بدأ الحديث والحوار وكتابة الأداء المتعددة عن المرأة منذ نحو قرن من الزمن ومازال هذا الحوار مستمراً, لذلك لم أستغرب التعليقات المتناقضة في مضمونها التي جاءت تعليقاً على زاويتي الأسبوع الماضي. القارىء الذي طالبني باحصاءات دقيقة عن ممارسة العنف على المرأة في بلادنا لاأستطيع إلا أن أوافقه, فحتى نعرف حجم المشكلة لابد أن نعرف مدى انتشارها, لكنه يعرف كما أعرف أن هذه الحالات لايمكن الحصول على احصاءات بشأنها لأسباب عديدة أهمها أن أغلب هذه الحالات لاتصل الى الأماكن التي يمكن أن نعرف من خلالها عدد هذه الحالات بل تحل أعمال العنف كبيرة أو صغيرة داخل الأسرة ذاتها وبتدخل الأقارب وينتهي الموضوع لأن الفكرة الأساسية أن ممارسة العنف لاتعد خرقا للعرف الاجتماعي وبالتالي تعد سلوكا عاديا لدى كثيرين, من هنا تصبح الاحصاءات لاتحمل دلالة حقيقية عن الواقع, كما هو الحال في بعض الدول الأخرى التي تسجل فيها حالات العنف بنسبة أكبر بكثير, فتبدو تلك الدول قياساً بالاحصاءات أكثر تخلفاً منا, لكن هل هذا الواقع صحيح أو حقيقي?! قارىء آخر رأى أن منح المرأة الحرية التي تحدثت عنها لايعني سوى أمر واحد هو خراب الكون برمته, منطلقاً بهذا الحكم من تجربة شخصية هنا. لاأجد أن الحالات الفردية يمكن القياس فالحالة عليها العامة في هذا الموضوع غير ذلك, بل هي معاكسة له تماماً, واذا سرد لي أحدهم واقعة واحدة عن عنف المرأة على رجل فأستطيع بالمقابل أن أسرد عشرات الحالات من ممارسة العنف من الرجل على المرأة, أعود لأؤكد أن الموضوع ليس أمثلة أو حالات فردية إنما هو واقع اجتماعي يفرز معطيات معيشة. قارىء ثالث رأى أن ماذهبت إليه صحيح, وأن واقع المرأة أشد بؤسا مما ذكرت, ويرى أن تقدمنا في أحد الوجوه مرهون بتطوير واقع المرأة وتحريرها مما هي فيه. أشكر أصحاب الآراء السابقة كلها, رغم أن الموضوع ليس حواراً وحسب, بل يحتاج الى اجراءات طال انتظارها في موضوعات متعددة تخص المرأة وواقعها, لكن حتى الآن لم تدخل في صلب الموضوع فعلا, لذلك تبدو حواراتنا حول هذا الموضوع ترفاً فكرياً أكثر مما هي محاولة لايجاد الحلول, أضيف الى ذلك أن نناقش الموضوع في مكان, والحلول موجودة يبدو بأمكنة أخرى.
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon