لم يسلم أي بلد من بلدان العالم من ظاهرة العنف.لاسيما لدى الدول المتطورة بالخصوص، فالمتصفح للإحصائيات الواردة كل سنة عن العنف والاضطهاد الممارس على الطفل يبقى مندهشا. فمثلا بلغ عدد الحالات التي تم رفعها إلى المراكز المحلية لتوجيه الطفولة باليابان الى 42327 حالة في عام 2001 م مقارنة بعدد الحالات زاد قليلا على ألف حالة قبل عشر سنوات. و لا يزال هذا الرقم نقطة في محيط مقارنة بثلاث ملايين حالة مسجلة عام 2000 م في الولايات المتحدة التي يصل عدد سكانها إلى ضعف عدد سكان اليابان ، ومعظم الحالات تتضمن عنفا أو إهمالا. بالرغم من تطور العلوم الحديثة لدى هذه الدول وبالرغم من الثراء الذي تنعم به فإن الخبراء يشيرون إلى عدد كبير من الأطفال تساء معاملتهم ولم يتم إنقاذهم رغم كل هذه الأموال الضخمة. ولهذا تسعى هذه الدول جاهدة إلى البحث ومحاولة إيجاد الأسباب التي دعت إلى انتشار ظاهرة العنف ومحاولة التخلص منها أو تقليصها و ذلك عن طريق خلق جمعيات ومراكز متخصصة في ميدان مكافحة العنف ضد الطفل و بتوفير أحدث الوسائل العلمية وتسخير كل الإمكانيات المادية والمعنوية للحد من هذه الظاهرة. على مستوى العالم الثالث لم تعرف ظاهرة العنف ضد الطفل بهذه الخطورة. وبين هذا وذاك تبقى مظاهر العنف لا تختلف من بلد لآخر. فبالمقاربة بما يحدث لدى العالمين نستخلص أن ظاهرة العنف في الدول العربية بالخصوص لا تختلف عما نشاهده في باقي المجتمعات الغربية سوى أنها في طور النشوء. أسباب تفشي العنف في العالم العربي: لقد ذهب بعض المفكرين والفلاسفة إلى أن الإنسان شرير وعدواني بطبعه ، والعنف عندهم غريزة طبيعية في حياة الفرد. إلا أن الدراسات الحديثة أثبتت عكس ذلك ، فالعنف يتولد نتيجة ظروف نفسية قاسية يمر بها الفرد من فشل وإحباط أ وحاجة إلى تحقيق رغبة أو إشباع غريزة متولدة في نفسية الطفل، كشعوره بفقدان الحنان من أحد الطرفين الأب أو الأم، أو الاهتمام بغيره ، وهذا ما يشعره بالنقص وعدم فائدته وسط أسرته ، وقد ينتقل هذا الإحساس خارج أسرته في المدرسة والمجتمع ، بحيث يشعر أن معلمه يفضل غيره و أن المجتمع لا يساهم في بناء وتكوين شخصيته. وبهذا يلجأ الطفل إلى السلوك العدواني لإشباع حاجته و تحسيس الغير بوجوده وأنه باستطاعته فرض سيطرته. إن هذا الاختلاف في السلوك مصدره المحيط الذي نشأ و تربى فيه هذا الطفل ليواصل حياته خارج أسرته فيصادف تعليمات وقوانين لابد من احترامها وعدم تجاوزها. وقد يصادف المربي أمثال هؤلاء بكثرة فلا يخلو قسم مدرسي من بعض التلاميذ الذين يلحقون الأذى بالغير و المتميزين بالخروج عن النظام المدرسي. كما تتعد هذه السلوكيات العدوانية إلى الشارع بتخريب الوسائل العمومية مما يشكل مصدر قلق لأسرهم ومجتمعهم. فالجانب الاجتماعي والثقافي لدى الأسر يلعب دورا هاما في تكوين شخصية الطفل ، لأن الأسرة تعتبر اللبنة الأولى في صلاحية أو اعوجاج سلوك الطفل. بعد ذلك يأتي دور الشارع ودور الأسرة في مراقبة طفلها وتقديم النصائح الواجبة له وهذا حسب نمط كل أسرة. العلاج والحل المقترح للحد من ظاهرة العنف: إن ممارسة العنف والإساءة لأطفالنا خلفت أثارا سلبية في علاقة الطفل بمربيه أولا وعلاقته بالعالم الخارجي ثانيا. حيث اصبح سلوك الطفل عدوانيا فيتصرف إزاء العديد من المواقف بنوع من الخشونة وعدم الاحترام مما دعا خبراء علم النفس إلى منع ممارسة العنف ضد الأطفال لكسر حلقة تحول الأطفال الذين أسيئت معاملتهم إلى آباء وأمهات يسيئون معاملة أطفالهم. فالدعوة لممارسة الحد من منع العقاب لا يعنى على الإطلاق الكف عن العقاب. ذلك أن الدراسات النفسية أثبتت أنه كما أن للثواب أثرا في التربية فان للعقاب أثرا في تربية الطفل. ولكن العقاب يكون وفق معايير وحدود تتماشى مع القيم الإنسانية والمبادئ الإسلامية حتى نحيى العلاقة الطيبة بين الطفل والمربي. وصفوة الكلام أن أطفالنا أمانة في أعناقنا فوجب علينا أن نحكم العصا من وسطها.{فكل مولود يولد على فطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه } فالترغيب والترهيب عنصران هامان في تنشئة وتربية الطفل بعيدا عن العنف والإساءة ، فنعم لللاعنف ولا للعنف. مليكة محافظي – الجزائر
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon