عبرت أوساط نسائية شبابية من أصول مهاجرة في السويد، عن قلقها من ضعف جمعيات المهاجرين، خصوصا العربية منها، في نشر الوعي لحماية الشابات اللواتي يتعرضن للعنف الأسري، وجرائم ما يسمى " غسل العار" او "جرائم الشرف". هذا القلق تزامن مع تخصيص الحكومة السويدية 180 مليون كرون (ما يعادل حوالي 23 مليون و800 الف دولار أميركي)، لمحاربة العنف ضد النساء والجرائم المذكورة. وتخشى أوساط نسائية سويدية أخرى من عجز الأندية الإجتماعية والجمعيات والمنظمات النسائية للمهاجرين القيام بدور تثقيفي يحد من الإنتهاكات المختلفة الممارسة بحق النساء، خاصة الشابات.وتواجه هذه التجمعات إنتقادات متزايدة بسبب فشلها في تنفيذ برامج فعالة لمساعدة العوائل السويدية من أصول عربية وإسلامية، الحد من مظاهر العنف اليومي، بأشكاله المختلفة. وبحسب تقرير بثته الإذاعة السويدية، فان أكثرمن نصف المبلغ تم استخدامه لتأهيل الشرطة والمرشدين الإجتماعيين في مجال مكافحة مايسمة بـ "عنف الشرف". بينما لم تحصل جمعيات المهاجرين الا على مبلغ زهيد، وفي بعض المحافظات لم تحصل هذه الجمعيات على كرونة واحدة . ويأتي ذلك بعد أشهر قليلة من قرار الشرطة السويدية الذي ألغت بموجبه الوظيفة المركزية للموظف الذي يتابع ويشرف على قضايا النساء، اللواتي يتعرضن للعنف. وبحسب القرار، فإن الشرطة باتت تتعامل مباشرة مع هذه المشاكل، بعد أن يتم تدريبها على كيفية مواجهة حوادث العنف المرتبطة بما بات يُطلق عليها "جرائم الشرف". وتمت مجابهة هذا القرار في حينه بإنتقادات شديدة من قبل المنظمات الإنسانية وناشطي حقوق الإنسان. سوزان رفعت، سويدية من أصل كردي، ناشطة في مجال منظمات الدفاع عن حقوق المرأة إنتقدت بشدة "إستخفاف المؤسسات الإجتماعية للمهاجرين بجدية محاربة العنف ضد النساء". وقالت ان هذه المؤسسات "لاتفكر إلا بجني الأموال من الدولة دون ان تقدم شيئا يلامس ما تتعرض له يوميا المئات من الشابات المهاجرات من ضرب واعتداء وإهانات وحتى قتل من قبل اولياء الأمور". ولمحت في حديثها لـ "إيلاف" الى "المسؤولية غير المباشرة للقائمين على بعض الأندية والجمعيات في إنتشار ظاهرة العنف ضد النساء وتشجيعها من خلال محاربة الإندماج في المجتمع السويدي، وعدم حث النساء الشابات على المخالطة والإنخراط في نشاطات الأندية والمؤسسات الإجتماعية والرياضية والثقافية السويدية". وكانت السويد إهتزت في 22 كانون الثاني ( يناير ) من العام 2002، لقيام والد فتاة كردية من تركيا، بقتل إبنته البالغة من العمر 26 عاما وتدعى فاطمة، لنشاطها في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، وارتباطها بعلاقة حب مع شاب سويدي، توفي قبل مقتلها في حادث سيارة. وعلى رغم ان ظاهرة العنف ضد النساء الشابات، كانت موجودة في السويد، قبل مقتل فاطمة، ولم تكن تقتصر على الجاليات العربية او الشرقية، وإنما على المجتمع السويدي ككل ، وإن بنسب بسيطة ، إلا ان مقتل فاطمة بطريقة بشعة في بيت شقيقتها الصغرى، أثار القضية على نطاق أوسع ودفع الحكومة السويدية الى اتخاذ أجراءات لمواجهة تنامي هذا العنف، في حين نشطت المنظمات المعنية، والراي العام بمناقشة السبل الكفيلة لوقف هذا العنف وإقتلاعه من جذوره. وعلت في الأونة الأخيرة اصوات نسائية سويدية تطالب بمراجعة سياسة الأندماج السويدية، وتقيمها، وتدقيق اليات العمل بين المنظمات النسائية والأندية الأجتماعية والجمعيات الثقافية، لتنشيط التجمعات المهاجرة على بذل المزيد من الجهد لتفهم نمط الحياة السويدية، وتثقيف اولياء الأمور بحقوق النساء، وايجاد وسائل وطرق مبتكرة للتغلب على الهوة الكبيرة التي تفصل الأبناء الشباب عن عوائلهم. ومعروف ان الفارق الكبير في مستوى التعليم وإتقان اللغة، بين الآباء والأمهات من جهة وبين الأبناء والبنات الشباب من جهة ثانية، يخلق هوة كبيرة بينهما تنعكس سلبا في الحياة اليومية والتعامل المباشر بينهما، لاتخلو من ممارسة العنف. وترى سوزان ان تشدد المهاجرين في عدم الإختلاط والتقوقع على أنفسهم، وإقتصار نشاط الكثير من الأندية والجمعيات على فعاليات تحمل مغزى سياسي أو اثني ذات طابع محلي صرف " يدفع الى نشوء ثقافة غريبة عن المجتمع السويدي وقوانينه التي ترعى بشكل كبير المراة، ما يؤدي الى بروز حاضنة إجتماعية تبرر بشكل او بآخر العنف ضد المرأة". وتعتقد ان هناك فرص كثيرة، وإمكانات تستطيع منظمات الجاليات العربية والأسلامية المتنورة استثمارها في مكافحة العنف ضد النساء. ولوضع حد للعنف ضد شابات يمارسن حريتهن التي يكفلها القانون السويدي، تلجأ الجهات المعنية بوضع الشابات اللواتي يهربن من عوائلهن خشية القتل او التهديد به، في بيوت سرية محمية، حفاظا على حياتهن. لكن السلطات السويدية تعمل الآن على دعم مشاريع وبرامج تهدف الى القضاء على الأسباب الحقيقة لهذه الظاهرة من خلال حث مؤسسات الجاليات والمهاجرين على تثقيف العوائل بحقوق اولادهن. أكثر المشاكل التي تحدث للشابات، ناتجة عن علاقة الشابات بالشبان، لان الشابات يردن أستمرار العلاقة بينما العائلة ترفض. تقف وراء هذا الرفض أسباب وعوامل لاحصر لها، منها نظرة كل مجتمع وثقافتة الى مفهوم علاقة الحب والجنس، والفارق الهائل والشاسع احيانا بين ثقافة العائلة، وبين الشباب الذين يتلقون ثقافة متقدمة في المدرسة والمجتمع، وعندما تعجز العائلة عن مواكبة تطور أولادها وتنامي وعيهم، تحدث فجوة كبيرة بينهما تؤدي الى حدوث مشاكل. لكن كيف يتطور الشباب؟ وهل يتطورون بشكل سليم؟ على رغم الثقافة والتعليم الراقيين في المدرسة، فإن الكثير من الشباب يفهمون بعض الأشارات التي يعطيها المجتمع بشكل خاطىء، فمنهم من يتصور ان العوائل السويدية لا حدود لها ولا تملك نظاما خاصا بها!! لكن الواقع مختلف، فلكل عائلة نظامها وقيمها وحدودها، تتفق مع الشباب على حدود الحرية بحسب الأعمار، فالعائلة السويدية صحيح انها تعطي حرية للشاب عندما يصل 18 سنة لكن هذا لا يعني انها تقطع كل العلاقات معهم فهي تحاول معرفة نوع الأصدقاء وسلوكهم.
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon