فكرة المقال بدأت من مكالمة، عندما اتصلت امرأة في منتصف الثلاثين من عمرها على زميلة لها وأطالت في السلام والسؤال وبعد لف ودوران وتمهيد وربط سألتها إن كانت تعرف أي فتاة تدرس في كلية الرياضيات على وشك التخرج تصلح للزواج، السؤال كان مباغتا ومراده مستبعدا فلماذا تخصص الرياضيات بالتحديد؟ وأي خطبة يمكن أن تبدأ بقياس لدرجة الفتاة العلمية، هل هذه المرأة حريصة على مستوى الذكاء والنبوغ في العائلة فتحرص على تحسين النسل وضمان أبناء أذكياء ونوابغ لأخيها؟ أم أن في الأمر مقصدا آخر لم تستطع استيضاحه؟ فقد اعتادت الناس أن تسأل عن جمال الفتاة وأخلاقها ودينها وحسن تربيتها وحسبها ونسبها لتستند عليه في قرار خطبتها، أما أن يتغاضى عن كل هذا وتوضع الأولوية لشهادتها وتحدد في تخصص معين ففي الأمر سر يثير فضول أي مستمع أو قارئ، فهل كان ذلك الشاب متخصصا في الرياضيات وحريصا على أن تكون شريكة حياته مماثلة له في تحصيلها ودرجتها العلمية ليسهل عليهما التفاهم والتواصل والجمع والضرب والقسمة معا ربما! ولكن الإجابة كانت غير ذلك فتلك الأخت النابهة أرادت أن تضمن لأخيها شريكة حياة عملية تساعده في تحمل هموم الحياة وواجباتها المادية وفي نفس الوقت توفر عليه اللف والدوران للبحث لها عن وظيفة والتشتت في القرى والهجر أو التردد على وزارة التربية والتعليم للمطالبة بالتثبيت أو النقل فلم تجد خيرا من تخصص علمي كالرياضيات لا يزال الطلب عليه واردا وفرص النقل أو التثبيت فيه أسرع وأسهل لتبحث له عن عروس فيه !! تفكير عملي وتوجه له مسبباته في ضوء ما نراه من بطالة وتدنّ في مستوى الدخل لدى كثير من الشباب والشابات. قد تكون هذه الفكرة مستهجنة من البعض وصعبة على التصديق ولكن الواقع والقصص التي تتناولها الناس وتتندر بها عن طبيعة الأسئلة التي توجهها بعض الخاطبات عند خطبة الفتاة تؤيد ذلك وتفنده، هل الفتاة موظفة أم لا؟ وإذا كانت موظفة فهل هي موظفة في مدرسة خاصة أم حكومية ؟وإن كانت كذلك فهل هي مثبتة أم على بند مائة وخمسة أم على بند الأجور؟ وطبعا لا يخفى عليكم الفروقات في الدخل في الأوضاع المختلفة الواردة في أسئلة الخاطبات والتي بناء عليها يكون قرار الاستمرار في السؤال وإتمام الخطبة! أسئلة نستشف منها حقيقة واحدة وهي الرغبة في تحسين الدخل العام للخاطب أو مساندته في حياته الزوجية المقبلة من خلال دخل الزوجة والتي تعكس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها كثير من الأسر السعودية وما صاحبها من تغير واضح في القناعات والمفاهيم والتي نرى صورا عديدة لها مثل تغرب الزوجة للعمل بعيدا عن بيت أهلها أو بيت زوجها بغرض ضمان الوظيفة وسعيا لتحسين الدخل والتنازلات الكثيرة التي تصاحب مثل هذه القرارات من قبل الزوج أو الزوجة أو الأب والأم والتي تنعكس بشكل مباشر على التوازن الأسري والاجتماعي. وإذا كنا نخشى على فتياتنا من العنوسة فإن الحل العملي لذلك على ضوء ما نراه من توجه لدى الشباب والخاطبين هو أن نسارع في توفير وظائف لهن وأن نسعى بكل إصرار لتثبيت المتعاقدات منهن ليزيد الطلب عليهن. 4/7/2005
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon