في دراسة لجمعية تطوير دور المرأة حول الايواء للنساء والفتيات.. اغلب المشرفات هن مستخدمات غير مؤهلات... وثمة غياب للدعم النفسي والاجتماعي.. والصحي احياناً مازلت حتى الان اتذكر ملامح التجهم والاسى والحزن على وجه اختي.. وشعورها وشعوري وشعور كل من تابع تلك القضية بأننا« قتلة»... او مساهمون بجريمة لشابة في مقتبل العمر... مع ان المسكينة.. اختي محامية حاولت بشتى الوسائل حل دعوى توكلت بها بأن تجد حلاً مقبولاً بين الاطراف المتخاصمة والتي جميعها بمن فيهم ـ المذنبون ـ ابرياء ومظلومون.. ولكن هو حكم المجتمع اولاً وعجز الحلول الرسمية اخيراً.. ومع ان هذا الملف طوي منذ عام وانتهى بعد انتحار الفتاة قضائياً... لكننا نعتقد انه لم ينته اجتماعياً مادامت الاسباب قائمة والنتائج متكررةومتشابهة... اجد نفسي ملزمة ببحث وطرح مالدينا... ففي كل يوم تقريباً نجد فتيات قد يقعن في مثل هذه المصيبة.. لن أخوض في تفاصيل قصة الشابة المنتحرة... ولكن باختصار سأقول عنها انها طالبة جامعية احبت شاباً وحاولت اقناع اهلها به ورفضوا بشدة... فهربت معه... بحث الاهل عنها وحاولوا اقناعها بالعودة خاصة انه لم يتم زواج اوماشابه... وبعد عدة ايام فضلت تسليم نفسها للشرطة بدل العودة لاهل لم يتفهموا مثل هذه الحالة. بعد شهر واحد اخلي سبيل الشاب اما الشابة الضحية فبقيت اربعة اشهر تقريباً «متوقفة» ومع انها فترة طويلة للتوقيف لكن لم يخل سبيلها حرصاً على حياتها... وبعد محاولات عدة لتهدئة النفوس خلال هذه الاشهر ومع ان الفتاة بقيت عذراء ولم يمسها الشاب بسوء... الا انه وفي اليوم ذاته الذي اخلي سبيلها وتعهد الاهل بعدم ايذائها.. تم الاعلان صباح اليوم الثاني عن« انتحارها» ومع انني اضع مئة خط تحت هذه العبارة ولكني لست مخولة الان للبحث في انها انتحرت ام اجبرت على الانتحار وترك الامر للقضاء للبت فيه ولم اعد اتابع تلك القضية... ولكن المؤلم فعلاً انها قصة تتكرر في كل وقت وبأشكال عدة... والنتيجة واحدة.. مع الاسف وهنا نسأل بإصرار ماهي الحلول أمامنا لمثل هذه الحالات؟ وكيف نحمي هؤلاء الضحايا؟ في الاحوال العادية عادة مايتم توقيف او ايداع هذه الضحايا في السجون« على أنهن مجرمات» ولسن ضحايا ان توفر مكان لذلك. وهو نادراً جداً مايحدث ولا احد يتحمل هذه المسؤولية اصلاً. وغالباً مايتم التحفظ عليها عدة اشهر وتسلم الفتاة لتكون أمام مصير واحد:لكن الخيار المنطقي والمطلوب جدياً هوا ايجاد« مآوي» لهن وهن فعلا ضحايا للتربية الاسرية وللمجتمع بكل ظروفه وتناقضاته... ايجاد اماكن في الحد الادنى في كل محافظة وتسهم بالعمل فيه جمعيات اهلية الى جانب الجهود الرسمية.. فليس معقولاً ان نحضر فتاة من اللاذقية لنضعها في دمشق.. وكم يستوعب هذا المكان ان توفر. هاجسنا.. إعادة التأهيل لهن تبدي الجمعية الوطنية لتطوير دور المرأة الحديثة العهد في مجتمعنا اهتماماً نوعياً لاحداث تغيير ايجابي في النهوض بواقع المرأة والدفاع عنها ومساعدتها لتخطي الظروف القهرية وهاهي تبادر وتمديد العون لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لفعل شيء ما في هذا الاتجاه... ويبدو من هاجس الجمعية ونشاطها اليوم تطلعها الى القيام بأكثر من دراسات ميدانية عن المرأة والفتاة.. وهي تطلق على موقعها الدراسة الثانية لها حول دور ايواء الفتيات في دمشق في محاولة للبحث عن افضل السبل لحماية الفتيات وطرح الافكار والاقتراحات لفعل شيء ما. وفي لقاء لتشرين مع السيد معتز دوه جي عضو مجلس الادارة في الجمعية وأحد معدي الدراسة قال لنا: نسعى في الجمعية الوطنية حقيقة للنهوض بواقع المرأة بشكل عام والدفاع عنها ومساعدتها وخاصة النساء اللواتي يتعرضن لظروف قاهرة بشكل يعيدهن الى الحياة والمجتمع بشكل انساني ولائق. ومسألة العنف وحماية النساء واعادة تأهيلهن تحتل مكاناً بارزاً ضمن اولويات الجمعية. الان في سورية نعاني حالياً من عدم وجود مراكز متخصصة بإيواء واعادة تأهيل ضحايا العنف من النساء والفتيات وفق المعايير المتعارف عليها لمثل هذه المراكز ويقتصر الامر حالياً على وجود مركزين في دمشق همامعهد التربية الاجتماعية للفتيات ويتبع وزارة الشؤون ومأوى راهبات الراعي الصالح بدمشق وهو المركز الوحيد من نوعه الذي يدار من قبل القطاع الاهلي وبعمل تطوعي.. ومن هنا وجدنا من الضرورة والاهمية القيام بدراسة ميدانية حول واقع الفتيات والخدمات المقدمة لهن عسى ان نجد مخرجات وحلولاً واولويات لنقوم بالخطوة الثانية وشارك في اعداد الدراسة د. زبيدة شموط ونفير يعقوبيان معي. وفي الحقيقة لايوجد دراسات سابقة تناولت الخدمات المقدمة في هذين المركزين اللذين هما محور دراستنا التي قمنا بها ..لايوجد سوى دراستين الاولى بعنوان« العوامل الاجتماعية المؤثرة في انحراف الاناث في سورية» عام 2000 ودراسة للباحث انس حبيب بعنوان« الفتيات القاصرات بين مطرقة الاسرة وسندان المجتمع عام 2004.. الدراسة الاولى تناولت عينة من الموقوفات في المركز بتهمة الدعارة واقتصرت على الجانب الاجتماعي ولم تتناول وضع الخدمات المقدمة والمكان والدراسة الثانية تناولت عينة من عشرين فتاة من نزيلات المعهد وتم البحث في اوضاعهن الاجتماعية واسباب دخولهن المعهد وتناولت الدراسة كذلك رأي الفتيات في المعهد والخدمات المقدمة لهن حيث اكدن تواضع الخدمات المقدمة وعدم وجود انشطة تأهيلية وخدمات صحية هناك. ويضيف السيد معتز: وبهدف التعرف على الواقع الحالي لدور الايواء في دمشق ولوضع خطة عمل لتلبية الاحتياجات غير الملباة سواء كان في دور الايواء القائمة حالياً او الدار التي تنوي الجمعية تأسيسها في المستقبل بناء على ذلك قمنا كجمعية بدراسة وضعية للمركزين المذكورين... ومن ثم استخدام هذه النتائج كعنصر مساعد في وضع النظام الاداري والتأهيلي النموذجي للايواء. اهدافنا في الدراسة تركزت على اربع نقاط على نوعية المكان وانماط المقيمات ونوعية المشرفات والخدمات المقدمةوبرامج التأهيل واعتمدنا على منهج الدراسة الوضعية التي تعتمد في جمع البيانات وتوصيف الواقع على الملاحظة دون الغوص في استنباط وقائع ودلائل مبنية على اساس علمي متين حيث تعتبر هذه المرحلة من توصيف البيانات الخطة الاولى لاستكشاف واقع حالة الدراسة ويمكن بناء خطوات لاحقة عليها. بعد استعراض الدراسات السابقة وتحديد النقاط المطلوبة قمنا بزيارات ميدانية لكل من معهد التربية الاجتماعية للفتيات ومأوى راهبات الراعي الصالح في دمشق وتم رصد الملاحظات التالية فيهما. مأوى راهبات الراعي الصالح: من حيث المكان: يتكون المأوى من منزل عربي قديم في منطقة باب توما ، صغير المساحة، ويضم 3 غرف اقامة، غرفتين تحويان اربعة اسرة وغرفة فيها سريران، والغرف بشكل عام مرتبة مع خزن وطاولات وتوجد اماكن مخصصة للنساء اللواتي لديهن اطفال. كمايوجد ضمن الدار غرفة للكمبيوتر والاعمال اليدوية ومكتبة وغرفة استراحة وصالون ومطبخ وغرفة للطبيب النفسي والمشرف الاجتماعي ويتم ترتيب الغرف وتنظيفها اسبوعياً من خلال جدول دوري للمقيمات وتقوم ادارة المركز حالياً بالتحضير لتنفيذ مشروع قصير المدة لبناء مركز حديث لاستيعاب اكبر قدر من الفتيات. انماط المقيمات: يستقبل المركز مقيمات من كل الاديان واغلبهن نساء معنفات ويتم استقبال هؤلاء النساء حتى لو كان لديهن اطفال يرافقونهن، وقد بلغ عدد النساء المقيمات في المركز خلال فترة الدراسة 15 امرأة من جنسيات متعددة واديان مختلفة. وتلجأ النساء المعنفات لهذا المركز بإرادتهن الشخصية هرباً من العنف او ممن يستغلهن ليمارسن الدعارة الخدمات المقدمة: الدعم النفسي والاجتماعي والصحي: يشرف طبيب نفسي متطوع على المقيمات لمساعدتهن نفسيا في حل ازماتهن مع مشرف اجتماعي لاعادة تأهيلهن نفسياً. اما بالنسبة للرعاية الصحية والتغذية: فيقوم المركز بتأمين الغذاء الصحي للمقيمات حيث تقوم المقيمات بإعداد طعامهن بالتناوب ضمن برنامج دوري اسبوعي، ويتم تقديم المواد الاولية بمساعدات من المحسنين. وفي التعليم والتأهيل المهني: تهدف هذه الخدمة الى تأهيل المقيمات من جديد لدخول المجتمع بشكل لائق مع تأمين مسكن وعمل لهن ومتابعة اوضاعهن بعد الخروج وتقديم الدعم المستمر لهن واستقبالهن بشكل دوري بالدار، وتشمل هذه الخدمات: الدورات التعليمية والتدريب المهني: ويتم بحسب رغبة الفتاة نوعية المشرفات: تشرف على المركز راهبات يخضعن بشكل دوري لدورات تخصصية لتأهيلهن للتعامل مع المقيمات بشكل يلائم وضعهن النفسي والاجتماعي ومساعدتهن على محبة واحترام الذات لاخراجهن من ازمتهن النفسية. النتيجة: المقيمات يعدن للمجتمع بوضع افضل قادرات على مواصلة حياتهن بشكل محترم مع تأهيل مهني. معهد التربية الاجتماعية للفتيات بناء ضخم كبير المساحة مؤهل لاستقبال اعداد كبيرة لكنه غير موظف جيدا غير نظيف ولا مرتب بارد الاحتواء وكئيب. عدد الغرف كبير معد على نمط مهاجع كل مهجع وضع فيه عدد من الاسرة يتراوح عددها بين 20 ـ 30 سريراً وهي خالية من اية اغطية أو شراشف يصدر عنها روائح كريهة، كما ان الغرف لاتحتوي اية خزائن حيث تقوم الفتيات بوضع ملابسهن ضمن اكياس نايلون وتعليقها قرب الاسرة: يحتوي المركز غرفة للاشغال اليدوية، وغرفة لتعليم الحلاقة، وصف لمحو الامية للفتيات الصغيرات ، لكن المركز لايحتوي اية مكتبة او كمبيوتر. اما انماط المقيمات واعمارهن: ـ فالفئة الاولى ( من 8 ـ 12 سنة) : وأفراد هذه الفئة محولات بأمر قضائي من اقسام الشرطة بتهمة التسول، وهن متسربات من التعليم الابتدائي لايعرفن القراءة ولا الكتابة ـ الفئة الثانية( من 13 ـ 18 سنة): وأفراد هذه الفئة محولات بأمر قضائي من اقسام الشرطة بتهمة ممارسة الدعارة. مدة الاقامة حتى الستة اشهر ورغم كبر المكان فإنه لم يكن يحوي سوى 14 مقيمة وقت الزيارات. وأغلب المشرفات هن من المستخدمات غير المؤهلات للتعامل مع الفتيات اجتماعياً او نفسياً، ولعل ذلك هو سبب وجود حاجز كبير يفصل بين الفتيات والمشرفات. كما انه لايوجد فصل في مكان الاقامة بين الفتيات سواء حسب السن 8 ـ 12 و12 ـ 18 او بحسب سبب الاقامة متسولات ـ ممتهنات الدعارة ـ تشرد. مدة الاقامة القصوى حسب نظام المعهد هي ستة اشهر وخلال هذه الفترة يتم تسليم الفتاة الى ذويها بناء على أمر قضائي دون تأهيلها لدخول المجتمع بشكل لائق ولعل ذلك هواحد اسباب وجود فتيات دخلن المعهد مرات عدة. الخدمات المقدمة: 1 ـ الدعم النفسي والاجتماعي والصحي: يتم تقديم الخدمات الطبية من خلال طبيبة تزور المركز يومي الاثنين والاربعاء من كل أسبوع، كما يوجد في المركز صيدلية تحتوي ادوية اسعافية، ولايقدم المركز للمقيمات اية خدمات في مجال الدعم النفسي والاجتماعي. 2 ـ التغذية: يعتمد المركز في تقديم الغذاء للمقيمات على: المخصصات من مديرة الشؤون الاجتماعية والعمل وهي غير كافية. والاعانات التي مصدرها هومصادرات المحافظة. الفتيات يخرجن من المعهد دون فائدة او تأهيل لعيش كريم ويتم اخلاء سبيلهن من قبل القاضي ليتسلمهن ذووهن، لكن قسماً منهن لايلبثن الافترة محدودة يعدن بعدها لوضعهن السابق( متسولات اوممارسات للدعارة) وذلك لعدم تأهيلهن مهنياً ونفسياً واجتماعياً بشكل يؤدي لخلق الوعي واحترام الذات. 3 ـ التعليم والتأهيل المهني: وتقتصر هذه الخدمات على الاشغال اليدويةومحو الامية للفتيات صغيرات السن رصد وتصوير ويتابع السيد معتز دوه جي: بشكل عام هذا ما تم رصده في هذه الدور بعد الزيارات المتكررة للفريق الباحث وعليه قدمنا بعض الاقتراحات وهي: في الاول ـ يحتاج مركز راهبات الراعي الصالح الى دعم مادي كي يتمكن من تقديم خدماته في مكان اوسع ولعدد اكبر من الفتيات. اما الثاني: فيحتاج معهد التربية الاجتماعية للفتيات الى مايلي: ـ أن يأخذ المكان شكلاً اكثر دفئاً وراحة للفتيات. ـ فرز الفتيات حسب الاعمار وسبب الاقامة. ـ تأمين مشرفات اجتماعيات مختصات يتبعن دورات اختصاصية مع تأهيلهن بشكل مستمر لمساعدة الفتيات في اعادة التأهيل النفسي والاجتماعي كي يصبحن قادرات على التواصل مع المجتمع من جديد بإعادة ثقتهن بالمجتمع وبأنفسهن وباحترامهن. ـ تأمين اطباء نفسيين لتقديم المساعدة للفتيات بزيارات دورية لحل مشكلات الفتيات النفسية والمساهمة في اعادة تأهيلهن. ـ تأهيل الفتيات مهنياً وتعليمياً حسب رغبتهن ليستطعن العيش بكرامة وعدم عودتهن الى ماكن عليه وملء أوقات الفراغ للفتيات بالرياضة والمطالعة والتعليم. ايجاد دار لاحقة بالمعهد لها نظام خاص مختلف عن نظام المعهد لايواء الفتيات اللاتي يخرجن وليس لهن ملاذ ويرغبن في الاقامة في هذا المكان. تعيين شرطيات في اقسام الشرطة والنيابة كي يقمن بترحيل الفتيات الى المعهد. في الختام..لانريدها يتيمة قبل سنوات اجرى الاتحاد العام النسائي دراسة يتيمة حول العنف ضد النساء.. واعتبرها يتيمة لسببين الاول انه لم يكن غير هذه الدراسة من مؤسسة« عريقة» بالنساء ومطالبهن والثاني انها دراسة لم يتبن احد مافيها لتغيير الواقع. وكي لاتبقى هذه الدراسة التي عرضت اليوم للتذكير فقط بالمأساة فإننا نقترح كما تعاونت وزارة الشؤون في اعدادها اودعمها لوجستياً نتمنى ان نجد حقيقة من يفكر للقيام بشيء ما واذا كانت الوزارة غير قادرة على بناء مراكز للضحايا او خطوط ساخنة ان تشجع وترخص لجمعيات اهلية ناشطة في هذا .
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon