العنف ضد المرأة السورية..

كان تعريف العنف ضد المرأة واحداً في الإعلان وفي استراتيجيات بكين فى 1995، ومنهما معاً تم التوصل إلى التعريف التالي: العنف ضد المرأة "هو أي عمل عنيف عدائي أو مؤذٍ أو مهين تدفع إليه عصبية الجنس، يرتكب بأي وسيلة كانت بحق أية امرأة، ويسبب لها أذى بدنياً أو نفسياً أو معاناة بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل، أو القسر والإكراه أو الحرمان التعسفي في الحرية سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة".
هناك نوعان رئيسيان من العنف الواقع على المرأة حيث نجد مجموعة من أشكال العنف التي تتعرض لها المرأة داخل أسرتها ومن أقربائها والمسؤولين عنها عموماً ونوعاً آخر من العنف هو مجموعة من الممارسات القمعية التي تتعرض لها المرأة خارج نطاق أسرتها في إطار المجتمع ككل.
أ- العنف الأسري:
تتعرض المرأة في إطار بعض الأسر إلى شتى أشكال العنف البدين والنفسي من جميع التدرجات من الترهيب النفسي المفروض منذ الصغر إلى الشتم والإهانة والانتقاص من قيمها الإنسانية إلى الأذى البدني والتحرش الجنسي وانتهاءً بالقتل، ويدخل في هذا الإطار أيضاً الضرب والاعتداء الجنسي على الأطفال والإناث في الأسرة وأعمال العنف المتعلقة بالمهر والبائنة كما يحدث في بعض الدول كالهند مثلاً، وتزويج الأطفال وغير ذلك من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة والمسموح بها أو المقررة في منظومة عادات وتقاليد هذا البلد أو ذاك كما تتضح صور العنف الأسري في الضغط النفسي المادي والمعنوي على المرأة لدفعها إلى طلب التفريق وخسارة حقوقها، وأحياناً كثيرة يدفعها الضعف والاضطهاد الأسري إلى التمرد والانحراف وأحياناً أخرى إلى الجريمة التي أثبتت دراسات عديدة في العالم أن المرأة ترتكب الجريمة للدفاع عن كرامتها المجروحة أو للدفاع عن نفسها من القتل والإيذاء والخيانة.
 
ب- العنف العام:
تعاني المرأة خارج أسرتها من أعمال عنف متعددة الأشكال والدرجات يمارسه عليها رجال لا يمتون لها بصلة قرابة أو يمتون بقربى بعدية من منطق الشعور بالتفوق الذكري فقط ودفعها باستمرار إلى موقع الدونية الذي فرض عليها ولكبح كل محاولة من قبلها للتصرف كإنسان حر كامل الحقوق، فمن حق الرجل ومن طبعه الاعتداء بلا رادع ومن واجبها هي تحاشي الأذى باستمرار وتمرير الأمور بالتي هي أحسن والتستر على الجرائم التي ترتكب بحقها لأنها هي الوحيدة التي تدفع الثمن بالنهاية كأنها المذنبة الوحيدة في كل ما يحصل وهي من يجب أن يلام في نهاية المطاف.
وتتعدد أعمال العنف البدني والنفسي الذي يقع على المرأة خارج الأسرة فمنها الاعتداء والتحرش العام ابتداء من الكلام البذيء وانتهاء بالاغتصاب، ومنها التخويف والابتزاز في مكان العمل والمؤسسات الرسمية من قبل الرؤساء والزملاء بالمضايقات المستمرة والتحرشات والتهديد بالفصل من العمل وعدم الترقية وتكبيلها بالأعمال الإضافية إذا لم تستجب أو ترضخ، وينفذ هذا التهديد في كثير من الأحيان.
ج- العنف في حال النزاعات المسلحة والاحتلال الأجنبي:
هناك ممارسات عنف ضد المرأة تحدث بصورة خاصة وكثيفة في حالات النزاعات المسلحة أهمها أعمال القتل والاغتصاب (كما حدث في البوسنة وفي الجزائر) وفصل الأمهات عن أطفالهن والتعذيب، ودليلنا الحي والواقعي هو العنف الذي يمارسه العدو الصهيوني في جولاننا الحبيب وجنوب لبنان وفلسطين العربية حيث تتعرض العديد من النساء السجينات والمعتقلات لأشكال مختلفة من التعذيب والحرمان والضغط الذي سفر عن حرمان المرأة من حياتها نتيجة لانتهاك عرضها والإساءة إلى شرفها وتشويه جسدها وروحها، كما تعاني المرأة في ظل الاحتلال من تهجير الزوج والابن والأب والأخ وفي جميع هذه الأدوار هي مقهورة ومحرومة تعاني الكثير من انفرادها بالنهوض بأعباء الأسرة ومقاومة الظلم والاحتلال.
د- العنف ضد المرأة في مجال صحتها:
يتمثل بمصادرة حقوقها الصحية كإجبارها على الإجهاض أو منعها من تحديد عدد الأطفال الذين تريد أن تنجبهم ووفقا من هذا التعريف فأن العدوان هو عنف والإيذاء هو عنف وكذلك الإهانة وكل ما يخلق معاناة من قلق وخوف وقهر هو أيضاً عنف.  والتهديد بالاعتداء هو عنف، ومهما كانت الوسائل التي ارتكبت فيها هذه الأعمال سواء كان ذلك بالمباشرة أم من خلال الخداع أو التهديد أو الاستغلال أو التحرش أو الإكراه أو إهانة كرامتها أو تعريض أمنها الشخصي أو سلامتها الأخلاقية للخطر أو الانتقاص من شخصها واحترامها لذاتها أو من إمكانياتها الذهنية والبدنية كل هذا هو عنف ضد المرأة يضر بها ويربكها ويحبطها ويساهم في استغلالها.
وفقا للدراسة التى أعدها الاتحاد العام النسائى حول التمييز والعنف ضد المرأة والذى تم من خلال دراسة 240 حالة من النساء اللواتي عانين من العنف والتمييز فان العنف ضد المرأة ظاهرة موجودة داخل المجتمع السوري وإن كانت تختلف كماً ونوعاً عن العنف الموجود في البلاد الأخرى لأننا نفتقر إلى الدراسات والإحصاءات في هذا المجال رغم أنه قد تم تجاوز العديد من صور العنف من خلال استصدار التشريعات القانونية العادلة والحماية الدستورية والسياسية للمرأة نظراً لخصوصية المجتمع السوري وبنيته الاجتماعية والاقتصادية والتي تحفظ لكل مواطن دوره ومكانه وحقوقه، فلا تمييز بين الرجل والمرأة في دستور الجمهورية أو دستور الحزب القائد للدولة والمجتمع أو في التشريعات والقوانين، حيث تتمتع المرأة بحق المشاركة في الحياة السياسية واستلاما لمهام وحق العمل والأجر الواحد والحوافز والترقية، ولها حق العلم والعمل والتمتع بالرعاية الصحية والاجتماعية والتربوية.
وفى إطار الالتزامات السورية المترتبة على توصيات مؤتمر بكين أشار التقرير الوطني السوري عــن متابعة المؤتمر العالمي الرابع للمرأة الذي انعقد في بكين عام 1995، الصادر عام  1999 إلى قيام الحكومة السورية بإنجاز مجموعة من الدراسات القانونية حول النصوص القانونية التي تشكل عقبة أمام عملية تطور وتقدم المرأة وتعيق تمتعها بالحقوق الممنوحة لها ورفعت للجهات صاحبة العلاقة لإقرارها.
نفذ العديد من الدراسات النوعية لرصد بعض الظواهر الاجتماعية في سورية والتي تؤثر على عملية النهوض الشاملة للمرأة أهمها: آثار الزواج المبكر على المرأة والأسرة والمجتمع. ونتائج الطلاق الاجتماعية والاقتصادية والصحية على المرأة. والآثار الناجمة عن عمل الأطفال دون السن القانونية النفسية والاجتماعية والصحية. وتكثيف الجهود لنشر التوعية المتعلقة بإدانة كل أنواع العنف الذي يمارس على المرأة بأشكاله المختلفة من خلال زيادة انتشار مراكز الإرشاد القانوني الذي يشرف عليها الاتحاد العام النسائي والتي بلغ عددها 114 مركزاً موزعاً في المدن والأرياف في روابط الاتحاد النسائي. وتعريف النساء بالحقوق القانونية الممنوحة لهن في القوانين والتشريعات النافذة وأهمية ممارسة هذه الحقوق من خلال الندوات الكثيرة التي تقام في مختلف المحافظات السورية والتي بلغ عددها ما يقارب 5000 ندوة. وإعادة تأهيل العديد من النساء اللواتي هن في أوضاع استثنائية (جانحات ـ سجينات ـ معاقات) من خلال الإعداد وإعادة دمجهن بالتعاون مع الجهات المعنية.
وتحسين أوضاع الأحداث الجانحين وخاصة الفتيات من خلال الندوات وورشات العمل للتوعية بأهمية رعاية الأحداث وإعادة تأهيلهن للمجتمع وكذلك تدريب العناصر التي تعمل في مجال رعاية الأحداث من مديرين وأخصائيين اجتماعيين ومراقبين وشرطة وغيرها.. ومن أبرز ما نفذ في هذا المجال تعيين قاضي في كل محافظة سورية لمتابعة أحكام اتفاقية حقوق الطفل كما نفذ مشروع مراكز اللقاء الأسري والتي يتم فيه رؤية الأولاد بحوزة أحد الطرفين المنفصلين.
وتعهدت الحكومة السورية بالمصادقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (وهو ما تم بالفعل) والاستمرار بإنجاز الدراسات المتعلقة برصد ظاهرة العنف ضد المرأة. والتعاون بين الجهات المعنية تمهيداً لاتخاذ الإجراءات المناسبة للقضاء على العنف. والاستمرار في السعي لدى الجهات المعنية من أجل إقرار التعديلات اللازمة لبعض مواد القوانين المقترحة.
حقوق الطفل
سعت التشريعات النافذة في الجمهورية العربية السورية والتي تتناول أحكامها المسائل الخاصة بالطفولة إلى تنفيذ جميع الإجراءات التي تنسجم مع تلك التوجهات الإنسانية ومع الاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الطفل وبنائه ونمائه. حيث شُكلت لجان عليا لرعاية الطفولة بموجب القرار 2446 لعام 1982 برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء بالإضافة إلى مندوبين من الجهات المعنية بالطفولة، وكان هدفها تعزيز دور كل الجهات ذات الصلة بتلبية حاجات الطفولة والتنسيق فيما بينها وتوفير الشروط الملائمة للاستفادة من جميع الطاقات المتاحة وفق خطة علمية متكاملة وتوفير الرعاية الصحية للأطفال والأمهات، وتوفير الأجواء التربوية السليمة للأطفال في الإطار الأسري والاجتماعي. 
كما عقد في عام 1991 المؤتمر الوطني الأول لبقاء الطفل ونمائه وحمايته (تحت رعاية رئيس الجمهورية) وصدر عنه منهاج للعمل الوطني. وتابعت اللجنة الوطنية تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل بالتعاون مع الجهات الرسمية وغير الرسمية لنشر مبادئ الاتفاقية والعمل بها.
كما ساهمت المنظمات الشعبية وخاصة الاتحاد العام النسائي ومنظمة طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة ببذل المساعي لنشر مضمون الاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل. والعمل على حماية الأسرة عملاً بأحكام دستور الجمهورية العربية السورية وتحقيق لتوجيهات رئيس الجمهورية التي تعتبر الأسرة الخلية الأساسية في المجتمع وتدعو لحمايتها وتحقيق احتياجاتها وتعزيز أدوارها.
ومن جانبه اهتم المؤتمر الدولي الرابع للمرأة الذى عقد فى بكين عام 1995 بقضايا الفتاة الطفلة وما يمكن أن يقع عليها من أعمال العنف أو التمييز وركز على ضرورة حمايتها كما انعقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل الذي ضم ممثلين عن 152 دولة، حضره 70 من قادة الدول و/أو رؤساء للحكومات.  وقد ساهم هذا المؤتمر في وضع احتياجات الأطفال الخاصة على قمة جدول الأعمال وفي الاعتراف بحقوق الأطفال في الحصول على الأولوية عند تخصيص الموارد الوطنية.  وفي ظل هذا الوضع المواتي جاءت مبادرة "الطفلة الفتاة" متزامنة مع مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل واتفاقية حقوق الطفل، التي تُحمل الدولة مسؤولية حماية الأطفال من كافة أشكال التمييز القائم على الجنس.  وقد أعطت هذه المبادرة اهتماماً خاصاً لوضع الطفلة الفتاة وحاجتها إلى المساعدة والتنمية بدءاً من الطفولة المبكرة وحتى مرحلة الشباب.
ووضعت اليونيسيف سياسات خاصة بالمساواة بين الجنسين وتزويد النساء والفتيات بالمعرفة والمهارات، وطالبت بتطوير مؤشرات لا تميز بين الجنسين في جميع البرامج التنموية. وقد أدى تركيز سياسة اليونيسيف في هذا المجال على الطفلة الفتاة إلى تركيز اهتمام المنظمات الوطنية والإقليمية والدولية إلى ضمان فرص متساوية للفتيات لكي يصبحن نساء متعلمات ومنتجات يتمتعن بالصحة والمعرفة. ووضعت الاتفاقية آلية للإشراف دولياً على الالتزامات التي تكونا لدول قد أقرتها بعد تصديقها على الاتفاقية أو الانضمام إليها. وتضطلع لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، المكونة من 23 خبيراً -يعملون بصفتهم الشخصية وتنتخبهم الدول الأطراف في الاتفاقية- بمهمة رصد التقدم المحرز في مجال تنفيذها.
وبموجب الدستور السوري يحظى الطفل السوري ذكراً كان أم أنثى بكل الحقوق المتعلقة بالاسم والجنسية والنسب ورعاية الوالدين وحق التعليم والرعاية الصحية.. الخ طيلة مراحل حياته. ويضمن القانون السوري الحقوق الإرثية للطفلة تماماً كما هي للطفل باستثناء القيمة الإرثية في بعض الممتلكات (وللذكر مثل حظ الأنثيين) لأن الذكر يكلف شرعاً وقانوناً بالإنفاق على الأنثى مقابل هذا التمييز النسبي.
وتقوم الجهات الرسمية والمنظمات الشعبية ذات العلاقة بتوعية المجتمع بحقوق الطفل وتوفير السبل المناسبة لنموه وبقائه، وتثقيف الأطفال ذكوراً وإناثاً من النواحي العلمية والتقنيات الحديثة فضلاً عن توعيتهم بالنواحي البيئية والسكانية والصحية واتفاقية حقوق الطفل. وصادقت سورية على اتفاقية حقوق الطفل بموجب القانون رقم 8 لعام 1993 وأصبحت تشريعاً وطنياً ملزماً.
حظيت الطفلة المعاقة كما المرأة المعاقة بالاهتمام والرعاية وأعطيت الحقوق كما الطفل العادي. وتقوم مؤسسات الرعاية الاجتماعية للمعاقين بتقديم الخدمات اللازمة للفتيات والذكور على السواء، كما يتم تدريب أهالي المعاقين على أساليب التعامل معهم، وهناك مشاريع المجتمع المحلي التي تدعم هذه الشريحة من المجتمع. كما حظيت الفتاة الجانحة أيضاً بالاهتمام والرعاية في مؤسسات خاصة بالأحداث.
ومنع القانون السوري تشغيل الأطفال قبل سن 12 سنة، وسمح ببعض الأعمال البسيطة ما بين 12- 15 سنة وحدد أعمالاً أخرى بين 15- 18 سنة وقد أجرى العديد من الدراسات الميدانية حول عمل الأطفال في سورية وأثره على النواحي الصحية والنفسية والاجتماعية للطفل.
ولكن رغم الاهتمام والرعاية والمساواة بين الذكر والأنثى في جميع مجالات الحياة، إلا أن هناك بعض المجتمعات ولا سيما الريفية منها تولي الذكر اهتماماً أكثر من الأنثى نتيجة لبعض العادات والتقاليد الموروثة. وتتعهد الحكومة السورية بعد مؤتمر بكين بالاستمرار في توعية المجتمع إلى ضرورة إبلاء الطفلة الأنثى الاهتمام اللازم وتحقيق المساواة بين الجنسين.
وجاء في المجموعة الإحصائية 2002 الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء أن عدد السكان المسجلين في الأحوال المدنية بلغ 18,866 مليون نسمة، 40.2 % منهم دون سن 15 عاماً (حوالي 7,584 مليون نسمة).
عمالة الأطفال
تؤكد أرقام وزارة التربية أن نسبة المتسربين في عدد التلاميذ في المرحلة الابتدائية في العام 2002 والذي قبله حوالي 2ر2% من إجمالي عدد التلاميذ. علماً أن عدد الذين سجلوا في الصف الأول الابتدائي في العام الماضي كان 602160 طفلاً وفي العام الدراسي 2000 و2001 بلغ عدد المسجلين 576739 طفلاً. وإذا حولنا النسبة المئوية للتسرب إلى أرقام نجد أن عدد المتسربين من مرحلة التعليم الابتدائي في العام الماضي كان 13200 طفل.
وهذه النسبة من اقل النسب وأدناها في دول العالم الثالث وفي نفس الوقت تعطي مؤشراً ودلالة واضحة على الجهود الكبيرة والاهتمام الحكومي الكبير في نشر الوعي والمعرفة وتنفيذ مجانية التعليم والزاميته والأرقام وحدها تؤكد مصداقية وجدية هذا التوجه ففي العام 1970 كانت موازنة الدولة 8ر27 مليار ليرة خصص منها لوزارة التربية ملياران و 23 مليون ليرة أما في العام 2002 فقد كانت موازنة الدولة 322 مليار ليرة خصص منها لوزارة التربية 489ر35 مليار ليرة وشكل هذا المبلغ 11% من إجمالي الموازنة العامة. تم إنفاقه على تعليم الأطفال في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية هذا عدا عن مراحل التعليم الجامعي والأكاديمي. ‏
وإذا كان عدد المتسربين وسطياً في العام الواحد عشرة آلاف تلميذ فان إجمالي المتسربين في عشرة أعوام يكون مائة ألف طفل. اصبحوا أميين وانقطعوا عن كل سبل تلقي المعرفة والتعليم المدرسي. وتحولوا إلى يد عاملة. تبحث عن مهنة أو حرفة. فى حين أن نسبة التسرب اكبر من 2ر2% في مرحلة التعليم الإعدادي التي أصبحت جزءاً هذا العام من مرحلة التعليم الأساسي. لذلك يمكننا القول أن عدد المتسربين سنوياً في المرحلتين يتجاوز العشرين ألفا من التلاميذ. ‏
ويتوجه المتسربين خاصة إذا تجاوز الواحد منهم سن التاسعة فسيذهب إلى سوق العمل طائعاً راغباً أو سيدفعه أهله إلى ذلك. مع ما يعنيه كل ذلك من مخاطر تتجلى بتفشي الأمية بين الأجيال وقلة الخبرة المعرفية والعلمية في اسر مستقبلية سيكونها هؤلاء المتسربون إضافة إلى المخاطر الصحية الكبيرة التي ستحيق بنمو الأطفال جراء ممارستهم العمل بأجسام غضه لم يكتمل نموها بعد خاصة إذا تم تشغيلهم في مهن وحرف قاسية.
وفي دراسة إحصائية نفذها المكتب المركزي للإحصاء وبالتعاون مع جامعة دمشق ومعهد فافو النرويجي للعلوم التطبيقية والاجتماعية ومكتب اليونيسيف في دمشق في العام 2000 وشملت عينة المسح الإحصائي عشرين ألف أسرة موزعة على الحضر والريف وشملت جميع المحافظات. ففي هذه الدراسة نجد أرقاما مهمة ونسبة مئوية دالة تشكل بمجموعها مؤشرات ودلالات وفي نفس الوقت مرشداً وحافزاً لأصحاب القرار المعنيين بمسائل مكافحة الأمية ومنع تشغيل الأطفال وكذلك للمسؤولين عن تعليم الأطفال. فقد جاء في هذه الدراسة أن عدد الأطفال العاملين في سورية بين سن 1017 عاماً يقدر بـ 621 ألف طفل وهذا الرقم يشكل نسبة 8ر17% من إجمالي عدد الأطفال في هذه الفئة العمرية أما إذا تم استبعاد عدد الأطفال العاملين في مشروعات الأسرة وحيازتها الزراعية دون اجر الذي سمح قانون العمل بتشغيلهم فيها. فان نسبة الأطفال العاملين تصبح 10%.
ومن نتائج الدراسة أظهرت أن معظم الأطفال العاملين والبالغ نسبتهم 56% من الأطفال المشتغلين يعملون في الزراعة يليها الصناعات التحويلية 18% وكانت نسبة الفتيات المشتغلات في الزراعة أعلى بكثير عند الإناث 94%. ‏
ويعمل اكثر الأطفال المشتغلين باجر 8ر46% ثم لدى الأسرة دون اجر 10ر44%، ويعمل 71% من الأطفال أربعين ساعة في الأسبوع أي اكثر من ست ساعات يوميا ‏يعمل نصف عدد الأطفال دون اجر أي 310 آلاف طفل بينما يتراوح الدخل الشهري لحوالي ربع الأطفال بين آلفين وثلاثة آلاف ليرة سورية. ‏
ولا يجمع اغلب الأطفال بين الدراسة والعمل فلم تتجاوز نسبة الأطفال الذين يعملون بعض الوقت 23% من إجمالي عدد الأطفال المنتظمين في التعليم. ‏


وأكدت الدراسة وجود علاقة بين بعض الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للوالدين وبين عمل الأطفال. حيث كانت مساهمة الأطفال في قوة العمل أعلى عند الأسر التي ترأسها نساء مقارنة بتلك التي يرأسها رجل. كما أن مساهمة الأطفال في العمل تزداد كلما انخفض المستوى التعليمي للوالدين. وهي أعلى عند وجود أب أو أم في الأسرة. وعند الأرامل من الإناث قياساً بالأرامل من الذكور. وكذلك فان مساهمة الأطفال في قوة العمل تزداد في الأسر التي يكون فيها أي من الوالدين من أصحاب العمل. ثم يعملون لحسابهم قياساً بالعاملين منهم باجر.
كما حاولت الدراسة التعرف على نسب الامية في الحضر والريف وكذلك بين الرجال والنساء فقد كانت نسبة الامية الاجمالية 28% بينما كانت في الحضر 5ر19% وفي الريف 39% كما أن الامية ترتفع نسبتها مع ازدياد سنوات العمر ففي الفئة العمرية بين 2539 عاماً نجد نسبة الامية 5ر14% وفي الفئة العمرية من 4049 عاماً تكون نسبة الامية 9ر29% وفي الفئة العمرية 5059 عاماً تكون النسبة 43% اما فوق الستين عاماً فتكون نسبة الامية حوالي 61%.
أما بين الرجال ومن سن 25 عاماً، وما فوق فان نسبة الأمية كانت بحدود 15% وبين النساء 28% أما الحالة التعليمية بالنسبة للرجال ولمن حصل على شهادة جامعية فكانت 8.2% بينما هذه النسبة تدنت إلى 5.9% عند النساء. كما أن نسبة الأمية ترتفع في الأرياف لدى النساء اللواتي يزيد عمرهن عن 25 عاماً فهي بحدود 57% وفي الحضر والمدن حوالي 29% وانطلاقاً من ذلك نجد أن العلاقة بين التعليم وعمل الأطفال هامة فكلما انخفض المستوى التعليمي لكل من الأب والأم زادت فرص عمل الأطفال وخروجهم من المدارس وكلما ارتفع المستوى التعليمي قلت احتمالات خروج الأطفال من المدارس وبالتالي زجهم في سوق العمل ونجد أن الأسرة التي يكون فيها الأب والأم يحملان شهادة جامعية فان نسبة مساهمة الأطفال في العمل والنشاط الاقتصادي لا تتجاوز 2% من الأسر التي يكون الأب يحمل شهادة جامعية بينما تصل هذه النسبة إلى 29% إذا كان الأب أميا. ‏وترتفع نسبة تشغيل الأطفال في الأسر التي فقدت الأب لتصبح 23% أما إذا كان الأب متزوجاً بامرأة ثانية فتكون نسبة تشغيل الأطفال 17%. ‏
أما بالنسبة لتوزيع الأطفال ونسب عمالتهم حسب المحافظات فنجد أن دير الزور تأتي في المرتبة الأولى تليها الحسكة الرقة حلب ادلب واقل النسب نجدها في السويداء ثم في طرطوس ودرعا ودمشق وريف دمشق. ‏
وتثير مثل هذه النتائج الكثير من التساؤلات التى تجتذب كافة المعنيين بالطفولة ومنع تشغيل الأطفال بل العمل على تعليمهم حتى يبلغوا سن الرشد. وتعد الخطوة الأساسية زيادة الجهود المؤدية إلى منع التسرب من المدارس خاصة مرحلة التعليم الأساسي لان ذلك يعني جعل نسبة الالتحاق بالمدارس 100% وبالتالي تجفيف كل منابع التسرب وأيضا تخفيض نسبة الأمية بين الذكور والإناث والقضاء عليها مستقبلاً بشكل كامل فالأسرة التي يكون فيها الزوج والزوجة من مستويات تعليمية لا تتجاوز المرحلة الابتدائية ستكون احتمالات إخراج الأطفال من المدارس وزجهم في سوق العمل اكبر من الأسر التي يكون فيها الأبوان يحملان مؤهلات علمية عالية. وبالتالي فان مستوى الوعي والمعرفة بأمور الصحة والسكن والإنجاب والزواج المبكر وتنظيم الأسرة وتدبر الأمور المعاشيه للأسرة تكون افضل لدى الأسر التي تكون فيها الأم والأب يحملان شهادات علمية جامعية. ‏
كما أن القانون رقم 24 تاريخ 10/12/2000 نص على تعديل السن الأدنى لدخول سوق العمل (المادة 124) بحيث لا يقل عن 15 سنة لجميع أنواع العمل. ومنع تشغيل الأحداث في بعض الصناعات التي تحدد بقرار من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل قبل بلوغهم 16 سنة وفي صناعات أخرى قبل بلوغهم 18 سنة أجاز لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل تشغيل الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 1315 سنة من الأعمال الخفيفة التي لا تضر بصحتهم ونموهم. ‏
كما  ذكرت هذه الدراسة الإحصائية أن عدد المشتغلين باجر وخارج الأعمال الزراعية بلغ 420 ألف طفل بين سن 1017 سنة. والأرقام الرسمية عن البطالة في سورية تقول أن هناك 450 ألف عاطل عن العمل. وهنا اسمح لنفسي بالاستنتاج التالي: فلو أن تشغيل الأطفال كان ممنوعاً قبل سن 18 عاماً لوجد العاطلون عن العمل فرص العمل التي يريدونها بشكل تلقائي فلو أن جهة رسمية ما طالبت وعملت بجد على إعادة هؤلاء الأطفال المشتغلين إلى المدارس أو أنها أقامت مدارس خاصة لهم تناسب أعمارهم فان أصحاب الأعمال بمختلف أنواعها سيشكون من قلة توفر اليد العاملة وسيتيح لمن يرغب بالعمل الحصول على فرصة عمل معقولة. هذا بشكل نظري. ومن جانب آخر اعتقد أن الهيئة العامة لمكافحة البطالة مدعوة للانخراط في إعادة تأهيل الأطفال العاملين في المصانع والحرف وإقامة مدارس خاصة بهم. وإكسابهم الخبرات والمعارف التي تنمي خبرتهم في الأعمال التي يمارسونها حالياً خاصة الذين تجاوزوا سن 15 عاماً. وإذا تم ذلك فان الفوائد والمنافع ستكون مضاعفة أولا لجهة محو أمية الأطفال العاملين وإعادتهم للمدارس وثانيا بخلق فرص عمل جديدة ومنح ذوي الأطفال المحتاجين لدخل أبنائهم من العمل مساعدات مالية تعينهم وتكفيهم وتبعد عنهم احتمال الوقوع بأزمات مالية ومعاشيه جراء إعادة أبنائهم إلى المدارس والتعليم.
أشارت دراسة إحصائية أعدها المكتب المركزي للإحصاء عام 2003 بالتعاون مع جامعة دمشق ومعهد فافو النرويجي للعلوم التطبيقية والاجتماعية ومكتب اليونيسيف في دمشق إلى أن عدد الأطفال العاملين في سورية في الفئة العمرية بين 10 أعوام و17 عاماً يقدر بنحو 621 ألف طفل، وهذا الرقم يشكل نسبة 17.8% من إجمالي عدد الأطفال في هذه الفئة العمرية، أما إذا تم استبعاد عدد الأطفال العاملين في مشروعات الأسرة وحيازتها الزراعية دون أجر، وهي جائزة بموجب قانون العمل السوري، فإن نسبة الأطفال العاملين تصبح 10%. في حين يعمل 46.9% من هؤلاء الأطفال بأجر، بينما يعمل 44.1% دون أجر لدى الأسر. ولاحظت الدراسة أن نسبة الأطفال الذين يجمعون بين الدراسة والعمل أو الذين يعملون بعض الوقت لا تتجاوز3% من إجمالي عدد الأطفال المنتظمين في التعليم.
كما طلبت وزارة التربية إلى مديرياتها في المحافظات فى يناير 2003 عدم استغلال الأطفال في تصوير البرامج الإعلانية لترويج المنتجات التجارية أو أي برامج تلفزيونية. وطالبت بعدم السماح لأية جهة أو مؤسسة أو جمعية بالدخول إلى الوحدات الطليعية في حلقتي التعليم الأساسي الأولى والثانية أو مراكز الأنشطة والأندية للمشاركة في فعالياتها وأنشطتها إلا عن طريق موافقة خطية من فروع طلائع البعث حصرا وموافقة الوزارة. ‏وجاء هذا التحرك استجابة لكتاب منظمة طلائع البعث حرصا على التوجيهات التربوية والطليعية لتربية الجيل الجديد.
ويمنع قانون العمل السوري تشغيل الأطفال دون سن الخامسة عشرة، في جميع أنواع العمل. بينما يحظر تشغيل الأحداث في بعض الصناعات التي تحدد بقرار من وزير الشئون الاجتماعية والعمل قبل بلوغهم 16 عاماً وفي صناعات أخرى قبل بلوغهم 18 عاماً، في حين يجيز القانون الموافقة على تشغيل الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة في بعض الأعمال الخفيفة التي لا تضر بصحتهم ونموهم. ويفضل الحرفيون ، وأصحاب المتاجر تشغيل الأطفال كما هو معلوم لرخص يدهم العاملة، وسهولة السيطرة عليهم.
 
العنف الجنسي ضد الأطفال
قليلا ما نسمع بحوادث العنف الجنسي ضد الأطفال في سورية، لأسباب ربما تعود إلى قلتها، أو لأن الأهل يحاولون التستر عليها خوف الفضيحة، وهو الأرجح. ففي استبيان قامت به لجنة نسائية مدنية على 1100 عينة عشوائية من نساء سورية1، أجابت 18.8 % من العينة بالإيجاب عن تعرضهن للتحرش من قبل رجل ناضج في الطفولة، كما أجابت 5.2 % من العينة أنهن تعرضن للتحرش من قبل أحد المحارم.
قام د.محمد ضو أخصائي في الطب الشرعي وأخصائي في الجراحة العامة بإجراء دراسة عبارة عن تحليل إحصائي لحالات العنف ضد الأطفال التي تم الكشف عليها في مركز الطبابة الشرعية في مدينة حلب خلال عام 2002. والتى هدف منها إلى التعرف على حجم هذه الظاهرة، وكذلك كيفية تشخيص حالات الاعتداء، ووضع توصيات بطرق التي تكفل القضاء إلى هذه الظاهرة أو الحد منها.
وقامت الدراسة على أساس استمارات بحث شملت أطفال فى الفئة العمرية منذ الميلاد وحتى 18 عام.  وبلغ عدد المراجعين لمركز الطبابة 11665 حالة وبلغ عدد حالات العنف 8350 حالة وبلغ عدد حالات العنف ضد الأطفال 1945 حالة أي ما نسبتها 23.3% من مجموع حالات العنف الكلي. وبلغ عدد حالات العنف الجنسي 249 أي ما نسبته 12.8% وحالات العنف الجسدي 1696 أي ما نسبته 87.2%. وتوزعت الحالات حسب الجنس الأطفال 179 حالة من الذكور أي ما نسبته 71.8% و70 حالة من الإناث أي ما نسبته 28.2%.
ووفقا للتوزيع حسب الفئات العمرية على الشكل التالي: فان المجموعة الأولى (من عمر 4- 8 سنوات) بلغ عدد الحالات فيها 22 حالة أي ما نسبته 8.8% من مجموع الحالات. وبلغ عدد الذكور14 حالة والإناث 8 حالة. أما المجموعة الثانية من عمر 8- 15 سنة. فقد بلغ عدد الحالات فيها 150 حالة أي ما نسبته 60.3% من مجموع الحالات. وبلغ عدد الذكور116 حالة والإناث 34 حالة. أما المجموعة الثالثة من عمر 15- 18 سنة وبلغ عدد الحالات في هذه الفئة 77 حالة أي ما نسبته 30.9% من مجموع الحالات. وبلغ عدد الذكور49 حالة والإناث 28 حالة.
وتوزعت الحالات حسب نوع الاعتداء 183 حالة حصل فيها اعتداء جنسي أي ما نسبته 73.5%، و62 حالة تحرش دون حدوث اعتداء جنسي أي ما نسبته 24.9%، و4 حالات قتل فيها الطفل بعد الاعتداء أي ما نسبته 1.6%.
وتوزعت الحالات حسب علاقة المعتدي بالطفل المعتدى عليه من 55  حالة كان المعتدي من المحيط العائلي أي ما نسبته 22.1%. و72 حالة كان المعتدي من الجيران أي ما نسبته 28.9%. و81  حالة كان المعتدي من محيط العمل الذي يعمل به الطفل أي ما نسبته 32.5%. و41  حالة كان المعتدي من الغرباء أي ما نسبته 16.4%.
وتوزعت الحالات حسب الحالة التعليمية للطفل المعتدى عليه: 15  حالة قبل سن المدرسة أي ما نسبته 6% (من عمر 4- 6 سنوات)، و188 حالة لا يتابعون الدراسة أي ما نسبته 75.6%، و46 حالة يتابعون الدراسة أي ما نسبته 18.4%.
وتوزعت الحالات حسب التوزيع الجغرافي لسكن الطفل المعتدى عليه: 63 في الريف أي ما نسبته 25.3% و186 في المدينة أي ما نسبته 74.7% .
وكان التوزيع حسب الحالة الاقتصادية لأسرة الطفل المعتدى عليه 147  حالة الوضع الاقتصادي سيئ أي ما نسبته 59.1%.  و57  حالة الوضع الاقتصادي متوسط أي ما نسبته 22.9%. و45 حالة الوضع الاقتصادي جيد أي ما نسبته 18%.
أما التوزيع حسب الأعراض والعلامات النفسية المشاهدة أثناء الفحص: ففى 211  حالة لوحظ خوف من الحديث عن ما تعرضوا له أي ما نسبته 84.7%. وفى 208 حالة لوحظ وجود ارتباك وخوف من الفحص أي ما نسبته 83.5%. وفى 179 حالة عدم معرفة لطبيعة ما تعرضوا لهم أي ما نسبته 71.8%.
وكان التوزيع حسب عمر المعتدي: 78 حالة عمر المعتدي بين 15- 25سنة أي ما نسبته 31.3%. و92 حالة عمر المعتدي بين 25- 45 سنة أي ما نسبته 37%. و79 حالة عمر المعتدي بين أكبر من 45 سنة أي ما نسبته 31.7%.
وكان التوزيع حسب مكان الاعتداء: 82 حالة تم في المكان الذي يعمل فيه الطفل المعتدى عليه أي ما نسبته 32.9%. و62 حالة تم الاعتداء في مكان عام أي ما نسبته 24.8%. و61 حالة تم الاعتداء في الحي الذي يعيش فيه الطفل المعتدى عليه أي ما نسبته 24.4%. و44  حالة تم الاعتداء في منزل الطفل المعتدى عليه أي ما نسبته 17.8%.
وكان التوزيع حسب تكرار الاعتداء: 88 حالة تعرض فيها الطفل لأكثر من اعتداء أي ما نسبته 33.4%. و161  حالة تعرض فيها الطفل للاعتداء لمرة واحدة أي ما نسبته 64.6%.
وكان التوزيع حسب الوضع العائلي للمعتدي: 165  حالة كان المعتدي عازباً أي ما نسبته 66.2%. و84 حالة كان المعتدي متزوجاً أي ما نسبته 33.8%.
وكان التوزيع حسب عمل المعتدي: 93  حالة كان المعتدي عاطل عن العمل أي ما نسبته 37.3%. و87  حالة كان المعتدي يعمل عملاً مؤقت أي ما نسبته 34.9%. و69 حالة كان المعتدي يعمل بعمل ثابت أي ما نسبته 27.8%.
وكان التوزيع حسب السوابق الانحرافية للمعتدي: 79  حالة يوجد سوابق دخول انحرافية للمعتدي أي ما نسبته 31.7%. و170 حالة لا يوجد سوابق دخول انحرافية للمعتدي أي ما نسبته 69.3%.
وأثبتت النتائج وفقا لما تم التوصل إليه إن الحالات المبلغ عنها لا تشكل سوى نسبة لا تتجاوز 15% من نسبة الحوادث الفعلية وذلك يعود إلى حساسية هذا الموضوع وخاصة في مجتمع محافظ كمجتمعنا وهذا يقودنا إلى ضرورة كسر جدار الصمت الذي يمنع دراسة هذه الظاهرة. كما –إن أغلب حالات الاعتداء تتم من قبل أشخاص يفترض أن يؤمنوا الحماية للطفل وفي أماكن يفترض أن تكون المكان الآمن للطفل.  وثلث الحالات تقريبا يتم تكرار الاعتداء على الطفل دون وضع حد لذلك. وثلاثة أرباع الحالات يكون الطفل متسرباً من المدرسة وهو ما يربط بين كل من ظاهرة التسرب من المدرسة وظاهرة عمل الأطفال.
كذلك فان الحالة الاقتصادية السيئة لعائلة الطفل المعتدى عليه قد تعرّضه لاغراءات ذوو النفوس الضعيفة من المعتدين دون أن يدري طبيعة ما يتعرض له. وخاصة إن النسبة الأكبر من حالات الاعتداء حصلت في المدينة وتحديداً في الأحياء الشعبية المكتظة في أطراف المدينة وهدا يعود إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تسود في هذه المناطق.
كذلك لفتت الدراسة النظر لوجود بعض المشكلات الاجتماعية الأخرى وليس فقط العوامل الاقتصادية وتتمثل هذه العوامل فى غياب التوعية والثقافة الجنسية في المجتمع يجعل الكثير من الأطفال يتعرضوا للاعتداء دون أن يعرفوا أنهم تعرضوا لاعتداء. والعقوبات غير الرادعة بشكل كاف تدفع بعض المعتدين إلى تكرار اعتدائهم. والظروف الاقتصادية السيئة وتأخر سن الزواج وعدم وجود مراكز لعلاج المعتدي من الناحية النفسية كلها عوامل تؤدي إلى تفاقم هذه الظاهرة.
 
الجانحون
إن سجون الأحداث كما أشارت إلى ذلك التحقيقات الصحفية الكثيرة التي أجريت في السنوات الماضية، سواء تلك المختصة بالبنات أو الصبيان، مكان لممارسة العنف الفائق بجميع أشكاله، فكل شيء مباح هناك من قبل المشرفين الذين لا يعدون كونهم سجانين، دون أي خبرة بالمساعدة الاجتماعية أو المعالجة النفسية.
ويوقف الأطفال الذين يقبض عليهم أحيانا مع البالغين، فقد نشرت صحيفة الفداء الصادرة في مدينة حماه في عددها رقم /1226 تاريخ 28/10/2003، الصفحة الثالثة خبر إلقاء القبض على أربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين العاشرة والحادية عشرة بتهمة إشعال مفرقعات وتم حجزهم في نظارة القسم حتى اليوم التالي مع عدد كبير من الرجال البالغين والمرتكبين لجرائم عديدة حتى أن أحد الموقوفين كان في حالة السكر الشديد.
وفى عام 2003 اصدر الرئيس السورى المرسوم التشريعي رقم 52 تاريخ 1/9/2003 المتضمن رفع المساءلة الجزائية للحدث من إتمامه السابعة الأطفال إتمامه العاشرة من العمر حين ارتكابه الفعل مراعيا بذلك مصلحة الحدث بالدرجة الأولى و المقام الأول ووضع أولياء الأحداث أمام مسؤولياتهم كاملة. ‏
وعقدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل دورة تدريبية خاصة بالعاملين في معاهد ومراكز الأحداث الجانحين بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" فى يونيو 2003. وركزت الدورة  على تدريب الأطر العاملة في معاهد ومراكز ملاحظة الأحداث الجانحين بهدف صقل المعارف والمهارات لديها. وتحتل مسألة رعاية الأحداث مرتبة أساسية في سلم أولويات الوزارة عبر مؤسساتها المتعددة والمؤسسات الأهلية التي تقوم بالإشراف عليها من معاهد ومراكز للملاحظة والرعاية والإصلاح والتي تعمل على تأهيل الأحداث الذين تضمهم هذه الرعاية ليصبحوا مواطنين قادرين على الإسهام بصورة إيجابية في عملية البناء والتطوير الاجتماعي. ‏
ويأتى هذا الاهتمام فى إطار ضرورة التأهيل البنيوي والنفسي للأحداث الجانحين وإعادة إدماجهم بالمجتمع وحمايتهم من أي شكل من أشكال الإهمال والاستغلال. ‏وضرورة معاملة الطفل بطريقة ترفع من درجة إحساسه بكرامته وقدره والتمكن من المهارات الضرورية للعاملين على رعاية الأحداث الجانحين الأطفال جانب المعرفة التامة بحقوق الطفل والتشريعات الأخرى ذات العلاقة منوها الأطفال أهمية التنسيق بين الجهات المعنية والاستعانة بالخبراء وكذلك بالمتطوعين من المنظمات الشعبية والأهلية لمساعدة الأحداث والتخفيف من معاناتهم وأزماتهم النفسية ومساعدهم لإكسابهم الثقة بأنفسهم ليقبلوا على حياة جديدة. ‏
وعلى الرغم من صدور القانون رقم 42 للعام 2003 في 20/12/2004 القاضي بإحداث هيئة عامة تسمى الهيئة السورية لشؤون الأسرة، يبقى المطلوب هنا قانون أسرة عصري يحمي حقوق الأطفال وجميع أفراد الأسرة .
 
14/8/2005
ملتقى المرأة العربية

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon