نساء تسع دول عربية يستعرضن تجاربهن..

تحالف الحكومات مع جماعات الضغط القبلي والتيارات المتشددة غيب دور المرأة..

لم تخل أعمال منتدى الديمقراطية الأول للمرأة العربية الذي احتضنته صنعاء بمشاركة 71 ناشطة نسائية من 21 دولة عربية من إدانات لحالة التهميش التي تدعمها بعض التيارات المتشددة وجماعات الضغط القبلي للتضييق على المرأة العربية وتهميش دورها في الحياة السياسية.
هذه الحالة جسدتها أوراق العمل التي قدمتها المشاركات في المنتدى والتي كونت في مجموعها صوراً مقربة لحالة التردي في الواقع السياسي العربي من جانب تعاطيه مع نصف قوة المجتمع والتأثيرات السلبية الناتجة عن استمرار بعض الحكومات في الرهان على تحالفاتها مع القوى القبلية والاجتماعية المحافظة والتيارات والدينية المتشددة.
المشاركات في المنتدى اللاتي جئن إلى صنعاء لغرض التشاور في إمكانية إعداد مشروع وثيقة قومية للإصلاح السياسي تساهم النساء في صياغته والنضال في سبيل تحقيقه تحت شعار “التمكين السياسي للنساء خطوة ضرورية نحو الإصلاح السياسي في الوطن العربي” قدمن حوالي 30 ورقة عمل كشفت الدور الذي مارسته بعض الحكومات في تغييب المرأة واستعرضت التجارب السياسية خلال العقود الخمسة الماضية وكيفية تعاطيها مع المرأة وواقع المرأة العربية في السلطة ومراكز اتخاذ القرار والعوامل التي حالت دون مشاركة المرأة في العمل السياسي والتحديات التي تواجهها.
الباحثة والناشطة عزة سليمان المدير العام لمركز قضايا المرأة بجمهورية مصر العربية تقول إن نسبة تمثيل المرأة في المؤسسات التشريعية في مصر ظلت محدودة طوال السنوات الماضية، فخلال 5 عقود منذ حصول المرأة المصرية على حقوقها السياسية بموجب دستور 1956 وحتى العام 2000 تراوحت نسبة تمثيل المرأة في المؤسسات التشريعية بين 5% 2% فقط.
وتؤكد الناشطة سليمان أن المشاركة السياسية للمرأة المصرية تواجه الكثير من التحديات النابعة من المفاهيم المجتمعية والثقافية، وهناك مطلب كبير بضرورة أن يتمتع الجميع بفرص متساوية في العمالة في كل أوجه الحياة، بما في ذلك تقلد المناصب القيادية وغيرها.
وتوضح سليمان أن “المشاركة السياسية للمرأة المصرية لا تزال في حدودها الدنيا وبنسب لا تتجاوز 40% من إجمالي المقيدين في جداول الانتخاب، وهذه النسبة لا تعدو أن تكون 50% من إجمالي الذين لهم حقوق التصويت، ونحن نتحدث عن نسبة لا تتجاوز 20% من المشاركين في الانتخابات، وهذا رقم يعبر عن تدني المشاركة السياسية في مصر عموماً”.
السودان.. انقلابات
الباحثة السودانية نازك محجوب عثمان، تستعرض التجربة النسائية في بلادها بالإشارة إلى أن الحضور النسوي في المشهد السياسي السوداني بدأ منذ العام ،1960 لكن مشاركة المرأة السودانية لم تتجاوز ال10% وفي أحسن الأحوال عن طريق التعيين ولم تتبوأ سوى امرأة واحدة منصب رئيس لجنة برلمانية.
تقول عثمان إن التغير الكبير لواقع المرأة السودانية حدث الانقلاب العسكري عام ،1989 إذ تحولت بعد جميع الأحزاب إلى العمل السري وكذلك الحال مع النقابات بعد صدور عدد من المراسيم العسكرية التي منعت النشاط السياسي والنقابي (حزب الأمة، الحزب الناصري، حزب البعث، الحزب الشيوعي والحزب الاتحادي).
وتضيف قائلة: “ولم تتحقق الطموحات حتى بعد انعقاد مؤتمر دور المرأة في الإنقاذ الوطني، الذي استهدف توسيع مشاركة المرأة في العمل الجماهيري، حيث كان هيكله وعضويته مطابقة تماما لهيكل الدولة خاصة بعد تطبيق الحكم الفيدرالي وغلبة عضوية التيار الإسلامي فيه”.
وعلى مستوى الأحزاب لا يزال الرجل هو المهيمن على الأحزاب وقراراتها، وهناك ضعف في الوجود النسائي في الأحزاب سببه عدم استقرار الأنظمة الديمقراطية وغياب الشفافية والحرية الفكرية إلى العادات والتقاليد التي لا تسمح بمشاركة المرأة في العمل السياسي ناهيك عن أن معظم الأحزاب ملاحقة أمنيا.
تيارات متشددة في البحرين
في عرضها للتجربة البحرينية تقول الباحثة سبيكة النجار من الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، إن البحرين لم تعرف العمل السياسي العلني إلا في العام 2001 مع حركة الإصلاح السياسي، ما جعل وجود المرأة في مناصب اتخاذ القرارات العليا نادرا، وفي الآونة الأخيرة دخلت النساء في الجمعيات السياسية وتراوحت مشاركتهن في هذه الجمعيات بين 8 39%، إلا أن وصول المرأة إلى المناصب الإدارية كان قليلا ولم يتعد امرأة واحدة أو اثنتين.
وتلفت الباحثة النجار إلى أن التيار المتشدد في البحرين حرم على المرأة كل شيء وجعلها حبيسة المنزل، وهناك من يعتقد أن مشاركة المرأة في الحياة العامة يؤدي للفجور والانحلال الاجتماعي وهناك من يربط بين خروج المرأة للعمل والمشاركة ومسألة الحلال والحرام وبلغ الأمر بهم القول إن المشاركة السياسية للمرأة نوع من الفجور والدعوة إلى الرذيلة.
المرأة الاماراتية
تتحدث الباحثة موزة غباش عن التجربة الإماراتية بالإشارة إلى أن الإمارات قطعت شوطا لا بأس به في مسيرة التحول الديمقراطي الذي بدأت خطواته الأولى بقيام الدولة الاتحادية العام 71 الذي نقل الدولة من مجتمع كانت القبلية والانتماءات القبلية محور ارتكازه الأساسي والعمود الفقري الذي يرتكز إليه البناء الاجتماعي والسياسي إلى مجتمع قامت فيه دولة حديثه تعتمد في إدارة شؤون المجتمع على التنظيمات الحديثة.
وتقول الباحثة غباش ان التشريعات الإماراتية لم تحمل تمييزا ضد المرأة، لكن هناك عقبات تواجه المرأة الإماراتية عند الارتقاء إلى وظائف قيادية منها أن الكثيرات منهن لسن في المستوى الثقافي المطلوب، إضافة إلى تأثير الأوضاع التقليدية في العلاقة بين الرجل والمرأة، كما أن المرأة ما زالت رهينة العادات والتقاليد المعطلة لحركتها.
وتؤكد غباش أن المرأة في الإمارات تطمح للوصول إلى المؤسسات التشريعية المتمثلة في المجلس الوطني (البرلمان)، وتطالب المرأة الإماراتية أن تكون مشاركة المرأة في مشروع قانون الأحوال الشخصية مشاركة فعالة.
اليمن.. تمييز ضد المرأة
في عرضها للحالة اليمنية توضح الدكتورة بلقيس أبو أصبع أن المرأة اليمنية شهدت منذ تحقيق الوحدة اليمنية تغييرات أتاحت لها تقلد بعض المناصب القيادية في مراكز الدولة.. ورغم ذلك فان كل الدلائل تشير إلى تدني مستوى مشاركة المرأة اليمنية في مختلف مجالات إدارة الشؤون العامة، سواء على صعيد تمثيل المرأة في المجالس النيابية المنتخبة أو على صعيد تمثيل المرأة في مؤسسات المجتمع المدني أو على صعيد شغل المرأة للمواقع القيادية والمناصب العليا في الدولة أو نسبة تمثيلها في السلك الدبلوماسي.
وتقول أبو أصبع إن هناك أسباباً متعددة وراء محدودية مشاركة المرأة منها ما يرتبط بالمناخ السياسي العام الذي لا يشجع على المشاركة في الحياة السياسية للمرأة والرجل على السواء، كما توجد أسباب خاصة بالمرأة اليمنية أدت إلى محدودية مشاركتها السياسية منها أن فعالية الدور السياسي للمرأة مرتبط بانفتاح ووعي النخبة النسائية وهو الأمر المفتقد حيث تتسم النخبة النسائية في اليمن بالانغلاق.
عُمان.. قوانين غير تميزيه
في عرضها للحالة العمانية تقول رفيعة الطالعي رئيسة تحرير مجلة المرأة في سلطنة عمان “إن المرأة العمانية تحتل اليوم ما يقارب 12% من الوظائف العليا للدولة، وإن نسبة العاملات في قطاع الخدمة المدنية يصل إلى حوالي 31% وتشغل ما يقارب 19% من وظائف الهيئات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لنظام الخدمة المدنية”.
وتشير الطالعي إلى أن أوضاع المرأة في عمان تميزت بوجود قوانين غير تمييزية مقارنة بالرجل، ورغم ذلك لم توقع السلطنة على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
تونس: صعوبة العمل السياسي
حفيظة شقير من كلية الحقوق والعلوم السياسية المركب الجامعي(تونس) تقول إن الحضور النسائي في الفضاء السياسي لا يزال ضعيفا، والفضاء العام لا يزال فضاء رجاليا، ولا يحظى قطاع النساء باهتمام إلا بنسبة ضعيفة وفي حالات معينة.
وتشير إلى أن ضآلة الحضور النسائي في المشهد السياسي يعود إلى صعوبة العمل السياسي في مناخ لا يقبل إلا السياسيين المنتمين إلى الحزب الحاكم أو الموالين له، ومحدودية العمل السياسي الحزبي والجمعياتي المستقل أو المعارض الذي يبقى عملاً نخبوياً بالإضافة إلى ضعف الإمكانات المادية الضرورية لدعم منظمات المجتمع المدني.
الأردن: مشاركة متدنية
الباحثتان لينا سلطي التل ولينا قورة أكدتا في دراسة مشتركة أن المشاركة السياسية للنساء الأردنيات في السياسة على المستوى الرسمي متدنية نسبيا، فمن جانب الانتخابات والترشح منحت المرأة الأردنية حق الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية عام ،1974 إلا أن ممارسة النساء للسياسة في مواقع اتخاذ القرار لم تبدأ بالتحقق الفعلي إلا في العام 1978 عند تعيين ثلاث سيدات في المجلس الاستشاري ليتوالى بعد ذلك تعيين السيدات في المجلس.
المغرب: مشاركة ضعيفة
في عرضها للأوضاع التي تعيشها المرأة المغربية توضح الباحثة خديجة الروكاني من الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء أن انخراط المرأة المغربية في الحياة السياسية بدأ بعد الاستقلال، غير أن المرأة المغربية لم تستفد من التطورات التي عرفها البلد وظلت مهمشة ومبعدة عن مراكز القرار والسلطة السياسية الأمر الذي ساهم في إعادة إنتاج سياسة ثقافية لا تؤمن بدور نصف المجتمع سياسيا لتظل ممارستها لحقوقها في الحياة السياسية متسمة بالضعف الشديد.

19/2/2005

دار الخليج

التالي
« السابق
الأول
التالي »

1 التعليقات:

Write التعليقات
Mohsin
AUTHOR
09‏/07‏/2020، 12:12:00 م delete

It's Amazing post really Its a great pleasure reading your post. Butterfly Garden

Reply
avatar

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon