آلاف الأطفال السوريين يتعرضون للعنف الجنسي.. في الظل!

خاص: "نساء سورية"


سوريا: من 300 حالة إيدز معلنة إلى 1200 حالة!

العنف الجنسي ضد الطفل، كان موضوع اللقاء التحاوري الذي قدمته كل من أستاذة التربية في جامعة دمشق مها عرنوك. والطبيبة النفسية رويدة دوماني، مساء يوم الثلاثاء 5/7/2005، بمشاركة عدد من المهتمين والناشطين في هذا المجال. في محاولة لتجاوز لعبة الإعلام الرسمي الذي ما زال يلعب مع الناس لعبة القط والفأر التي أكل الدهر عليها وشرب، خاصة في ظل الثورة التكنولوجية الحاصلة على مختلف المستويات.

فالجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية التي بدأت في العمل على أرض الواقع في مختلف المواضيع الاجتماعية. تجابه بشكل يومي جيوشاً جرارة من المتخلفين المصرين على إخفاء الحقائق ودفن مصادر المعلومات.

وبدل أن نحدد الظاهرة المرضية الحقيقية ونحاصرها ونعالجها، ونقدم العلاج للجميع نصر بشكل مراوغ -واضح للعيان- على إخفائها لتفتك بنا يوماً ما. ونقوم بتقديم أرقام وهمية لا تمت للحقيقة بصلة..

إلى متى...!!

في هذه المحاضرة تعرفنا على حقائق وحالات مرعبة تتعلق بالجزء الأكثر حساسية وخطورة من المجتمعات (الأطفال). والتي وبالرغم من الاهتمام العالمي والاتفاقيات الدولية التي وقعت وتوقع عليها معظم الدول، لا تزال تفتك بالأطفال وتحاصرهم على امتداد العالم وبشكل يومي، محولة مسار حياتهم الطبيعي نحو الانحراف والضياع...

لقد قامت الاستاذة مها عرنوك بتعريف العنف الجنسي ضد الأطفال. ثم ألقت الضوء على أسبابه ونتائجه على المجتمع العربي مع الاستناد إلى أرقام وأبحاث وإحصائيات، وأشارت إلى أن معظم حالات العنف الجنسي الممارس على الأطفال يقوم بها الآباء والأقارب من الدرجة الأولى والثانية والثالثة.

كما أشارت إلى نقطة غاية في الأهمية:

عدم انتباه الأهل لمسألة احتكاك الأعضاء الجنسية نتيجة التعاملات اليومية الخاطئة في المنزل وخارجه، فالأم التي تضم طفلها بقوة كتعبير عن حبها الشديد إنما تحتك بصورة أو بأخرى بعضوه الجنسي. وفي جهل مطلق لنتائج هذه الممارسات!

وبسبب فضول الطفل وحبه للاكتشاف وبعد أن يكتشف الإثارة يعيد العملية مرة ثانية وثالثة، وهذا يؤدي بدوره إلى أخطار كثير:

- شد انتباه الطفل إلى الإثارة الجنسية التي قد تصبح مركز حياته واهتمامه.

- قد يؤدي في بعض الحالات إلى الانحراف الجنسي بسبب الهياج الدائم.

- أغلب الذي يتعرضون للتحرش الجنسي يمارسونه على غيرهم مما يؤدي إلى اتساع دائرة الظاهرة وتفشيها.

- الأمراض النفسية الكثيرة التي تنجم عن ذلك. وأهمها الانفصام.

كما أكدت الاستاذة مها عرنوك على دور الأهل الأساسي في توعية أطفالهم ومراقبتهم والتقرب منهم ومحاولة فهمهم والاستماع لهم وعدم تخويفهم إذا ما وثقوا بهم وبدؤوا بمصارحتهم.

كما أغنت بدورها الدكتورة رويدة دوماني البحث بحالات واقعية من خلال تجربتها في عيادتها النفسية. مما أكسب المحاضرة مصداقيتها وشفافيتها. فسردت بعض الحالات (دون ذكر الأسماء) لأطفال أو لكبار تعرضوا في طفولتهم للعنف الجنسي والاغتصاب وجاءوا للعلاج من أمراض عديدة كالفصام والهياج الدائم، وأمراض كثيرة أخرى.

وبشأن القوانين ودور الجهات الأمنية قالت الدكتورة دوماني:

نحن لا نستطيع دفع الأهالي إلى التبليغ والشكوى على حالات الاغتصاب أو التحرش الجنسي لأن القوانين لا تحميهم (أمنياً واجتماعياً)!

وتضيف الأستاذة مها أن الأب الذي يقوم باغتصاب طفلته يعود من جديد بعد خروجه من السجن لحضانتها وكان شيئاً لم يكن! وهذا يختلف كلياً مع اتفاقية حقوق الطفل الدولية.

أعقب المحاضرة حوار بين الحاضرين والمحاضرتين، اتسم بروح المشاركة، تعددت الآراء فيه حول عدد من القضايا المهمة. فقدم "بشار المصري- ممثل منظمة اليونيسيف" تعليقاً حول موضوع السياحة الجنسية في منطقة السيدة زينب. فبعد أن قامت جريدة الشرق الأوسط بنشر تحقيق عن موضوع السياحة الجنسية في سورية، عملت منظمة اليونيسيف على التحقق مما ورد في هذه المقالة، وأرسلت 32 فرقة إلى أماكن مختلفة من السيدة زينب (الشرطة، المركز الصحي، المحكمة، الشارع..) وتوصلوا إلى أن هذه الظاهرة لم تكن مجرد حالات فردية، إنما شبكة عمل منظمة (دعارة) تقوم بتقديم الطفلات والأطفال العراقيين للسياح، بموافقة الأهالي!

كما أن بعض الأمهات يصطحبن أطفالهن، أو صور أطفالهن، ويعرضوها على أصحاب المحلات!

وأكدت د. دوماني أن عدد حالات الإصابة بالإيدز في سورية قد تزايد من 300 حالة معلنة إلى 1200 بعد أحداث السيدة زينب!

وأشارت د. سحر سعيد، عضوة مجلس إدارة المنتدى الاجتماعي إلى غياب التربية الجنسية في مجتمعنا، وأكدت أن المشكلة الحقيقية هي في القوانين التي لا تحمي الأطفال من العنف الجنسي. وتساءلت: تبدأ العادة السرية في عمر 8 أشهر، وهي جزء من التطور الطبيعي للإنسان، فهل يتوجب علينا قمعها؟ أم ماذا؟! وأجابت د. دوماني أن الإثارة الجنسية تبدأ بعد الشهر الثامن من عمر الطفل، وهذه حالة طبيعية. لكن عندما تتكرر هذه الظاهرة أكثر من مرة في اليوم الواحد تصير مشكلة حقيقية. وعندها، على الأم أن تعمل عند لجوء الطفل أو الطفلة إلى دعك الأعضاء الجنسية، إلى صرف نظر الطفل بالإهتمام به وتوجيهه نحو اللعب حتى لا يعيد العملية ثانية.

وبالنسبة لموضوع تربية الطفل الجنسية، تتابع د. دوماني، يجب أن تتم بشكل تدريجي وليس مفاجئ. كأن نقوم بأن نقوم بتقريب الموضوع على الحيوانات في عمر العشر سنوات. ومن ثم إخباره عن مكان الذي جاء منه الطفل إلى الحياة. حتى تكتمل معرفته الجنسية عند البلوغ.

وأشار الأستاذ غسان النحاس- عضو مجلس الشعب، إلى ضرورة لفت انتباه الأهل إلى موضوع الزواج المبكر وما له من مساوئ وسلبيات. فالطفلة التي يقوم أهلها في سن الرابعة عشر، قد تعيش تجربة قاسية من العنف الجنسي.

أضافت الأستاذة مها عرنوك، أن هناك آلاف حالات الاغتصاب من قبل الزوج لطفلات قام الأهل بالمتاجرة بهن.

وفي سؤال للأستاذ بشار المصري عن التوعية الجنسية في المدارس عن طريق المناهج التعليمية وتقديمها بشكل صريح وواضح، أجابت د. دوماني أن هناك معارضة دينية لمثل هذا الموضوع. وأضافت الأستاذة عرنوك: أذكر حين جاء درس العلوم الخاص بجسم الإنسان، طلب منا المدرس أن ندرسه وحدنا في البيت. عندها امتلأت القاعة الصغيرة بالضحك حزناً على واقع مر وقاس وغريب ومتناقض ومشوه في الوقت ذاته.

وهناك حالات كثيرة مؤلمة في مجتمعنا قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت، مع ذلك يفضل الأهل والمجتمع موتها مع أصحابها، على مبدأ دفن العار.

8/7/2005

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon