الطفولة البريئة مهددة بمخاطر جدية في هذا العالم


يعتقد البعض أن الخلل الذي يقود إلى معاملة الطفل سلبياً مسألة متوارثة من عهود سحيقة وهي ليست مسألة اليوم لكن تعميم مثل هذا الاستنتاج ينسف كل جوانب الرحمة عند الإنسان الذي قطع أشواطاً كبيرة في بناء نفسه وحضارته.
إن النية الكامنة عند الكبار المتجهة نحو سلب حقوق الأطفال والبواعث غامضة الرغبة لهم في أكثر من بلد في العالم حيث الاعتقاد العام بأنهم صغار ولا يعون ما هم عليه وما يمكن أن يكون ذا فائدة لهم أو ضرر عليهم بصورة شبه مؤكدة هي عوامل مشجعة تتناقض مع كون الأطفال لهم تطلعاتهم الخاصة في الحياة ولو بصورة بدائية.
وتتجلى الصورة في بعض الحالات المزرية للأطفال حين يتم استغلالهم لأغراض ظالمة أو دنيئة ومن ذاك انتشار ظاهرة الدعارة الخفية الرائجة في الغرب حيث لم تتخذ بعد أي اجراءات رادعة بحق الكبار الذين يشكلون الطرف المتجاوز في المعاملة مع الأطفال. فهناك سلطات أوربية تغض النظر عن بعض ذوي النفوذ الاقتصادي الذين يعملون ليس على الترغيب بالأطفال جنسياً بل تعدى الأمر مؤخراً إلى ترويج الأفلام والصور الإباحية للأطفال ففي مناطق الشمال الإيطالي تجري حالات الاغتصاب الجنسي للأطفال (الإناث والذكور) دون أن تحرك السلطات الإيطالية العليا ساكناً.
وفي سويسرا التي لم تعد دولة محايدة بعد نيلها عضوية منظمة الأمم المتحدة رفع البرلمان هناك مذكرة طالب فيها بسن قوانين جنائية لملاحقة الجرائم على شبكة الانترنيت (Keystone) إذ طالبوا الحكومة الفيدرالية باتخاذ التدابير الكفيلة لمكافحة ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال والمواقع المروجة لها المتداولة على الانترنيت لكن تلك المطالبة لم تتعد بعد حدود الورق، ولعل الأتعس من ذلك أن مجلس الشيوخ السويسري رفض أن تسند للحكومة مسؤولية التحقيق في المخالفات المتعلقة بترويج الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الترغيب به على مواقع الانترنيت وجاء ذلك أيضاً في مذكرة أخرى كانت قد طرحتها قبل مدة (ريجين ابيلي) نائبة الحزب الاشتراكي السويسري وهذا يعني أن الحكومة السويسرية في حلِّ من متابعة أمور تعتبرها ذات طابع شخصي لهذا في الوقت الذي أصبح مكاناً عند بائعي الأشرطة لبيع حتى شرائط الفيديو وغيره وبذاك فقد ثبت أن الانتهاكات والجرائم المرتكبة بمساعدة الانترنيت هي من المسائل غير القابلة للتستر أو التكذيب.
وحتى يكون الكلام لأجل الكلام فقط فقد عقد خبراء من سويسرا في شهر حزيران (يونيو) الماضي ندوة للتوعية ضد ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال في حين أشرفت الدولة السويسرية على عقد مؤتمر دولي لمناقشة سبل مكافحة الظاهرة المذكورة التي استضافت الجهات السويسرية ذات العلاقة حيث انعقد المؤتمر في مدينة سولوتورن القريبة من مدينة (برن) وقد دلّت المحادثات على أن هناك صعوبة في تقديم المتورطين في هذه الممارسات الشاذة إلى القضاء في سويسرا إذ اصطدمت المحاولات بجملة من العراقيل القانونية المتوقعة التي لا يمكن القول إلا بكونها خرقاً آخر يضاف إلى الخروقات الجارية بهذا الشأن.
لهذا استمع المشاركون في المؤتمر إلى مداخلات من سويسرا وفرنسا وبريطانيا وايرلندا والسويد الذين استجابوا لدعوة الفرع السويسري لـ(Ecpat) الذي نظم الملتقى إذ يرى هذا الفرع إن الشبكة المعلوماتية أصبحت الأرضية المفضلة للمتاجرة بانتهاك عرض الأطفال وتبادل أشرطة الاستغلال الجنسي لهم.. وبعد سلسلة من الفضائح التي شهدها عدد من الكنائس المسيحية في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا، كشفت الكنيسة الكاثوليكية السويسرية مؤخراً عن وجود بعض القساوسة المتهمين بممارسة هذه الظاهرة الشاذة.
إن العبث بحرمة الأطفال في مفهوم القائمين على نشر صور وأفلام الاستغلال الجنسي للأطفال يقيموه تجارياً طبقاً لمدى ندرتها وقسوتها بآن واحد حيث تعرض الصور الخليعة للأطفال على شبكة الانترنيت ولأن الموضوع يتعلق بأشخاص قياديين في هذه الدولة أو تلك فمن الواضح أن الاجتهاد ليس وارداً لتبرير تلك الجرائم الإنسانية. ومن المؤكد أن الترابط الوثيق والضوابط المتبعة داخل الأسرة يسهم وإلى حد كبير في الحد من سقوط الأطفال في مهاوي الرذيلة.

13/2/2005
 شبكة النبأ

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon