تجمع الآلاف من النساء الممثلات لثمانين منظمة نسائية غير حكومية والمدافعة عن حقوق الانسان ومثلي الجنس من جميع الفئات والأعمار المختلفة أمام مبنى البرلمان التركي يوم 14.9.2004 في أنقرة محتجين وحاملين شعارات تطالب الحكومة برفع الرقابة والقيود على الحريات الشخصية والتدخل في الحياة الجنسية, وشعارات (اجسادنا ملكنا ابعدوا أياديكم ) كما رفعوا لافتات كتب عليها أيها النواب (أوقفوا العنف ضد النساء بدلا من الاهتمام بالزنا) .وهنالك متظاهرات حملن صور لنساء وقعن ضحية جرائم الشرف في تركيا.في يوم 8.9.04 كانت حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب اوردغان ذات الجذور الإسلامية والطابع المحافظ قد اعتزمت اقتراح قانون تجريم الزنا وفرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات في حالة ارتكاب الزنا من قبل احد الزوجين, بالرغم إن المحكمة الدستورية الدستورية التركية قد أصدرت حكما بإلغاء تجريم الزنا عام 1996 وذلك في عهد حكومة ائتلاف حزب الوطن ألام برئاسة مسعود يلماز, الرئيس الأسبق للحزب مع الحزب اليساري الديمقراطي بزعامة بولنت أجاويد.
المزيد من سيطرة الرجل على الأسرة وسلب أكثر لحقوق المرأة لحسن الحظ منذ طرح مشروع القانون من قبل الحكومة التركية واجه معارضة شديدة ومستمرة من قبل منظمات حقوق انسان, منظمات نسائية وعلمانية,أحزاب يسارية راديكالية, وأوساط غفيرة من المحامين وشريحة من المثقفين وكثير من وسائل الإعلام والصحافة التركية. ومن أكثر الصحف المعارضة للقانون صحيفة راد يكال التركية حيث وضعت أي موضوع متعلق بهذه القضية تحت شعار ( ما علاقة الدولة بما يحدث في غرف النوم).المنظمات النسائية اعتبرت تطبيق هذا القانون لن يؤدي إلا إلى فرض المزيد من سيطرة الرجل على الأسرة وسلب أكثر لحقوق المرأة ودفع البلاد الى سن قرارات وقوانين نابعة من الشريعة الإسلامية على نمط الدولة العربية السعودية.رئيسة اتحاد الجمعيات النسائية وحقوق المرأة باسطنبول المحامية ناظان موراوغلو,عضوه مجموعة الضغط النسائية الأوربية صرحت في إن الهدف من هذه المادة القانونية هو فرض المزيد من القيود والضغوط على المرأة, وترى إن (الحكومة التركية تتناقض مع نفسها بالحديث الدائم عن التوافق مع القوانين والأوضاع الأوربية وفي الوقت نفسه تطرح معاقبة الزنا بمادة قانونية بالإضافة إلى انزعاج ونقد الاتحاد الأوربي لمشروع القانون واعتبار أكثر الدول إن هذا القانون لا يتوافق مع رغبة تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوربي التراجع والفشل هكذا تحت ضغط جميع تلك الاعتراضات الداخلية والخارجية والأصوات النسائية العالية والجريئة الرافضة للقرارات والقوانين الرجعية والسلفية المناهضة لحقوقها, جنبا مع جنب مع منظمات حقوق الانسان والجهات العلمانية المتمدنة والحركات الراديكالية اليسارية . اضطرت الحكومة التركية الى التراجع عن مشروعها في أخر لحظة بعد افتتاح أولى جلسات البرلمان والتي ستناقش فيها قانون العقوبات. وسبق أن تراجعت الحكومة التركية عن محاولاتها إلغاء قانون حظر ارتداء الحجاب في الجامعات,كما تراجعت عن إصدار قانون يسمح لطلبة المدارس الدينية بالالتحاق بالكليات التي يرغبون الدخول فيها وليس الكليات التي تدرس العلوم الدينية فحسب كما هو المعمول به حاليا.
انتصار اخر لحركة مساواة المرأة هنيئا لكي آيتها المرأة التركية ولكل المدافعين عن حقوق المراة والانسان على انتصاركم في إجبار الحكومة على التراجع في طرح هذا القانون الرجعي الذي يعد انتهاكا للحقوق العالمية للانسان, ويعتبر تدخلا بأمور في غاية الشخصية, في وقت تترك قضايا وأمور مهمة وملحة يعاني منها الشعب التركي كالبطالة العالية, سوء الوضع الاقتصادي المتدهور,وجود شتى أنواع العنف ضد المرأة من قبل الآسرة والمجتمع والقتل تحت ذريعة الشرف,والظاهرة الأكثر سوءا ظاهرة البغاء العلني المنتشرة في تركيا التي تعاني منها المرأة بسبب سوء الوضع الاقتصادي,و ظاهرة التحرش الجنسي التي تتعرض إليها المرأة, اضافة الى فرض القيود على الحريات السياسية في البلد, والاستغلال والتعصب القومي الطويل الأمد الذي يعاني منه الشعب الكردي والاقليات الاخرى, القمع والاعتقالات والاوضاع المرزية في السجون .... الخ, جميع تلك الظواهر المناهضة لحقوق الانسان بشكل عام وللمرأة بشكل خاص التي يجب على السلطات التركية تناولها وإجراء إصلاحات فورية بصددها وليس اقتراح قانون تجريم الزنا,الذي يعتبر تدخلا سافرا من قبل الدولة في الحياة الشخصية للافراد .
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon