تطالب بتشكيل طاقم نسوي من الشرطة والنيابة العامة الفلسطينية خاص: "نساء سورية"
"الاعتداءات الجنسية داخل العائلة بين الواقع والقانون" عنوان لبرنامج اليوم الدراسي الذي نظم بالتعاون ما بين مركز الدراسات النسوية ومركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي وبرعاية وزارة شؤون المرأة وذلك في قاعة المعهد الوطني للتدريب التربوي في رام الله.
تم اختيار موضوع الدراسة لندرة الدراسات التي تطرقت إلى موضوع الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة إلى جانب وجود إشكالية في فهم هذه الجريمة من ناحية قانونية وكذلك لوجود صمت اتجاهها. حيث جاءت الدراسة لإثارة قضية الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة على صعيد اجتماعي وقانوني والعمل على وضعها أمام الجهات الرسمية وغير الرسمية التي يقع عليها عبء تغيير القوانين والمفاهيم الاجتماعية.
تحدثت كل من السيدة ساما عويضة مديرة مركز الدراسات النسوية والسيدة زهيرة كمال وزيرة شؤون المرأة والدكتورة هديل قزاز مشرفة الدراسة خلال اليوم الدراسي عن الاعتداءات الجنسية داخل العائلة بين الواقع والقانون بشكل مسهب ومعمق وكان هنالك اشارة الى ان هذه القضايا هي الأصعب لان"السترة واللملمة والطبطبة" من الحلول المعمول بها على المستوى العائلي.
أعدت الباحثة المحامية فاطمة المؤقت ورقة عمل تشمل دراسة الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة بين الواقع والقانون قالت فيها:هذه الدراسة نوعية من وجهة نظر نسوية تستند على منهج تحليلي حيث يتم فيها تحليل النصوص القانونية والملفات القضائية وبعض من الملفات الموجودة في المراكز النسوية وكذلك تم إجراء مقابلات معمقة مع محاميات وإحصائيات اجتماعيات لمعرفة وجهة نظرهن في هذه الجريمة وكيف يتم معالجتها.
و أشارت المؤقت ألي أن الدراسة تناولت الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة من ثلاث زوايا مختلفة هي كالتالي:موقف قانون العقوبات الساري في الضفة الغربية من الاعتداءات الجنسية الواقعة داخل الاسرة وقد وجدت الدراسة ان هناك خلل واضح في الفهم القانوني لجرائم الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة حيث يسود فهمها على أنها سفاح قربى في حين أن هنالك فرق واضح بين جريمة سفاح القربى الواردة في القانون وهذه الاعتداءات. إذ أن الأخيرة هي جنايات يعاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة في حين أن جريمة سفاح القربى هي جريمة زنا بين المحارم وتشكل جنحة عقوبتها الحبس من سنتين الى ثلاث سنوات،و تتراوح هذه الاعتداءات حسب قانون الاعتداءات بين هتك العرض والاغتصاب ويعاقب على كلاهما بالأشغال الشاقة المؤقتة ويعتبر عنصر القرابة من الضر وف المشددة في هذه الجرائم كما أن تحريك الدعوى الجزائية في هذه الجرائم لا يتوقف على شكوى من قريب وتلتزم الضابطة القضائية بتحريكها بمجرد وصول بلاغ بذلك سواء من الضحية أو من أي شخص آخر. وهنالك قصور في التناسب بين جرائم الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة والعقوبات المنصوص عليها بالقانون. كما أن النصوص العقابية تستثني الزوجة من نطاق هذه الجرائم.و لا تساوي بين جريمة اللواط وجريمة الاغتصاب اللتان تتساويان في الاثر.كما أن هنالك قصور في نصوص الإجراءات الجزائية أثناء المحاكمة كما استعرضنا في منع الاصول والفروع من الشهادة على بعضهم لاثبات هذه الجرائم.
و تابعت المؤقت تقول: كذلك موقف القضاء الفلسطيني من قضايا الاعتداءات داخل الأسرة وقد وجدت الدراسة أن : قلة عدد القضايا التي وصلت إلى المحاكم الفلسطينية بشان هذه الجرائم مقارنة بعدد القضايا الواردة للمراكز النسوية.و هذا يؤشر على أن التعامل مع هذه القضايا يبقى في نطاق العائلة ويغلف بالسرية بسبب المفاهيم الاجتماعية الموروثة عن شرف العائلة والثقافة الأبوية في المجتمع،كما أن الفهم القانوني الخاطئ عن هذه الجرائم يعكس نفسه في تعامل الشرطة مع هذه الجرائم من عدم تحريك الدعوى الجزائية وانتظار بان يقوم الولي الذكر بالاشتكاء حتى تحرك الدعوى.و من ثم تكيفها على أنها سفاح قربى."زنا أقارب"بحيث تطال المحاكمة الضحية إلى جانب المعتدي،بالإضافة إلى أن ندرة العنصر النسائي في الشرطة والنيابة العامة يعيق توجه الضحايا الى الشرطة،و اذا توجهت الضحية للشرطة فان حساسية الموضوع قد تحول دون ان تستوفي بيانات الاثبات في القضية.كما أن هناك تناقص في الفهم القانوني لهذه الجرائم من قبل المحاكم الفلسطينية فتارة تكيفها على أنها اغتصاب وتارة أخرى تكيفها على أنها سفاح قربى بالرغم من وحدة الوقائع والظروف في هذه القضايا.كما انه لا يوجد موقف واضح من محكمة الاستئناف في هذه القضايا لكي يستخدم كسابقة قانونية تحسم أي جدل قانوني قد ينشأ في المحاكم.
و أضافت المؤقت في نفس السياق، فقالت : الأمر الأخير هو الفهم الاجتماعي وأثره في قضايا الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة،و قد وجدت الدراسة ان هناك ستار من السرية يحيط بجرائم الاعتداءات الجنسية داخل الاسرة سواء بسبب ثقافة الصمت التي تسود المجتمع الابوي او بسبب عدم توافر وسائل الحماية والأمان التي تكفل وصول صوت الضحية للقضاء،كما ا ن الفهم الاجتماعي قد ألقى بظلاله على القضايا التي تناولتها الدراسة في التحليل فهي تتشابه باتباع مبدأ السرية والتكتم عليها وإبقائها قدر الإمكان داخل نطاق ضيق في العائلة.في حالة انكشاف القضية في الوسط الاجتماعي تقل فرص التعامل معها لمصلحة الضحية وتحل محل ذلك مصلحة العائلة وشرفها،فقد لاحظنا أن من أولويات المتعاملين مع هذه القضايا هو إيجاد حلول لها على نطاق ضيق وأن كان ثمن ذلك عدم اللجوء إلى الشرطة والقضاء لمعاقبة المعتدي بالرغم من أن هذه الجرائم تتعلق بالحق العام ولا يجوز التستر عليها خلاف للقوانين،فهناك عدم ثقة في تعامل الشرطة وكذلك في إنصاف القضاء للضحايا نتيجة لتخلف لقوانين وصعوبة إثبات الجرائم والمخاطر التي تترتب علي تدخل الشرطة كقتل الضحية نتيجة الضغوط الاجتماعية التي تبدأ عند انكشاف القضية،لذا لاحظنا انه وفي الحالات التي تتطلب تدخل فانه يتم التوجه إلى المحافظ لكونه جهة غير قضائية ويمكن معه حصر تبعات القضايا من خلال توفير الحماية للضحية ولطاقم المركز،و إيجاد حلول ملتوية ضمن الممكن لمعقبة المعتدي دون الوصول إلى القضاء.كما أن تدخل العشائر يزيد من تعقيد القضايا ويدفع بشكل أو بأخر عائلة الضحية للثأر"لشرفهم"من خلال قتل الضحية على خلفية ما يسمى "شرف العائلة"و بالتالي فان الفهم الاجتماعي لقضايا الاعتداءات الجنسية داخل الاسرة يشكل عائقا كبيرا امام وصول القضايا للمحاكم ويعكس نفسه على أولويات الجهات المتعاملة مع هذه القضايا سواء المحافظ أو الشرطة أو المراكز النسوية.أما في القضايا التي ينشأ فيها تهديد على حياة الضحايا فان أولويات العمل تكون بتوفير أماكن أمنه لحماية الضحية وأبعادها عن الوسط العائلي المهدد لحياتها،و للاسف لاتوجد لدى السلطة الفلسطينية اماكن امنة بالمعنى الدقيق وما هو موجود فانه لا يتعدى عن آليات حجز حرية الضحية في مكان مغلق،و تترك فريسة لليأس والقلق ولا تتوافر في هذه الأماكن السرية الكاملة،أو الحماية الفعالة.و بالتالي تبقى الضحية نتيجة هذا الوضع راغبة في العودة إلى أهلها مهما كان الثمن.
وقد أوصت الدراسة بما يلي: تبني سياسات واضحة من قبل السلطة الفلسطينية لازالة اسباب تهميش المرأة في المجتمع،و ضرورة تعزيز دورها وتمكينها من الوصول الى مكانة متساوية مع الرجل من خلال تشريعات منصفة وبرامج توعوية لكسر الثقافة الابوية التي تكرس دونية المرأة وتبقيها ضحية للعنف والخوف. ضرورة توضيح المصطلح الدال على هذه الاعتداءات لتجنب التباين في الدلالة التي يحملها تعدد المصطلحات وخاصة مصطلح سفاح القربى ذو البعد الأبوي لذا نقترح أن يستخدم مصطلح الاعتداء نفسه "الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة " لشمولية ودقة التعبير فيه. ضرورة وجود دائرة في الشرطة تختص باستقبال ومتابعة هذه الاعتداءات وتراعي في تشكيلها وجود طاقم نسوي من الشرطة والنيابة العامة أن وجد لمتابعة تقديم الشكوى واخذ إفادة الضحية وتوفير المكان الآمن لها،كما نقترح أن يتم تدريب وتأهيل عدد من المحاميات والمحامين للعمل في النيابة العامة للحد من الفكر الأبوي السائد هناك. وبهذا الشأن أيضا نقترح تخصيص باحثة اجتماعية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية لحضور جلسات استجواب الضحايا سواء في الشرطة أو النيابة العامة. ضرورة أن يتبنى المجلس التشريعي قانون خاص لحماية الأسرة يتناول مسألة العنف الأسرى ويوفر الأمان لضحاياه داخل الأسرة وينظم الإجراءات القضائية لملاحقة المعتدي ووضع العقوبات الخاصة لجرائم الاعتداءات الجنسية داخل الاسرة داخل القانون.
كانت هذه مجمل التوصيات التي تقدمت بها المحامية المؤقت في دراستها حول الاعتداءات الجنسية داخل العائلة بين الواقع والقانون.وقد تطرق المتحدثون إلى موضوع البيوت الآمنة حيث أشار البعض منهم إلى أنها وسيلة وليست هدف وعرج بعض المحاضرين على عدم فهم المجتمع لعناوين محددة مثل "غشيان المحارم" و"زنا القربى" و"زنا المحارم" و"سفاح القربى" وضرورة توضيح ذلك.
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon