الإرث.. وإنجاب الذكور!

خاص: "نساء سورية"

صوته يختزل كل ما في الكون من حزن، اقترب من الصغيرة التي تجلس أمام باب منزلها.

انحنى بعطف وقبلها وهو يتلمس شعرها ثم تابع سيره. لم تسقط الدمعة من عينه فقد تحجرت دموعه من زمن بعيد.

إنها تجربة مريرة تلك التي يعيشها أحد الأصدقاء وزوجته.

هو ذاك الفشل الذي يتجرعانه كل شهر، على مدى خمس سنوات هي فترة زواجهما!

لم يكترثا للأمر كثيراً في السنة الأولى من الزواج.. واعتبرا أن الأمر عارض.

ولكن، عندما ابتدأ العام الثاني بدأ القلق والتوتر يسود حياتهما. وبدأت رحلة العلاج وزيارة الأطباء وإجراء التحاليل ليكتشف الزوج ضعفاً في إنتاجه للنطاف! ولتكتشف الزوجة ضعفاً في مبايضها.

لكنه الأمل هو الذي كان ييسر لهما رحلة العلاج القاسية.

وها هما يسافران إلى المحافظات الكبرى بحثا عن علاج!

وبات الدواء غذائهما اليومي. وقائمة طويلة من الممنوعات والمحظورات.

لكن الألم الأكبر هو الانتظار القاتل كل شهر.. بانتظار حصول المعجزة!

وتأتي خيبة الأمل عند عدم حصولها مع موعد الدورة الشهرية!

لم يكن العلاج مؤلماً بقدر القلق والإحساس بالفشل، والحنين لبسمة طفل يتخيلان شكل وجهه ويديه.

كان الزوج يستقبل في مكان عمله الكثير من الأطفال القادمين للعلاج في عيادته لطب الأطفال. يبتسم لهم ويداعبهم وهو يحاول رسم صورة لطفله الذي تمنى أن يشبه أحد هؤلاء الصغار!

يعود إلى منزله ليجد زوجته منزوية في ركن من أركان المنزل باكية تلعن حظها وسوء طالعها اللذان حرماها من الأمومة، في حين وهبها إلى قريباتها اللواتي يستعرضن أمامها ذكاء وجمال أطفالهم.

يربت الزواج على كتفها بحنان، ويشد من أزرها ليمنحها الأمل الذي لازالت تنتظر بريقه كل شهر.

قصة هذان الزوجان ليست نادرة. بل صورة مكررة في أماكن متعددة من العالم.

مشكلة العقم التي لم يتمكن الأطباء، في حالات عديدة، من علاجها.

ولكن التجارب مستمرة في محاولة البحث عن دواء ناجح يقضي بشكل تام على هذه المشكلة. علما أن دور الزوج في هذه الحالة هام جداً في خلق جو مريح لزوجته. فقد دلت الدراسات الأخيرة على أن عشرين بالمئة من حالات العقم مرجعها إلى توتر نفسي وحالات عصبية

فالمرأة تبدأ حالتها النفسية بالتراجع فور فشلها الأول. ويلعب المجتمع المحيط بها دوراً أساسياً في إرسال إشارات خفية إليها مفادها أن زوجها قد يتزوج مرغماً لأجل إنجاب الأطفال.. وعليها قبول الواقع وتحريضه على الزواج لإعطائه فرصة للإنجاب الذي يسعده! متناسين شعور المرأة الحساس. وكم يسبب لها العقم وعدم تحقيق حلم الأمومة من آلام نفسية!

وكم هي محظوظة تلك الزوجة التي تحظى بزوج متفهم متعاون مدرك أن زوجته بحاجة للإنجاب أكثر من حاجته هو!

25/2/2005

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon