الزواج العرفي: حالات من الواقع!

تجارب مريرة.. وندم.. ودروس مستفادة!

كثيرا ما تطرقت الأفلام والمسلسلات العربية منذ سنوات طويلة إلى مسألة الزواج العرفي وأظهرت مساوئه ولم تشر إلى إيجابية واحدة تجعل الشباب يفكرون به كما هو حاصل في أيامنا هذه لا سيما بين الشباب من طلبة الجامعة رغم التحذيرات الدائمة من الوقوع في هذه المطبات التي تترتب عليها آثار سلبية كبيرة لا سيما على الشابات بعد أن تفقد عذريتها أو يحدث الحمل وتفقد حقوقها الشرعية كزوجة وأم في مجتمعات لا تقر بهذا الزواج أبدا.

آخر الإحصائيات وبالطبع ليست بحرينية تشير إلى أنه يوجد أكثر من 170 ألف حالة زواج عرفي في مصر وحدها بين طلبة الجامعات الذين نقلوا هذه العدوى إلى دول مجاورة مثل الأردن وفلسطين وبعض دول الخليج العربي إلا أنه لم يعلن عنها بأنها ظاهرة تهدد بالخطر ونحن من خلال هذا التحقيق نستعرض بعض النماذج البحرينية التي تأثرت ببعض المجتمعات التي درست فيها فنقلت الفكرة والتجربة في الوقت الذي وجدت بعض الحالات التي تسعى للتقليد الأعمى دون التفكير في مساؤى هذه الخطوة وتحت مبررات غير مقنعةالبتة.
كل من الجانب القانوني والاجتماعي والشرعي يدلو بدلوه في هذا السياق ويؤكد أن انتشار ظاهرة الزواج العرفي في مجتمعاتنا المحافظة هو نتاج خطير مستورد يمكن أن تكون له عواقب وخيمة إذا ما ترك دون حل خاصة بأن النماذج المشاركة هي واقعية من مجتمعنا وقد تحفظنا على ذكر الأسماء بناء على طلبهم في أن يستفيد الآخرون من تجاربهم التي يعبرون عنها بأنها مرارة الحياة وخطأ كبير مازالوا يدفعون ثمنه من زمن طويل.

لمن يعتبر... النموذج الأول هو لسيدة الآن وأم لثلاثة أبناء وتجربتها مع العرفي كانت في مطلع عام 1986م أثناء دراستها في القاهرة تحدثت إلينا والألم يعتصرها إلا أن الرغبة الشديدة في التعلم من درس الماضي كما عبرت عنه هو ما يدفعها لنبش الماضي وتحذر كل من تسول لها نفسها الخوض فيه. وتقول تجربتي مريرة كانت بجهل كبير رغم الدراسة الجامعية وحيث ان الوعي الشبابي والاختلاط الممزوج بالثقافة الغربية وبالتحرر كان هو السائد هو ما جعلني أفقد عذريتي أمام كلمات جميلة ومنمقة جعلتني أوافق على عرض زواج عرفي من زميل لي في الدراسة لم أكن أتصور في يوما من الأيام بأنني سأكون الخاسر الأول و الأخير في هذه الزيجة الباطلة.

رسالتي لجميع الطلبة والطالبات بأن يعتبروا من هذه التجربة المريرة التي شاءت الأقدار أن أتغلب عليها بعد سنوات وما دعاني للبوح بها إلا بعد أن بدت هذه العلاقات المحرمة تطفو على السطح من جديد وتحت ذرائع واهية وكبيرة أتمنى أن يعي الوالدان لها ويحذروا أبناءهم منها.

تجربة غالية... النموذج الثاني ليس ببعيد عن زماننا إلا أنها جاءت كما تقول صاحبتها في وقت توقف العقل عن التفكير وحل محله القلب الذي لم يفكر بغير الجانب العاطفي والبحث عن شريك الحياة وضمان المستقبل وهو التفكير السائد عند الكثير من زميلاتي في الجامعة. الزواج العرفي في نظر البعض أنه الفرصة المناسبة لكلا الطرفين للتقارب أثناء الدراسة وهذه النظرة تلمستها عن قرب أثناء الدراسة الجامعية في احدى الدول الخليجية وما شجعني على الأقدام عليها إلا تفشيها بصورة كبيرة مع الأسف وسط الجامعيين وهذه التجربة أعتبرها من التجارب الغالية على نفسي التي لن أسامح نفسي عليها لأنني قدمت أغلى ما تملكه المرأة لشاب ظهر على حقيقته في الوقت الضائع الذي لا ينفع معه أي ندم. لا يوجد وعي...

النموذج الثالث كانت صاحبته كثيرا ما تضع الملامة على المجتمع، رجال الدين، التربويين وغيرهم من أصحاب التأثير في المجتمع بشكل عام وعلى الطلبة الدارسين في المجتمعات المختلطة المتحررة كما عبرت عنهم من الوقوع في هذه المصيبة الكبرى التي تعرف بالزواج العرفي.

وقالت: لو أنني وجدت من يرشدني إلى حقيقة هذا الزواج وتبعاته وأنا البنت الجامعية بنت العائلة المحافظة في بلدي لتوقفت ألف مرة عن الاقدام على هذه الخطوة الخطيرة التي جعلتني أحتقر نفسي ألف مرة في اليوم عندما أتذكر مصيبتي الكبيرة وان كانت غير ظاهرة للعيان إلا أنها راسخة في عقلي وقلبي دائما.

لا بد لأصحاب التأثير في المجتمع أن يقتحموا هذه المجتمعات المختلطة ويحذروا من أصدقاء السوء الذين يتصيدون أصحاب الثقافة الضيقة والقصيرة ويوقعونهم في حفر لا يعرفون الخروج منها سالمين إنما مع خسائر كبيرة لا يمكن أن تعوض بأي ثمن كان وهو الشرف و العفة أغلى ما تملك كل بنت.

رغبة في التجربة... النموذج الرابع لا يختلف كثيرا عن السابقة وفيه علامات الندم إلا أن بداية الزواج العرفي كانت هي المصيبة الكبرى كما تعبر عنها صاحبتها حيث قالت إنها سمعت عنه كثيرا وتعرف بعض التجارب القريبة في محيط الدراسة إلا أن الرغبة في خوض هذه التجربة هو ما كان يفرق بين الأخريات بعد أن كانت متأكدة بالتمام والكمال بأن شريكها في هذا الخطأ هو زوج المستقبل لا محالة من أي أمر آخر.

مرت الأشهر بل سنتان على هذه العلاقة والزواج مستمر إلى أن بدأت السنة الدراسية تقترب من الانتهاء وحيث انه من بلد وأنا من بلد آخر افترق كل منا في طريق على أن نعود ونلتقي من جديد إلا أن هذا الأمر لم يحدث ومضى على هذا الأمر ثلاث سنوات ولا أعلم عنه أي شيء رغم أنني كلفت من يبحث عنه في بلده وسافرت شخصيا ولكن دون جدوى تذكر.

خسرت كل شيء وما أنصح به من حولي وأنا أسمع أن هذه الظاهرة التعيسة بدت تدخلت مجتمعنا المحافظ من خلال الجامعة وما تنقله لنا الفضائيات يوميا أمر في غاية الخطورة وعلى الجميع أن يتوقع الأسوأ إذا تركت الأمر دون توعية وتوجيه.

بحثا عن المستقبل... النموذج الخامس لشابة ارتبطت بالمسئول معها بالعمل وحيث ان الخوف من العنوسة هو المسيطر عليها بعد أن تجاوزت السابعة والعشرين أقدمت على هذه الخطوة بعد تردد طويل وخشية من وقوع المحظور بينها وبين المسئول وافقت على الزواج العرفي ولأنها تجهل الحقوق التي لديها والقانون لم تتسلم نسخة من الورقة التي كانت بينهما رغبة في الزواج دون أي أمر آخر.

وتضيف قصتي ليست بغريبة بعض الشيء في بعض المجتمعات العربية ولكنها في بلدي فيها الكثير من الغرابة والرفض بل تعتبر من المحرمات وكل هذه الأمور عرفتها بعد فوات الأوان إلا أنني والله يشهد على ما أقول وأتأثر كثيرا عندما أسمع بين الحين والآخر بأن هناك علاقات مبنية على الزواج العرفي وبعضها مع الأسف مستمر دون أن يضع أحد حدا لهذه الزيجات الوهمية البعيدة كل البعد عن القيم و الأخلاق الإسلامية. الزواج العرفي وغيره من الزواج السري فاحشة كبرى لا يشعر بحرارة نارها إلا من يكتوي منها وما قصتي والقصص الأخرى التي يمكن أن تسمعوها إلا نماذج مصغرة من آفة كبيرة تهدد استقرار وكرامة المرأة في هذا المجتمع المحافظ.

الثقة الزائدة... النموذج السادس والأخير هو لشاب في نهاية العشرينات كانت له تجربة سابقة مع أحدى زميلاته في الجامعة وتواصلت إلى حين العمل أي لما يقارب 5 سنوات إلا أن هذه العلاقة والكلام للشاب انتهت قبل 6 أشهر بعد أن تيقنت بأن ما فعلته في زمن الظلام شرا كبير ولا بد أن أصحح وضعي حيث انني أنوي الاستقرار بالزواج الرسمي ولا أستطيع أن أجعل هذه الزوجة أما لعيالي.

ويقول: ربما يعتبر البعض هذا القرار فيه شيء من النذالة لمن صبرت معي طيلة كل هذه السنوات إلا أنها هي الأخرى مقتنعة بأن انفصالنا الآن هو أفضل بكثير من أي استمرارية أو تصعيد آخر. تجربتي مع الزواج العرفي لا أتمنى لأي شاب أن يخوضها أو حتى التفكير بها لأنها تكون في البداية مبنية على الثقة الزائدة بين الطرفين وتنتهي بمشاكل لا حصر لها وربما يكون فيها أبرياء إذا ما حصل حمل وتنكر الأب له. الرأي الاجتماعي لهذه الظاهرة... الباحث التربوي الأستاذ نــادر المــلاح أبدى رأيه في هذه الظاهره قائلا: لابد من الإشارة في البداية إلى أن الزواج العرفي في البحرين هو حالة مستوردة من المجتمعات العربية المحيطة وليس حالة أصيلة نابعة من داخل المجتمع، وهذا يعني أن الادعاء بأن الزواج العرفي هو نتاج حاجة اجتماعية هو ادعاء غير صحيح، والصحيح هو أنه نتاج تأثر بثقافات أخرى.

ورغم أنه يصعب تحديد البداية الفعلية لهذه الحالة في المجتمع البحريني فإن ما هو متوافر من معلومات وحالات قائمة في المجتمع يشير إلى أن هذه الممارسة ليست جديدة تماماً وإنما يمتد عمرها لأكثر من عشر سنوات، غير أنها ربما تضاعفت في السنوات الأربع أو الخمس الأخيرة.

وبتتبع ما هو متوافر من حالات محلية نجد أن أغلب تلك الحالات قد بدأت من الجامعة وتحديدا من الطلبة والطالبات الذين التحقوا بالدراسة في جامعات عربية في كل من مصر والأردن وربما بعض الدول الأخرى التي تتفشى فيها هذه الظاهرة. وقال: أما بالنسبة لدوافع اللجوء لمثل هذه الممارسة فيمكن إجمالها في أمرين أساسيين هما الخوف من العنوسة التي باتت منتشرة في مجتمعاتنا الخليجية تحديدا، والتمرد على القيود التي يفرضها الأهل على الشاب أو الشابة لاسيما إذا ما نظرنا إلى السن الذي تتزايد فيها هذه الحالات، وذلك نتيجة غياب الحوار داخل الإطار الأسري.

أما الأسباب ففي اعتقادي أن أبرزها وجود المفهوم الخاطئ للزواج واعتبار الزواج علاقة جنسية أكثر منه علاقة إنسانية قائمة على الاستقرار والسكينة والتأسيس لحياة اجتماعية تتمتع بصفة الاستمرارية. وهذا الخلل في المفهوم نجده شائعا بين فئتين في المجتمع الفئة الأولى هي تلك الفئة المروجة لمثل هذه الممارسات التي لا تنظر للعلاقة الزوجية إلا من منظور ضيق وتراها مجرد علاقة بين رجل وامرأة قائمة على القبول والإيجاب، لذا فإن الزواج العرفي ما هو إلا علاقة جنسية محضة ليس فيها أدنى التزام، أما الفئة الأخرى فهي فئة الشباب الذين هم ضحايا لمثل هذه العلاقة سواء أكان الفرد ذكرا أم أنثى، ووصفهم بالضحايا هنا ليس اعتباطا ذلك أنهم إنما تبنوا هذا المفهوم لما تأثروا به من المروجين لمثل هذه الممارسات وهم في سن لم يبلغوا فيه حد النضج الكامل الذي يؤهلهم لاتخاذ القرار السليم دون مساعدة الآخرين في محيطهم الاجتماعي.

وهنا لابد من الالتفات إلى أنه رغم مزايدة البعض ممن يقدمون على هذه الممارسة أو يروجون لها فإنهم يدركون تماما خطأها لذا فإنك تجد مثل هذه العلاقة تحاط دوما بهالة من السرية والكتمان، في مغالطة واضحة بين ما يتبناه هؤلاء من قول وما يؤمنون به من حقيقة عدم مشروعية هذه العلاقة على الأقل من الناحية الاجتماعية. ويواصل الملاح تحديد الأسباب فيقول: السبب الآخر الذي يلعب دورا كبيرا في وجود مثل هذه الممارسة، والمرتبط بما أشرنا إليه للتو هو ضعف مستوى الوعي والتراجع في الاعتماد على الأساليب التربوية السليمة في التعاطي مع الأبناء.

فعلى الجانب الأول وهو ضعف مستوى الوعي يشترك في التقصير رجال الدين والمثقفون الإسلاميون والنشطاء الاجتماعيون المنتمون للتيارات الإسلامية بمختلف مشاربها. فليس سرا ما تشهده الساحة الدينية في البحرين من عزوف الغالبية العظمى من رجال الدين بكل أسف عن ممارسة دورهم الأساسي في الإرشاد والتوجيه والوعظ والتوعية الاجتماعية والتربوية جراء انخراطهم غير المدروس في الشأن السياسي المحض بل الاستغراق فيه، لدرجة أن وصل البعض إلى حد الالتباس في تعريف عالم الدين، أي هل يعرفه الشيخ فلان أو الناشط السياسي أو الناشط الحقوقي فلان، وهذا واقع مؤسف حقاً. لست من دعاة فصل الدين عن السياسة بل العكس، ولكن ليست الحياة كلها سياسة، وليست كلها برلمان، وليست كلها خدمات ومرافق. هناك أبعاد اجتماعية وروحية لا يحق لعالم الدين تحديدا بموجب تكليفه الشرعي أن يتغاضى عنها أو أن يهملها، أو في أحسن الأحوال لا يعيرها الاهتمام المفترض.

أما على الجانب الآخر فإن ابتعاد الآباء والأمهات عن الاعتماد على الأساليب والوسائل التربوية السليمة وغياب الحوار داخل الإطار الأسري والانشغال الدائم بهموم الحياة الأخرى وعلى رأسها الهم الاقتصادي، كلها عوامل أدت بصورة أو بأخرى إلى ضعف العلاقة بين الآباء والأبناء، وأدت إلى خلخلة موقع الأب والأم في نفس الشاب أو الشابة، لذا فإنك تجد البنت مثلا تقيم علاقة من هذا النوع تحت مسمى زواج ولمدة شهور أو سنوات دون أن يعلم الأب أو الأم بتلك العلاقة، بل دون أن يلحظ الآباء مثل هذا التغير الجسدي أو النفسي.. وهذا تقصير ليس يغتفر للأب أو الأم مهما كانت المبررات.

ويختم الأستاذ نادرالملاح تعليقه بالإشارة إلى أن المشكلة في ذلك كله، أنه ما لم توجد آليات تصحيح لهذا الوضع على المستوى الرسمي والديني والأهلي، وما لم يكثف النشاط التوعوي الإيجابي فإن مثل هذه الحالة سوف تنتقل من واقعها المحدود حاليا لتدخل في إطار الظاهرة التي يصعب في ما بعد علاجها. ولنا في المجتمع المصري والأردني خير مثال.

فلعلك لاحظت توجيه وسائل الإعلام والدراما المصرية على سبيل المثال كأحد الأدوات المستخدمة في علاج الظاهرة في السنوات الأخيرة وذلك لتسليط الضوء على هذا الداء وما له من تبعات سلبية وآثار مدمرة بالأخص على حياة البنت ذلك أن مجتمعاتنا العربية هي مجتمعات ذكورية إلى حد كبير. ومع ذلك فإن تأثير تلك الأدوات أصبح محدوداً بل اتخذ الجانب السلبي في التأثير في بعض الأحيان حيث فتح عيون العديد من الناس وبالأخص طلبة الجامعات على وسائل لم يكونوا مدركين لها من قبل، ليس بسبب الخلل في تسليط الضوء على المشكلة وإنما بسبب كيفية التعاطي معها في العمل الدرامي أو التوعوي نفسه.

الرأي الشرعي في هذه العلاقة... ولأن مسألة الزواج العرفي للشرع الإسلامي رأي فيها توجهنا بالنماذج التي حصلنا عليها إلى فضيلة الشيخ جاسم المؤمن الذي علق على هذه النماذج قائلا:

"يتبيّن من القصص المعروضة عدّة أمور من الأهمية وضعها في الاعتبار قبل إعطاء رأي في الموضوع :
انّ ضحايا هذه القصص كلهن فتيات (القصة الأخيرة شاب ولكنه ليس ضحية، بل الفتاة التي ارتبط بها هي الضحية) .
معظم هذه الحالات حدثت أثناء الدراسة الجامعية.
كل هذه الحالات يظهر فيها حالة الندم ونصح الآخرين بعدم الوقوع في الخطأ نفسه.
ضحايا هذه القصص هنّ من أسر محافظة وإقدامهن على هذه الطريقة من الارتباط كان - في ظنهن - مخرجا عن الوقوع في الحرام.
لم يتضح من خلال سرد القصص الكيفية التي تمّ بها الارتباط من ناحية شرعية، وكيف تمّ إجراء العقد.
وأضاف الشيخ المؤمن قائلا: بعد هذه الملاحظات يتبين أنّ الزواج حتى لو كان سريّا - غير معلن - يحتاج في إجراء عقده إلى موازين شرعية لكي يكون صحيحا، ومن ضمن ذلك إذن الولي بهذا الزواج (إن كانت الفتاة بكرا)، والذي يتبيّن من خلال القصص المذكورة أن ما ذكر كان سرا عن الأصدقاء فضلا عن الوالد والأهل.. وهنا يقع الإشكال الشرعي... وعلى الفتاة (والحديث على المتمسكة بدينها الحريصة على أن تكون تصرّفاتها وفق الحكم الشرعي ) أن تتحرّى الحكم الشرعي في أفعالها ، ولا تنساق وراء شهوة عابرة أو كلام معسول من شاب يجعل الدين مطيّة لأغراض شخصية، أو يتحرّك باسم الدين مع جهل أو تساهل في أحكامه .

وأحب أن أشير بالنسبة إلى الأخت التي اتهمت ( رجال ) الدين - الأصح علماء الدين - بالتقصير أحب أن أشير إليها أنّ الكتب الفقهية متوافرة بكثرة (بعضها تحت عنوان فقه المغتربين أو ما يتعلّق منها بطلبة الجامعة)، وعلماء الدين على أتم استعداد لإجابة أي استفسار فقهي، والانترنيت موصّل جيّد مع الفقهاء بشكل مباشر، وندوات التوعية التي تقيمها الجمعيات الإسلامية للطلبة الجامعيين المستجدين منتشرة في طول البلاد وعرضها..

فإلى جميع الطلبة والطالبات الجامعيّين ، بل كل مكلّف ومكلّفة عليهم الاطلاع على أمور دينهم وأحكام شريعتهم، حتى لا يقعوا في أخطاء سلوكية تنعكس على حياتهم الشرعية والاجتماعية وربما تلحقهم إلى آخر حياتهم. وللموضوع جانب اجتماعي خاص يتعلق بدراسة أسباب هذه الظاهرة ليس هناك مجال لمعالجته خلال هذه العجالة أرجو أن يشبع بمداخلات الآخرين. الرأي القانوني لهذا الزواج...

وحيث ان الزواج العرفي يفتقد العديد من الضوابط الشرعية والقانونية التي تنص عليها الأعراف المعتمدة في المجتمعات الإسلامية فإن للجانب القانوني رأيه في هذا الصدد وهو ما تبينه المحامية وفــاء الحـلو في ردها على كيف عالجت القوانين العربية الزواج العرفي؟ فقالت: في مصر استحدث مؤخرا قانون الأحوال الشخصية في المادة ( 17) حق المرأة المتزوجة زواجا عرفيا اللجوء إلى المحاكم الشرعية لرفع دعوى التطليق ويستوجب بيان الأسباب الداعية إلى طلب التطليق. ويمكن للزوجة المتزوجة عرفيا اثبات زواجها بالأدلة الكتابية مثل العقد المبرم بينها وبين الزوج أو بالمراسلات الموجهة إلى احد الزوجين في محل الإقامة أو بالخطابات المرسلة من والى احدهما. والمعضلة الكبرى أن المرأة المتزوجة زواجا عرفيا لا يحق لها المطالبة بالنفقة والإرث وغيرها من الآثار المترتبة على الزواج ألا إذا اثبتت علاقة الزوجية.

وهناك احدى الدول الخليجية طرحت مشروعا جديدا لقانون الأحوال الشخصية واقترحت ضمن المواد اجازة الزواج العرفي وقد أثار المقترح ضجة إعلامية كبيرة في الوسط الاجتماعي، فمن المهم بمكان أن تواكب القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية مجريات الحياة المعاصرة، فسواء كنا مؤيدين أو رافضين للزواج العرفي يظل أن المجتمعات لا تستطيع إنكار هذا النوع من الزواج السري، وعليه لا بد أن توجد قوانين ونصوص منظمة ومعالجة لهذا النوع من الزواج، وذلك حفاظا على كيان الأسرة من الانهيار. أمـا ما هو وضع الطفل من الناحية القانونية والشرعية الناتج عن الزواج العرفي ؟ فقالت المحامية الحلو: ويمكن للزوجة المتزوجة زواجا عرفيا اثبات نسب الطفل إلى أبيه بكافة طرق الإثبات .

ووفقا لما جاء في الشريعة الإسلامية فان ثبوت نسب الطفل شرعا لثلاث:
الفراش
الإقرار .
البينة فالزواج العرفي حلال شرعا متى استكمل جميع شروطه، وأنا أؤكد دائما أثناء الحديث على مسألة الزواج العرفي أن يكون الزواج العرفي مستوفيا جميع أركانه الشرعية عدا التوثيق .
وعليه فالأبناء نتاج هذا الزواج يعتبرون شرعيين. ويمكن للزوجين المتزوجين زواجا عرفيا تصحيح هذا الزواج وذلك بتوثيقه أمام الجهات الرسمية ويعتبر حينئذ زواجا رسميا. هناك مسالة بالغه الأهمية ارغب في تأكيدها، لكون مملكه البحرين تفتقد قانون الأحوال الشخصية، فآمل حين يصدر قانون للأحوال الشخصية في البحرين أن يكون هذا القانون على مستوى عال من التطور التشريعي، والاهم من ذلك الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فهناك مستجدات كثيرة تطرأ على المجتمع المحلي لا يمكن للمشرع البحريني إغفالها أو تجاهلها بأي حال من الأحوال.

وأخير أشارت المحامية وفاء في ردها على مسألة ما هو الوضع القانوني للطفل إذا ما أنكر الزوج الزواج العرفي؟ فأجابت : قد تواجه المرأة المتزوجة زواجا عرفيا إشكالية فيما يتعلق الأمر بنسب الطفل إلى أبيه وخصوصا إذا تنصل الزوج من التزاماته بإقرار هذا الزواج ، أو إذا كانت المرأة قد فقدت عقد الزواج العرفي أو فشلت في اثبات العلاقة الزوجية. فهل من العدالة نعت هذا الطفل انه ابن سفاح طيل حياته إلى أن يتوسد الثرى أم أن العدالة تفرض علينا تصحيح وضع الطفل ليصبح إنسانا قادرا على مواجهة الحياة المستقبلية دون مشاكل؟ نصت المادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الفقرة الثانية (... للأمومة والطفولة حق في الرعاية ومساعدة جميع الأطفال الذين لهم حق التمتع بذات الحماية الاجتماعية سواء ولدوا في أطار الزواج أو خارج هذا الإطار) لابد أن يتمتع الطفل المولد في إطار العلاقة الزوجية أو خارج العلاقة الزوجية غير الاعتيادية بالحماية القانونية والاجتماعية. فهناك دولة عربية إسلامية تنسب الطفل إلى عائلة الأم متى ما تم انكار الزوج الزواج العرفي أو إذا لم تستطع الأم اثبات العلاقة الزوجية. هذا التطور جدير بالاحترام ويصب في النهاية لمصلحة المرأة والطفل على حد سواء.

أخبار الخليج - 11 أغسطس 2005 
 
بوابة المرأة

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon