبة كبرى، إن ما يريد الحب امتلاكه هو الشعور أو الضمير وليس الجسد أو الحقيقة المادية وكل استعباد للمحبوب سواء كان بالزوج أو بأي وسيلة لا بد أن يفضي إلى القضاء على الحب (ابراهيم، 1963،ص265-294)
ممارسة فن الحب:
إن عملية تعلم فن من الفنون يمكن تقسيمها إلى قسمين الأول هو السيطرة على النظرية والثاني هو السيطرة على الممارسة والتطبيق، هناك عامل ثالث ضروري هو ألا يكون أي شيء في العالم أكثر أهمية من الفن ولكن الناس في حضارتنا لا يهتمون إلا اهتماما نادرا لتعلم هذا الفن بالرغم من توقانهم العميق للحب يكاد يكون كل شيء آخر أكثر أهمية من الحب، فالحب هو ترف ليس لنا الحق في أن ننفق الكثير من الطاقة من أجله (فروم،2000،ص14)
إن ممارسة أي فن لها متطلبات عامة أولا: تتطلب ممارسة الفن النظام، لن أفلح في أي شيء إذا لم أفعله بطريقة منظمة إن أي شيء لا أفعله إلا بمزاج قد يكون هواية جميلة ولكنني لن أصبح إطلاقا سيد في هذا الفن ويجب أن يكون النظام في حياة الإنسان كلها والتركيز هو شرط للسيطرة على الفن ولكنه أيضا نادر وذلك واضح في صعوبة انفرادنا بأنفسنا فأنت تفعل عدة أشياء في وقت واحد وهناك عامل ثالث هو الصبر فإذا استعجل الإنسان للوصول إلى نتائج سريعة فإنه لن يتعلم مطلقا هذا الفن ولكن النظام الصناعي يغذي فينا العجلة والإنسان الحديث يعتقد انه يفقد شيئا (الوقت)عندما لا يصنع الأشياء بسرعة ومع ذلك هو لا يعرف ماذا يصنع بالوقت الذي يكسبه سوى قتله وشرط آخر لتعلم أي فن هو الاهتمام الأقصى وإلا سيظل الفرد هاويا ولن يصبح أستاذا في هذا الفن
وهناك نقطة أخرى وهي أن الإنسان يبدأ بتعلم الفن بشكل غير مباشر فهو يتعلم عددا كبيرا من الأشياء التي لا تبدو مرتبطة في أغلب الأحيان بالفن الذي يتعلمه (فروم،2000،ص67)
وهناك نقطة أخرى وهي أن الإنسان يبدأ بتعلم الفن بشكل غير مباشر فهو يتعلم عددا كبيرا من الأشياء التي لا تبدو مرتبطة في أغلب الأحيان بالفن الذي يتعلمه(فروم،2000،ص67)
وهناك شروط لتحقيق الحب والشرط الأساسي هو قهر ما لدى الإنسان من نرجسية والنزوع النرجسي لا يعيش فيه الإنسان كشيء حقيقي سوى ما يوجد في نفسه وظواهر العالم الخارجي تعاش من وجهة نظر أنها مفيدة ـأو خطرة على الإنسان والعكس من النرجسية هو الموضوعية وفيها نرى الناس كما هم موضوعيا وفيها نفصل الصورة الموضوعية عن صورة رسمتها رغبات الإنسان ومخاوفه والشخص الحالم يفشل تماما في أن تكون له نظرة موضوعية للعالم الخارجي فكم من زوجات يعتقدن أن أزواجهن غير عاطفين لأنهم ليسوا على الصورة الخيالية للفارس المتألق التي رسمتها مخيلاتهم وبالتالي فإن امتياز القدرة على الموضوعية هي نصف الطريق لتحقيق فن الحب وتتوقف القابلية للحب على قدرة الإنسان على الخروج من النرجسية (فروم،2000،ص106-108)
ومن شروط ممارسة فن الحب الإيمان: أن يكون لديك إيمان بشخص آخر يعني أنك متأكد من جوهر شخصيته ومن حبه وبهذا المعنى يكون لدينا إيمان بأنفسنا، إننا ندرك وجود جوهر في شخصيتنا لا يتغير ويقاوم طول حياتنا هذا الجوهر هو وراء الحقيقة، وراء كلمة أنا وما لم يكن لدينا إيمان بإصرار بأنفسنا فشعورنا بالذاتية يتعرض للخطر لأننا نصبح معتمدين على استحسان الآخرين لشعورنا بالذاتية والشخص الذي لديه إيمان بنفسه هو الذي يثق بالآخرين لأنه يدرك ويتأكد من أنه سيكون نفسه في القديم واليوم
إن الإيمان بعلاقة الحب هو الإيمان بحب الإنسان والوثوقية به والإيمان يقتضي الشجاعة والقدرة على المخاطرة والإنسان الذي يخاف واعيا من ألا يحب فإن الخوف الحقيقي وإن كان شعوريا عادة هو الخوف من أن يحب لأن ذلك يعني إلزام نفسه بدون ضمان (فروم،2000،ص115)
و هناك وجهة نظر لا تنفصل عن ممارسة الحب وهي النشاط والمقصود النشاط الباطني أي الاستخدام المثمر لقوى الإنسان، أن يكون نشطا في الفكر والشعور وتجنب الكسل الباطني ومن الوهم أن تعتقد أن الإنسان يستطيع أن يفصل الحياة بطريقة تجعله مثمرا في مجال الحب وغير مثمر في جميع المجالات الأخرى فإذا لم يكن مثمرا في المجالات الأخرى فلن يكون مثمرا في الحب ولكن السؤال هنا كيف يمكن للإنسان أن يمارس فن الحب في مجتمع قائم على بحث كل إنسان على فائدته والحب أساسا يتضمن الإقلاع عن كل اهتمامات الإنسان الدنيوية والمشاركة في حياة الفقراء (فروم،2000، ص115 )
الحب والزواج:
عندما تستحيل رابطة الحب إلى علاقة زوجية فهنا تصبح الصلة بين الأنا والأنت أكثر تعقيدا وأعمق والسبب أن شخصية كل من الزوجين تنضج بمرور الزمن وتتغير وتتأثر بعوامل خارجية عديدة كالمهنة والخبرة والسن فالحب في نطاق الحياة الزوجية لايعني تأمل المحب المحبوب أو استغراق الأنا في الأنت بل هو يعني مواجهة المحب للمحبوب وتحدي الأنا للأنت وليس من السهل أن نطلق حكما عاما على تطور الحب في نطاق الحياة الزوجية بحيث يجزم بأن الحب الزوجي في نمو وتزايد أو العكس ولابد أن نعترف أن حب الرجل لزوجته هو حب متغير متطور لابد أن يخضع لدورة الزمان والذين ذهبوا بوجود فرق شاسع بين الحب والزواج بدليل أن الرابطة الزوجية تقضي على كل ما في الحب من تلقائية، ويرى كير كجارد أن الخصم اللدود للحب هو الزواج وإذا كان كير كجارد يرى أن السبب في فشل الحب هو روتين الحياة الزوجية فهل ينجح باستمرار كل حب لا يقيد نفسه بقيود الزواج أم أن الفشل هو الكلمة النهائية في كل دراما عاطفية والموت حق على كل حب (ابراهيم،1963،ص287-292)
و من ناحية أخرى فالزواج يلزم المحبين بالوفاء ويوحي إليهم بأن الحب ليس مجرد عاطفة أو شعور بل هو تصميم وحكم وعهد فكيف يستطيع المحب أن يتعهد باستمراره في الحب لو لم يكن حبه سوى عاطفة متقلبة، والزواج حقيقة بشرية كونية ولكن الحب والزواج في العقلية التي تبدو سائدة في أيامنا هذه هما حقيقتان غريبتان الواحدة عن الأخرى والكثير من الشباب يرفضون الزواج يعتبرونه بوجه عام عائقا أمام الحب وهم بذلك يؤكدون ما يقوله (أليانور دكيتان )يجب أن يبقى الحب حرا وإذا ارتبط بمؤسسة أو بالتزام ما فإنه يذبل حتما (أوليفييه،1994،ص63)
و زواج الحب غالبا ما يؤدي إلى استفحال المصاعب بدلا من تلطيفها لأن السعادة المرجوة منه أعظم منها في حالة الزواج العادي فالصدمة في حال التنافر تكون أشد أما الزواج العادي الذي يقوم به فريق ثالث فالأمل فيه أقل والطلبات محدودة فالتراضي أيسر ومجال الخلاف أضيق فالشريكان يبدآن حياتهما على أساس الحقيقة دون الخيال فإذا بدا مظهر من مظاهر التوافق كان هذا مفاجأة سارة شائعة وهذا هو السبب في أن الزواج العادي لا يقل نجاحا عن زواج الحب
ولامناص في أ زواج الحب من مزج الحنان بالأساس الجنسي وهما ضربان من المحبة تعودنا أن نفصل بينهما (كحالة، 1977،ص23)
ويمكن وصف سوء العلاقة مع الزمان أي عدم استمرار الحب بعد الزواج من خلال ما يسمى بصيرورة القسر التي تبدأ بأن الشخص (أ)يتمنى لو يتغير الشخص (ب)نفسه وغالبا ما يتم الحديث حول المشكلة ويطلب أ من ب أن يغير نفسه فإذا غير ب نفسه فلن ينشأ الصراع وإذا وعد بتغيير نفسه وقام بذلك لفترة وجيزة عندها سيحاول أ توكيد نفسه عن طريق العقاب وبالتالي سيتصرف أ بشكل سلبي ويعود إلى الشكل الإيجابي عندما يلين ب ولكن هذا اللين يقوي في أ سلوكه التنفيري بشكل إيجابي ومن سمات هذا الأسلوب أن التعديلات لا تتم بشكل دائم مما يؤدي إلى صراع ثانية ويدخل الزوجان في حلقة لولبية مقيتة وترفع شدة العقاب لتحقيق الأثر المرغوب ويغرقان في دائرة من العدوانية الواضحة ويشعران بموت الحب وهناك أزواج يملون في النهاية ولا يبدون احتجاجهم ويعيشون حياة تتصف بانفصال انفعالي وهنا تنخفض كمية التفاعل الإيجابي ويختفي الانجذاب المتبادل وهنا قد يصبح الأشخاص الآخرون أكثر جاذبية ويتجلى بشعور الرجل بأن النساء الأخريات يفهمنه أكثر من زوجته والنتيجة لا يعود كلاهما يتصرف وفق مبدأ العطاء والأخذ (سعود،1998،ص34)
و يرى بر نار أوليفييه أن هناك مميزات للزواج التي تتضمن وجود الحب الحقيقي وهي:
1-الحب قرار: وهذا هو الفرق بين الوقوع في الحب والحب الفعلي فالحب الصاعق لا يكفي لا بد له من الإرادة ويقول( سكوت بيك) بعض الأهل يقولون لأولادهم بعد كل ما فعلناه من أجلكم أين عرفان الجميل ؟و يرى بأن هؤلاء الأهل ينقصهم الحب فنحن نحب لأننا نريد أن نحب وإذا كان الحب شعلة فالشعلة التي لا تتغذى تنطفئ وتموت ولا يبقى منها غير الرماد
إن الحب قرار <أريد أن أحبك كما أنت >و لتوفير الديمومة لهذا القرار يجب توفير المكان الثابت المستقر وهذا المكان هو الزواج فمن يحب لا يعيد النظر في حبه كل يوم (أوليفييه، 1994،ص74)
2-الديمومة: إنها جزء لا يتجزأ من الحب الحقيقي فهي الصمود وهي المزيد من الاكتشاف فلكي نغذي الحب بالديمومة يجب أن ندرك أن لدى الآخر دائما شيئا جديدا للاكتشاف
الديمومة هي الصبر في حضارة كل ما فيها عارض ومؤقت يرمى بعد الاستعمال فهناك خطر على الحب في أن يظهر شيئا للاستهلاك نرميه ما إن تنظر عليه علامات الزمن، الديمومة هي التطور فالحب ليس في أن ينظر واحدنا إلى الآخر بل أن ننظر معا باتجاه واحد. للحب أعمار ومراحل وللزواج أعمار ومراحل ولكل مرحلة سحر(أوليفييه، 1994،ص80)
3-الأمانة: قد تكون الأمانة هي العلامة الأفضل التي تبرز الطابع المقدس في الحب والتي تسمح بتجنب الابتذال فالعلاقة العابرة تجديف على الحب وإهانة لكل ما هو مقدس في الإنسان (أوليفييه، 1994،ص82)
4-التضحية: التضحية في الحب والزواج لها دائما مكان الصدارة فأن تحب يعني أن تكون قادرا على التألم ومامن نمو حقيقي شخصي بلا تضحية (أوليفييه،1994، ص85)
و برأي نوال السعداوي إن الزواج أفسد مفهوم الرجولة كما أفسد مفهوم الأنوثة فالرجولة أصبحت تعني امتلاك القوة ويصبح الرجل مطالبا بأن يكون أقوى من زوجته وإن لم يكن أقوى منها فلا بد أن يظهر للناس أنه الأقوى ولكن يشعر في أعماقه أنه أضعف ويعذبه هذا الشعور ويحاول إخفاءه بجهد نفسي أكبر وبذلك يبالغ في سيطرته وقسوته ليظهر للناس رجولته القوية (السعداوي، 1974،ص165)
الاختيار الجنسي:
نعني به العملية السيكولوجية التي يقوم بها الفرد حينما يحدد موضوع حبه مستندا إلى بعض العوامل النفسية الاجتماعية
والتقاليد الاجتماعية لا تزال تلعب دور كبير في تحديد أسلوب الاختيار الجنسي كتحديد سن الزواج بالإضافة إلى العوامل السيكولوجية التي تتدخل في عملية الاختيار الجنسي (ابراهيم، 1986،ص14)
إن اختيار الشريك يتقرر خارج إطار الوعي حيث ما من أحد مسؤول عن القرار وإن الإنسان عندما يختار شريكه الجنسي يكون دمية في يد لا واعية حسب ر. بيرودي (أوليفييه، 1994، ص55)
النظريات النفسية في الاختيار للزواج:
1-نظرية الحاجات التكميلية:
يمكن القول أن( روبرت ونش r.winch)هو صاحب هذه النظرية وفكرة التجاذب التكميلي فكرة عميقة الجذور عند أفلاطون وأرسطو ويدين الكثير من العلماء بالفضل إلى فرويد.و قد أشار دوركهايم أننا نحب من يفكرون
ويشعرون كما نفكر ونشعر و(هافلوك أليس) (لا فرويدي ) يذهب إلى أن الهارموني أو الانسجام والتناغم لا يتطلب بالضرورة تطابقا في الميول والأذواق
ويرى ونش أن الحب يعد عاملا مهما في الاختيار للزواج وهو يعرفه بأنه العاطفة الموجبة التي يجدها شخص واحد <المحب >في علاقة بين فردين يكون فيها الشخص الثاني <المحبوب >:
* مشبعا ببعض الحاجات الهامة عند الشخص الأول
* أو ظاهر للشخص الأول على أنه يمثل صفات شخصية محببة جدا له وبالتالي حسب هذه النظرية سيبحث كل فرد في محيط اللائقين للزواج عن ذلك الشخص الذي يمنيه بإمداده بأكبر قدر من إشباع حاجاته. وقد أضاف ونش أثر الزمن وأهميته كعامل هام في تغيير الحاجات (عربي كاتبي، 1997، ص105-106)
2-نظريات التحليل النفسي في الاختيار للزواج:
نظرية فرويد:
يرى فرويد أن النرجسيين يميلون إلى الزواج بأشخاص كفليين ويرى أننا نبحث إما عن شخص يشبهنا أو عن شخص يحمينا والصبي يختار والده كموضوع يريد أن يكون مثله ويختار أمه كموضوع يجب أن يتلقى منه الرعاية (عربي كاتبي، 1997،ص108)
نظرية الصورة الوالدية: أي أن صورة الوالد تلعب دورا جوهريا في عملية اختيار الشريك والفرد في طفولته المبكرة يكون علاقة عاطفية قوية مع واحد أو أكثر من الأشخاص الذين يكونون دائرته الأسرية وغالبا ما تكون عند الذكر موجهة نحو الأم وعند الأنثى موجهة نحو الأب وعندما يبلغ الذكر أو الأنثى سن الشباب فإنهما يميلان إلى إعادة تلك العلاقة وإحيائها مع من يحبون ويرغبون زوجا.أما إذا كانت تلك العلاقة غير مرضية ولا مشبعة فإنهما يتجهان إلى البحث عن شريك يشبعان في علاقتهما معه ما لم يستطيعان إشباعه أثناء طفولتهما (عربي كاتبي، 1997، ص109)
نظرية الشريك المثالي: يرى( كرستنسن )أن معظم الناس منذ طفولتهم المبكرة يكونون صورة عن شريك الحياة وهذا المفهوم عن شريك الحياة وهذا المفهوم يلعب دور الضاغط الثقافي مؤثرا في الاختيار للزواج (عربي كاتبي، 1997،ص110)
نظرية حاجات الشخصية: هناك حاجات شخصية تنمو لدى الناس نتيجة لخبرات ومواقف معينة يمرون بها وهذه الحاجات تجد الإشباع لها في العلاقة الحميمة في الزواج والأسرة وتتركز معظم هذه الحاجات حول الرغبة في التجاوب والشعور بالأمان والتقدير والاعتراف
-و يمكن القول أن هذه النظريات تعمل مجتمعة في عملية الاختيار للزواج (عربي كاتبي، 1997،ص111)
نظرية العوامل اللاشعورية: إن لب نظرية( لورنس كيوبي ) في أن المفارقات بين المطالب الشعورية واللاشعورية للزوجين تظهر أول ما تظهر في عملية اختيار الشريك ثم تنمو مع الزمن والحاجة اللاشعورية
إلى استرجاع شيء من الماضي أو إزالة آثار ألم قديم تؤثر في الاختيار للزواج تأثيرا مدمرا وينتهي كيوبي أن القدرة على الاختيار السليم تتوقف على الانسجام بين المكونات الشعورية واللاشعورية في الشخصية (عربي كاتبي، 1997،ص112)
و الحب الذي ينتج عن التشابه الأعظم يكون صاعقا كما لو أنه تفريغا عنيفا حصل في الحقل المغناطيسي لكن ديمومة هذا الحب قصيرة عموما فالموجودات تتغير والإحساس يتطور ولن يبقى إلا ذكرى الشعور بذلك الحب وإذا ولى االتشابه ولى الحب، والحاجة إلى التشابه تثير أشكالا من الاستبداد والعداوة فالآخر لا يشبهني لذلك فأنا أفقد الإحساس بتوسع ذاتي وأجدني معزولا فالحاجة إلى السلطة مبنية على إرادة خافية لا واعية بأن يشارك واحد أفكا رو مثل الشخص وهذا ما يؤدي بالمرء إلى الحقد على من يشبهه (داكو،1990، ص189)
وهناك تشابهات مباشرة وسطحية كالهيئة والعمر وهناك تشابهات أعمق فهناك تشابها مباشرا في العقد (خجول يحب خجولة) تشابها بين مظهرين من مظاهر للعقدة نفسها (حب بين خجول وعدواني )(حب بين قوي وضعيف) (داكو،1990،ص188)
وبدون تحقيق الذات يصبح كل شيء تشابها مغلوطا وعلاقة مغلوطة وحب مغلوط
و هناك دراسة لعلماء نفس كنديين: توجهت فتاة جميلة بطلب إجراء حديث مع دارسي القانون من الشباب ثم بشكل غير متوقع تعطي الفتاة رقم تلفونها للشاب الذي تتحدث معه بحجة مناقشة أطروحة تخرجها، أجريت المقابلة فوق جسر معلق ومتزعزع في بعض الحالات وعلى جسر ثابت ومتين في حالات أخرى فتبين أن 33 رجلا أجري الحديث معهم في حالة الشعور بالخطر اتصل تسعة منهم بينما الحالة الثانية اثنان فقط اتصلوا أي أن الشعور المعاش المشترك بالخطر جعل الفتاة أكثر جاذبية في عيون الرجال حتى في سنوات الحرب الأشواق الحارة تتعلق بالحاجة لتصريف التوترات العاطفية والابتعاد عنها أكثر من ارتباطها بالحرمان الجنسي المديد (كون، 1993،101)
التكيف الزواجي العوامل المؤثرة فيه
يمكن تعريف التكيف أو التأقلم الزواجي بأنه التقارب والتآلف والابتعاد عن التصادم فهو عبارة عن ديناميكية مستمرة لإحداث علاقة توافقية بين الشريكين مما يؤدي إلى تكوين علاقات مرضية واستقرار نفسي، وفي التأقلم الزواجي يحاول الشريك المحافظة على علاقة منسجمة مع الشريك الآخر سعيا وراء استقرار الزواج الذي يتمثل معناه النفسي بشعور الشريكين معا بقيمتهما الشخصية واطمئنانهما للعلاقة (سعود،1998،ص17)
إن العوامل المؤثرة في التأقلم هي
1-عامل النضج الانفعالي: فالنضج والاستقرار الانفعالي يسهمان في تحقيق التوافق الزواجي
2-كيفية التعامل مع الصراعات: فعند حدوث صراع وتجنبه مثلا لا يحل الزوجان المشكلات القائمة بطريقة بناءة ويرى ريس riceأن الطريقة التي يعالج بها الأزواج الصراع هي العامل الأكثر أهمية في تحديد إذا كانوا يستطيعون التأقلم أم لا (سعود، 1998،ص18)
3-ترى والرستاين وبلا كيسلي أن الزواج الناجح يقوم على مجموعة من المهمات النفسية التي ينبغي على الزوجين القيام بها وهي:
- أن يستقلا إنفعاليا عن الوالدين والأسرة وإعادة بناء العلاقة بالأهل من منظور جديد
- بناء الشعور بالانتماء لبعضهما يقوم على الثقة والاستقلالية
- الحفاظ على نظرة مثالية ووافية في الوقت نفسه للشريك
- المواساة والدعم والتشجيع
- بناء علاقة جنسية مرضية وحمايتها من الإرهاقات المهنية والواجبات الأسرية
- الحفاظ على المرح ومحاربة الملل
(سعود ، 1998،ص20)
و الهروب من الرتابة أمرا هاما في الزواج الناجح فيقول مثل لاتيني <العادة تفقد الرونق>إن الأمر الأشد خطورة هو إفلاس الحب وموته واكتشاف أن مابين الزوجين نوعا من عدم التوافق الذي لا علا ج له وقد تصبح الحياة المشتركة جحيما أكيدا ولا بد أن تكون انطلاقة مثل هذا الحب خاطئة فإذا كان في كل حب جزء كبير من المجهول والمتوقع فإن الحب الحقيقي لا يمكن أن يدمر بسحر ساحر والإقترانات التي هي نتيجة متسرعة لتقييم مفاجئ غالبا ما تسبب سلسلة من نتائج خطيرة تبلغ مبلغ الكوارث (أوليفييه، 1994، ص18-24)
و هناك مسألة الحوار فيما يتعلق بالتكيف الزوا جي فغياب الحوار تهديد مميت للعلاقة وتقول الطبيبة النفسانية c.de.moustierأن 85% من المرضى يشتكون من غياب الحوار، لقد انطلقوا من قاعدة خاطئة تقول أن الصمت بين الزوجين هو أشد خطرا من المشاجرات الزوجية فالصمت هو علامة قلة الحب (أوليفييه،1994،ص18)
ومن جهة أخرى فمن مقومات الصحة النفسية الصدق والعدالة والحرية وفقدان الحب في حياة الإنسان يسبب له الأمراض النفسية فالصحة النفسية لا تتحقق إلا من خلال الحب والعمل المنتج ومن العوامل الهامة التي تسبب العصاب للنساء في دراسة لنوال السعداوي الزواج بغير حب (السعداوي، 1974،ص208)
إن الزواج الناتج عن علاقة حب هو من العوامل التي تؤثر في التكيف والتأقلم الزواجي فيما بعد.
1 التعليقات:
Write التعليقات[…] التالي […]
Replyتعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon