البراءة المسلوبة


مهمة خاصة- الجزيرة نت
اسم البرنامج: مهمة خاصة
مقدم الحلقة:  كلود أبو ناضر

مصطلح أطفال الشوارع

كلود أبو ناضر: حوالي مئة مليون طفلٍ في العالم يعيشون في الشارع، بينهم ما يقارب العشرة ملايين منتشرين في عشرة دول عربية, هذه التقديرات جاءت في تقرير اللجنة المستقلة للقضايا الإنسانية الدولية التابعة للأمم المتحدة, على مَن تُطلق عبارة أطفال شوارع؟ هذا المصطلح الذي اعتُمد في الثمانينات يُطبق على أطفالٍ يفتقدون أحد الأبوين أو يعيشون المشاكل الأسرية والفقر، الهرب من البيت للعيش في الشوارع هو الوسيلة للتخلّص من ظروف قاهرة فيقعون في مطبات حياة الشارع وذلّها, السرقة، التسول، تقديم الخدمات البسيطة، جميع الطرق تصبح متاحة لتأمين لقمة العيش.

المؤسسة الإنجيلية للرعاية الاجتماعية والتأهيل ترعى هؤلاء الأطفال, وهي مؤسسة غير حكومية يديرها السيد جان عتر, وهو تبنّى إحدى الفتيات يعتبرها هبةً من الله، فأطلق عليها هذا الاسم, ولولا عطفه ورعايته لكانت اليوم هبة مشرّدة بين مثيلاها في الشوارع.

جان عتر (مدير المؤسسة اللبنانية للرعاية الاجتماعية): من أربع سنين ثلاث سنين ونص الدرك جاب لنا طفلة عمرها شهر، كانت كتير مريضة, طبعاً عمر شهر ما فينا نسلّمها لمربّين، نحنا مدربينهم يتعاطوا مع عمر 7- 18، لذلك مرتي حبت إنو نحنا نربيها بالبيت وصارت بنتنا هلأ.

كلود أبو ناضر: هبة.

جان عتر: هبة.

كلود أبو ناضر: ليه سميتها هبة؟

جان عتر: هبة نحنا إجتنا هبة قبل عيد الميلاد بيوم واحد, عشان هيك سميناها هبة من الله, وحقيقةً هي هبة من الله. الطفل بنام بالشارع بعيش بالشارع بشتغل بالشارع بصير الشارع هو بيته وحياته وبصير لذة إلو إنو يبقى بالشارع.

 علي الزين (مدير البرامج – منظمة الأمم المتحدة للطفولة): الفقر وتفكك الأسر وعدم وجود الدولة الراعية بالمعنى الحقيقي والشامل كما هو في بلدان متقدمة.

كلود أبو ناضر: العاصمة اللبنانية تجذب هؤلاء الأطفال خاصةً خلال مواسم السياحة وفترات الأعياد, مما يدفع قوى الأمن إلى التشدد لإخفاء هذه الظاهرة وإلى مطاردة الأطفال في الشوارع واقتيادهم إلى مؤسسة الرعاية الاجتماعية الوحيدة من نوعها في الشرق الأوسط.

جان عتر (مدير المؤسسة اللبنانية للرعاية الاجتماعية): ما بيعرفوا أبسط قوانين الحياة اللي هي كيف يفوت على الحمام؟ كيف يتحمم؟ كيف ينظف نفسه؟ يعني هادي الإشيا بنعتبرها نحنا إشيا بديهية، نحنا بتاخدنا 3 أشهر لنعلم طفل الشارع هالإشيا هاي.


أطفال في شوارع بيروت

كلود أبو ناضر: التقينا هؤلاء الأطفال وفتحوا لنا قلوبهم وتحدثوا إلينا.

كلود أبو ناضر: محمد إنت قلت لي عمرك 13 سنة ما هيك؟

محمد: لا 12.

كلود أبو ناضر: 12!! وقديش صار لك هون بالمؤسسة؟

محمد: 6 أشهر.

كلود أبو ناضر: 6أشهر, وين كنت قبل؟

محمد: أنا أول شي كنت ببيتي، قام ظهرت من البيت رحت عالشارع جابوني لهون الدرك.

كلود أبو ناضر: إي, رحت عالشارع وليه ظهرت من البيت يا محمد؟

محمد: كان بيي يضربني وهيك.

كلود أبو ناضر: آ, فلّيت من البيت؟ وقديه قعدت بالشارع بتعرف قديه؟

محمد: مش كتير رحت عند الدرك نيّموني عندهم وهيك وجابوني لهون.

كلود أبو ناضر: إنت بتحب ترجع عالبيت؟

 محمد: بحب ارجع عند إمّي.

كلود أبو ناضر: آ إمك مش مع بيّك؟

محمد: اليوم إجت إمي.

كلود أبو ناضر: آ اليوم إجت؟ بس ما بتحب ترجع عند بيّك؟

 محمد: لأ.

كلود أبو ناضر: ليه؟

محمد: مهو بيظل يضربني.

كلود أبو ناضر: قديه عشت بالشارع بتعرف؟ (سؤال لطفل آخر)

الطفل: لأ.. كتير.

كلود أبو ناضر: كتير, شو كنت تعمل بالشارع؟

الطفل : كنا عامل مريسة، مناكل من الحاويات.

كلود أبو ناضر: من الحاويات؟ شو كنت تاكل من الحاويات؟

الطفل: لحمة ما لحمة. (يضحك)

كلود أبو ناضر: إيه؟

الطفل: من الطازج.

كلود أبو ناضر: وشو كنت تعمل كمان؟

الطفل: في هناك رفقاتي منروح نتسبّح ومنلعب مع بعض, منلعب مننتبه على بعض منحافظ على بعض.

كلود أبو ناضر: من وين كنت تجيب مصاري لحتى تصرف تتقدر تروح تلعب وتنبسط؟

الطفل: مع رفقاتي.

كلود أبو ناضر: كنت تجيب من رفقاتك مصاري؟ هن يعطوك مصاري؟ قديه يعطوك بالنهار يعني؟ قديه يعطوك؟

الطفل: بنقسمهن.

كلود أبو ناضر: بتقسموهم بين بعضكم؟ من وين كنتو تجيبوهن؟ من وين كنتو تجيبو المصاري؟ تاخدوهم من مطرح؟

الطفل: لا, رفقاتي بجيبوهن؟

كلود أبو ناضر: آ وين كنتو تناموا بالليل, وين كنتو تناموا؟

الطفل: تحت الجسر.

كلود أبو ناضر: بتعرف قديه صار لك بلبنان إنتَ؟ (سؤال لطفل آخر)

الطفل: إي..

كلود أبو ناضر: قديش صار لك بلبنان؟

الطفل: خمس سنين, مع هاي شي شهرين, شي شهرين بصير ست سنين.

كلود أبو ناضر: يعني كان عمرك خمس سنين وقت جيت علبنان, بتعرف مع مين جيت؟ وكيف جيت؟

الطفل: إي..

كلود أبو ناضر: كيف جيت على لبنان؟

الطفل: جيت كنت أنا وين؟ بسورية ماشي أنا وخيي هذا الكبير, قام إجا واحد قال لنا: تشتغلوا عنا؟ قلنا: وين؟ قال لنا: ببيروت, طلعنا اشتغلنا, هوّ عنده منشرة بسورية شفناه، طلّعنا هون عبيروت صرنا نشتغل, هلأ تركناه عم نشتغل لوحدي, هلأ بيي بيشتغل مصوّر عالروشة.

كلود أبو ناضر: مصوّر, آه بيك إجا كمان؟

الطفل: إي.

كلود أبو ناضر: إي بس مش عايش معه إنت؟

الطفل: لا.

كلود أبو ناضر: وإنت لما كنت بالشارع كنت تبيع إشيا لتطلّع مصاري؟

الطفل: إي.

كلود أبو ناضر: مثل شو؟

الطفل: مثل علكة..

كلود أبو ناضر: آ، لمين كنت بتعطي المصاري؟

الطفل: كنت أعطي لواحد, هوّ كان يجيب لنا أكل وتنر, وهاي هيّ.

كلود أبو ناضر: شو يجيب لكم؟

الطفل: دخان وأكل وتنر هدول هنّي.

كلود أبو ناضر: آ, يعني تشتغل بالمصريات تشتري تنر ودخان؟

الطفل: هنون يشتروا.

كلود أبو ناضر: تعطوهم للزلمة؟

الطفل: لأ ولد قدّ هيدا.

كلود أبو ناضر: قدّيه عمره؟

الطفل: عمره بالـ 15.

طفل كصندوق الفرجة للمارة

كلود أبو ناضر: محمد الذي أصبح كصندوق الفرجة للمارة, قضى سنين في الشارع, ومكث لأشهرٍ في مؤسسة الرعاية الاجتماعية, ثم افتقد الشارع فعاد إليه, وهو في حالة مزرية من الإدمان على التنر, وهي مادة بنزين محروقات مفعولها كأي نوعٍ من المخدرات.

(كلود تجري مقابلة مع محمد في الشارع ومعها جان عتر مدير المؤسسة اللبنانية للرعاية الاجتماعية)

جان عتر: حمودة ليش عم تعمل هيك بحالك؟ حبيبي. (يكشف عن بطنه ورقبته المشوّهة من أثر التشطيب)

جان عتر: هيه!! ليه؟

كلود أبو ناضر: شو هيدا؟ (يشير إلى جروح) 

جان عتر: ليش عملت هودي, هودي جداد مبينين!!

محمد: آه ورقبتي.

جان عتر: (يحتضن محمد) بتعرفي كان عنا مدة وعذّبنا كتير كتير.

كلود أبو ناضر: ليه عذبتهن؟

جان عتر: بشطب حاله, بحب يشطب حاله ما بعرف ليه هالعادة؟

كلود أبو ناضر: ليك, ارجع فرجيني بطنك؟

(يريها بطنه).

كلود أبو ناضر: بتخبرني من شو عامل حالك هيك؟ شو صايبك؟

محمد: ولا شي.

كلود أبو ناضر: من شو هودي؟

محمد: من الشفرة.

كلود أبو ناضر: مين ياللي عملك هيك؟

محمد: أنا.

جان عتر: هوّ, هوّ بشطب حاله.

كلود أبو ناضر: إنت شطبت حالك؟

محمد: إي.

كلود أبو ناضر: ليه؟ ليه شطبت حالك؟ ليه؟

محمد: شو عم بيصير مستر جان.

جان عتر: إي, بس جايين عم نشوف الصخرة. (ينظر إلى صخرة قريبة)

محمد: الصخرة؟!

كلود أبو ناضر: ليك, شو معك بإيدك؟

محمد: هاي تنر.

كلود أبو ناضر: شو تنر يعني.

محمد: (يضع القطنة - المحتوية على تنر- على أنفه).

كلود أبو ناضر: شو بتشم يعني تنر؟

محمد: آ.

كلود أبو ناضر: تنر يعني بنزين.

محمد: بدك الأولاد؟

جان عتر: هيدي كلها تنر.

محمد: لقّطتهم الأولاد ولا بعد؟

جان عتر: مْبلا عم نلقطهم..

محمد: هديك المرة شفتن عالمريس.

كلود أبو ناضر: أعطيني القنينة شوي.

محمد: ليه؟

جان عتر: لا.. لا هوّ.. هوّ بيفرجيكي إياها.

كلود أبو ناضر: فرجيني كيف بتعمل, أنا بدي أشمّ ريحتها, بقدر شم؟

محمد: ليه بدك تشمي ريحتها؟ شمّي القطنة.

جان عتر: شمّي هاي.

محمد: إي ما هيّ ذاتها.

جان عتر: هي ذاتها.

كلود أبو ناضر: ريحة بنزين يعني, طيب ومن القنينة كيف بتشم يعني؟

طفل من الشارع: بيحطهم بالمحرمة وبيشمّ.

محمد: صوّر قد ما بدك.

(فاصل قصير)

المعلّم قواد الأطفال

كلود أبو ناضر: خلال جولتنا الليلية في شوارع بيروت شاهدنا الأولاد تائهين بين المارة, على الأرصفة والطرقات, يستجدون المارة على أمل الحصول على بعض النقود, التي منها يقتاتون أو يرضون بها المعلم, وهو غالباً ما يكون من الأقارب يتزعّم زمرةً من الأولاد فيصبح المعلم هو المرجع والأمان, ويتنافس المعلمون أو قواد الأطفال فيما بينهم وهم غالباً ترعرعوا أيضاً في الشوارع واكتسبوا خبرةً تؤهلهم على قيادة عصابات الصغار, حاولنا التفتيش عنهم ولكن دون جدوى, ولما كانت الكاميرا تتربص تحركات الأولاد اقتربنا منهم, ونجحنا في التكلم معهم, وفجأةً صرخ أحدهم "هريبة" تابعت الكاميرا التصوير.. الأطفال خافوا وبدؤوا بالهرولة, أحدهم شاهد المعلم فأنذر الآخرين.

تتغذى ظاهرة أطفال الشوارع في لبنان كما في أي بلدٍ آخر من أحزمة البؤس التي تلف العاصمة بضواحيها الجنوبية والشرقية مروراً بالمخيمات الفلسطينية وصولاً للأحياء والمساكن غير القابلة للسكن, والممتدة على هوامش المدن اللبنانية.

قصة مريم وحلمها الدفين

في إحدى هذه الشوارع تعرّفنا على مريم بنت التسعة أعوام, طفلة شارع أنجبتها أرحام شوارع العاصمة تقصدها يومياً بُغية إعالة أسرتها, تعمل في تنظيف زجاج السيارات فإن عملت يأكلون, وإن لم تُوفق ينتظرون رزقة يوم آخر والرزق على الله, كما تقول والدتها.

والدة مريم: أمرار بناكل وأمرار ما بناكل, أمرار بنفقس بصلة بناكلها, والحمد لله مستورين.

كلود أبو ناضر: بصراحةٍٍ تامة أخبرنا مريم أننا بصدد إعداد تحقيق عن أطفال الشوارع, فاستجابت لطلبنا وسمحت لنا بتصويرها ومرافقتها إلى حيها ومسكنها.

أم مريم: ما هي شايفة نايلون منحط للبيت عشان ما يدلف علينا, إذا ما حطينا نايلون وسعينا قبل الشتاء منطوف بالمي.

كلود أبو ناضر: في كتير بيوت هيك هون؟

أم مريم: إي, كلهن هيك, كل العالم ما.. الله يعينها, يعني مثلي وأضرب مني.

كلود أبو ناضر: مريم وين بتنامي.

مريم: منّام هون.

كلود أبو ناضر: على الأرض؟

مريم: منفرش حصيرة ومنفرش الفرشة ومنّام.

كلود أبو ناضر: آ عالحصيرة, وإنت ومين ساكنة بالبيت؟

مريم: كلنا.

كلود أبو ناضر: مين يعني كلكن؟

مريم: أبوي وأختي وأولاد عمي وأولاد عمتي.

كلود أبو ناضر: يعني كم واحد إنتو بالبيت شي عشرة؟

مريم: 12.

كلود أبو ناضر: 12 شخص بهيدا البيت؟ يعني بهالغرفتين؟

مريم: آه.

كلود أبو ناضر: وإنت وين بتنامي, هون؟

مريم: إذا ما قدرت هون بنام هونيك.

كلود أبو ناضر: وانت المصاري ياللي بتربحيها وين بتـ.. لمين بتعطيها؟

مريم: بجيب فيها أكل.. منجيب فيها أكل.

كلود أبو ناضر: آ, المصاري اللي إنت بتربحيها بتجيبي فيها أكل, بتطعمي فيها العيلة يعني..

مريم: إي

كلود أبو ناضر: إنو العيلة بتاكل من ورا المصاري ياللي إنت بتربحيها؟ مين اللي قال لك تروحي تشتغلي؟

مريم: ما حدا, أنا.

كلود أبو ناضر: كيف إنت أخذت قرار لوحدك؟

مريم: إي.

كلود أبو ناضر: ومين شجعك؟

مريم: إمي.

كلود أبو ناضر: إمك شجعتك, وإنت ليه فكرتي تروحي تشتغلي؟

مريم: بدنا نعيش.

كلود أبو ناضر: هيدي الغرفة الثانية يا مريم.. مريم وبالطريق شو بتعملي إنت؟

مريم: منمسّح قزاز سيارات, وبيعطونا؟

كلود أبو ناضر: قديه بيعطوكن؟

مريم: حسب ألف ألفين.

كلود أبو ناضر: والناس مناح معكن لطفاء؟ أو..

مريم: إي لأ مناح.

كلود أبو ناضر: ما يعني في ناس مش مناح أو بشحطوكن أو..

مريم: الدرك.

كلود أبو ناضر: شو بيعمل الدرك؟

مريم: بيزعبونا, ما بنخليهم يشوفونا منهرب.

كلود أبو ناضر: آه ما بتخلوا الدرك يشوفوكم؟

مريم: لأ.

كلود أبو ناضر: إذا شافوكن شو بصير؟

مريم: بياخذونا.

كلود أبو ناضر: لوين؟

مريم: على الحبس.

كلود أبو ناضر: بياخذوكم على الحبس؟ ممنوع لإنو إنتو تكونو بالطرقات؟

مريم: إي.

كلود أبو ناضر: إنت بتعرفي مثلاً ولاد بعمرك 12 سنة و10سنين و11سنة وين لازم يكونوا؟

مريم: في.. بالمدارس.

كلود أبو ناضر: عندما تحدثك مريم تشعر بأنك تكلم فتاةً في العشرين من عمرها, الشارع مدرستها علمها لغةً وثقافة خاصة هي لغة الشوارع, ولكن إلى متى تصمد مريم أمام تحديات الشوارع؟ إلى متى ستتمكن من صدّ الزعران؟ حلمها في المستقبل هو الزواج, مسكينة تحلم بأمير يخطفها من العتمة إلى طاقة الفرج.

كلود أبو ناضر: شو بتفكري تعملي بعدين؟ شو بدك تشتغلي؟ بتقدري تظلك تشتغلي عالطريق؟

مريم: بشتغل بالبيت.

كلود أبو ناضر: وكيف بدك تربحي مصاري بالبيت؟ مثلاً بس تكبري شو بتفكري إنت تعملي؟

مريم: بس أكبر, بستحي أقلّك.

كلود أبو ناضر: ليه؟ قولي لي.

مريم: بخطب.

كلود أبو ناضر: بدك تتزوجي, بأي عمر إنت حابة تتزوجي؟

مريم: بس صير كبيرة. (عيونها تدمع)

كلود أبو ناضر: مريم هي واحدة من بين المئات من مثيلاتها في لبنان, الحصول على لقمتها محفوفٌ بالمخاطر, تجني رزقها وهي تعرّض نفسها لكافة أشكال الاستغلال, فعن أي حقوق طفلٍ نتحدث فيما الملايين منهم يبيتون في الشوارع؟ وهم عرضة للاستغلال بكل أنواعه؟

جان عتر (مدير المؤسسة اللبنانية للرعاية الاجتماعية): الطفل المعنف عالقليلة بدك تعلميه كيف يتعاطى مع هالشي هيدا لنقدر نشيل منو هالحب الأذى للغير, لإنو المعنَّف بدو يعنِّف.


كلود أبو ناضر: والحقيقة تعكسها شهاداتٌ ممن سُلبت منهم طفولتهم وبراءتهم, بسّام فتح لنا قلبه وأخبرنا قصته وهي تشبه أيضاً حكاية كل طفلٍ بات في الطرقات.

بسام: مرت بيي بتضربني, وبس يجي بيي ترجع تقول له، من بعد ما تضربني ترجع تقول له يرجع بيي يكفّي عليّ, صرت أهرب من البيت, مرة مرة صرت أهرب، في مرة من الأيام هربت وصرت أشحد ونام عالطريق, قام فتت على محل فتحت المحل وفتت نمت بقلبه, هلأ بس نمت بقلبه كمشوني أصحابه قالوا لي إنو هون وما هون، ما لحّقت طلبوا الدرك دغري, إجو الدرك أخذوني, انحبست يوميتها إنو بتهمة كسر وخلع سنة بإصلاحية, من بعد ما طلعت رجعت عند مرت بيي كمان ترجع تضربني, يعني مرة على مرة صرت أهرب من البيت نام بالشارع أشحد آكل من هون ومن هون، أشحد لآكل, في مرة من الأيام كنت نايم عالطريق إجو الدرك أخذوني, هلأ القاضي رجع حقّق معي: ليش هيك؟ ليش هيك؟ قال لي: إنت شو بدك؟ قلت له: أنا بدي عيش مبسوط, أقعد بمدرسة داخلية، آكل وأشرب وألعب مع أولاد وأتسلى, قام طلبوا نشرة إنو أطلع عالكحالة المؤسسة الإنجيلية وعشت فيها تقريباً سنة ونص سنتين ظليتني بالمؤسسة ورجعت ظهرت, هلأ صرت أنا عمري 12 سنة.. 13 سنة بس ظهرت عند مرت بيي معدش حكيت معي وهيك, بس فوّتوني على شغل، صرت أشتغل 24 على 24 وضرب.. ضرب من المعلم يعني, وقعدت عنده فترة سنتين على ضرب وما ضرب معاش مَنّو منيح, ما آكل زيادة ما أشرب زيادة.

كلود أبو ناضر: اقتادنا بسام إلى المسكن الذي يلجأ إليه في الليل مع بعض رفاقه, مخبأ تحت الطريق, والصور وحدها تعبّر عن المأساة.

مهمةٌ خاصة المشاهد فيها مثيرةٌ للغضب, والكلام مدعاةٌ للاشمئزاز, على رؤية أطفالٍ أضحوا أداة استغلال وابتزاز أمام أعين مجتمعٍ متواطئ بصَمْته ولامبالاته ودولةٍ غير مكترثة لما يصيب أبناءها أو القاطنين على أراضيها, وإلى متى هذا الصمت؟ الجواب كلاسيكي: إلى حين تنجلي دولة المؤسسات ومجتمعات مدنية أول المؤشرات عن تطورها هو الحفاظ على حقوق الطفل

تاريخ الحلقة:  الخميس 30/12/2004  
 

الجزيرة نت

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon